دفعت القوات المسلحة السودانية، خلال الساعات الماضية، بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى إقليم كردفان غربي البلاد، في تحرك عسكري لافت يهدف إلى تعزيز الدفاعات المتقدمة وبسط السيطرة على النقاط الإستراتيجية والطرق الحيوية الرابطة بين كردفان ودارفور، وذلك في إطار تصعيد واضح للحد من التمدد المتزايد لقوات الدعم السريع في المنطقة. تأتي هذه التطورات وسط حالة من الهدوء الحذر تسود الإقليم، في أعقاب معارك عنيفة دارت يوم أمس بين الجيش السوداني ومليشيات الدعم السريع، انتهت باستعادة الجيش السيطرة على منطقة أم صميمة غرب مدينة الأبيض، في ولاية شمال كردفان، بعد أن كانت قد سقطت لساعات بيد قوات الدعم السريع. ورجّحت مصادر ميدانية أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تصعيداً واسعاً في المناطق الفاصلة بين ولايات كردفان الثلاث (جنوب، شمال، وغرب كردفان)، خاصة بعد التحركات المكثفة للطرفين نحو خطوط التماس، وسط تقارير عن استعدادات عسكرية جارية من كلا الجانبين. وتعد المناطق الواقعة بين كردفان ودارفور نقطة إستراتيجية بالغة الأهمية في مسار الصراع الجاري، حيث تشكّل ممراً حيوياً لإمداد القوات وفتح الجبهات. في غضون ذلك، تتواصل موجات النزوح من قرى ومحليات الإقليم باتجاه مدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، على خلفية الهجمات المتكررة لقوات الدعم السريع على التجمعات السكنية. وتشير مصادر محلية إلى أن العشرات من القرى تعرّضت لهجمات خلفت مئات القتلى والجرحى، فضلاً عن أعمال نهب ودمار واسع. وأفادت شبكة أطباء السودان أن قوة تابعة للدعم السريع شنت، مساء الأحد، هجوماً عنيفاً على قرية حلة حامد الواقعة غرب منطقة أم قرفة في شمال كردفان، ما أدى إلى مقتل ثمانية مدنيين، إضافة إلى تنفيذ عمليات سلب ونهب لممتلكات السكان. ومنذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تحوّل إقليم كردفان إلى واحدة من أبرز ساحات المواجهة بين الطرفين، بالنظر إلى موقعه الجغرافي الذي يربط دارفور بغرب السودان بالمناطق الشرقية والوسطى، وهو ما جعل الإقليم محوراً لتحركات عسكرية متكررة من الطرفين، شملت حصاراً لمدينة بانوسا والسيطرة على الفولة، وفق ما أوردته وكالة" أسوشيتد برس" في تقرير سابق. وبحسب تقديرات منظمات دولية وحقوقية، فإن الحرب الدامية المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قد أسفرت عن مقتل أكثر من 40 ألف شخص، فيما تجاوز عدد النازحين عدة ملايين، في ظل تردٍّ إنساني بالغ الخطورة وانهيار شبه تام للبنية التحتية الصحية والإغاثية في معظم ولايات البلاد. ورغم التحركات الدولية الرامية إلى التهدئة وفتح ممرات إنسانية، لا تزال الأوضاع الميدانية في السودان تتجه نحو مزيد من التصعيد، مع تعثر جهود الوساطة وغياب أفق سياسي واضح لإنهاء النزاع.