2011-04-23 بعد مقالي الفائت «مشغولٌ عني إلى متى؟» والذي أردت به نقاش حالة إنسانية عامة يعانيها الجميع في ظل المادية الطاغية وازدحام الحياة وانهزام المشاعر والعلاقات. تواردت إلى بريدي ومتصفح فيس بوك العديد من الرسائل التي حملت انطباعات وتعليقات شتى حول الموضوع. اللافت في الأمر أن هناك انقساما ملحوظا في تلقّي المسألة والموقف منها . فما بين آراء أنثوية مؤيدة للطرح باعتبار أن كثيرا من النساء يكابدن غياب الزوج وانشغاله بعمله أو تجارته أو حتى استغراقه في اهتماماته الخاصة. وبين رأي ذكوري معارض , فهم الحديث أيضا على أنه مناصرة للمرأة، لذا فإن المقالة في ظنهم ليست إلا خطوة تضامنية أخرى تنّضم إلى عشرات الآلاف من المقالات التي تركّز اهتمامها على المرأة وترفع شعار الدفاع عن حقوقها. ومن منطلق هذا التباين في المواقف والاختلاف في فهم سياق الموضوع وتوجيهه إلى غير ما أردته. وصلني هذا السؤال من قارئ كريم يقول فيه: «وحقوق الرجال.. من لها؟». ثم كتب لي أخ آخر الرسالة التالية: «الأخت ريم سلمك الله، بعد الشكر والثناء، آمل أن تكتبي مقالة أخرى مفادها: سأتفرغ لكم حالما تنتهي طلباتكم. وآمل أن يكون هذا قبل يوم وفاتي حتى أهنأ بيوم واحد بدون مشاوير»!!. هذه الرسالة وإن صاغ صاحبها كلماته بأسلوب ساخر لطيف. إلا أنها حملت بكل وضوح ملامح الهمّ والمعاناة. فهل يمكننا اعتبار مثل هذه الحالة مجرد حالة فردية نادرة؟ أم أن وراء هذا الذي نحسبه استثناء حالات ذكورية من البؤس والشقاء؟! لقد أسهمت حركات التحرير والمساواة. وجمعيات حقوق المرأة بمؤتمراتها وأنشطتها الواسعة وضجيجها الإعلامي في تأنيث المجتمع وتعزيز تقسيمه وشطره إلى معسكرين، وبالتالي إذكاء روح الصراع والتنافس الذميم بينهما. نتكلم عن البطالة. الفقر. الحرمان. العنف. الحزن.. وغير ذلك من أشكال المآسي فلا يخطر بالبال إلا الأنثى! وكأنما الرجل مخلوق لا ينتمي لجنس البشر!. تتكاتف الجهود الرسمية والأهلية. النخبوية والشعبية. لتصب جميعا ليس في مسارها الصحيح للعناية بالإنسان عامةً وتكريمه وتحسين أوضاعه. وإنما تكاد تتخذ اتجاها عنصريا واحدا ألا وهو خدمة المرأة وتمكينها وتلمّس احتياجاتها في تجاهل شبه تام لجنس الرجال! أتساءل دوما: ألا يوجد على الإطلاق رجال يرزحون تحت نير الظلم المحيط بهم في المنزل أو العمل؟ ألا يوجد من يحمل أثقالا كالجبال من المسؤوليات والواجبات التي قد لا يجدون أحيانا سبيلا إلى القيام بها إن أُغلقت أمامهم أبواب الرزق والعمل الشريف؟ أليس للرجال مطالب واحتياجات نفسية تتلهف فيها أرواحهم للحب والدلال والدفء والحنان ثم يفتقدون ذلك حتى مع وجود الزوجة أو الأسرة؟! تراجع واضح لثقافة حقوق الإنسان لقاء امتداد واسع لتصعيد قضية المرأة. حتى المنابر الدينية وخطب المساجد ومحاضرات الدعاة بدأت تتغاضى عن التطرق لحقوق الرجل في الإسلام ومنزلته ومكانته. وحاولت «ركوب الموجة» خشية اتهامها بمعاداة المرأة والتحامل ضدها. بعض التقارير والدراسات العربية كشفت أن هناك تحيزا حقيقيا وميلا ظاهرا لدى القطاعات والمؤسسات الحكومية والأهلية لتوظيف الأنثى واستقطابها على حساب الرجل. مراكز قومية لشؤون المرأة. جمعيات للدفاع عنها. برامج لمكافحة العنف ضدها. قوانين - ندوات - كتب - مقالات... فهل كان ذلك حقا في صالحها؟ أخيرا، الرجل أيضا يتعرض للمحن والأزمات. ويُحال كثيرا بينه وبين أمنياته وتطلعاته. يعاني الصعوبات والمتاعب والديون والمعاملة القاسية وعدم الاحترام. وفوق هذا كله تربّيه الأنثى وتغرس منذ طفولته دفن شكواه وابتلاع غصصه لئلا يخدش رجولته أو يحطّ أنينه من قدره. لك الله أيها الرجل ! .