— متابعة — سعيد آل هطلاء — الرياض اوضح المهندس محمد شوكت عودة مدير مركز الفلك الدولي أن دول العالم الإسلامي ستتحرى هلال شهر شوال (عيد الفطر 1444 ه) يوم الخميس 20 إبريل/نيسان 2023م. وأن رؤية الهلال يوم الخميس غير ممكنة بالتلسكوب في غالبية دول العالم العربي والإسلامي، باستثناء أجزاء من غرب أفريقيا ابتداء من ليبيا، إلا أن الرؤية تبقى صعبة جدا وتحتاج إلى تلسكوب دقيق وراصد محترف وظروف جوية استثنائية، واجتماع هذه العوامل قليل الحدوث، وبالتالي لا يتوقع أن يرى الهلال حتى باستخدام التلسكوب من أي مكان في العالم العربي ما لم تتوفر الظروف سالفة الذكر. وبالتالي الأصل باعتماد رؤية الهلال شرطا لبدء الشهر أن يكون عيد الفطر يوم السبت 22 إبريل. ولكن هل ما ذكر أعلاه يعني أنه لن يتقدم أحد بالشهادة مساء يوم الخميس؟ الجواب أنه وباستقراء الماضي، وبمثل هذه الظروف فإن بعض الأشخاص يتقدمون بالشهادة برؤية الهلال بمثل هذه الظروف وتقبل شهادتهم في بعض الدول، وبالتالي من المتوقع أن يكون العيد يوم الجمعة في العديد من دول العالم الإسلامي، ما لم يختلف هذا العام عن سابقه. في الحقيقة إن نفس هؤلاء الأشخاص كانوا يتقدمون في السابق برؤية الهلال والقمر غير موجود في السماء أصلا، فإن شهدوا سابقا برؤية شيء غير موجود فلا غرابة أن يشهدوا الآن برؤية شيء موجود، ولكنه لا يرى. لقد قام العديد من الباحثين بتقييم نسب الخطأ في تحديد بدايات الأشهر الهجرية قي دولهم، وتوصلوا إلى نتائج صادمة، تؤكد تقدم بعض الأشخاص برؤية الهلال في العديد من السنوات وهو إما تحت الأفق أو كانت رؤيته غير ممكنة، وتاليا بعض هذه الدراسات: دراسة الأستاذ الدكتور نضال قسوم عام 1996 لتحديد نسب الخطأ في الجزائر. https://archive.alsharekh.org/Articles/235/18058/407192 دراسة المهندس محمد عودة عام 1999 لتحديد نسب الخطأ في الأردن. https://www.astronomycenter.net/pdf/1999_error.pdf دراسة الأستاذ الدكتور حسن بيلاني عام 2001 لتحديد نسب الخطأ في سوريا. https://www.astronomycenter.net/pdf/bilani_2001.pdf دراسة الأستاذ عدنان قاضي عام 2006 لتحديد نسب الخطأ في السعودية. https://www.astronomycenter.net/pdf/Gadi2006.pdf وبالرغم من أن هذه الدراسات قديمة إلا أن الحال ما زال هو ذاته فيما يتعلق برؤية الهلال غير الممكنة. للمزيد من التفاصيل حول رؤية هلال عيد الفطر، يمكن الاطلاع على بيان مركز الفلك الدولي على الرابط التالي: https://www.astronomycenter.net/articles/2023/04/07/shw44 لمعرفة نتائج رصد هلال شهر شوال من قبل راصدي المشروع الإسلامي لرصد الأهلة، وهم راصدون محترفون منتشرون في مختلف دول العالم، أو لمعرفة إعلانات دول العالم الإسلامي حول موعد عيد الفطر، يمكن زيارة صفحة شهر شوال على الرابط التالي: https://www.astronomycenter.net/icop/shw44.html وتجدر الإشارة إلى انتشار دلالات غير دقيقة في بعض التصريحات، حيث فرقت بين بداية الشهر فلكيا وبدايته شرعيا، فقيل العيد فلكيا يوم الجمعة وشرعيا يوم السبت. ولا نميل لهذه التفرقة لعدة أسباب. فأما فلكيا، فإنه ليس من اختصاص الفلكيين تحديد الشروط اللازمة لبدء الشهر، فهذه أمور فقهية لها أهلها ومختصوها، فكما أننا كفلكيين لا نقبل أن يتدخل الفقهاء بتقييم صحة الشهادة من الناحية العلمية، فإنه لا يجوز لنا كفلكيين أن نقحم أنفسنا في أمور هي ليست من اختصاصنا ولا نفقه فيها. فالمحدد لمعيار بدء الشهر هم الفقهاء. وأما إن كان المقصود هو "حسابيا"، فالعيد الجمعة بحساب الاقتران وهو السبت أيضا بحساب الرؤية! إنه شهر واحد فقط، يحدد معياره الفقهاء ويحسبه الفلكيون بناء على معيارهم. وبالعودة إلى قول الفقهاء، نجد أن جلهم يخبروننا بأن المعول عليه هو رؤية الهلال وليس مجرد وجوده، وبالرجوع للآية الكريمة، لا نجدها قالت يسألونك عن القمر أو المحاق، بل قالت صراحة: {ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}، والقمر لا يسمى هلالا إلا إن رآه الناس واشتهر ذلك بينهم. ونقتبس قول فضيلة الشيخ محمد صالح المنجد حيث قال: "قول شيخ الإسلام رحمه الله: إن الهلال اسم لما استهل بين الناس، والشهر هو ما اشتهر بينهم، بناه على جملة من الأدلة، وهي :الأول: أن الله سبحانه وتعالى علق أحكاما شرعية بمسمى الهلال، والشهر: كالصوم والفطر والنحر، فقال تعالى : (يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج) . فبين سبحانه أن الأهلة مواقيت للناس والحج. والهلال مأخوذ من الاستهلال وهو رفع الصوت، والشهر مأخوذ من الاشتهار. فما لم يستهل الناس به، ولم يشتهر بينهم، فلا يكون هلالاً ولا شهراً ." وأذكر في هذا المقام ما قاله فضيلة الشيخ عبد الله آل محمود المفتي السابق ورئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية رحمه الله، فقد قال: "قد ثبت بالتجربة والاختبار كثرة كذب المدعين لرؤية الهلال في هذا الزمان؛ وكون الناس يرون الهلال قويا مضيئا صباحا من جهة الشرق ثم يشهد به أحدهم مساء من جهة الغرب وهو مستحيل قطعا، ويشهدون برؤيته الليلة ثم لا يراه الناس الليلة الثانية من كل ما يؤكد بطلان شهادتهم.. كما شهدوا في زمان فات برؤية هلال شوال وأمر الناس بالفطر فأفطروا، وعند خروجهم إلى مصلى العيد لصلاة العيد انخسفت الشمس والناس في مصلى العيد … فالاستمرار على هذا الخطأ الناشئ عن الشهادات المزورة لا يجيزه النص ولا القياس، ولن نعذر عند الله وعند خلقه بالسكوت عنه.. فلأن نخطئ في التوثق والاستحياط أولى من أن نخطئ في التساهل والاستعجال." وقال فضيلته: "إن الهلال لن يُطلب من جحور الجرذان والضبان بحيث يراه واحد دون الناس كلهم! وإنما نصبه الله في السماء لاهتداء جميع الناس في صومهم وحجهم وسائر مواقيتهم الزمانية؛ {ويسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج} وما كان ميقاتا للناس لزم أن يشاهدوه جليا كمشاهدتهم لطلوع الفجر عندما يريدون الإمساك للصوم وعندما يريدون صلاة الفجر… فيا معشر علماء الإسلام أنقذونا وأنقذوا أنفسكم وأنقذوا الناس معكم من هذا الخطأ المتكرر كل عام حتى صار عند أكثر الناس من المألوف المعروف." الكاتب: المهندس محمد شوكت عودة: مدير مركز الفلك الدولي، رئيس المشروع الإسلامي لرصد الأهلة، عضو لجنة إثبات الأهلة التابعة لدائرة قاضي القضاة في المملكة الأردنية الهاشمية خلال الفترة 1997-2009، عضو لجنة حساب مواقيت الصلاة التابعة لوزارة الأوقاف في المملكة الأردنية الهاشمية منذ العام 2000م، عضو لجنة إثبات الأهلة في دولة الإمارات، خلال الفترة 2006-2008م، ومنذ العام 2022. عضو لجنة حساب مواقيت الصلاة والتقويم الهجري لدولة الإمارات منذ العام 2017م.