«الطيران المدني»: 5.3 مليون ريال غرامات بحق الناقلات الجوية والشركات المرخصة في 3 أشهر    فيصل بن فرحان يجري اتصالاً هاتفياً بوزير خارجية إسبانيا    أرتيتا: وداع دوري الأبطال لا يعني نهاية موسم أرسنال    شقيقة عبد الحكيم السعدي إلى رحمة الله    النفط يستقر وسط عقوبات أميركية وانحسار التوتر بالشرق الأوسط    نائب أمير الرياض يقدم تعازيه ومواساته في وفاة عبدالله ابن جريس    النيابة: الحكم على وافد بالسجن 5 سنوات وتغريمه 150 ألف ريال لتحرشه بامرأة    رئيس الأهلي: قرار تأجيل مباراة الهلال ليس في صالحنا    سيناريوهات تأهل الهلال إلى نهائي دوري أبطال آسيا    الجمعية السعودية لطب الأورام الإشعاعي تطلق مؤتمرها لمناقشة التطورات العلاجية    أمير الشرقية يرعى حفل افتتاح معرض برنامج آمن للتوعية بالأمن السيبراني الأحد القادم    سمو محافظ الطائف يستقبل مدير الدفاع المدني بالمحافظة المعين حديثا    سعود بن نهار يستقبل مدير التطوير والشراكات بالجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون    ألمانيا تعتقل شخصين يخططان لاستهداف قواعد أمريكية    «جدة التاريخية»: اكتشاف خندق دفاعي وسور تحصين يعود تاريخهما إلى عدة قرون    مركز الملك سلمان للإغاثة يوقع اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    أمير الرياض يستقبل مدير عام التعليم بالمنطقة    سعودي ضمن المحكمين لجوائز الويبو العالمية للمنظمة العالمية للملكية الفكرية    المملكة تستعرض ممكنات الاستثمار السياحي في المؤتمر العالمي للضيافة في برلين    إحباط تهريب أكثر من مليون حبة كبتاجون مُخبأة في إرسالية "فلفل وجوافة"    إنطلاق مؤتمر التطورات والابتكارات في المختبرات.. الثلاثاء    البنك المركزي الصيني يضخ ملياري يوان في النظام المصرفي    إندونيسيا تصدر تحذيرًا من تسونامي    رونالدو ينتصر في قضيته ضد "يوفنتوس"    وصفات قرنفل سحرية تساعد بإنقاص الوزن    الضويان تُجسّد مسيرة المرأة السعودية ب"بينالي البندقية"    الأرصاد: ارتفاع الموج متر ونصف بالبحر الأحمر    ملتقى الأعمال السعودي الإسباني يعزز التطوير العقاري    "فنّ العمارة" شاهد على التطوُّر الحضاري بالباحة    وزارة الداخلية تعلن بداية من اليوم الخميس تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%    الأمطار تزيد من خطر دخول المستشفى بسبب الربو بنسبة 11%    «العدل»: «تراضي» تنهي 7,700 قضية تجارية.. صلحاً    تحت رعاية خادم الحرمين.. المملكة تستضيف اجتماعات مجموعة البنك الإسلامي    آل الشيخ: العلاقات السعودية - الأردنية متقدمة في شتى المجالات    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    المملكة في قائمة أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية الذكاء الاصطناعي    «نيوم» تستعرض فرص الاستثمار أمام 500 من قادة الأعمال    5 فوائد مذهلة لبذور البطيخ    قطبا القصيم والشرقية وجهاً لوجه.. والشباب يصطدم بأبها    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    برامج ثقافية وترفيهية    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    تراثنا.. مرآة حضارتنا    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    شقة الزوجية !    الخليج يتوّج بلقب كأس اتحاد الطائرة    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل والحذر من علم لا عمل معه وعمل لا إخلاص فيه و مال لا ينفق فيه وجوه الخير منه و قلب خال من محبة الله والشوق إليه و وقت معطل من فعل الخيرات واغتنام المبرات .
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها بالمسجد الحرام اليوم العلماء ورثة الأنبياء ، والسؤال مفتاح العلم ، والشرع ورد بالأمر بالسؤال ، وحث عليه ، ورغب فيه والسؤال : استفتاء ، والإفتاء أمانة ، والاستفتاء في مواضع الحاجة ومواطن الإشكال ، والسؤال لطلب مزيد من العلم والاستبصار ، كل ذلك مما جرت به عادة الأخيار في الأعصار والأمصار ، والسؤال مفتاح يتوصل به إلى ما في القلوب من معالي العلوم وأسرار الغيوب يقول ابن شهاب : " العلم خزائن ومفاتيحها المسألة " ويقول الخليل : " العلوم أقفال ، والسؤالات مفاتيحها ، وإذا ملكت المفتاح فتحت ما شئت ، والسؤال يفتح الآفاق ، ويزيل الإشكال ، ويعين على الفهم .
والسؤال عنوان عقل السائل وأدبهِ ، والعاقل لا يقول كل شيء ، والجاهل لا يحسن التفريق بين ما يقال ، وما لا يقال ، ومتى يقال ، وكيف يقال .
وبين فضيلته أن من القواعد المحفوظة في ذلك : اسأل سؤال الجاهل ، وافهم فهم العاقل ، وحسن السؤال نصف الجواب ، ومن أحسن السؤال وجد حسن الجواب ، ومن أساء السؤال فلا يأمن الحرمان ، ومن ذَلَّ في التعلم طالبا عزَّ في التحصيل مطلوباً ، ولا ينال العلم إلا صاحب اللسان السؤول والقلب العقول ، ودأب غير ملول كما لا ينال العلم مستحيي ولا مستكبر يقول الحسن : " من استتر عن طلب العلم بالحياء لبس للجهل سرباله " . فتصدر أسئلة كريمة مقرونة بالصدق والرغبة ، وحسن الأدب ، وحسن السؤال نصف العلم ونظراً لأهمية ذلك سؤالاً وجوابا ، فقد بسط أهل العلم الكلام في آداب السؤال والاستفتاء ، وآداب الجواب والإفتاء وقد يسر الله لأهل هذا الزمان أسباب الاتصال والتواصل ، وأدواتهما ، مما ظهرت فيه الحاجة للنظر فيما بسطه أهل العلم في ذلك من أداب وأخلاق وحينما ينظر المتأمل تصدر بعض المفتين ، ومواقع الفتوى في الصحف ، والمجلات ، والقنوات ، وشبكات المعلومات يتبين خطر هذا الأمر ، وعظم المسؤولية .
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة أولى
واستعرض فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن حميد في خطبته وقفات في هذه الآداب ومنها الوقفة الأولى في أدب السائل والمستفتي فعلى المستفتي والسائل ان ينظر فيما يبرئ ذمته ، وينجيه حين يقف بين يدي ربه في صحة ما يقول ، ودقة ما ينقل ، حتى يكون السؤال مطابقاً للواقع ، وينبغي الوضوح في السؤال في كلماته وتفاصيله ، ويستفتح سؤاله بعبارات تدل على الأدب ، والاحترام ، وحسن الأخلاق ، من البدء بالسلام والدعاء كأن يقول : نفع الله بعلمك ، بارك الله فيكم ، أحسن الله إليكم ، ونحو ذلك .
وليحذر الكتمان والتدليس ، أو التزوير في الألفاظ والوقائع ، وليسأل عما وقع له ، ولا يتنقل بسؤاله بين المفتين وأهل العلم ، فهذا ليس من الديانة ولا من الورع ، كما يجب أن يحذر من أن يتتبع الرخص ، ويتخير من فتاوى أهل العلم ما يروق له ، وقد قال أهل العلم : من أخذ برخصة كل عالم أو زلة كل مفتي اجتمع فيه الشر كله وليحذر من يريد الخير لنفسه أن يضرب أقوال أهل العلم بعضهم ببعض ، فأهل العلم لا يزالون يختلفون في اجتهاداتهم ، وآرائهم ، وأجوبتهم منذ عهد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن تقوم الساعة ، بل يجب الحرص على براءة الذمة ليسلم الدين ، وتصح العبادة ، وتحل المعاملة ، وتستقيم الحياة وإذا سمع في مسألة أكثر من جواب أو قول فعليه أن يأخذ بفتوى الأوثق عنده في دينه وعلمه وورعه ، وليغلق عن نفسه باب الهوى ، وتتبع الرخص وليحذر المستفتي كل الحذر أن يكون قصده اختبار المفتي ، أو تصنيفه ، أو إحراجه ، أو تعجيزه ، أو الإيقاع فيه ، أو إظهار التعالم ، وسعةِ الاطلاع .
وأكد فضيلته أنه من كان قصده بالسؤال الاختبار والامتحان رجع بالحرمان والخسران وقسوة الجنان فالسؤال لا يطلب إلا لحاجة السائل ومعرفة الجواب ليستفيد منه ويعمل به ، لا ليجادل ، ويظهر التعالم ، وفي الحديث الصحيح : " من تعلم العلم ليجاري به العلماء ، ويماري به السفهاء ، ويصرف وجوه الناس إليه كبه الله في النار " . ولا ينبغي أن يورد السؤال بصيغة تتضمن الجواب فيضع صفات وقيوداً وافتراضات من عنده لا يسع المفتي أو المسؤول إلا أن يقول هذا جائز أو هذا ممنوع ، فكأنه يوجه المفتي ليجيب حسب رغبته ، أي أنه يريد جوابا موجها ، ولهذا جرت عادة العلم في أجوبتهم أنهم يستفتحونها بقولهم : " إذا كان الحال على ما ذكر ومثل ذلك أيضا قول السائل ما رأيكم فيمن يدعي كذا ، أو ما قولكم فيمن يزعم كذا ، فهذا كله توجيه للجواب لا يحسن سلوكه ." وإذا أراد طالب العلم أن يبحث المسألة مع العالم فليبين له ذلك ، وليستأذنه ، فإن أذن له ، وإلا توقف بأدب ، وتواضع ، ورضا ولا يكتب جواب المفتي ولا يسجله إلا بإذنه ، فقد تكون الكتابة غير دقيقه أو غير سليمه ، وقد يكون للجواب ظرفه ومناسبته التي يختلف فيها الجواب عن ظروف ومناسبات أخرى كما أنه ينبغي عدم الإطالة في السؤال ، أو الحديث قبل السؤال مما لا فائدة فيه ، ولا كثرة الأسئلة فيما لا حاجة إليه ، محافظة على وقت المفتي وحق الأخرين .
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثانية
وقال فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام إنه من الآداب التزام الأدب عند السؤال وتوقير العالم ، وتحسين الألفاظ ، وحفظ الألقاب ، وخفض الصوت ، وحسن الإنصات والاستماع ، ولا يكثر في إيماء يديه ، أو بصره ، وليتجنب الرعونة والجفاء ، وقلة الأدب ومن الأدب عدم الإكثار من إيراد الأسئلة على المفتي أو الشيخ مما يجلب الإملال وسوء الخلق وكذلك من الأدب أن لا يقول في استفتائه قال العالم الفلاني كذا ، أو أن العالم الفلاني يخالفك في كذا ، فهذا من قلة الأدب ، ومن طبيعة النفوس أنها لا تحب إيراد قول غيرها في معرض السؤال وقد قالوا : كلام الأقران يطوي ولا يروي ، وليحذر إيقاع الخلاف أو الشحناء بين أهل العلم ومن الأدب كذلك تحري الأوقات المناسبة للمفتي فلا يسأل في كل وقت ، ولا سيما مع تيسر أدوات الاتصال والتواصل واختلاف الأوقات بين الدول والمناطق ، فينبغي مراعاة ذلك حتى لا يتسبب ذلك في إيذاء المفتي ، فللمفتي الحق في الراحة ، والأكل ، والشرب ، والقراءة ، والعبادة ، والجلوس مع الأهل ، وغير ذلك من الحاجات والأغراض .
وبين فضيلته أن الوقفة الثانية فمع المرأة وحقها في السؤال وآدابها فيه، إن سؤال المرأة أهل العلم عن أمر دينها حق مشروع ، وأمر لا يستغنى عنه ، فعند البخاري رحمه الله : " كانت عائشة رضي الله عنها لا تسمع شيئا لا تعرفه إلا راجعت فيه حتى تعرفه ، ولم تزل نساء الصحابة يكلمن الرجال في السلام ، والاستفتاء ، والسؤال ، والمشاورة ، وعند مسلم : " قالت عائشة رضي الله عنها : " نعم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء أن يسألن عن الدين ويتفقهن فيه " أما الوقفة الثالثة فهي في أدب المفتي فالمفتي موقع عن رب العالمين ، فهو يفتي بما يرى انه حكم الله ، إما بشرع منزل ونص مباشر ، أو باجتهاد سائغ صادر من أهله في محله فالمفتي يوقع عن الله في إخبار الناس بأحكام الله ، وكان بن عمر رضي الله عنهما إذا سئل يقول : يريدون أن يجعلونا جسرا يمرون عليه إلى جهنم " كيف وقد جاء في الحديث : " إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شيء فحرم من أجل مسألته " فهذا يشمل السائل والمسؤول ،إذا كان ذلك كذلك ، فعلى المفتى أن يكون واسع الصدر ، يتغاضى عن غليظ العبارات ، وجفاء التعامل ، فضلا عن سفه السفهاء ، وجهالة العوام ويحسن فيه الا يتسرع في الفتوى أو يتعجل ، بل يتأنى ، ويتفهم السؤال ويتصوره مع فكر ونظر وعليه أن يكون واضحا في الإجابة ، مبينا لها بيانا شافيا كافيا ، ويرفق بالسائل ، ويصبر على تفهم السؤال ، وتفهيم الجواب .
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة ثالثة
ودعا فضيلته إلى العناية بالتيسير على الناس ومراعاة أحوالهم ، وظروفهم ، وعوائدهم ، ورفع المشقات عنهم ودفعها ومعلوم أن التيسير ليس بإسقاط فرائض الله ، أو التحلل من التكاليف الشرعية ، والتمشي مع أهواء الناس ورغباتهم ولئن كانت الفتوى تتغير بتغير الأزمان والأمكنة ، والأحوال والعوائد - كما يقول أهل العلم - ، لكنها لا تتمشى مع الأهواء والشهوات ، بل تلتزم الأصول الشرعية ، والعلل المرعية ، والمصالح الحقيقية، ومن الأدب ألا يفتي إذا كان لديه ما يشغله ويصرف قلبه من مرض ، وشدة غضب ، أو غلبة نوم ، أو نعاس ، وكل ما يخرج عن حد الاعتدال .
وحث فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد كلا من المفتي والمستفتي أن يتقوا الله ويضعوا أحكام الشرع مواضعها ، ويراقبوا الله حق المراقبة ، أداء لحقه سبحانه ، وبراءة للذمة ، وطلبا للنجاة في الأخرة يوم العرض والسؤال والوعد والوعيد.
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة رابعة
وفي المدينة المنورة بيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالباري بن عواض الثبيتي أن الأماني وحدها لا تكفي ليبلغ العبد مرامه, ويحقّق أحلامه, فحياة بلا عمل غرقٌ في أحلام واهية يزيّنها الشيطان, وأن الفوز بالجنة يحصل بالعمل الصالح وعبادة الله وطاعته فينال العبد بها رضا الرحمن وجنته.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة في المسجد النبوي اليوم : أن كل أمنية تمنى لفعل الخير فهي ممدوحة, وما كان منها اعتراض على القدر وفي تحصيل المستحيل فهي مذمومة, التمني يدل على الهم الذي يحمله الإنسان, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والنفس تمنّى وتشتهي" فهناك من يرنو بأمنيته إلى ذرى العزّ والمجد, وهناك من يهوي بأمنيته إلى مهاوي الحفر.
وذكر فضيلته, أن أصحاب الهمم والعزائم تتسع أمانيهم وبها تزين حياتهم, فبينما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجلس مع أصحابه يوماً, قال لهم : تمنوا, فقال رجل : أتمنى لو أن هذه الدار مملوءة ذهباً أنفقه في سبيل الله, ثم قال, تمنوا, فقال رجلٌ : أتمنى لو أنها مملوءة زبرجداً وجواهراً, فأنفقه في سبيل الله وأتصدّق به, ثم قال عمر رضي الله عنه : تمنوا, فقالوا : ما ترى يا أمير المؤمنين ؟ قال عمر : أتمنى لو أنها مملوءة رجالاً مثل أبي عبيدة بن الجراح, ومعاذ بن جبل, وسالم مولى أبي حذيفة, وحذيفة بن اليمان.
وقال, اجتمع في الحجر مصعب, وعروة, وعبدالله بن الزبير, وعبدالله بن عمر, فقالوا : تمنوا, فقال عبدالله بن الزبير : أما أنا فأتمنى الخلافة, وقال عروة : أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم, وقال مصعب : أما أنا فأتمنى إمرة العراق, والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين, وقال عبدالله بن عمر : أما أنا فأتمنى المغفرة, فنالوا كلهم ما تمنوا, ولعلّ ابن عمر قد غفر له.
وذكر أن عمر بن عبدالعزيز رحمه الله رافقته همّة عالية, تحققت له بفضل الله, ويرجى أن ينال آخرها, يقول رضي الله عنه : إن لي نفساً تواقة تاقت إلى فاطمة بنت عبدالملك فتزوجتها, وتاقت إلى الإمارة فتوليتها, وتاقت إلى الخلافة فأدركتها, وقد تاقت إلى الجنة فأرجو أن أدركها إن شاء الله عزّ وجل.
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة خامسة
وأوضح فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الأماني الطيبة من أبواب الثواب العظيمة, فقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أربعة رجال "رجلٌ آتاه الله مالاً وعلماً, فهو يعمل بعلمه في ماله ينفقه في حقّه, ورجلٌ آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما في الأجر سواء, ورجلٌ آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط في ماله ينفقه في غير حقه, ورجلٌ لم يؤته الله علماً ولا مالاً فهو يقول لو كان لي مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, فهما في الوزر سواء" رواه ابن ماجه .
وأشار فضيلته إلى أن الأمنيات وحدها لا قيمة لها ما لم يصاحبها عمل صالح بنية صادقة, ومتابعة ومثابرة, لقول الله عزّ وجل " وَسَارِعُوا إِلَى? مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ".
وبيّن أن الأماني ضرب من ضروب الدعاء, تتحقّق بالاستجابة, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا تمنى أحدكم فليستكثر فإنما يسأل ربّه" رواه الهيثمي وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته" رواه أحمد .
وأشار إلى أن العاقل لا يتمنى الفتن ولقاء العدو, لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا تمنوا لقاء العدو, وسلوا الله العافية".
وأكد فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن الإسلام يدعو إلى التفاؤل وبثّ الأمل والحياة, ولا يدعوا إلى الموت والسلبية, ولا تليق به الأمنيات السوداء وتمني الموت وإن اشتدّت الفتن, إذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يتمنيّنّ أحدكم الموت من ضرٍّ أصابه, فأن كان لا بد فاعلاً, فليقل اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي, وتوفّني إذا كانت الوفاة خيراً لي" متفق عليه .
وبيّن فضيلة الشيخ عبدالباري الثبيتي أن الأمنيات الفاضلة تعبّر عن حسن ظن العبد بربه, مورداً الحديث القدسي "أنا عند ظنّ عبدي, فليظنّ بي ما شاء". رواه ابن حبان .
وأوضح أن العاقل ينسج أمنياته مستشعراً نعمة الله عليه, دون حسد لإخوانه, أو تمني ما في أيديهم, قال الله تعالى : " وَلا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ", مضيفاً أن المسلم يدرك أن تحقق الأمنيات يرجع إلى مشيئة الله وحده, فلا يتضجّر ولا يحزن لعدم تحقيق الأماني التي يتمناها, والخير فيما اختاره الله, ويشكر العبد ربه في ل أحواله, فقال الله تعالى : " وعسى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى? أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ".
وذكر أن إبليس هو مصدر الأمنيات الواهية, وقد تعهّد بالسعي لإغراق عباد الله في بحار الأماني الكاذبة في لذة عاجلة, وسعادة موهومة, كما يزيّن فيها للإنسان سوء عمله فيراه حسناً, قال الله تعالى : "وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا".
// يتبع //
14:28ت م

عام / خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي / إضافة سادسة واخيرة
وبيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي أن أمنيات الإنسان إذا اقتصرت على ظاهر الدنيا, وخلت من الدار الآخرة, فقد تنكّب الطريق وضلّ عن سواء السبيل, إذا قال الله تعالى : " مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى? لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَ?ئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ".
وقال, ومن كانت أمنيته تسبح في بحار الأحلام يقظة ونوماً بلا عمل, وأحاط جسده بالكسل, فلن يجني إلا السراب, عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الكيّس من دان نفسه, وعمل لما بعد الموت, والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله".
وأضاف فضيلته أن من يسلك السبل المحرّمة لتحقيق الأماني باللجوء إلى السحرة والمشعوذين فقد ظلم نفسه, قال صلى الله عليه وسلم : " من أتى كاهناً أو ساحراً فصدّقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد" رواه الطبراني ، وأن القبور التي تبدأ فيها حياة البرزخ ترد فيها أشدّ الأمنيات حرجاً, فأمنية المؤمن في قبره أن تقوم الساعة لما يرى وينتظره من النعيم والسرور, أما الكافر فأمنيته في قبره ألا تقوم الساعة لما يرى وينتظره من العذاب الأليم.
وأوضح الشيخ عبدالباري الثبيتي أن الميّت يتمنى العودة للحياة, لإدراك ما فات من الطاعات, وليصلي ولو ركعتين, وذكر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه مرّ بقبرٍ فقال: "من صاحب هذا القبر؟ فقالوا : فلان, فقال : ركعتان أحبّ إلى هذا من بقية دنياكم".
وأشار إلى أن الموتى يتمنون الرجوع إلى الدنيا ليتصدّقوا, وليذكروا الله ولو بتسبيحة واحدة, أو بتهليلة واحدة, فقد قال تعالى في شأنهم "أنفقوا من ما رزقناكم من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول ربّ لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدّق وأكن من الصالحين".
وأوضح فضيلته الأمنية المؤلمة التي لا محيد عنها, نداء الحسرة لأهل العذاب يوم القيامة, فالكافر العاصي حينما يأخذ كتابه بشماله, ويرى مصيره, يتمنى لو كان تراباً : " ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا" وقوله جل وعلا " إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا".
وبيّن فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ عبدالباري الثبيتي أن أشرف موقف في رحلة الأمنيات, ما يناله أهل الجنة من نعيم الأمنيات وربّهم يجود عليهم ويزيدهم بكرمه, فأقلّ أهل السعادة منزلة هو آخر أهل الجنة دخولاً إليها, إذ يدخل الجنة وقد انفهقت له وتزيّنت, فيقول له ربّه : تمنّ, فيتمنى العبد ويتمنى, حتى إذا انقطعت به الأماني, قال الله له " لك الذي تمنّيت وعشرة أضعاف الدنيا".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.