عندما يتكلم الكاريكاتير الصحفي تكمم أفواه المقالات وتقف العبارات عاجزة على أن تجاري الرسوم الهزلية الساخرة وذلك لأن الرسم الكاريكاتوري أوالكارتون كما يطلق عليه بالإنجليزية ، يعتمد على روح السخرية والدعابة في إبراز فكرة من الأفكار أو موقف من المواقف بشكل مبالغ فيه أحياناً وذلك بقصد إعطاء القارئ فكرة عن التطورات الجارية أو تصرفات السلطة التنفيذية في الدولة أو إنتقاد بعض العادات الإجتماعية ، ويستمد الكاريكاتير قوته وشرعيته من مبدأ حرية الرأي التي رسختها الكثير من الدساتير التي تكفل حرية الرأي ، حيث أن لكل مواطن أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول أو الكتابة أو التصوير وسائر وسائل التعبير ، بحيث لا تتجاوز حدود القانون ، وبالتالي فإن الرسوم الكاريكاتوريه مثلها مثل أي صورة من صور العمل الصحفي محددة بحدود لا يجب أن يتم تخطيها ومجاوزتها تحت أي شعار حتى لو كان شعار حرية الصحافه ، فلا يجوز مثلاً الإعتداء من خلال الرسم الكاريكاتوري على الرموز الدينيه أو على السمعه أو إلحاق الضرر بالشخصية موضوع النقد ، وبالتالي يعتبر الكاريكاتير الصحفي عمل غير مشروع إذا كان مضمونه وفحواه يسىء للغير ، وخير مثال يضرب على ذلك الرسوم الكاريكاتوريه التي تناولتها الصحف الدينماركيه والنرويجيه والفرنسيه التي أساءت للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) وأظهرته بمظهر الإرهابي ، حيث أثارت تلك الرسوم ردود فعل عنيفه في الوسط الإسلامي وذلك لأن هذه الرسوم شَكَلت إهانة للشعور الديني لنا كمسلمين ، حيث كان لإعادة نشر هذه الرسوم الأثر البالغ في الإعتداء على حرية كل فرد بالاحتفاظ بصوره لرمزه الديني في مخيلته ، مما أدى بالتالي إلى الإعتداء على حرية كل المسلمين ، وعلى أثر ذلك تم توقيف محرري الصحف العربية التي أعادت نشر هذه الرسوم المسيئه للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) ، والذي أثار تعجبي واستهجاني في ذلك الحين الحملة الشرسة التي نددت بعدم جواز توقيف محرري الصحف التي أعادت نشر هذه الرسوم ، وللأسف لم يدرك محررو الصحف التي نشرت الرسوم المغزى هذه الرسوم في الصحف الغربيه ، مما يستدعي مسؤوليتهم تجاه كل مسلم شاهد هذه الرسوم بعد أن تم إعادة نشرها. أما بخصوص الشخصيات السياسية العامة فإنه يجب التأكيد على عدم حضر نشر الكاريكاتير الذي يمثل الشخصيات العامة وذلك لغرض إبراز تصرفات الزعماء السياسيين في وضع يفهم القارئ معنى هذا التصرف والنقد الموجه إليه ولكن مع الأخذ بعين الإعتبار أن دائرة الكاريكاتير الصحفي تضيق جداً فيما يتعلق بحياة الناس الخاصة ، وذلك لأن كرامة الناس وسمعتهم يحرجها غالباً الرسم الكاريكاتوري لما فيه من مبالغه مضحكه ، فلا يحتمل أحد أن يرى وجهه أو وجه من يحب مرسوم في الصحف بصوره كاريكاتوريه ، كما لا يباح الإداء الكاريكاتوري في حق الأشخاص الذين يعاقب القانون على مجرد العيب بحقهم مثل الرسوم الكاركاتوريه التي تتناول بالهزل الملوك أو علم الدوله وما إلى ذلك ، وذلك لأن الرسم الكاريكاتوري من وجهة نظر المواطن العربي فيه قلة توقير للأشخاص الذين يتناولهم بالرسم. بقي أن نذكر أن الكاريكاتير يطبق عليه أحكام المونتاج أو الصورة أو الدبلجة ، فإذا (ما جاوز الرسم الكاريكاتوري مثلاً حدود النقد يعد تعسفاً في إستعمال الحق ويوجب المسؤولية المدنية للصحفي، وبالتالي يجب عدم إستخدام هذا الأسلوب الساخر للإضرار بالغير حيث يعد الكاريكاتير عمل غير مشروع إذا ما نشر عن غير طيب نفس من الشخص المقصود ، حيث يكون هناك اعتداء على حقه في صورته). إذن المسؤولية في الرسم الكاريكاتوري تقوم إذا ما تم الإعتداء على حق من الحقوق الملازمة للشخصية ، حيث تعتبر الصورة من الحقوق الملازمة للشخصية ، وبالتالي للشخص الذي تم الإعتداء على حقه في صورته من خلال رسم صورته كاريكاتورياً أن يطلب وقف هذا الإعتداء من خلال عدم الإستمرار بالنشر كما له أن يطالب بالتعويض عما لحقه من ضرر جراء عملية النشر.