كبير مستشاري البيت الأبيض للذكاء الاصطناعي: الشراكة مع المملكة تُمكننا من بناء مستقبل الابتكار العالمي    المعرض الدولي للمعدات والأدوات يستعرض الفرص في السوق البالغة قيمته 10.39 مليار دولار أمريكي    أمانة القصيم توقع اتفاقيات تعاون بحضور وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية    "لازوردي" تحقق 12% نموا في الإيرادات التشغيلية خلال ربع 2025 الأول بصافي ربح قدره 13.3 مليون ريال سعودي    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    مستشفى الملك عبدالله ببيشة يفعّل اليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية ببرنامج توعوي شامل    قطاع أحد رفيدة الصحي يُفعّل عدداً من الفعاليات الصحية    أمير تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة التاسعة عشرة لطلاب وطالبات    الرئيس الأمريكي يصل السعودية في زيارة دولة وولي العهد في مقدمة مستقبليه    وزير الحرس الوطني يستقبل نائب وزير الحرس الوطني بمناسبة تعيينه    مجمع الملك عبدالله الطبي يُعيد الحركة لأربعيني مصاب بانزلاق غضروفي ضاغط على الحبل الشوكي    النجمة إلى دوري روشن.. والحزم يضمن الملحق    تيريم يتغنى بسحر حمدالله    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بجازان يهنئ سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه بمناسبة تعيينهما    ترمب يصل الرياض في أول زيارة خارجية له    القبض على آربعة مواطنين في تبوك    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    السعودية و"الأونكتاد" يوقّعان اتفاقية لقياس التجارة الإلكترونية والتجارة الرقمية    فيصل بن مشعل يرعى حفل تكريم الأمير فهد بن تركي    "الفاو" و"الأغذية العالمي" و"يونيسف": غزة على أعتاب مجاعة كارثية    الرئيس الصيني: نعتزم تعزيز العلاقات مع أميركا اللاتينية في زمن "المواجهة بين الكتل"    إنجازات غير مسبوقة للقوات الجوية في دورة الألعاب الرياضية ١٩ للقوات المسلحة    العدل: إصدار132 ألف وثيقة صلح في عام 2024    إقرار المبادئ التوجيهية للاستثمارات الخضراء.. مجلس الوزراء: الموافقة على تنظيم هيئة الطيران المدني    برئاسة ولي العهد.. مجلس الوزراء يوافق على تنظيم هيئة الطيران المدني    مودي يؤكد وقف العمليات العسكرية.. الهند تتقدم نحو حل سياسي شرط المعالجة الأمنية    225 مخبأ سلاح جنوب لبنان والجيش يسيطر    الهلال يهزم النصر.. ويتوج بدوري الطائرة للمرة ال20    المغطّر    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    الاستسلام الواعي    تمديد إقامة العمالة الموسمية في الحج إلى نهاية المحرم    "الغذاء والدواء": ثلاثة أنواع من البكتيريا تهدد السلامة    حكاية طفل الأنابيب (4)    النجمة يسطع في سماء «روشن» وهبوط العين    الشبابيون: لن نبالغ في الفرحة    غرامة 20,000 ريال للحج بلا تصريح    محمية الإمام عبدالعزيز بن محمد تزيل أكثر من 719 ألف طن من الأنقاض    الصين من النسخ المقلد إلى صناعة المتفوق    خطوة واحدة يا عميد    70 % من مرضى الربو يعانون من حساسية الأنف    النفط يرتفع مع تخفيف حدة النزاع "التجاري العالمي"    «الشؤون الإسلامية» بجازان تحقق 74 ألف ساعة تطوعية    تعليم المدينة ينفذ إجراءات التوظيف التعاقدي ل1003 مرشحين    المملكة.. حضور بلا ضجيج    «المتحف الوطني» يحتفي باليوم العالمي للمتاحف    الحرف اليدوية.. محاكاة الأجداد    مكتبة الملك فهد الوطنية تطلق خدماتها عبر «توكلنا»    ضمن مبادرة"مباراة النجوم".. القادسية يستضيف 30 شخصاً من ذوي الإعاقة    "الشريك الأدبي" في جازان: حوار مفتوح بين الكلمة والمكان    الشؤون الدينية تطلق خطتها التشغيلية لموسم الحج    حماية مسارات الهجرة بمحمية الملك    محافظ الطائف يكرّم الجهات المشاركة في برامج وفعاليات أسبوع المرور    وداعًا يا أمير التنمية والإزدهار    حاجة ماليزية تعبر عن سعادتها بالقدوم لأداء فريضة الحج    بتنظيم من وزارة الشؤون الإسلامية.. اختتام تصفيات أكبر مسابقة قرآنية دولية في البلقان    انطلق بمشاركة 100 كادر عربي وأوربي.. أمين الرياض: «منتدى المدن» يعزز جودة الحياة ويقدم حلولاً مشتركة للتحديات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاختلاف المحمود وخفوت الثقافة الحجازية
نشر في شبرقة يوم 14 - 08 - 2011

إذا كان النص الحي نصاً متعدد المعنى وقابلاً للتأويل والقراءة المتجددة ، فإن ما سواه يصنف في خانة النصوص المريضة أو الميتة أو المخذّلة.
ومن البداهة أن يكون المجتمع الحي مجتمعاً تعددياً في رؤاه وأفكاره وتوجهاته ومذاهبه.
هذه التعددية غير المتعصبة قابلة لخلق وفاقات وبناء توازنات وتفعيل آليات عمل للمشاركة في بناء وطن و تبادل المنافع تحت مظلة مؤسسات كافلة حقوق المواطنة وبعيدة عن منهج التشطير والتخوين والمزايدة والتعصب المخفف أحيانا بغلاف مصطلح المناطقية كما يقول الصديق الدكتور جمعان بن عبدالكريم في إحدى أطروحاته.
ومع تحفظ البعض على الأثر الشهير ( اختلاف أمتي رحمة) إلا أني أرى أن مضمون هذا الأثر متوافق مع واقع الحياة ، وأحسب – إن صح – أن المراد به هو الاختلاف المحمود ، كاختلاف الطبائع والعادات والثقافات والمذاهب و التقاليد والاجتهادات، فليست قوة مجتمعنا في لبسنا زياً واحداً ، وترديدنا ألفاظا متطابقة ، وسماعنا خطبا وخطابات مستنسخة ، وابتهاجنا في مناسباتنا بنوع واحد من الفلكلور المعروف عندنا بأنه موروث منطقة نجد و ما حولها ، بل القوة في تحقق المواطنة واستشعار كل منا أنه جزء من بناء الدولة العام . فالاختلاف في مفهومه التعددي عند معظم المفكرين المعاصرين ليس تفتيتاً ولا تجزئة بل هو بديل عن كل استبداد مغلف بغلاف الوحدة الوطنية لتكون غطاء للانفراد بالسلطة والتمادي في التسلط كما يقول المفكر المغربي علي أومليل.
لم ولن يمتدح عاقل الاختلاف من أجل الاختلاف فقط ؛نظراً لما يترتب عليه من شحناء وتباغض ، واعتباراً بما يجره على النظام والمنظومات من فوضى غير خلاقة ولا محمودة كونه طريق التنازع وبوابة التناحر والتدمير وتقويض البناء ومن بلاغة القرءان أن يربط بين التنازع والفشل ( ولا تنازعوا فتفشلوا) ليظل الاختلاف المحمود اختلافا على المتغيرات مع التمسك بالثوابت ، وأهمها وحدة الوطن والولاء لنظامه وقادته مع السعي الدؤوب للتطوير والتحديث من خلال طرح الأفكار و اعتماد آليات للحوار والمغالبة بموضوعية وواقعية بغية وصول التيارات والتوجهات والمذاهب إلى وفاق أو اتفاق على أفكار تخدم الوحدة الوطنية وتعزز مفهوم الشراكة في بناء وحماية الوطن الذي نفخر جميعا بالانتماء له.
ولا زلت وسأظل أعول على التأصيل ، فالتعددية ظاهرة من خلال استعراض الواقع المعيش في المدينة المنورة زمن النبي صلى الله عليه وسلم دون إلغاء أو إقصاء.
فقد جاء الرسول الكريم مهاجرا ومعه الرومي والفارسي والحبشي ، و يثرب من قبله مجتمع قبائلي فالأوس والخزرج قبيلتان فاعلتان وضاربتا الجذور في الجزيرة العربية وما حولها ، ولهما من الأعراف والتقاليد والقيم ما يؤهلهما لتبوأ مكانة تليق بهما، كما أن للاختلاف العقدي حضوره ، فاليهود قائمون في مزارعهم ومصانعهم ومتاجرهم بدء من بني قريضة مرورا ببني النضير وليس انتهاء ببني قينقاع ، وكذا هناك نصارى وربما ملل أخرى ، ولم يثبت أن النبي عليه السلام اشتغل في المدينة على تصحيح معتقدات الناس أو مناقشتهم في أديانهم ومللهم ونحلهم وأعرافهم وتقاليدهم ، بل الثابت والصحيح عند معظم المؤرخين الموثوقين بأن قائد الأمة اشتغل على فكرة الانتاج وانصهار القوى في منظومة عمل مشترك يعود نفعه على الكل ، لذا لم يتبرم المسلمون من تعلم القراءة والكتابة على أيد يهودية ، بل برغم تعلق اليهود بالربا وتعاملهم به ابتاع النبي عليه السلام شعيرا من يهودي لا باعتباره متوافقا معه في الدين بل باعتباره متعايشا معه في الوطن ، ورهنه درعه حتى يتوفر له ما يتمكن به من السداد ، فأي عدالة هذه وأي تحضر جاء به هذا الدين القويم.
ولعل شريحة عريضة من القراء الكرام تذكر أو تتذكر أن وجود الاتحاد السوفيتي ضمن دائرة القوى المهيمنة خلال قرن مضى أسهم في خلق توازن كبير في قرارات السياسة الدولية في ذلك الوقت ومنع من تجاوزات وجرائم كان يمكن أن تطال البشرية ما حقق تنمية لدول ضعيفة وأخرى مستضعفة.
ولا ننسى أن الاتحاد السوفيتي أول دولة اعترفت بالمملكة العربية السعودية ، إلا أن صراع القوى ولعبة السياسة شحنت الأنفس والمشاعر ضد الروس بل وحملتهم مسئولية مصائب الكون وأنهم مهددون للعقائد وخطر على الأديان و البلدان فجيشت العالم ضد روسيا من حرب باردة إلى ساخنة إلى مواجهات في أفغانستان كنا من وقودها ( مالا وأناسي) ، حتى تهاوت بين عشية وضحاها منظومة الشرق الكبرى كانت ملء السمع والبصر ، لتتعاظم هيمنة الغرب ، بل هيمنة أميركا بمفردها على العالم لتصبح سيدته الأولى برغم كل ما تلطخت به يدها من جرائم تسبباً أو مباشرة ، وها نحن نجني ثمار أشجار الخيبات المتلاحقة برغم انبعاجنا من الفرح بسقوط ( الملحدين السوفيت) !!
ولابد من عود على البدء فالتعدد في ظل مشروع واحد أمر محمود ، والتعددية المحمودة قوة وتماسك للبناء الوطني ، و ما يلفتني اليوم ولفت غيري من الأصدقاء غياب أو تغييب الثقافة الحجازية التي كانت تعد معادلاً موضوعياً لثقافة الصحراء من جهة ، وثقافة الجبل وثقافة الخليج من جهات أخرى ، برغم كل ما أنجزته الثقافة الحجازية عبر قرنين من الزمن وما قدمته من عطاء معرفي وقيمي وتربوي و بروتكولي وكرنفالي ، كانت أهم ملامحه وأبرز سماته أنه خلق فضاء من التسامح والتواصل وأوجد من القوانين والتقاليد منظومات مهن وحرف ونقابات رسمت ملامح التنمية في نواتها الأولى ، لذا لا غرابة أن يختار الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن جل بطانته من أهل مكة والمدينة لمعرفته بقدراتهم ومقدراتهم وإيمانه بتحضرهم قياسا على سكان بقية المناطق.
وكان لآباءنا وأجدادنا في جبال السراة صلات كبرى مع الحجازيين كونهم استوعبوهم في بيئات عمل وخدمة ولم يحرموهم من التعلم والتعليم وإتقان المهن والمهارات بل وتبنوا بعضهم كأبناء لهم ومكنوهم من بناء المساكن والزواج ، ولذا توارثنا ممن سلف عادات وطقوس كنا ولا يزال بعضنا يمارسها دون نكير قبل طغيان أنانية تيار واحد ومحاولته طمس الهويات والنيل من وطنية المواطنين و معتقدهم بذريعة البدعة.
ولا أنسى هنا مقولة لصديق أبي الأستاذ الراحل حسني إكرام رحمهما الله ، حين حاورته عن التواتر على صفة الصلاة فقال: لا يتحقق التواتر على صفة الصلاة إلا في مكة والمدينة كون الصلوات لم تنقطع في الحرمين حتى في زمن الفتن وكان السابق من الأجيال يربي ويدرب اللاحق على أداء الصلاة عمليا قبل الاستغناء عن العملي بكتب تراث فقهي مدونة في بلاد الشام والعراق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.