اعتاد العريفة سماع روايا وحكاوي من الفقيه والمؤذن، يتخيلانها ويسردانها عليه، وفيها قصص بطولاتهما مع النساء، واحد يتكذّب والثاني يصدّق له، اللي يقول: كم ليلة قطعت فيها السيل، وأفحمت الخيل، واللي يقول: كم شديت الملح فوق ظهر النهار، وأرهبت الجحش (...)
ممكن تُجدّد وتُلمّع خارجك، مهما كانت التكلفة باهظة، فالتجميل متوفّر، والأصباغ والمة، إلا أن تجديد الداخل ثقيل على النفس لاحتشاد الصدر، واحتقان النفس، وتضخم القلب بذكريات ومواقف سلبية مستعرة، تركها تتراكم حتى غدا تجويفه الصدري مستودعاً للسكراب (...)
تعكّزت على الزافر، واستنزلت عصاتها، وساطت؛ أولاد ابنها سوط العصيدة، وسحبت الأغطية من فوقهم، ونغزتهم بالباكورة، فصاح الكبير المدهفل (هويه ياجدة)، فردّت؛ هويت يا حشو وعيش، تناصف نهاركم، وأنتم كما ذيابة الغداري متبطحين؛ فقال الصغير؛ من يوم مات جدي (...)
أسّس دهاة السياسة (عصبة الأمم) بعد الحرب العالمية الأولى بأربعة أعوام؛ لحل الأزمات، وقطع النزاعات بطرق سلمية متحضرة، على أساس من احترام القانون، وتعهد الجميع بالخضوع لحكمها، وتعطل عملها 6 أعوام بسبب الحرب العالمية الثانية، ثم في مؤتمر طهران عام (...)
تقول الحكاية، إن مجموعة كان لهم صديق شرس، ويتمشكل مع الطير في الهواء، والسمك في الماء، وبدون أي إشعار له تغيبوا رفاقته عنه أسبوعاً، فلما قابلهم سألهم، أين كنتم؟ فأجابه رائدهم، جمعنا مبلغاً ولم نترك سوقاً ما قصدناها، لكي نشتري لك أخلاقاً، فما وجدنا (...)
بسط الحيّر، رداءه الشفيف، على وادي القرية، وتوارى وجه الشمس، وراء الغيوم الداكنة؛ فغدا أشبه بخدود العذراء الخجول، يغيب منها، أكثر من الذي يبان، وتعالى صياح الديكة جوّابا السيح، وكأنها تتبادل رسائل مشفّرة، والجدة (ماحية) الوحيدة؛ ممددة سيقانها نحو (...)
من أندر اتفاقيات الشراكة، ما سمعته من شاب أعمال، تشارك مع أبيه، وكان الأبُ هو الممول المالي، فاشترط على ابنه في عقد الشراكة، إن نجح المشروع، وحقق أرباحاً فهو بينهما، وإن أخفق وخسر، فيتحمل الابن بمفرده الخسارة.
يرجّح البعض عودة (جماعات الإرهاب) إلى (...)
نعلّمكم بعفاكم، رضي الله عنكم وأرضاكم، وجعل سعادتكم أكثر من شقاكم، ولمح لكم بعين شفقته ورحمته ولا خلّاكم. اعلامنا خير والصلاة على محمد (عليه الصلاة والسلام) في وادينا والله هادينا، نصالح من صالحنا، ولا نعادي من يعادينا، لا عريض ولا مريض، والمرجع عند (...)
قست عليه الحياة، وتطاول عليه الأحياء في طفولته، فانتقم منهم في شبابه وكهولته وشيخوخته، لم يكن يشتكي من الظلم، ولا يتبرم من الجور، وشعاره (بحول الله لأصُرّ لكل عين كُحلتها)، زهد أبوه في والدته لكثرة غلبتها، وهاجر لمصوّع؛ ولم يترك لهما ما يستر الحال؛ (...)
تقول الحكاية إن عدداً من كبار القوم في منطقة من المناطق؛ حضروا مجلس قاضٍ في إحدى المحاكم لتقديم دعوى؛ وكان القاضي القادم من جغرافيا بعيدة مهذباً معهم، وقال سنحيل قضيتكم للجنة إصلاح ذات البين، فقالوا بصوت واحد (ما شي عدالة) فصُدم القاضي، وكاد يتخذ (...)
نصحه أبوه يبتعد عن نفاش الصدر، وقال: اهمل الفتيل، بتلقى لك عروس (عين عُنّة) فكك من عروق (اسدحني واسدحك). فاعتذر من أبوه، وقال: دخيلك لا تفسد خطبتي، الناس قد رحبوا بي، وخذوا مقدم المهر. فقال: ما بافسد عليك، لكن هذا وجهي ما تسميها سعدى، تلقى أمها مصقت (...)
أحياناً يسكنني هاجس بأن الأوطانَ تتقاطع مع الأديان، بدأت متعددة الآلهة، وانتهت توحيدية أو فرديّة، وهناك سجال، خيض ويُخاض فيه آنياً ومستقبلياً ربما حول حق الدول في الحلم بالتوسع، والتحول من دولة إلى إمبراطورية، إلا أنه ليس كل ما يُحلَمُ به أو تتخيّله (...)
ما بات (شميح) مبات يرضي خاطره، فالبيت امتلا بالذراري، والمخلوقة ما عاد همها منه، من يوم سكن (العِرْبي) جنبهم، والرجال أحسن ظنه، في وصايا الأولين، (العيال عزوة وسند) قال في نفسه، وهو باقي مغطي وجهه تحت الكسا، متى بعد ألحق في ثابتهم، وكثّر اللوم على (...)
لم ينفصل دور الدكتور غازي القصيبي، التنويري الثقافي، عن دوره الوظيفي، فهو التكنوقراط، والدبلوماسي، وهو المحاضر الكاتب المبدع، ولعله منذ غادر بجسده، دار الفناء لدار البقاء، لم يمر عام، أو ينعقد لقاء مع وزير، أو تحدد مناسبة لتدشين مشروع، أو تقام ندوة، (...)
في إحدى عشيّات القُرى، بالغ مهايطي في الثناء على أبيه، وتعداد محامد ليست فيه، فانبرى له أحد البسطاء، ممن لا يتحمّل وزر المبالغات، فقال له: أبوك إذا بغيت الصدق، لا كالَ مُدّاً، ولا صان عهداً، ولا حمى حدّاً، ولا حفر عِدّاً، ولا حفظ سدّاً، ولا أكرم (...)
زقاب (الفقيه) نفسه، فوق عتلة رطبة، افترشت بخضرتها، مساحة دائرية تحت الحبلة، لمح المقصمرة (شثّه) وأختها (سذابه) يدلين من رأس البير؛ يستقين في قربة، ويتضاحكن. يدري أن ابن عمه الشاعر عينه من صغره على (سذابه) وكم منّى نفسه بها؛ وعزّم بدهاء ومكر؛ يقطع (...)
لطالما ضبب الخوفُ على الرؤية الصافية لجمال الحياة، والخوف نسبي؛ يتفاوت بحسب زمان ومكان وشخصية الإنسان؛ وكلما خمّن؛ حدس أنه تخطاه؛ سرعان ما تتجدد لقياه؛ فندرك لاحقاً، أنه وإن لم نسكنه فإنه يسكننا ليل نهار، منذ أُخرج أبونا آدم من جنةِ تجري من تحتها (...)
هل يتصوّر أي حصيف تخلّي الصحوة عن مشروعها؟ ورفع الإسلام السياسي يده عن مكاسب نصف قرن من الحضور، بعدما دفع ثمنها دماء ووعثاء وسجونا وهجاء؟ وماذا عن اقتناع بعضنا بتسليم الحركيين واستسلامهم للواقع؛ بسهولة ومرونة؟ وكيف تحوّل المُنظّرون، والمنتمون، (...)
نهض (سِرفان) ضحوة يوم خميس ؛ من نومة طويلة، ورموشه متلاصقة من الغُطاش، دوّر رأسه في البيت؛ فلم يشعر لا بحسيس ولا ونيس؛ خذ عمامته على كتفه، وفك بزبوز الحنفيّة؛ ورشّ وجهه، ومسحه بالعمامة، وانخرط من درجات سلّم خشبي؛ يودّي لساحة المسيد، لمح في الحماطة (...)
تتشابه تجارب البشر وأقدارهم، بمستوياتها الفردية، أو الجمعية، أو السياسية، وتتقاطع أحياناً، ومنذ وعينا بالتاريخ، ونحن نعلم أن الإسلام، ظهر في بيئة تحوطها إمبراطوريتان؛ الفُرس، والروم، وداخلهما كيانات، ومعتقدات وديانات تؤجج دوماً الفخر بالانتماءات، (...)
أقسم المؤذن للفقيه؛ بأن قلبه ضامي على (شتفان) وفي صدره مُحقره؛ ووده يشفي غليله فيه، ويشتفى منه ومن أبوه؛ لا رحم الله جلاميده؛ فقال الفقيه؛ لا تستعجل عليه؛ لين يبرد حزنه على شيبته؛ قال؛ ما معي قدرة على الصبر؛ فعلّق؛ كسّر قرونها يا الفرخ، وشبك مطنقر؛ (...)
يمكنُ أن نستنتج من واقعنا المعاصر دلالة شطرٍ من بيت الشعر (العِلمُ يرفعُ بيتاً لا عماد له) فنجد في حياتنا اليومية بيوتاً وعائلات، ودولاً، لم يكن لها ذِكْراً ولا صيتاً، إلا أنها بتقدمها العلمي، ومنجزها المعرفي، غدت محور حديث المنتديات والمؤتمرات، (...)
تسامعت القرية أن العريفة واعد (شنبان) يخصي ثوره وثور الفقيه وثور الشاعر (يوم الجمعة) وأوصاه: دخيلك الحجّ فينا، والجماعة يبغون يتسبعونها، والثور إذا ما انخصى ما يشحم، وإذا ما أشحم ما يصلح (قليم). أشار على خشمه بإصبعه، فأضاف: وأنا عمك تبدّر علينا قبل (...)
لتجارب الشعوب والأمم، دور في صياغة الأمثال، والحكم (المتوارثة) ولا حكمة تأتي من فراغ، ومن أشهر الأمثال الشعبية (المرأة تحبل من بطنها، والرجال يحبل من لسانه)، ومن الحبل حبل مشروع، أو مشرعن، ومنه حَبَل غير شرعي، ويعد فضيحة، حمانا الله وإياكم.
تحبل (...)
انهمك (أبو ذيبة) في تنجيم الركيب؛ غطى النجل نصف قصب السنابل، والنجل عدو المزارعين شأن القحط، وما طلع من واديه إلا قُرب المغرب، وعَرَقُه يتصبصب من دغادغه وجبهته وكفانه، احتفشت (ذيبة) أكمامها عن ذرعانها، وشلّت طشت غسيل، وكبته من فوق الجناح، في طرف (...)