حددت هيئة التحقيق والادعاء العام - كما نشرت عكاظ أول من أمس - أربعة شروط لإعفاء المتهمين في قضايا الإركاب من العقوبة وحفظ قضاياهم والاكتفاء بعقوبة إيقاف الشرطة لمدة لا تقل عن 24 ساعة ولا تزيد عن خمسة أيام، الشروط الأربعة هي (عدم مقاومة رجال السلطة المتمثلة في هيئة الأمر بالمعروف، وخلو سجل المرأة والرجل من السوابق، وعدم وجود مقدمات لعمل غير أخلاقي للرجل والمرأة، وألا يكون الاصطحاب في أماكن منزوية). والسؤال الطبيعي بعد قراءة هذه الشروط، ما الداعي إلى القبض من الأصل طالما لا توجد مقدمات لعمل غير أخلاقي وهو ما يعني الشبهة، فمع أن الأخذ بالشبهة في حد ذاته لا يجوز، ويحتاج وفق نظام الإجراءات الجزائية إلى وسائل أخرى لإثباتها والتأكد منها قبل القبض وتوجيه التهمة وهو ما يسمى بالتلبس إلا أن حتى الشبهة غير متوفرة هنا، فطالما لا توجد مقدمة لعمل غير أخلاقي فأين الشبهة؟ إنني أشك أن في الأمر خطأ وهذا ما أرجوه لأنني لا أتصور أن هيئة التحقيق والادعاء تقر القبض على أي رجل وامرأة منفردين في سيارة لمجرد انفرادهما دون دليل على جرم من وراء هذا الانفراد. لقد وجهت سؤالا في هذه الزاوية لرئيس هيئة الأمر بالمعروف منذ فترة يقول: هل من حق أي سلطة أن تستوقف رجلا وامرأة في سيارة وتحقق في علاقتهما ببعض ما لم يكن هناك بلاغ مؤكد أو تحر أمني دقيق عن جرم أمني أو أخلاقي؟ وكان ذلك السؤال في ضوء حالات نشرتها الصحف عن ضبط الهيئة لأشخاص معهم نساء ثبت بعد القبض عليهم و- مرمطتهم وإهانتهم - أنهن من محارمهم لكنهم لم يكونوا في وقت ضبط رجال الهيئة لهم يحملون الوثائق التي تؤكد ذلك، لكن رئيس الهيئة لم يجبني في حينها ولعله لم يطلع على المقال آنذاك مؤملا أن يطلع على السؤال الذي أعيده مرة أخرى اليوم، والسؤال نفسه أوجهه لرئيس هيئة التحقيق والادعاء العام إن كانت الشروط المدونة أعلاه صادرة فعلا عن الهيئة، إذ إن الشروط الأربعة كلها تؤكد براءة من يتم ضبطه وهو مستوف لها فما الداعي للقبض عليه وإيقافه 24 ساعة أو أكثر. لا أحد يقبل الدعارة لا سرا ولا علنا، لكن في المقابل لا أحد يقبل أخذ الناس بالشبهة، وأنظمة بلادنا لا تقر ذلك ولا تقبله، فكيف إذا كان حتى الشبهة غير متوفرة، مثلما حدث في حالات سابقة ومثلما تشجع الشروط الأربعة – إن صحت – على حدوثه مستقبلا، إنه لأمر محيّر فعلا.