الحمد لله على قضائه وقدره . توفى قبل أيام في مدينة جدة معالي الدكتور/ عبد الهادي بن حسن طاهر ، في أحد مستشفيات جدة ، وقد صُلّي عليه – يرحمه الله - في المدينةالمنورة ، ودفن في مقابر البقيع . هذا الرجل فريد من نوعه ، وهو نموذج من نماذج قمم هذا البلد المعطاء ، وهو مثال للرجل الذي جمع بين العلوم الدنيوية والأخلاق الإسلامية في أرفع مثال ، فقد حصل على شهادة الدكتوراه في إدارة الأعمال من جامعة كاليفورنيا بيركلي عام 1964. عمل في القطاعين العام والخاص . وعمل مديراً عاماً لوزارة البترول والثروة المعدنية في المملكة العربية السعودية . وحاضر في إدارة الأعمال في جامعة الملك سعود في الرياض ، وكان عضواً في مجلس إدارة أرامكو ومحافظاً لبترومين . وقد قام بإرساء وتثبيت العديد من القواعد الاقتصادية في بلادنا، وإسهاماته في الصناعات البتروكيماوية علامة متميزة في تاريخه ، لكن عمله بقطاعات البترول والاقتصاد لم يشغله عن الاهتمام بأعمال الخير ، فقد شارك رئيس في العديد من مشروعات جمعية الأطفال المعوقين وبرامجها على مدى أكثر من عقدين من الزمن . كما أقام رحمه الله كرسيًّا علميًّا للدراسات وأبحاث فقه الزكاة ، دشنه بكلماته الرائقة التي قال فيها : ( وقد وافقت تلك الدعوة رغبة في نفسي للإسهام في خدمة الدين و الوطن من خلال هذا الكرسي ابتغاء الأجر من الله تبارك و تعالي القائل في محكم كتابه الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (البقرة:274) خاصة و قد علمت انه لا يوجد كرسي علمي حتى الآن لخدمة هذا الجانب الحيوي المهم ) . كما تبرع بمليوني دولار لإنشاء منحة «أستاذية عبد الهادي طاهر» لتدريس الأديان المقارنة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة . أما تبرعاته ونفقاته على المساكين فقد كانت كثيرة متنوعة ، وأتحدث عنها بعد وفاته ، فأقول إن مما علمته أنه كان ينفق حوالي 5-10 ملايين شهرياً ، وهذا الذي وقفت عليه ، والله أعلم بما وراء ذلك من صدقات السر ، فكان لا يعلم عن أحد قد ضربته الحاجة ، إلا ويتقرب إلى الله تعالى بمعونته، وقد شرفني الله فقد كنت قريباً وشاهداً على كثير من هذه الأعمال ، فقد كنت مستشاراً خاصاً له وعضواً وأميناً عاماً وأمين السر في مؤسسة حسن طاهر الخيرية . كما قد أقامني وكيلا شرعياً في كثير من القضايا والأعمال ، وكنت عضواً في مؤسساته ، فعرفته عن قرب – رحمه الله – فهو لا يدخر جهداً ولا مالاً في العطف على الفقراء والمساكين والأيتام ، وأعماله الجليلة أكثر من أن تحصى فله الأيادي البيضاء داخل المملكة وخارجها ، وما أعماله الخيرية القائمة إلا خيرُ شاهدٍ على أعمال هذا الرجل الكبير . قل أن يجود الزمان بمثله.. ، وعزانا أننا إلى الله صائرون .... فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ورحمه الله رحمةً واسعة ونوَّر قبره ، وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة . أ-د. عبد الله بن حسين الموجان