إن الناظر في أوجه أعمال البر، والإسهام في أبواب الخير والتطوع في بلادنا، وما يقدمه أبناؤها البررة طواعية وعن طيب نفس، يجد ما يثلج الصدر ويفرح الخاطر، تلك الرموز التي تقدم أروع وأنبل الأمثلة على الوفاء والسخاء والمواطنة الحقة في هذا العهد الزاهر. وسيتقصر حديثي على واحدة في سلسلة طويلة من كوكبة رجال الأعمال في هذا الوطن المعطاء الذين يقدمون في ساحات الخير والبر ما ينفع الوطن والمواطن على حد سواء، ولا نتحدث عن العاقين ممن أفاء الله عليهم بالمال الوفير والثراء الواسع فانتفع بمالهم البعيد عن الوطن قبل القريب، واغتروا بما سينعكس عليهم شقاءً وحسرة يوم تبيض وجوه وتسود وجوه، ولات حين مندم. ناسين أو متناسين ما للوطن من حقوق عليهم، وما قدم لهم مما يعجز عن وصفه بيان. يقول أحد الزعماء الغربيين: «لا تسأل ماذا أعطاك وطنك، ولكن أسأل ماذا أعطيت أنت لوطنك». ونعود إلى الشواهد والدلائل الإيجابية وهي كثيرة ولله الحمد، حيث لدينا أنموذج يجسد معاني القيم والثوابت التي ترعرع عليها أبناء الوطن، فقد نشرت صحيفة «الرياض» الغراء في 11/6/1426ه خبر قيام رجل الأعمال الشيخ علي بن سليمان الشهري بالتبرع بإنشاء كلية تقنية في مدينة تنومة في منطقة عسير بمبلغ وقدره عشرة ملايين ريال، وإنشاء ناد ثقافي اجتماعي، وتكريم حفظة كتاب الله، والمتفوقين دراسياً ومساعدة جمعية تحفيظ القرآن الكريم، ودفع مبالغ سبع ديات وغيرها من المبادرات الإنسانية والوطنية التي تجسد روح البذل والوفاء. حقاً إنه مازال مجتمعنا بخير وفي ألف خير طالما فيه من الخيرين ممن ينفق مما جعله الله مستخلفاً فيه بطريقة صحيحة، وفي مكان صحيح، يدفعه دينه، وشعوره بالولاء والانتماء لهذا الكيان الشامخ، إنه جميل بجميل وغرس سيؤتي ثماره عاجلاً أو آجلاً قال تعالى: {الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سراً وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون} وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة)، وقد ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا وملكان ينزلان، فيقول أحدهما اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً) فتحية لمن هذا هو منهجه في الانفاق ، زاده الله من فضله وتوفيقه وضاعف له الأجر والثواب. يا تنومة الأزهار عطرك آسرٌ إن هذا الشطر من بيت شعر انتزعته انتزاعاً من قصيدة لأحد شعراء مدينة الباحة الجميلة التي لي مع بعض علمائها ومفكريها ومثقفيها ولا زالت أجمل وأحلى الذكريات، حيث تعلمت أشياء كثيرة في مرحلة مبكرة من حياتي على يد أحد أبنائها الأستاذ الكبير والمربي الجليل علي بن صالح الغامدي - رحمه الله - الذي كان يردد قول الشاعر: ومن لا يحب صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر أعود إلى مدينة تنومة التي أنجبت رجل الأعمال الشيخ علي بن سليمان الشهري وكوكبة متميزة من العلماء الأكاديميين، والأدباء والمفكرين والمثقفين والمربين والشعراء والمهندسين والأطباء ورجال المال والأعمال والإعلام وأبنائها الطيبين، وعدد كبير من رجالات الدولة حرسها الله من مدنيين وعسكريين الذين قدموا أجمل وأسمى معاني الإخلاص والتضحية والولاء في خدمة الدين ثم المليك والوطن، فنقول إن المشاريع التنموية التي حظيت بها تلك المدينة، ومازالت تنتظر المزيد قد رعاها وأشرف عليها صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل أمير منطقة عسير. هذا الإنسان الذي حوّل الحلم إلى حقيقة في هذه المنطقة، وحقق تطلعات وتوجهات قيادتنا الرشيدة بما يشهد بعبقرية الرجال والزمان والمكان. ولنطالع سويا تلك العبارات التي جاءت في استراتيجية التنمية السياحية في منطقة عسير تحت موضوع (الرؤية الاستراتيجية) حيث جاء فيها ما نصه: «أن تكون منطقة عسير وجهة سياحية رائدة في المملكة اعتماداً على مواردها البشرية والطبيعية والتراثية والثقافية وأن يكون قطاع السياحة في المنطقة قطاعاً رئيسياً ذا منافع اقتصادية واجتماعية مستدامة، تضمن الحفاظ على القيم الإسلامية والتراث الثقافي والبيئي في المنطقة). لا شك انها لرؤية استشرافية واعدة في إطار استراتيجية شاملة للمنطقة صيغت رؤيتها وأهدافها ووسائلها بعناية فائقة. وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، وأدام على بلادنا نعمة الأمن والاستقرار. والله ولي التوفيق. ٭ عميد كلية التدريب جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية