الانتماء الوطني والمواطنة: ركيزتان لبناء المجتمع وترسيخ الهوية    ما تكشفه تدفقات النفط الروسية حول قطاعي الطاقة في سوريا ولبنان    9 بنود في خطة ترمب لإنهاء حرب غزة    الهلال يتغلّب على ناساف الأوزبكي بثلاثية في دوري أبطال آسيا للنخبة    انطلاق معرض إنترسك السعودية بنسخته ال (7) في الرياض    الحقيل: برامج لدعم الأسر محدودة الدخل وإعلان مستحقي الأراضي نوفمبر المقبل    الشورى لبنك التنمية الاجتماعية: استثمروا في التمويل الجماعي    7 موضوعات ملهمة تعزز الوعي والتحصين بجازان    81 مليار ريال استثمارات السعودية في البنية التحتية الثقافية    وزير الصناعة والثروة المعدنية يبحث تعزيز التعاون الصناعي مع نظيره الفيتنامي    تنظيف شاطئ النخيل    جمعية رعاية ا الأيتام بنجران تحتفل مع أبنائها الأيتام في برنامج عناية باليوم الوطني 95    بحضور الأمراء.. نائب أمير مكة يشارك في صلاة الميت على الأميرة عبطا بنت عبدالعزيز    لا للتهجير أو الاحتلال.. البيت الأبيض ينشر خطة ترمب لإنهاء الحرب في غزة    فضيلة المستشار الشرعي بجازان يلقي كلمة ضمن برنامج تماسك في الكلية التقنية بصامطة    نائب أمير تبوك يستقبل القنصل العام لجمهورية السودان    232 مليار ريال استثمارات تجعل المملكة نموذجًا عالميًا في استدامة المياه    طريق الأمير محمد بن سلمان يحقق الانسيابية المرورية ويعزز المشهد الحضري    الاتحاد يرد على تقارير رحيل بنزيما    معرض الرياض الدولي للكتاب.. من فعالية ثقافية إلى محطة محورية لعشاق النشر والقراءة    الهلال يتفوق على ناساف في الأسيوية    إجازة لستة أيام ومباراة ودية للفتح خلال فترة التوقف الدولي    محافظ صبيا يكرم مدير مكتب التعليم بمناسبة انتهاء فترة عمله    قاعدة الملك عبدالعزيز الجوية بالظهران تنظم معرضًا أرضيًا للطائرات    طالب الطب الصعيري يكتشف خطاً علمياً في أحد أبرز المراجع الطبية العالمية بتخصص الجراحة    نائب أمير الشرقية يستقبل قائد المنطقة الشرقية بمناسبة تكليفه    بلدية الظهران تطلق مبادرة "ظلهم علينا" بالتعاون مع جمعية هداية    "سعود الطبية" تنظّم ملتقى "صوت المستفيد يقود التغيير"    أمير الرياض يستقبل نائب وزير الحرس الوطني    مفردات من قلب الجنوب 22    الهيئة السعودية للتخصصات السعودية تعتمد برنامج طب التخدير في تجمع تبوك الصحي    فعد الغامدي إنجاز غير مسبوق لأول سعودي يحصد تصنيف "الإيكاو" الدولي    محافظة الفرشة بتهامة قحطان تحتفل باليوم الوطني 95 وسط حضور جماهيري واسع    وزارة الرياضة تصدر بيانًا حول أحداث مباراة العروبة والقادسية في كأس الملك    خلال مشاركته في المؤتمر السعودي للقانون.. وزير العدل: التشريع في المملكة يرتكز على الوضوح والمشاركة المجتمعية    حائل تستضيف كأس الاتحاد السعودي للهجن للمرة الأولى    محطماً رقم رونالدو وهالاند.. كين أسرع لاعب يصل للمئوية    الدوري الإنجليزي.. آرسنال ينتزع فوزاً قاتلاً من نيوكاسل    أكد التزامها بالتنمية المستدامة.. وزير الخارجية: السعودية تترجم مبادئ ميثاق الأمم المتحدة لواقع ملموس    عسير: فرع هيئة الصحفيين ينظّم ندوة "الخطاب الإعلامي للوطن؛ بين ترسيخ الهوية وتعزيز القيم"    أحمد السقا ينجو من الموت بمعجزة    طهران توعدت برد حازم ومناسب.. إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران يشعل التوتر    ترحيب دولي باعتراف سان مارينو بدولة فلسطين    أول محمية ملكية سعودية ضمن برنامج اليونسكو    «هيئة الشورى» تحيل 20 موضوعاً للجان المتخصصة    صالات النوادي والروائح المزعجة    ورقة إخلاء الطرف.. هل حياة المريض بلا قيمة؟    السودان: 14 مليار دولار خسائر القطاع الصحي بسبب الحرب    ترمب يجتمع بكبار القادة العسكريين    أكثر من 53 مليون قاصد للحرمين خلال ربيع الأول    نائب أمير الرياض يستقبل وزير الشؤون الإسلامية    "الشؤون الإسلامية" تواصل جهودها التوعوية في الجعرانة    المتطوعون يشاركون في احتفالات أمانة الشرقية باليوم الوطني    السلامة الغذائية    تقنية البنات بالأحساء تطلق المسابقة الوطنية للأمن السيبراني    مزاد نادي الصقور السعودي 2025.. خدمات متكاملة تعزز الموروث وتدعم الطواريح    التحالف الإسلامي يطلق دورة تدريبية لتعزيز قدرات الكوادر اليمنية في مجال محاربة تمويل الإرهاب    الاهتمام بتطوير التجربة الإيمانية لضيوف الرحمن.. «الحج» : التنسيق مع ممثلي 60 دولة للموسم القادم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هلاوس الدونية..كتابات حسن العلوي نموذجا
نشر في شرق يوم 07 - 01 - 2011

وفقا لهذه الملاحظات الاولية السريعة ، نعود لمحاكمة كتب المفكر الكبير حسن ابن عليوي هندش، والكتب هي الخزينة التي يعرض بها المفكرين نتاجاتهم الفكرية .
كتب حسن عليوي هندش ستة كتب شحنها بتخريصات ، واكاذيب ، وقصص ملفة ليثبت ان تاريخ العراق ليس هو الا تاريخ الصراع بين الشيعة والسنة ، مدعيا بانه يريد معالجة الطائفية ، للتخلص من اثارها ونتائجها . الا ان الكثير من الروايات التي حشرها في هذا الموضوع تؤشر ايضا الى شخصية مريضة ، غير سوية . هذه الكتب هي :
1 : دماء على نهر الكرخة ، كتبه في عام 1980 ، واضح انه جهد متملق للرئيس صدام حسين ، من الصفحة الاولى والاهداء الذي شبه به صدام بملوك بابل الذين لايكذبون ، ويختمه اهداءه " وهذا الجهد مقدمة لهذه المسلة ( مسلة صدام حسين) . اليه يرجع العمل الصالح ويرفع الجهد المتواضع " ، وهذه الصفات التي اطلقها حسن على الرئيس صدام تنسجم مع سيرة التملق التي اعتادها للنائب ثم للرئيس صدام حسين .ففي مقال نشره في مجلة الف باء ، بعد ما عرف بمؤامرة الحمداني ، كتب حسن مقالا بعنوان : " الرشيد يعصف بالبرامكة " خاطب صدام فيه " انت اعدل من عمر ، واشجع من علي ".
تتمحور فصول الكتاب حول فكرة ان التشيع هو مذهب شعوبي تشكل بجهود الفرس المجوس ، بالتعاون مع الشخصية اليهودية الوهمية عبد الله بن سبأ ،فحرف الاثنين الاحاديث وسور القران من اجل ان يقولوا باحقية الامام علي بالخلافة ، ولشق الامة العربية – الاسلامية حقدا على العرب والمسلمين ، وظلوا يرددون هذه البدعة التي سماها حسن ابن هندش ، ووضع لها عنوان رئيسي ،" قميص علي " (ص : 54 ) ، تورية للمشكلة التي صنعها المجوس على شاكلة تمسك الامويون بقميص عثمان . جاءت بعض عناوين فصول الكتاب كانت كما يلي : مجوس ومسلمون ، متشيعون ام فرس ، قميص علي ، لماذا تشيع الفرس والخلافة في قريش ،هولاكو – العلقمي – الطوسي-، الغزل باش والعمامة الصفوية.
2 : الكتاب الثاني هو " التاثيرات التركية في الفكر القومي العربي ": طبع عام 1988 ، لم يتطرق فيه ولا بالاشارة لنظام البعث او حكم الرئيس صدام لاسلبا ولا ايجابا ، وهو الذي يدعي انه عارض النظام او خلق المعارضة واسسها . ركز الكتاب على رجالات العهد الملكي ، معتبرا اياهم جميعا من القوميين العرب بما فيهم نوري السعيد ، وجعفر العسكري ، وجميل المدفعي ، وحكمت سليمان ، وكل الزعماء الاخرين الذين تناوبوا على السلطة باستثناء الشيعة منهم . كان ساطع واحدا ممن نالتهم الاتهامات فبدونه لايمكن ربط الفكر القومي العربي بالسنة وعزل الشيعة عن العروبة .
اعتبر حسن ان جميع وجوه العهد الملكي من ابناء العوائل السنية البغدادية هم اتراك بالنسب والثقافة ، تارة من خلال امهاتهم التركيات او زوجاتهم ، ومن لايجد له اما او زوجة تركية ، فالمصاهرة والتزاوج ممن متزوج من تركية . اوعلى اساس الثقافة والدراسة .والمعروف ان جميع موظفي الدولة العراقية في سنينها الاولى هم خريجي المدارس والكليات التركية في اسطمبول او بغداد . لكنهم يتصرفون بنهج قومي عربي .فبدون الربط بينهم وبين الحركة القومية ( واغلبهم ممن ارتبط بالاحتلال البريطاني معلنا عداءه للحركة القومية العربية ) لاتكتمل خطة عزل الشيعة العرب عن بيئتهم ، والغاء هويتهم العربية .
واضح ان الغاية من الكتاب هو ترضية بعض بقايا رجال العهد الملكي من الشيعة امثال سعد صالح جبر ، وعبد الكريم الازري ، ومن هو مستعد لتقديم الهبات لابن هندش.
3 : الشيعة والدولة القومية : يروج حسن في هذا الكتاب لفكرة مؤامرة سنية – بريطانية قادها او اتفق عليها كل من المندوب البريطاني كوكس مع الشيخ السني عبد الرحمن النقيب . طبعا يجب ان يحشر هنا اسم ساطع الحصري حشراً ، فهو قومي – سني (رغم ان الرجل كان علمانيا ) لكي يتحقق الغرض من الكتاب ، ويثبت بجدارة امام اسياده انه كان مخلصا لمشروع شارون – ايتان . كل سني يجب ان يكون قومي عربي ، وكل قومي عربي يجب ان يكون سنيا متعصبا ضد الشيعة العرب في العراق ، وتصبح الحركة القومية وكانها ما تشكلت وظهرت الا لمحاربة الشيعة.
زور حسن اكثر من عشرين استشهاد من مصادر مختلفة ليثبت صحة ما يقوله ، ولكي لااعيد ما وضحته من التزويرات والتحريفات في هذا الكتاب والتي كتبتها ونشرتها في كتابي " ساطع الحصري والخطاب الطائفي الجديد " ، انصح القارئ بالعودة للحواشي والمصادر التي كتبها ابن هندش في اخر الكتاب ، ويعود للاصل ، كمثال على ذلك ما نقله عن مذكرات ساطع الحصري ، مذكرات سندرسن ، كتاب كليفلاند ، كتاب الدكتور وميض عمر نظمي ، المعنون "الجذور السياسية والفكرية والاجتماعية للحركة القومية في العراق ". ليكتشف القارئ حجم ومساحة التزوير وتخريصات هذا المفكر الكبير .
رغم ان حسن عليوي اعتمد على كتاب الدكتور وميض في توصيف النقيب ، ورغم ان وميض كان قد اعتمد منهج البحث العلمي في ايضاح دور الشيعة العرب في العراق ببناء الحركة القومية الا ان وميض سنيا ، والسنة عند حسن لايحق لهم حتى في اطراء ادوار الشيعة الوطنية وقول الحق فيهم ، لذلك فان وميض يصبح ممن يفتقرون للنزاهة ومشبوها بتهمة الارتباط ( 91-92 ) . الحديث عن ادوار الشيعة الوطنية هو حق خاص بحسن فقط ، لانه كما يرى حسن : "باعتقادي فان الحديث عن عروبة الشيعة العراقيين ، هو اخر مراحل السير في قافلة الاتهام ، واكثرها ايغالاً في ايذاء الاغلبية العربية " ( ص : 43
هذا الفاقد للنزاهة ، والمشبوه بتهمة الارتباط ،والوغل في ايذاء الشيعة ، الدكتور وميض ، يصبح بقدرة قادر في كتاب العراق الاميركي واحد من الصفوة القومية التي تتميز "بصفوة النقاء السياسي " كيف ولماذا ..!؟علمها عند الله ، وعند المفكر الكبير حسن ابن علوي هندش .
اول تكذيب للروايات الملفقة التي اوردها حسن، جاء من اخيه هادي العلوي، شقيق حسن ، حيث نشر تكذيبا في مجلة الحرية التي تصدرها الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين بعددها الصادر بتاريخ 8 اب 1989 ، يكذب فيه الرواية التي نقلها حسن عنه في ص : 41 من الكتاب . ان هذا التكذيب يكشف حجم المبالغة في التزيف والتزوير الذي ورد بالكتاب الى الحد الذي لايحتمله حتى هادي العلوي .
تعالوا نبحث عن المفكر هنا . ان الكتاب ينفي تماما ما قاله حسن في كتاب دماء على نهر الكرخة عن الشيعة ، فبعد ان كانت عقائدالشيعة من تصنيع عبد الله بن سبأ ، وقيادات المجوسية ، اصبحت من " فعل الرسول وقوله " ( ص : 13 ) كما يقول ايضا : " ظهر التشيع في الجزيرة العربية . وبهذا يكون عربي المولد والنشأة وقد احصينا في لائحة عرضها باحث مرموق ، مائة وثلاثين صحابيا من رواد التشيع الاوائل " ( ص : 13 ).
والشيعة اليوم هم اتباع فقه الامام الصادق الاتقياء ، الذين تعلموا من فقه الامام الصادق الوطنية ، ورفض العمالة والتعاون مع الاحتلال البريطاني (1914-1958 ) ، كما فعل السنة العرب في العراق ، الذين سرقوا الوطن ، واعطوا الشيعة الوطنية اين هي الفكَر .
اين هي وحدة الموضوع ، ما هو المنهج الذي اعتمده حسن ليتجرأ على عرب العراق ، ليلغي عروبة الشيعة هناك في كتابه دماء على نهر الكرخة ، وعروبة السنة هنا .
لم يجد القارئ ، او الباحث منهجا او قاعدة فكرية يستند لها حسن في هذين الاستنتاجين المتضادين تماما . كما لايمكن فهم هذا التناقض الا من خلال الانتهازية المشبعة بالنفعية التي تدفع صاحبها لان يتلون ويتنقل في المواقع حسب ما تتجه بوصلة مصلحته وطمعه في الاكرامية ، وقد عرف حسن بلقب الطاسة ، تشبيها بالمتسولين الذين يحملون طاساتهم ويقفون في الطرقات . اي مفكر هذا الذي يضع قلمه بخدمة المتصدقين عليه بمال او امتياز ..!؟ .
هناك ملاحظة مهمة ، يدعي حسن في كتابه العراق الاميركي انه هو من اسس المعارضة للنظام السابق ، وخلقها وقادها الى ان حققت اهدافها . لكنه لحد هذا الكتاب المطبوع عام 1989 ، كان من الواضح يتحاشى الحديث عن النظام. حصر حديثه عن فترات الحكم السابقة على نظام البعث ، اي انه تناول تاريخ العراق حتى 1968 . لان سلطة الحزب في العراق كانت ما زالت قوية ، وتثير رعب الكثير من ادعياء المعارضة . لم يتجرا حسن في الحديث العلني ضد نظام حزب البعث الا في مرحلة ما بعد ازمة الكويت ، ويبدو ان حسن تصور ان النظام يمكن ان يسقط ، او انه صار ضعيفا بما يجعله قادراً على الكتابة بدون خوف او خشية . خاصة وان حجم الاغراءات التي قدمتها دول الخليج لمن يؤيد ضرب العراق كانت تثير اغراء وتشد عزم حتى الجبناء . وفعلا تمكن حسن من ان يحقق الكثير من الارباح الى حد انه هو نفسه كان يردد ما مازاحا : " ان الجميع خرج خاسراً من هذه الحرب ، الا ثلاثة : ايران وسورية وحسن العلوي" .
ان الفكر ووجهات النظر والاراء التي طرحت في هذه الكتب الثلاثة نفت وسفهت بعضها بعض ،فاتباع عبد الله بن سبأ والمجوسية ، اصبحوا من الصحابة العرب ، نشاؤا وترعرعوا مع مذهبهم ( المجوسي ، اليهودي ) في الجزيرة العربية .
ما لم يتغير في هذه الكتب بعد الرأي الذي طرحه حسن حول السنة ، وسنة بغداد خاصة في انهم اتراك يتظاهروا بالالتزام بالفكر القومي العربي ، خدمة لبريطانيا العظمى .
الا رحمة بمفكرينا العرب .. كم نظلمهم ونتعدى عليهم عندما نسمي هذا الدوني مفكرا .
4 : كتاب " بقية صوت " ، حاول حسن اخراج هذا الكتاب بطريقة الحوار ، اختار اسم صحفي غير معروف ، من غلمان باقر صولاغ وجريدته "نداء الرافدين " ليركب له حسن الاسئلة والمقدمة بطريقة ايحائية ، تلمح الى ان حسن وصل من المكانة العالمية والعربية ، ما هو معروفا وبديهيا حتى لهذا الصحفي . يتضح في كتابة المقدمة ان حسن انتقى هذا الصحفي لانه من اهل الرميثة ليثبت من خلاله انه ينتمي اصلا لعائلة تقيم في الرميثة ، وواضح جدا انها احدى محاولاته لاثبات لنفي اصوله الهندية ، بعد ان كشفت تلك الاصول بمقال نشرته بعنوان " الباحثون عن المجد في الخواء " في جريدة البديل الاسلامي ، بعددها الصادر في 1 تشرين الاول 1987 . استجاب الكاتب هادي العلوي للحقيقة كما كتبتها ، وتعايش معها بعقلانية ، وغير لقبه من العلوي الى البغدادي في كل السنوات التالية لمقالتي وحتى وفاته ، بدأ يكتب لقب هادي البغدادي بدلا من العلوي .
في هذا الكتاب حاول حسن ان يغازل اول ما يغازل اسرائيل ، والاطراء باليهود الذين سماهم بقية سيف حيث تميزوا ب " الدفاع عن النوع(ما) يجعل من ابناء بقية السيف رجالا اشداء ورجالا خبراء ونساء نجيبات وابناء مهرة في كل صنعة . هكذا كان اليهود " (ص :14 )
ثم يبدأ بتقديم نفسه ، على انه كان الكاتب والمفكر المميز الذي تربطه مع الرئيس البكر روابط صداقة حميمة ، بحيث كان البكر ينتظر نصائحه ، ويصحح مواقفه بناء على تعليمات ونصائح حسن ، ويجتمع به باستمرار ليسمع مقترحاته ، حتى ان البكر كعاشق لهذا المفكر كان لاينام الليل قبل ان يودع نهاره برسالة غزل لحسن هندش . اصل الادعاء يبنيه حسن على رسالة استلمها من البكر . وهي الوحيدة على ما يبدو . وعند العودة لنص الرسالة التي وضع لها حسن عنوان " الرئيس احمد حسن البكر يكتب بلغة القارئ الى حسن العلوي " يكتشف الانسان عند قراءة النص ان الرسالة كتبها البكر بعد ان شاهد مقابلة تلفزيونية لحسن ، يبدو ان حسن اندفع فيها كما هي عادته في كيل المدح والثناء للبكر بشكل تضخيمي ومتطرف ، لم يقبل به البكر نفسه فكتب يوجه حسن للتوقف عن المدح بهذه الطريقة .يقول البكر للمقابلة سبب الرسالة : "اريد ان تعرف بعض الشئ عن خصائصي وقد يعرفها جيدا عني كل من زاملني ..... لست ممن تستهويهم عبارات الثناء وما يماثلها ... اقسم برب الكعبة " ثم يقدم البكر توجيهاته لحسن بضرورة التوقف عن مدحه ، والكتابة " بموضوعات تحبب فيه العراق باعين العراقيين " (199)
ثم برواياته التالية يكشف حسن كذبه بنفسه ، فرغم الزيارات المتكررة لبيت البكر والرسائل الغزلية المتبادلة، الى حد ان البكر يكشف اسرار الدولة همسا باذن حسن . الا انه عندما ادعى ان البكر كلفه بمهمة السفر برفقة عبد الستار الجواري ، لم ياتي التكليف من البكر شخصيا ، رغم اللقاءات اليومية المتكررة ، بل عن طريق عبد الستار الجواري . لماذا هكذا بالواسطة وليس مباشرة . التحليل الوحيد ان البكر استكبر على نفسه ان يزعج حسن بالتكليف ، فترجاه عن طريق الجواري كما كانت تترجاه تاتشر في قصته مع الدكتورة هلكا ( العراق الاميركي ، ص : 88 )
يكشف حسن في هذا الكتاب سرا رهيبا ، لاول مرة ( كما يقول هو ) ، من تلك الاسرار التي تهز الارض وتفسر الكثير من الغوامض بتاريخ العراق . يقول حسن :عندما زار تيتو العراق ، وفي المطار وحسن لاشك يهرول مع الصحفيين " عندما عزف النشيدان الوطنيان العراقي واليوغسلافي للرئيسين فعقب صدام حسين قائلا: هل تتصور كم حقنة زرقت في جسد تيتو ليستطيع الوقوف على رجليه ربع ساعة "(44) .كانت الزيارة في شباط 1979 ، وكان صدام حسين في اوج تالقه ، نائب رئيس مجلس قيادة الثورة ، وغيرها من المناصب التي تفرض عليه ان يكون الاول في صف المستقبلين بعد الرئيس البكر ، ويليه صف طويل من المستقبلين من اعضاء القيادتين القومية والقطرية ، واعضاء مجلس قيادة الثورة ، ثم الوزراء ، ويليهم الدبلوماسيين ، ولم يكن حسن واحدا من هؤلاء حتى يقف في صف المستقبلين ، بل صحفيا يهرول بين المصورين باحثا عن افضل وضع لالتقاط صورة هنا واخرى هناك . وفي عز الاستقبال حيث ان السلام الجمهوري يفرض على كل من يحضر في الساحة ان يقف بحالة الاستعداد ولايتحرك ، بما فيهم الحرس والمصورين ، يخرج صدام من صف المستقبلين ليبحث عن حسن ويقول له :شوف حسن كم ابرة زرقت في جسد تيتو ويعود لمكانه ..!؟ .
ان حادثة مثل هذه الحركة او الهلاوس الكارتونية التي صنعها حسن بخياله المريض ، كان يمكن ان تخلق ازمة دبلوماسية بين العراق ويوغسلافيا ، ولاشك كان هناك بعثة اعلامية يوغسلافية ترافق تيتو ، كما ان هناك صفا اخر من المرافقين له بالوفد ، وكل هؤلاء كان يمكن ان يلاحظ حركة الشخص الثاني في الدولة ، هذه . كما لاشك كان يمكن لحركة كهذه من صدام حسين ان تنشر الفوضى والارتباك في ساحة الاستقبال ، وتلفت نظر الحمايات والمرافقين . ومع ذلك لم يحسب صدام حساباته المهم ان ينكت ويثير البهجة في قلب المفكر العبقري الكبير حسن ، تملقا وكسبا لرضاه.
طبعا هذه الكذبة قدمها حسن ليدعم كذبه اخرى سبقتها . عند اعلان المرسوم الجمهوري في منح نائب رئيس الجمهورية صدام حسين رتبة عسكرية . يقول انه سمع المرسوم وهو برفقة عدنان الحمداني ومحمد عايش الذين ابدوا دهشتهم لعدم علمهم المسبق بالقرار . الا ان حسن مع ذلك اعترض ، وراح يحاجج صدام شخصيا ويلومه كيف يقبل هذه الرتبة :" كيف سنواجه العسكر في الحزب وانت قبلت الرتبة العسكرية " (ص : 44 ) . لاحظ تعبير نواجه هنا ، التي لاتفهم الا ان صدام والبكرمن اصدر القرار ، وحسن فقط ، هم من يقود العراق ، لااحد غيرهم ، ما دام حتى الحمداني وعايش غير معنيين بالقرار ،ولايمتلكون الجرأة لمناقشة الامر لم يبقى الا ابن عليوي هندش لها ليقف في وجه صدام حسين ، ويؤنبه ..!؟
قلت ان متابعة كذب وتخريصات هذا الدعي تحتاج لكتاب مستقل ، فهكذا قصص تمتلئ بها كتبه . اكتفي بهذا القدر من الكذب الذي ورد في هذا الكتاب .
الا ان الكذب بهذا المستوى من السخف المثير للضحك . يعكس حالة نفسية مرضية حادة من حالات الشعور بالدونية اوصلت صاحبها الى حد الهذيان والهلوسة . وهذه صورة ايضا من اعراض البارونويا . والبانوريويا هناك تاخذ شكل الميكانزيم الدفاعي اللاشعوري ، من خلال ما تضفيه من خلال الاوهام والخيالات من احساس لامتناهي بالعظمة ، الى الحد الذي يتصور به ان البكر يسهر الليل لاينام يفكر بماذا قال حسن وما يريد ، ويدبج في عز الليالي رسائله الغرامية الوهمية والتي لاوجود لها الا في مخيلة المريض . وصدام يكسر التقاليد البروتوكولية غير ابه بما يمكن ان يسببه هذا السلوك من اثر على علاقات العراق بدولة صديقة ، فقط ليثير الاستئناس والبهجة في قلب حسن .
بقية القصص اترك القراء ممن يحتاج للضحك ان يتابعها بنفسه في كتابات هذا المهلوس المحكوم بالدونية ، مفكر العربي الكبير الاستاذ حسن عليوي هندش .
الكتابين الاخرين : " العراق الاميركي ، و" شيعة العراق وشيعة السلطة " اترك الحديث عنهما لفصل جديد ، فهما يعكسان موقفين غريبين من استفحال مرض الدونية عند حسن عليوي هندش ،فيتحفنا بقصص كبيرة جدا بحجم ععظمته وتفكيره . كما انهما يقدمان صورة مجسدة للنصاب ، ابو الطاسة كما اسماه الكاتب علاء اللامي ، فهو يكشف طرائق نصبه على المسؤولين العرب بنفسه . كما انه يكشف الاسباب التي دفعته لتغير اسم ابيه من عليوي للسيد نوري . فالسيد نوري وهو من سكان الكرادة الاغنياء، مات ولم يخلف ذرية ، ويبدو انه كان وحيدا فوجد فيه حسن ضالته . يريد ان يستغل غياب السلطة في العراق والفوضى التي سادت الدولة العراقية لينهب مخلفات السيد نوري . كما ان الانتساب للسيد نوري يخلص حسن من عقدة الدونية ، ومن عليوي هندش ، الذي تنقل في عمله من جندي هندي في القوات البريطانية – شرطي في قوات الشبانة – خادم في جامع الرميثة – صباغ دور ومنازل ( كما عرفه هادي العلوي ) – فلاح وراعي مواشي في بدرة وجصان - كاتب حجب وتعويذات في الكرادة، صبي عند صيادي السمك . لاشك ان اسم السيد نوري يشرفه .
د . موسى الحسيني .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.