ربما يقترب الكاتب الصحفي راشد محمد الفوزان من تصريح وزير الإسكان ماجد الحقيل الذي ذكر فيه "أن أزمة السكن هي أزمة فكر"، حيث يرى الفوزان أن مشكلة السكن هي مشكلة " ثقافة ووعي"، مؤكداً أن المواطن متوسط الدخل وأقل لا يحتاج إلى مسكن مساحته 800 متر، لا يستغل إلا جزء قليل منه، بينما تظل باقي مساحة المسكن فارغة تمثل عبئاً في بنائها وصيانتها، مطالباً المواطن بالتوفيق بين احتياجاته السكنية وقدرته المالية. وفي مقاله "مرة أخرى مشكلة السكن (ثقافة ووعي)" بصحيفة "الرياض" يؤكد الفوزان أنه تحدث منذ عامين عن ثقافة السكن ويقول: "كتبتُ في أغسطس 2013 وتحت عنوان "ثقافة السكن يجب أن تتغير" ولقي ما لقي من تأييد أو رفض أو حياد، وهذا طبيعي مع الفوارق بين بني الإنسان تبعاً للمؤثرات المحيطة والقدرات التي لديه، اليوم أعيد المقال بصورة أخرى، بتوضيح وإسهاب أكبر بمعنى ومغزى "ثقافة السكن" وهي ليست كل المشكلة، فكل باحث عن السكن "أياً كان" يريد سكناً لا يقل عن 500 متر أو 600 أو حتى 800 متر، وأتحدث هنا عن متوسطي الدخل وأقل، أي من ينتظر الحصول على سكن باعتبار دخله لا يسمح وفق ظروفه وطبيعة حياته اليوم، أما القادر ماديًا فهو يتحمل تبعات السكن الذي يريد ويتحمل تكلفته، ونحن نعرف كل متر زيادة في السكن مكلف جدا ليس ببناء وتشييد بل ما بعد أي صيانة وغيرها . الآن حين نتحدث عن متوسطي الدخل وهو ما يقارب 8000 ريال شهريًا أقل أو أكثر قليلاً، هل صاحب هذا الدخل سيتحمل قسطًا سكنيًا لتمويل أو قرض لن يقل عن 500 ألف ريال وقد يصل لمليون ريال؟".
ويفسر الفوزان قائلاً: "ثقافة السكن المقصود بها هو تحقيق ما تحتاجه وفق قدراتك وإمكاناتك المادية أو تزيد قليلاً، غير ذلك سيكون عبئًا كبيرًا على طالب السكن، وسيقول قائل "كما يتردد" خفضوًا الأراضي وستنخفض التكلفة، ولنقل نعم ستنخفض كم؟ الوحدة السكنية بمليون ريال انخفضت حتى 30% على فرض ذلك، يعني 700 ألف ريال هل سيتحمل منزلاً لا تقل مساحته عن 300 متر، هذا إن وجد بهذا السعر؟ خاصة أن الأسر حالياً حين يكبر الأبناء يذهبون بمنازل مستقلة فمن سيبقى بهذه الوحدة السكنية الكبيرة ؟!".
ثم يشرح الفوزان أعباء المسكن الضخم قائلاً: "أهمية القناعة بالسكن مهمة، فلا تعرف تكلفة السكن من تنظيف وصيانة إلا بعد السكن وهي مكلفة، وصغر الوحدة وفق الاحتياج، فبيوتنا ووفق دراسات ومهندسين أي الفلل 40% منها مساحات مهدرة، ولنسأل أنفسنا: "مجلس الرجال ومجلس الطعام "مقلط"، والأحواش والسطح وغرف تحت إضافية وغيرها "كم مرة تستخدم بالسنة؟!.. وكم يكلف كل ذلك تنظيفاً وصيانة وكهرباء وغيره؟".
ويضيف الكاتب: "لا أقول إلا أن يحاول الباحث عن السكن أن يبحث وفق إمكاناته وقدراته والأهم يستغل كل متر بسكنه لا تترك فراغات تكون مكلفة بالشراء أو الصيانة والكهرباء وغيره، كذلك أهمية عدم التشدد بموقع محدد ومكان محدد، وإن حصل على سكن وعمل خارج المدن الكبرى فهو أفضل لمن يريد مستقبلاً يستطيع أن يدخر منه وأسعار أقل، وطبعاً اتفهم الجميع يريد بجانب أسرته ومن يحب، ولكن هل تملك القدرة على تحمل تكاليف كل ذلك مالياً؟!".
وينهي الفوزان قائلاً: "ثقافة السكن والوعي بها هي أن يكون هناك تناغم وفهم واستيعاب حقيقي بين قدراتك وإمكاناتك المالية، وما يمكن أن يتاح من خلاله، وإلا فالطموحات كبيرة ولا سقف لها. والمقارنة مع القادرين غير منصفة لأنهم مستعدون لتحمل تكاليف باهظة جدا وهذا شأنهم، ولن يكون الناس سواسية فتلك سنة الله في خلقه".