نظام موحد لإدارة وصيانة الطرق    تسلما تقريرها السنوي.. أمير الشرقية ونائبه يثمنان إنجازات"مدن" الصناعية    «المصافي الآسيوية» تتجه لشراء النفط من خارج الشرق الأوسط    ارتفاع سوق الأسهم    إيداع مليار و42 مليون ريال في حسابات الدعم السكني    آفاق جديدة للطلاب في الذكاء الاصطناعي    رغم موافقة حماس على صفقة جزئية.. نتنياهو يصر على التصعيد العسكري    وهم الديموقراطية    اتهم أمريكا بمحاولة إخضاع إيران.. خامنئي: طهران ترفض مطالب واشنطن    اللجنة العليا للانتخابات في سوريا: مقاعد الرقة والحسكة والسويداء ستبقى شاغرة    ولي العهد يتوج فريق فالكونز السعودي بلقب كأس العالم للألعاب الإلكترونية 2025    وزير الاستثمار يبدأ زيارة رسمية إلى بكين.. السعودية والصين تعززان الشراكة الاقتصادية الإستراتيجية    تداعيات السوبر لم تهدأ.. الأهلي.. طلبوه فعاد بطلاً وكان صمته ذهباً    خادم الحرمين يتلقى رسالة من الرئيس المصري    وجه رسالة للطلاب مع انطلاقة العام الدراسي.. البنيان: منظومة التعليم تواصل تجديد التزامها بقيم الانتماء الوطني    فهد بن سعد: حملة «الدم» تجسد أسمى معاني التكافل والمسؤولية الاجتماعية    62 مليون ريال لنظافة أحياء بريدة    "سعادة" تقدم 19 جلسة نفسية    «الحرس»: إنقاذ مقيمين من «غدر» البحر    «النيابة» : نظام حماية الطفل يكفل صون جميع حقوقه    أمير الباحة: مستقبل الأوطان يُصنع بعقول أبنائها    وفد طلابي صيني يزور قرية جازان التراثية    «بلد سوشل» ينطلق في «جدة التاريخية»    ناهد السباعي بين «هيروشيما» و«السادة الأفاضل»    المواهب الحرة بين الحلم والواقع    المسافر سفير غير معلن لوطنه    نصح الطلاب باستثمار الوقت.. المفتي: التعليم أمانة عظيمة.. كونوا قدوة صالحة    بريطاني.. لم ينم منذ عامين    عروس تصارع الموت بسبب حقنة تجميل    أول علاج من نوعه يتم اعتماده..«الغذاء والدواء»: تسجيل«تيزيلد» لتأخير مرض السكري من النوع الأول    غدًا.. ختام المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور 2025    الأنظمة التصحيحية تغلق 120 ألف منشأة    12 بطولة خسرها رونالدو مع النصر    بلغ السيل الزبا!    ولي العهد يُتوّج "فالكونز" بلقب كأس العالم للرياضات الإلكترونية للمرة الثانية    روسيا تتهم أوكرانيا: مسيراتكم استهدفت محطة نووية    كيم جونج أون يشرف على اختبار صواريخ دفاع جوي جديدة    هجمات إسرائيل تلاحق الجوعى    مركز الملك سلمان للإغاثة يختتم مشروعَين طبيَّين تطوعيَّين في دمشق    منسوبو إمارة جازان يشاركون في الحملة الوطنية السنوية للتبرع بالدم    موسم العمرة يشهد تدفقًا متزايدًا للمعتمرين والقاصدين للمدينة المنورة    تعليم جازان يستقبل أكثر من 351 ألف طالب وطالبة مع بداية العام الدراسي 1447ه    توثيق أكثر من 84 ألف طائر و 1200 كائن بحري في المملكة    خادم الحرمين يتلقى رسالة خطية من الرئيس المصري    نائب أمير منطقة مكة يستقبل مدير الدفاع المدني بالمنطقة السابق    نجاح عملية تحويل مسار نوعية لمريضة بسرطان متقدم في تخصصي بريدة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تترجم 24 قصة للأطفال إلى 3 لغات عالمية    الصندوق العقاري يودع مليارا و42 مليون ريال في حسابات مستفيدي برنامج الدعم السكني لشهر أغسطس    تجربة طبية في ملبورن تقلّص أورام الدماغ منخفضة الدرجة بنسبة 90%    برعاية وزير الداخلية.. قوات أمن المنشآت تحتفي بتخريج 208 متدربين من الدورات التأهيلية    نائب أمير مكة يؤدي صلاة الميت على والدة الأمير فهد بن مقرن بن عبدالعزيز    وزارة الشؤون الإسلامية واثقة الخطوات    محمد أسد بين النسخة الأوروبية والتجديد الإسلامي    6808 قضايا نفقة خلال شهرين.. المحاكم تنصف المطلقات وتحمي الأبناء    نائب أمير الشرقية يعزي الشيخ عبدالرحمن الدوسري في وفاة شقيقه    أمير حائل يهنئ الطلاب والطالبات ببدء العام الدراسي ويؤكد دورهم في تحقيق رؤية 2030    أحداث تاريخية في جيزان..انضمام جازان للحكم السعودي    قصة كلمة خادمنا من الملك سلمان إلى أمير عسير    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



توثيق الدروب القديمة بين السراة وتهامة بمنطقة الباحة
نشر في الرياض يوم 01 - 07 - 2025

تُعد منطقة الباحة، الواقعة في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية، ملتقى طبيعياً بين الجبال والسواحل، إذ تتوسط مرتفعات السراة وسهول تهامة. وقد منحها هذا الموقع الجغرافي سمات مميزة جعلتها ملائمة للاستيطان البشري منذ عصور ما قبل التاريخ، مروراً بالعصر الإسلامي، وحتى العصر الحديث. وتُعد الباحة بحكم موقعها وتضاريسها نقطة عبور استراتيجية لقوافل التجارة والحج، مما أدى إلى نشوء شبكة من الدروب القديمة تربط بين السراة وتهامة عبر المنحدرات الجبلية.
في هذا السياق، شُكّلت الدروب القديمة في جبال السراة بالباحة -والتي تُعرف محلياً ب"العقاب"- كحلقات وصل بين مناطق السراة المرتفعة وبلاد تهامة المنخفضة، حيث تمر عبر الأودية والجبال، وتتوزع على امتداد المنطقة لتيسير الانتقال بين القرى والمدن في ظروف مناخية وجغرافية متنوعة. وقد نشأت هذه الدروب القديمة لأغراض اقتصادية وتجارية وزراعية، فضلاً عن دورها التاريخي في ربط المناطق ببعضها، ونقل السكان من المدن والقرى المرتفعة شديدة البرودة إلى بطون الأودية ومنها وادي الخيطان ووادي دوقة ومحافظتي المخواة وقلوة الأكثر دفئًا.
انطلقت أعمال المسح الأثري والتوثيق العلمي للدروب القديمة (العقاب) بين السراة وتهامة في منطقة الباحة، وكان من أهم أهداف المسح: حصر جميع الدروب القديمة الواقعة بين جبال السراة وتهامة، وتوثيق مواقعها الجغرافية، والتعرف على عناصرها المعمارية والوظيفية، وتوثيق خصائصها التاريخية والبيئية، وجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات لدعم الدراسات المستقبلية حول حركة النقل القديمة في المنطقة، وإبراز الأهمية التاريخية والحضارية للدروب كشبكة نقل تقليدية، لها أبعاد اقتصادية واجتماعية ودينية.
وفي سبيل ذلك، تم تنفيذ أعمال حصر ميداني شمل جميع المواقع الممكنة من جنوب غربي محافظة بلجرشي إلى أقصى جبال السراة شمال غربي محافظة المندق، ضمن القطاعين الجبلي والتهامي من المنطقة.
عقب الانتهاء من أعمال المسح الميداني، قام الفريق بزيارة كل درب من الدروب وتوثيق استماراته المعتمدة، وتسجيل بيانات دقيقة شملت: عناصره المعمارية، وخصائصه الجغرافية، وتضاريسه. وتفاوتت المسافات التي سارها الفريق بحسب وضع الدرب، تصل مابين 500م إلى 900م.
وقد بلغ عدد الدروب المكتشفة 35 دربًا قديمًا، توزعت جغرافيًا كالتالي: مدينة الباحة: 11 دربًا، وهو العدد الأكبر في المنطقة، محافظة المندق: 10 دروب، محافظة بلجرشي: 8 دروب، محافظة بني حسن: 6 دروب، ومحافظة الحجرة: 5 دروب.
أظهرت النتائج أن غالبية الدروب المكتشفة لم تكن ممهدة بالكامل، بل تمثلت في مسارات تقليدية وعرة محفورة في الصخور أو ممهّدة بوسائل بدائية. واستخدمت في بنائها الحجارة الجبلية المحلية، وظهرت فيها بعض العناصر المعمارية مثل الأكتاف والجدران الساندة والاستراحات الجانبية.
وقد تراوحت اتساعات هذه الدروب بين 80 سم و1.3 متر، بحسب طبيعة الاستخدام. كما تبين أن بعضها كان مخصصاً لسير الدواب والجمال، فيما صممت أخرى لتُستخدم من قبل الأفراد سيراً على الأقدام.
أشارت نتائج المسح إلى أن الدروب القديمة "العقاب" تمثل نماذج أصيلة من شبكات النقل القديمة، وقد استُخدمت لأغراض متعددة أبرزها التجارة والتنقل الموسمي ونقل المؤن والمحاصيل. واعتمد بناؤها على الحجارة المحلية، وراعى المنشئون الانحدارات والانحناءات لتسهيل حركة القوافل والمشاة، ما يبرهن على مستوى متقدم من المعرفة الجغرافية والبنائية.
ويُرجح أن تاريخ إنشاء هذه الدروب يعود إلى بدايات العصور الإسلامية، أي ما يزيد على 1000 سنة، وفقًا للمقارنات الأثرية والمرجعية التاريخية التي وردت في الدراسات ذات الصلة.
تشير المعطيات إلى تشابه دروب "العقاب" في الباحة مع درب "أبا القد" الأثري بمنقطة جبال طويق، والذي يُعتقد أن تاريخه يعود إلى ما قبل عام 1400م. ويُعد "أبا القد" من المسارات القديمة التي استخدمتها القوافل في طريقها إلى مدينة الرياض من الغرب، ويمتد لمسافة 1000م، ومرّ بعدد من مراحل الترميم آخرها في عهد الملك عبدالعزيز -طيب لله ثراه-، وأظهرت الأعمال أن كلا الدربين يتميزان بأهمية استراتيجية، ونشأا لخدمة أنماط النقل التاريخي والاقتصادي.
كما كشفت المقارنة مع درب "كرا" في محافظة الطائف -أحد دروب الحج القديمة- عن بعض نقاط التقاطع من حيث الوظيفة العامة، لكنه يختلف في تفاصيله المعمارية. حيث يتكون درب "كرا" من مسارين: أحدهما للمشاة والآخر للجمال، ويمر عبر وادي المحرم ثم جبال الهدا الشاهقة نزولًا إلى وادي نعمان. ويبلغ طوله حاليًا بعد أن جرى تعبيده نحو 75 كم. وتشير المصادر إلى أن الطريق استُخدم قديمًا من قبل الحجاج، وعرف عنه الوعورة وكثرة المرتفعات، ما يجعل خصائصه تختلف عن دروب "العقاب" في الباحة التي أظهرت استراحات جانبية واضحة وانحناءات أكثر سلاسة في بعض المواقع.
إن النتائج التي توصل إليها هيئة التراث من خلال هذا المسح الشامل تسهم في إعادة إحياء ذاكرة المكان، وتؤكد أن منطقة الباحة لعبت دورًا محوريًا في تاريخ الطرق القديمة في الجزيرة العربية. وتأتي هذه الجهود استكمالًا لمشاريع التوثيق الوطني التي تهدف إلى إبراز الموروث الثقافي للمملكة، وتعزيز حضورها التاريخي في ممرات التجارة والحج، وتقديمه كمرجع علمي للأجيال القادمة.
جزء من درب «عقبة» نعاش
جزء من درب «عقبة» الأبناء
باحثون ميدانيون يوثقون مواقع الدروب القديمة «العقاب»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.