تُعد الحروب من الظواهر التاريخية التي صاحبت الإنسان منذ فجر التاريخ، حيث كانت دائمًا محورًا للنقاش والتساؤل حول مدى ضرورتها أو عبثيتها. فهل هي ضرورة لتحقيق مصالح أو حماية أمة، أم أنها مجرد عبث يهدد حياة البشرية ويُهدِّر مواردها؟ في بعض الأحيان، يُنظر إلى الحروب على أنها ضرورية للدفاع عن الوطن أو لتحقيق العدالة، أو حتى لتغيير أنظمة ظالمة. فمثلاً، الحروب التي خاضتها بعض الدول للدفاع عن استقلالها أو لمواجهة تهديدات خارجية تُعد أحيانًا ضرورة لا مفر منها، خاصة إذا كانت الوسائل السلمية قد فشلت في تحقيق الأهداف. كذلك، يُنظر إلى الحروب على أنها وسيلة لتصحيح الأخطاء التاريخية أو لإعادة التوازن في القوة على المستوى الدولي. كما يرى بعض المفكرين أن الحروب كانت دائمًا جزءًا من تطور الحضارة، حيث انها دفعت البشرية إلى الابتكار والتقدم التكنولوجي، وخلقت فرصًا لإعادة تنظيم المجتمعات بشكل أكثر عدالة، على الرغم من الأثمان الباهظة التي تُدفع. وعلى الجانب الآخر، هناك من يرى أن الحروب لا تبررها أي ضرورة، وأنها في أغلب الأحيان عبثية ، وتدمر الإنسان والطبيعة على حد سواء. إذ تُهدِّر الموارد الاقتصادية، وتُهلك الأرواح، وتترك أثرًا نفسيًا عميقًا على الناجين، فضلاً عن أنها تُعقِّد العلاقات الدولية وتُؤذي سمعة الدول. وتُظهر العديد من الدراسات أن معظم الحروب تنجم عن مصالح ضيقة، أو عن نزاعات على السلطة، وليس عن ضرورة حتمية. فهي غالبًا ما تكون نتيجة للجهل، والتعصب، والطمع، وليس لضرورة حتمية، مما يجعلها ظاهرة غير مبررة في نظر الكثيرين. ومن الواضح أن الحروب تحمل في طياتها جوانب من الضرورة أحيانًا، خاصة عندما يكون الدفاع عن النفس أو تحقيق العدالة هو الهدف، ولكنها في المقابل، غالبًا ما تكون عبثية ومدمرة، عندما تتخذ شكل نزاعات غير مبررة، أو عندما تتسبب في معاناة إنسانية هائلة دون أن تحقق نتائج إيجابية دائمة. لذلك، فإن السعي نحو السلام، والحوار، والتفاهم بين الشعوب، هو الخيار الأمثل لتجنب الحروب، والحد من آثارها المدمرة، والتأكيد على أن الإنسان يجب أن يسعى دائمًا لتحقيق التقدم والازدهار بطرق سلمية، بعيدًا عن عبثية الصراعات المسلحة. د. أحمد عبدالقادر المهندس