طالَب أكثر من 200 مواطن سعودي، يعملون كعسكريّين بدولة الكويت بصرف كامل مُستحقَّاتهم المادية، ومساواتهم ببقية المواطنين الخليجيين. وبيَّن المحامي أحمد بن حايف الظفيري، المُترافِع عن قضية ل 200 سعودي ل سبق أن وزارة الداخلية الكويتية يعمل بها مئات من السعوديين كعسكريين منذ ستينات القرن الماضي، وباعتبارهم غير كويتيين، فإنهم عند نهاية خدمتهم لا يتقاضَون معاشاً تقاعديّاً، وإنما يتقاضَون مكافاة نهاية خدمة، وبعد تحرير الكويت من الاحتلال العراقي أمر مجلس الوزراء الكويتي بصرف رواتب فترة الاحتلال كاملة لجميع الكويتيين والخليجيين العاملين في وزارات الدولة، وقد تمَّ تنفيذ ذلك في جميع وزارات الدولة، باستثناء السعوديين العاملين في وزارة الداخلية، حيث صُرِف للبعض منهم، ثم امتنعت وزارة الداخلية هناك عن الصرف للبقية، دون مُبرِّر قانوني، ثم جاءت بعد ثمان سنوات، وقامت باستعادة ما صرفته لهؤلاء السعوديين، ودون مُبرِّر قانوني أيضاً، وبحجة أنه صُرِف بغير وجه حق، فطلب أحدهم من وزارة الداخلية بكتاب رسمي استفتاء إدارة الفتوى والتشريع التابعة لمجلس الوزراء، والتي أصدرت فتوى بثبوت حقهم بهذه الرواتب، إلا أن الوزارة تجاهلت ذلك. وأشار الظفيري بأن مكافأة نهاية الخدمة التي تم الأمر بها أكثر مأساوية، وتتلخَّص في أن القانون يُعطي الوزارة الحق في إصدار عقود إدارية، تُطبِّقها على غير الكويتيين، ولا جدال في ذلك، فأصدر وزير الداخلية في وقت سابق، وتحديداً في عام 1981م عقداً إداريّاً يُطبَّق على جميع غير الكويتيين، ولا خلاف على ذلك، إلا أن الخلاف يقوم وبشدة حين يتمَّ تطبيق عقد إداري أصدره وزير الداخلية بعد تحرير البلاد، وتحديداً في عام 1991م، وذلك فقط ليُطبَّق على ما اصطُلِح على تسميتهم بالبدون أو- غير مُحدّدي الجنسية- والذي تعمَّدت فيه الوزارة تقليص مكافأة نهاية خدمة هؤلاء؛ بهدف دفعهم إلى تحديد جنسياتهم، إلا أن الوزارة أصبحت تُطبِّقه على السعوديّين، كذلك وبدون مُبرِّر قانوني. وقال المحامي: إن خمسة عشر مواطناً قاموا بتوكيله بعد أن انتهت خدمتهم في الوزارة، وقام برفع دعوى قضائية وكسبها، واستلم المواطنون كامل حقوقهم المسلوبة، "والمُتمثِّلة في رواتب فترة الاحتلال، وما اقتُطِع من مكافأة نهاية الخدمة، والذي يزيد عما صرفته لهم الوزارة طوعيّاً بكثير"، وتم إصدار الحكم في كافة درجات القضاء الكويتي، بَدءً من المحكمة الكلية، مروراً بمحكمة الاستئناف العليا، وانتهاءً بمحكمة التمييز أعلى درجات القضاء هناك، وصولاً إلى استلام حقوقهم وتسليمي إياها. وأشار الظفيري بأن كسبنا للقضية مثَّل لبعض قيادات إدارة الشؤون القانونية بوزارة الداخلية هناك خسارة كبيرة مِن خَصم هزيل، لم يحسب له أي حساب، حصلت أحداث بعضها مُتوقَّع مثل انتهاء خدمة عشرات آخرين من السعوديين العاملين بالوزارة أثناء نظر الدعاوى الخمسة عشر الأول وقيامهم مع زملائهم المُتردِّدين، بتوكيلي لاسترداد حقوقهم المسلوبة، حتى جاوز عددهم المئتين، وعند رفْع هذا العدد أصبح مُزعِجاً جدّاً على وزارة الداخلية الكويتية، وتحديداً على إدارة الشؤون القانونية التي انقلبت على الأحكام القضائية للحالات اللاحقة للخمس عشرة حالة الأولى بشكل لا يحمل أي منطق .
وأضاف المحامي الظفيري أن المنهج الجديد للقضاء لم يقف في أحكامه عند تكريس سلب حقوق هؤلاء فقط، بل إنه دخل مدخلاً ألزم به نفسه بأن يحكم ضد هذه الحالات اللاحقة بأن يدفعوا للوزارة مبالغ مما صرفته لهم الوزارة طوعياً، أي بمعنى آخر قرَّر القضاء الكويتي أن وزارة الداخلية صرفت للحالات اللاحقة أكثر مما يستحقون، وحُكِم عليهم بردِّها، وهو نفسه الذي حكم للخمس عشرة حالة الأول بأنهم أخذوا أقل مما يستحقون. وهذا مُخالِف للعقود الإدارية التي أصدرتها وزارة الداخلية، واستمرت في تطبيقها واقعيّاً منذ عام 1981 بما يُجاوز ربع قرن، وهذا التطبيق الفعلي يحمل تفسيراً لأي غموض فيها، ويجد سنده ومشروعيته في القانون الذي فوَّض الوزارة في إصدار هذه العقود، وهذا يُشكِّل عرفاً إداريّاً مُلزِماً، سحقه القضاء الكويتي وأصبح المواطنون المُعوَّضون مُلاحقين بإجراءات تنفيذ لردّ هذه المبالغ التي لا يملكونها؛ إذ لا يتصوَّر أن شخصاً تُجاوِز الستين، وغالباً عائل لأسرة كبيرة العدد، انقطعت موارده المالية سوى من مكافأة نهاية خدمة يرى أنها أقل مما يستحق، وينتظر أكثر منها من خلال دعوى قضائية استمر نظرها أمام القضاء عدة سنوات، يملِك شيئاً من المال يفي بقيمة ما أصبح حقوقاً مالية للوزارة بذمَّته، وبالتالي أصبح هؤلاء المواطنون السعوديون محبوسين داخل دولة الكويت؛ بسبب منعهم من السفر، أو عرضة للضبط والحبس أو حجز سياراتهم وممتلكاتهم الشخصية كإجراءات تنفيذ بحسب القانون الكويتي.