ناولت أم عبدالله سائق سيارة الأجرة عشرين ريالاً ثم أمسكت يد ابنها الصغير ودلفت بوابة ديوان المظالم مستبشرة للقاء قضاة الدائرة القضائية المعنية بالفصل في قضيتها التي طال انتظارها. وقفت أمام الحاجز الأمني مرة واثنتين حتى سمح لها بالدخول .. هنا تحدث لها رجل الأمن مستفسراً عن سبب المجيء، فبادرته بتسليمه ورقة الموعد بالدائرة القضائية الإدارية الخامسة، فاعتذر لها مسؤول الأمن بلطف، مفيداً أن جميع قضاة الدائرة غير موجودين لالتحاقهم بدورة تدريبية خارج مدينة الرياض !! أسقط في يد أم عبدالله، وأخذت تلتفت يمنة ويسرة لعل أحدهم يرأف بحالها ويساعدها .. ثم سألت بصوت يدعو إلى الشفقة عن المسؤولين في الديوان لرفع شكواها لعلهم ينقذونها من هذا الموقف الذي لا يحتمل، خصوصاً قد تكبدت عناء المجيء للديوان من مكان بعيد ! فردَّ رجل الأمن بالاعتذار لها، وأشار إلى أن جميع المسؤولين موجودون بمحافظة الطائف خلال فترة الصيف، وعليها الانتظار إلى ما بعد عيد الفطر إن شاء الله !! تراجعت أم عبدالله القهقرى وأمسكت بيد ابنها وهي تردد (إنا لله وإنا إليه راجعون) وخرجت من البوابة مثلما قدمت، تسير تحت لهيب الشمس تبحث عن سيارة أجرة توصلها إلى بيتها . "سبق" تأكدت من مصادرها أنه وخلال الأسبوعين الأخيرين توقفت أكثر من عشر دوائر قضائية عن العمل لالتحاق رؤسائها وأعضائها القضاة في دورات تدريبية في عدد من مناطق المملكة، وأشارت المصادر إلى تأجيل ما يزيد على 250 جلسة قضائية عن موعدها المقرر لها سلفاً نتيجة التحاق القضاة بالدورات التدريبية خلال الأسبوعين الأخيرين فقط .