لسان حالها يردد "متى تفرج..متى تفرج" بهذه الكلمات استقبلت السبعينية عليّة "سبق" في منزلها الذي لم يُكمل إنشاؤه ، نوافذه قِطع قُماش ممزقة نافذاً منها الضوء، أبوابه ألواح خشب متآكلة.
وفي إحدى غرف المنزل المتهالكة يقع أحد أبنائها والذي يعاني مرضاًَ نفسياً شديداً منذ عدة سنوات، وفي الغرفة الأخرى ممتد ابنها الأصغر على كرسي خشبي دون فراش وهو يعاني الآخر المرض نفسه، ويحتوي مطبخ المنزل على قدور فارغة متراصة على لوح خشبي، وبراد شاي لم يوضع على نار منذ عدة أشهر، دورة مياه المنزل دون مياه كونها عبارة عن مجموعة بلك متراصة فوق بعضها .
وبدأت "عليّة" حديثها قائلة: للأسف تخلى الحظ عني وأبنائي ولم يستطع فاعل الخير إكمال بناء المنزل بعد فرحنا بنبأ تبرعه بعد أن تفاعل معنا أمير المنطقة حيث كنا نسكن القش في أرقى أحياء جازان كون الأرض ملكاً لزوجي، وتشبثت بحقي في الحياة فعشت حياة بدائية وأبنائي على هامشها، نفترش أرضاً خاوية من أبسط مقومات الإنسانية .
صمتت قليلاً ثم استكملت حديثها قائلاً : أدمى قلبي مشاهدة أبنائي يبكون من مرضهم وحرارة الجو فلا جدران تقينا ولا كهرباء تنير أيامنا، طحنتنا الأيام في تروسها وكتب القدر لي أن يهجرني النوم . وتمنت أن تصبح "سبق" شعاعاً مضيئاً يمنح الدفء لأسرتها بعد معاناة مريرة أفقدتهم بعض معاني الإنسانية، "سبق" بدورها تواصلت مع عددٍ من المقاولين والمكاتب الهندسية بجازان وتم معاينة المنزل وقُدر إكماله كاملاً بمبلغ 150 ألف ريال .