بدأت بعض المؤسسات والمحلات التجارية التي دمرتها السيول في تسريح موظفيها، وأضحت البطالة الشبح المرعب الذي يطارد منكوبي السيول، حيث فقد عدد من الموظفين والعمال وظائفهم، فيما أصبح ما يقارب 3 آلاف شخص مهددين بالعطالة، وذلك بعد إغلاق بعض المحلات التجارية والشركات والمؤسسات العاملة في تلك الأحياء المتضررة، حيث لحقت الخسائر المباشرة بنحو 6 آلاف محل. ووفقا لتقرير أعدته الزميلة سامية العيسي ونشرته "الوطن"، رجح عدد من أصحاب المحال التجارية المتضررة بقويزة وشرق الخط السريع وغليل وبريمان وكيلو 14 صعوبة تعويض ما فقدوه، ووصف كل من محمد خان، أيوب المري، علي الغامدي ومحمد فوقس الوضع الذي آلت إليه تجارتهم بالريشة التي وضعت في مهب الريح. وقال بعضهم :إنه فقد تجارة يتجاوز رأسمالها 100 ألف ريال، وليس لديه أي مال لإعطاء رواتب الموظفين، وسيقوم بتسريح جميع عمالته إلى أن يأتيه تعويضا يمكّنه من العودة مرة أخرى لممارسة نشاطه التجاري. وأوضح أحد الممارسين لتجارة مواد البناء أنه سرّح عماله إلى أجل غير محدد لفقده تجارته، وأشار صاحب مطعم إلى أنه سرّح طباخيه ومستخدمين يعملون لديه لعدم تمكنه من دفع أي رواتب لهم. أما محمد مري - رجل أعمال - فحصر الأعداد التي يمكن أن تطالها البطالة ب 35 ألف عامل، مؤكداً أن كارثة جدة ألحقت خسائر بكثير من المنشآت التجارية، متوقعا أن تسحق البطالة عددا كبيرا من أصحاب الأعمال. وأبان تاجر حاسب آلي أن السيول لم تغرق تجارته، لكن تناولتها أيدي السارقين، وقال إنه فقد أكثر من 150 ألف ريال كأجهزة كمبيوتر وجوالات، ففكر على الفور في تسريح موظفيه. وفي تفسيره لارتفاع نسبة تسريح العمالة بعد فاجعة جدة رأى الخبير الاقتصادي الدكتور علي دقاق أن البطالة الواقعة بعد الفاجعة ما هي إلا بطالة مؤقتة، ولن تؤثر كثيرًا على سوق الأعمال بقدر ما ستؤثر على المجتمعات الواقعة في المناطق المنكوبة،وهذا لن يضيف كثيرا للنسب الإحصائية الحالية للبطالة. وقال إن الخسائر المتوقعة ستلحق بأصحاب الأعمال والموظفين معا، معتبرًا أن هذه من الكوارث الطبيعية. وأوضح أن تقديرهم للخسائرلن يتجاوز ال 2 مليار ريال، ولاحقا ستعنى شركات التأمين بتعويض المنكوبين وفاقدي أعمالهم، وقد يستمر الوضع لأشهر قليلة مستقبلًا . من جانبه، علل الكاتب الاقتصادي جمال بنون ارتفاع نسبة تسريح الموظفين جراء سيول جدة لإنهيار الأعمال من أساسها، وهو ما سينعكس سلبًا على النشاط الاقتصادي بالمناطق المتضررة، مشيرًا إلى أن جميعها أحياء شعبية وغالبية سكانها من ذوي الدخل المحدود، وأيضا من الفقراء والذين يمارسون مهناً أو حرفًا وأعمالا بسيطة من أجل توفير لقمة العيش. وتوقع أن يبلغ حجم الخسائر التي لحقت بالأفراد والممتلكات الخاصة إلى نحو ملياري ريال، وهي قيمة تلفيات سيارات تزيد عن 6 آلاف سيارة، وما يزيد عن 1400 عقار تهّدم الكثير منها، بالإضافة إلى الأجهزة المنزلية التي جرفتها السيول، فضلا عن الأرواح التي زهقت، إضافة إلى التأثر النفسي والصحي الذي لحق بالأسر. من ناحية أخرى شدد الإستشاري النفسي الدكتور علي الزائري على سرعة تدارك الوضع، وتوفير فرص عمل لأولئك الذين فقدوا أعمالهم، معتبرا الكوارث الاقتصادية ستؤثر سلبًا على المجتمع الأسري، وتتمحور في نشوء خلافات اجتماعية.