يومٌ عظيم أمام ربٍّ كريم عفو رحيم، يقف اليوم قرابة مليون ونصف المليون حاج من الداخل والخارج ومن مختلف أنحاء العالم لإكمال دينهم لتأديتهم لركنهم الخامس للإسلام، يتساوون أمام الله في المقام والملبس والمطلب والمكان داعين رباً واحداً، مقتدين بسنة نبيهم سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، ترعاهم القدرة الإلهية، ويخدمهم ملك وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية؛ الذين سخروا جميع الإمكانات لخدمة ضيوف الرحمن من جميع أنحاء العالم. والحقيقة على أرض الواقع تؤكد أن هناك إنجازا وعملا عظيما أنجز منذ تأسيس المملكة العربية السعودية حتى اليوم؛ متمثلاً في توسعة الحرمين الشريفين وتطوير المشاعر المقدسة وتقديم أحدث التقنيات لخدمة حجاج بيت الله الحرام ابتداء من وصولهم جواً وبراً إلى أدائهم لركنهم الخامس حج بيت الله. لقد سُخرت جميع الإمكانات المالية والبشرية دون ضوابط وحدود لتطوير الخدمات المقدمة للحجاج، حتى أنني أجزم أن العديد من هذه الخدمات لا تتوفر في بلاد القادمين منها أو في بعض بلاد العالم. إن إدارة مليون ونصف مليون حاج من مختلف الثقافات في فترة زمنية محدودة وفي منطقة جغرافية محدودة ولفئة عمرية متقدمة من الحجاج، يعتبر معجزة إلهية لا تقارن، ولا مثيل لها ولا يمكن مقارنتها بمدن الملاهي التي يزورها الميسورون والمثقفون وبلغة متشابهة. وقد سخرت حكومة المملكة العربية السعودية هذا العام أكثر من مئة ألف موظف لخدمة مليون ونصف مليون حاج غير عدد من الأشخاص المتطوعين وغير الأعداد الكبيرة في مؤسسات الطوافة. وتقدم أمانة العاصمة المقدسة أكثر من 13 ألف شخص لخدمة نظافة مكة والمشاعر المقدسة وعشرات الآلاف ممن يخدمون الحجيج ينتمون إلى قطاعات أمنية وصحية وتعليمية ومن رئاسة الحرمين والوزارات الخدمية الأخرى. وقد يتساءل البعض عن النظام اللوجيستي الذي يستخدم لضمان جودة العمل لخدمة مليون ونصف مليون حاج في ثلاثة أيام، وما هي القدرات المتاحة لخدمتهم في مختلف المجالات، وعلى وجه الخصوص الغذاء والصحة والنظافة والأمن على رأسهم. والحقيقة هي فعلاً قدرات وطنية متميزة من ذوي الخبرة والمهارة والخلق العالي تؤمن بخدمة حجاج بيت الله مقتدين بذلك بقائدهم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهي قدرات متنوعة في مختلف المجالات. إن هذا الجهد العظيم الذي تقدمه حكومة المملكة العربية السعودية يدفعنا نحن حجاج بيت الله الحرام أن نحرص على أداء هذا الركن المكمل لديننا دون جرح له، بعيدين عن تسييس حجنا، وبعيدين عن الأحقاد والضغائن، متآخين، مسالمين، أتينا للحج وليس لغيره، شاكرين الله عز وجل على نعمه بأن أكرمنا بالقدرة على الحج، شاكرين لحكومة المملكة العربية السعودية حرصها على أمننا وتسهيل حجنا ورعاية حجاج بيت الله حتى أصبح الحج رحلة سفر لأداء فريضة بيسر وسهولة وعودة بأمن وسلامة لأهلنا وأوطاننا بعد أن كان الحاج في الماضي يسافر للحج مودعاً أهله وداع مسافر دون عودة. دعونا حجاج بيت الله نترك خلافاتنا وأحقادنا وخلافات دولنا السياسية ونتفرغ لعباداتنا ونكمل حجنا لا رفث ولا فسوق ولا جدال. ونسأل الله سبحانه أن يحفظ لبلاد المقدسات أمنها واستقرارها، وأن يحفظ المسلمين من الإرهاب والإرهابيين. إن الجهد العظيم لخدمة المسلمين، مثل الجهد الذي تقدمه حكومة المملكة العربية السعودية، جدير بالشكر والثناء والتقدير، ولا يعرف عظمة هذه الجهود إلا من يعايشها من خلال الحج والعمرة. [email protected]