صدر كتاب «جزيرة الشرق» للمؤلف جيري بروتون المحاضر الأول في دراسات عصر النهضة في كلية الملكة ماري بجامعة لندن. يبحث الكتاب عن ماهية العلاقات البريطانية في الشرق، وكيفية توجه أنظار الملكة إليزابيث للإسلام من أجل توطيد علاقاتها الخارجية مع دول الشرق وخصوصا الدولة العثمانية بعد فترة الصراع الدامي الكاثوليكي في أوروبا والمعروفة بحرب الثلاثين عاما. يشرح المؤلف بتفصيل أكبر عن مدى سعي الملكة الإنجليزية وقتها في تفرد وتمييز العلاقات ما بينها وبين السلاطين العثمانيين، الأباطرة في تركيا، والسعديين في المغرب في عهد السلطان عبدالملك السعدي، وبلاد فارس. لا شك في أن مثل هكذا أعمال تاريخية ضخمة تكون محط اهتمام وقراءة عميقة وتوقف من جهة أخرى أمام حقيقة هذه الفجوة الكبيرة ما بين ذلك الماضي الذي يشير إليه بروتون، وما بين الحاضر المأسوي إن صح التعبير الآن. تأثّر العصر الإلزابيثي والذي كان ممتدا ما بين عام 1558 - 1603تأثر كثيرا بالحضارة الإسلامية وقتها، وخصوصا في المطبخ الإسلامي والطعام من حيث البهارات والفستق، واللباس الذي أخذ خصوصية التطريز الدمشقي والتي كانت تتباهى به الملكة إليزابيث، السجاد التركي يلاحظ وقتها على البلاط الإنجليزي أيضا، والطابع الشرقي في المسرح كان حاضرا على خشبات مسارح إنجلترا، بالإضافة إلى تبادل القوة العسكرية ما بين الشرق والغرب والتفوق العكسري من خلال تجارة الأخشاب لبناء السفن والقصدير الذي كان يعتمد عليه العثمانيون في البنادق وطريقة رميها. العدو الكاثوليكي المشترك المتمثل بإسبانيا ما بين إنجلترا والشرق هو الدافع الأول لبناء هكذا علاقة وطيدة ما بين الشرق والغرب. ضعفت القوة العثمانية بعد أوج هذه العلاقات، ومن خلال المؤامرة التي وقعت بفعل رشوة بعض العثمانيين المتنفذين في السلطة. وأشار المؤلف أيضا إلى الكاتب العالمي شكسبير، ومدى اعتماده على التصوير الدرامي للعصر الإسلامي، والذي أخذ في شخصياته إحدى الشخصيات الدبلوماسية الشرقية آنذاك. «جزيرة الشرق» عمل فريد ومختلف ليس فقط لفهم العصر الإلزابيثي، بل أيضا يكشف للقارئ غطاء مهما وفي وقته عن حقيقة الإسلام وأنه كيف كان جزءا كبيرا من القصة الوطنية في إنجلترا.