أكد ل «عكاظ» مختصون في الشأن الاقتصادي أن العقبات التي تقف حجر عثرة أمام وزارة الإسكان في توفير مساكن للمواطنين تتمثل أبرزها في عدم توفر مساحة كافية من الأراضي في المدن الرئيسية. وقال عضو مجلس الشورى الدكتور خالد العقيل «إنه من غير الجيد أن نخترل جميع مشكلات عدم توفر المساكن في وزارة الإسكان لوحدها»، معللا ذلك بأنه يجب أن نشرك القطاع الخاص بكافة فعالياته والبنوك التجارية والمواطن في دائرة الحل، لأن المشكلة تتعلق بمساهمة الأطراف الثلاثة، كما أن أزمة المساكن لاتقتصر على المال وحده، بل تتمثل في عدم توفر مساحة كافية من الأراضي في المدن الرئيسية. وأضاف: يجب على وزارة الإسكان في المقام الأول أن لاتضع الأراضي التي تبعد عن المدن الرئيسية البعيدة عن النطاق العمراني ضمن خططه؛ وذلك لأن تلك المخططات تعد أراضي بيضاء بلا خدمات، وهذا لن يحل أزمة المساكن، لأن المسكن يجب أن تتوفر فيه الخدمات من «ماء، كهرباء، طرق مسفلتة». وزاد: يجب أيضا أن تكون خطط الإسكان لأكثر من عشر سنوات مقبلة، نظرا للزيادة في عدد السكان، حيث تتجدد الأزمة مع كل تزايد في تعداد السكان، لذلك لن تجدي الخطط الخمسية لوحدها. وحول دور البنوك، طالب العقيل أن تقوم البنوك بدورها في تيسير قروض الاستثمار، وبالتالي تساهم في عملية تشييد المساكن، مشيرا إلى أن المشكلة حاليا تكمن في أن الطلب أعلى من العرض، ما يحدث ارتفاعا مستمرا في السعر العام للعقار، وهذا يزول عندما يتجاوز المعروض من المساكن حجم الطلب عليها، وهنا ستنخفض الأسعار وبالتالي يستطيع المواطن امتلاك مسكن بسعر مناسب. وعن احتكار بعض التجار للمخططات والأراضي، قال: طالما أن التجار أو أصحاب العقارات يملكون مساحات كبيرة من الأراضي لم يطوروها، يجب تشجيعهم على تطويرها أو فرض الزكاة الواجبة لكسر الاحتكار ومنع الإضرار بالاقتصاد الوطني، لأنه بذلك يحرم مئات المواطنين من إيجاد المسكن المناسب. وعن سياسة التمويل البنكي الإضافي، قال: إن هذا التمويل قد يكون مناسبا لأصحاب الدخل المرتفع، ولكن السواد الأعظم من المواطنين هم من أصحاب الدخل المحدود الذين لا يمكنهم الاقتراض الإضافي، مطالبا وزارة الإسكان أن تدعم هؤلاء المواطنين بالقروض الميسرة جدا أو تدعهم ماليا بدون الاسترداد لفترات طويلة. من جهتها، أكدت المستشارة الاقتصادية وفاء بنت فهد أن وزارة الإسكان مطالبة بحلول جذرية وحقيقية بنفس الوقت، من أجل التقليل من التضخم المالي في أسعار العقار في المملكة. وأردفت: أن سوق الإسكان في المملكة تعاني من عدد من المشكلات، أبرزها النقص الشديد في المعروض، والزيادة المستمرة في أسعار الإيجارات والمضاربة على الأراضي غير المطورة، وطول فترة الحصول على التراخيص إلى جانب عدم توافر القدرة المادية بين معظم الشرائح التي يتركز فيها الطلب. وأضافت: أن نقص المعلومات الموثوقة يؤدي إلى صعوبة تحديد حجم الاحتياج في المساكن في المملكة التي من المتوقع أن تشهد نموا سكانيا بنسبة 2.1% حتى 2015م، وهو رقم يزيد كثيرا على المتوسط العالمي البالغ 1.1%. وزادت أن معظم الطلب على العقارات يتركز بين محدودي ومتوسطي الدخل، الذين لا يستطيعون برواتبهم الصغيرة التأهل للحصول على قروض مصرفية لشراء المنازل، وفي الوقت ذاته ينفقون جزءا كبيرا من الدخل على الإيجارات التي ترتفع بين 7 و10% سنويا، مؤكدة أن 45% من السعوديين غير مؤهلين للحصول على قروض. وبينت أن هناك فجوة بين العرض والطلب على المساكن، حيث إن الكثير من الدراسات تشير إلى أننا نحتاج إلى بناء 150 إلى 200 ألف وحدة سكنية سنويا على أقل تقدير لسد الفجوة بين العرض والطلب، والمؤشر الحقيقي هو انخفاض الإيجارات، وهو أمر لم يحدث حتى الوقت الراهن، بالإضافة إلى أن برامج الإسكان لم تنجح حتى الآن في تخفيض أسعار العقارات. وطالبت بحلول تتمثل في إيجاد شراكة بين الحكومة، بقدراتها المالية والدعم والأراضي، وبين القطاع الخاص بخبرته وقدرته على معرفة احتياجات السوق، كما تقترح إنشاء شركة حكومية تتخصص في التطوير العقاري تعمل بشكل أوثق مع القطاع الخاص، وأيضا يمكن حل الأزمة بفرض الضرائب على الأراضي غير المطورة، وهو أمر قد يساعد على الحد من المضاربات، وأيضا لابد من زيادة فترات سداد التمويل، وتغيير نظام البناء في المدن الكبرى ليشمل بناء شقق سكنية في أبراج متعددة الطوابق، مشيرة إلى أنه لا يمكن للمدينة أن تظل تنمو أفقيا، لأن ذلك سيخلق مشكلات تتعلق بالبنية التحتية.