عندما نتحدث عن صحافة الاحتراف، سوف نتلفت كثيرا ولن نجد أحدا، إلا من رحمه ربي ووفقه، ومن هذه القلة: عاشق لاحترافه، مجنون به، ومخلص له، ومتمكن منه، اسمه: علي فقندش. هذا ال«الفقندش» الذي لا نعرف متى ينام ومتى يصحو: عندما نشاهد صوره وهو في بواكير عمره، نجدها مع الفن والفنانين. وعندما نشاهدها وهو في عنفوان العمر، نجدها أيضا مع الفن والفنانين. وعندما نشاهدها الآن وهو في أوج عطائه، نجدها أيضا وأيضا مع الفن والفنانين. وفي كل المراحل، نجده متفردا، واحدا ووحيدا. علي فقندش، لا ينقل الأخبار، بل يصنعها. لا يجالس الفنانين، بل يغوص في أعماقهم. لا يسلق أحداث الفن، بل يضعها في مطبخه الخاص ويقدمها كأحلى الأطباق. لماذا؟؟ لأنه «تثقف» وأصر على أن يكون مثقفا فنيا. ونجح. ثم أصبح مرجعية في الصحافة الفنية، ليكون في النهاية موسوعتها دون منافس، مع كل التقدير لزملائه. علي فقندش يقرأ ويتذوق الشعر والرواية وكل أجناس الأدب والفكر والثقافة. يسمع كل شيء. ويحاول أن يستوعب ويستنتج شيئا منه. ثم يستجمع كل خبرته ليقدم منه شيئا متفردا. علي، حاضر دائما، إذا صدحت دانة في الخليج، أو تهادى مجس في الحجاز، أو تعالت عرضة في نجد، أو تمخطر «ربش» في الجنوب، أو تفتحت وردة صوت في مغرب العالم العربي أو شرقه، في كل الأحوال والحالات هو راصد ذكي، كما الجواهرجي الذي يفحص أي شيء يلمع. وأيضا، يحضر الفقندش كمؤرخ فني متمكن، ولولاه لما كانت بين أيدينا الآن موسوعة فخمة عن العظيم «ابراهيم خفاجي» الشاعر الذي قال قافية الوطن وتهادى إلى خبايا الوجدان في أعماق كل إنسان. وأيضا، لا «عكاظ» إلا بالفقندش، ف«صفقته» الشهيرة ملمح أصيل في تلك الصالة التي ينتشلها من توتر الجد إلى ضحكة المرح. لماذا أكتب عن علي فقندش؟ لأنه مثل يحتذى في الإخلاص للصحافة المتخصصة. ولأنه أذاب عمره من أجلها. ولأنه فنان في كل شيء. ولأني: أحبه من أجل كل ذلك، وغيره.