أنت تتمشى في حي الطندباوي، تشعر بالرهبة تسري في أعصابك، فالحي الذي يلفظ أنفاسه الأخيرة جراء عملية الهدم والإزالة لمشروع التطوير، أصبح على حد وصف بعض سكانه الذين ينتظرون الإخلاء إلى أحياء أخرى بالسفينة الغارقة التي تعج بقائمة طويلة من المخالفات، فمن الباعة الذين يفترشون الأرصفة، إلى مجموعات كبيرة من المتسولين والمتسولات يطرقون أبواب البيوت، فضلا عن مغسلي السيارات الذين يبدؤون أعمالهم مع إطلالة كل صباح جديد، إضافة إلى بسطات لبيع الوجبات المقلية وهي مكشوفة أمام الذباب، وفوق هذا كله فإن عمال النظافة يسجلون غيابا تاما عن الحي. وأجمع عدد من سكان حي الطندباوي أن العشوائية في طريقها للزوال، وأن الحي منذ أن انطلقت قاطرة الإزالة والهدم أصبح بؤرة ومصيدة للأخطار برغم أنه يلفظ أنفاسه الأخيرة ولكنه مكتظ بالسكان ممن ينتظرون أمر الإخلاء. وأضافوا أنه منذ دخول الزائر للحارة فإنك تشاهد أعدادا كبيرة من الأفارقة والآسيويين الذين يقيمون في البيوت المهجورة إضافة إلى انتشار مياه المستنقعات والأسلاك المكشوفة في كل زاوية. وأوضح هزاع الخزاعي أحد سكان حي الطندباوي والذي لايزال يبحث عن شقة مناسبة للإيجار من حيث السعر والمكان منذ انقطاع الكهرباء عن جزء كبير من الحي، أن الحارة أصبحت بؤرة خصبة للجريمة، كما أن عملية الإزالة قطعت خدمات الهاتف والإنترنت عن الحي، وغاب عمال النظافة ما جعل المساحات التي تمت إزالتها مرتعا خصبا لرمي النفايات. كما أوضح أن إغلاق مداخل الحارة بالدمار من جراء هدم بعض المباني، حبس الأهالي في منازلهم وأصبح خروج السكان ودخولهم من مدخل واحد يشكل صعوبة كبيرة. من جهته، أوضح حسن جبريل أن الهدم بدأ دفعة واحدة في الحي دون أي وسائل سلامة ولا إحاطة المباني النصف مزالة بسياج أمان بالإضافة إلى العديد من خزانات المياه التي أصبحت مكشوفة كمصيدة خطرة جدا بما تحتويه من أخطار متربصة للأطفال والمواطنين. وقال محمد مجرشي أحد سكان الحي إن هناك عددا من المخالفات أصبحت تمارس في الحي منها السرقة وتنامي الجريمة والخزانات المفتوحة. من جانبه، أوضح يحيى عيد بأن سبب كثرة الأجانب في الآونة الأخيرة في حي الطندباوي هم المواطنين أنفسهم بسبب إخلائهم لمنازلهم وتأجيرها لوسطاء ممن يقيمون إقامة نظامية وهم بدورهم يؤجرونها لغيرهم من المخالفين بالغرفة أو جزء من البيت ثم يؤوون معهم من يشاءون. ويؤكد ناصر أحمد بأن الحي بالرغم من أنه لايزال مسكونا بالمواطنين فإنه يفتقد إلى تواجد عمال النظافة باستمرار مما أدى إلى تراكم النفايات وكثافة الذباب والذي يخشى منه على السكان من انتشار الكثير من الأمراض. ومع تجولك في الحي تكتشف ندرة وجود البقالات بسبب الهدم وندرة الخدمات العامة كالمستوصفات القريبة والصيدليات ليكون ذلك تأكيدا بأن حي الطندباوي والذي يبعد عن المسجد الحرام قرابة الكيلو والنصف حي آيل للزوال ويلفظ أنفاسه الأخيرة برغم من يسكنه من مواطنين. وفي موازاة شكوى سكان الحي، أوضح عمدة الحي نايف صالح الخزاعي بأن الحي الآن أصبح وكرا للجريمة ومكمنا للأخطار بأنواعها متزامنا مع توقف الخدمات عنهم مثل المياه حتى أصبح بعض الأهالي يحضرون المياه بالصهاريج والتي تجد صعوبة في دخولها مع هذه الأنقاض والدمار في كل زاوية في الحي غير المياه التي تجري في الأزقة والمستنقعات الخطرة والقذرة إذ أصبحت بؤرة لانتشار الأمراض بين الناس وكذلك المركبات التالفة والتي أصبحت بالتالي مخابئ للمجرمين وجرائمهم.