أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور صالح بن حميد المسلمين بتقوى الله عز وجل، لافتا في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس، إلى أن إفراغ العلوم من الإيمان والقيم والمثل العليا أصاب دنيا هذا العصر بالعقم والانحطاط وأوصل إلى الطريق المسدود، فالحرية لا حدود لها، والعدل لا ضابط له، والمصالح لا معايير لها، والغاية تبرر الوسيلة، وإن ذلك ما كان إلا بسبب قيام هذه القيم على الفصل بين العلم والإيمان والدين والحياة والعلم والأخلاق، مضيفا أن العلم من غير دين فاقد البصيرة، بل هو وحش ضارٍ يهلك الحرث والنسل، وأن الإنسان من غير إيمان حيوان بهيم مفترس شرس، وأنه حين توجه العلم إلى هذا المسار المادي اتجهت نتائجه إلى هذا التوجه التخريبي الذي أرعب الإنسانية جمعاء في كلا مساريه العلمي والنظري، ومن هنا فإن كل قوانين البشر ومواثيقها واتفاقياتها سرعان ما تتلاشى وتظهر عيوبها وثغراتها وظلمها وانحيازها. وأوضح أن القيم العظيمة من البر والإحسان والصدق والإخلاص والوفاء واحترام كرامة الإنسان والتواضع والتعاون ونكران الذات وحب الخير للناس والصبر في الشدائد والكروب كل أولئك لا يمكن أن تقام على وجهها إلا بسياج من الإيمان بالله وتقواه وخشيته وحسن عبادته والرغبة والرهبة بما عنده في الدنيا والآخرة . وقال: «اقتضت حكمة الله عز شأنه أن يجعل الإنسان في هذه الدنيا محور المسؤولية ومحل التكليف وغاية الإنسان التي خلق من أجلها ويحيا في سبيلها هي غاية إيمانية وعقلية وفكرية ولا تستقيم إنسانية الإنسان ولا تصلح حياته إلا بالإيمان والعمل الصالح، والإنسان إن تخلى عن ذلك، فهو كمثل الحمار يحمل أسفارا»، وأضاف: «الإنسان الصالح هو إنسان الإيمان والأخلاق والقيم والمبادئ والشرف والفضيلة والكرامة والنزاهة والصدق والاستقامة والمسئولية، والعقل الإنساني وحده لا يستطيع أن يستقل بالقرارات الصحيحة والأحكام الصائبة، ذلكم أن الإنسان ذو نزعات نفعية ضيقة، بل إنه بعقله واستبداده وهواه يحاول أن يغتصب ما يستطيع اغتصابه وينهب ما يقدر على انتهابه»، وتابع: «بسبب تحكيم العقل، بل تحكيم الهوى ضعفت القيم وطغت النظرة المادية، بل برزت العنصريات وتجسدت العصبيات، وإنك لترى المنتسب للتقدم والعلم، وهو يحمل التعصب المقيت للونه وقوميته رغم ما حققه من تقدم مادي بل لقد حارب الدين والتدين حتى أصبح أسيرا للماديات والمحسوسات، فحقق فيها نجاحا لا ينكر، ولكنه فشل في الحفاظ على كرامة البشر من غير أجناسهم وقومياتهم، بل لقد عولموا الحروب والصراعات والتظالم، ولسوف يكون الوضع أكثر حدة وأشد قسوة كلما تعاظمت وسائل قوته وأدواته في جشع المادة واستعظام القوة، ولقد تضاعفت أعداد الضعفاء والبؤساء من ملايين الثكالى والجوعى والعراة والمرضى والمعدمين». وفي المدينةالمنورة، حث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم، في خطبة الجمعة أمس، على تقوى الله ومخافته في السر والعلن، موضحا أن الله أوجب على الثقلين طاعته وامتثال أوامره، وقال: «إن طاعة الله هي الحصن الحصين، ومن دخله كان من الآمنين، وإن معصيته سبحانه وتعالى هي الشر المستبين، ومن سلك طرقها لحقته المخاوف والهموم وأصابه الله بالذل والهوان»، مؤكدا أن عبادة الله خير لا ضرر فيها، واستشهد بقول الله تعالى (وماذا عليهم لو آمنوا بالله واليوم الآخر وأنفقوا مما رزقهم الله وكان الله بهم عليما)، ولفت إلى أن الخير الذي تجود به الأرض يتضاعف مع طاعة الله، وذكر أن الإعراض عن طاعة الله وسنة نبيه مصدر كل شر وبلاء يصيب الأمة الإسلامية. وفي نهاية الخطبة، دعا القاسم الله أن يصلح حال الأمة ويرزقها الاستقامة والتمسك بشرعه المطهر ونهج نبيه صلى الله عليه وسلم، ضارعا إليه سبحانه وتعالى أن ينصر المسلمين ويعلي كلمتهم ويوحد صفوفهم.