نائب وزير الخارجية يلتقي نائب وزير خارجية أذربيجان    «التجارة» ترصد 67 مخالفة يومياً في الأسواق    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    سعودية من «التلعثم» إلى الأفضل في مسابقة آبل العالمية    «الاحتفال الاستفزازي»    فصول ما فيها أحد!    أحدهما انضم للقاعدة والآخر ارتكب أفعالاً مجرمة.. القتل لإرهابيين خانا الوطن    وفيات وجلطات وتلف أدمغة.. لعنة لقاح «أسترازينيكا» تهزّ العالم !    ب 3 خطوات تقضي على النمل في المنزل    في دور نصف نهائي كأس وزارة الرياضة لكرة السلة .. الهلال يتفوق على النصر    لجنة شورية تجتمع مع عضو و رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الألماني    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    الجوازات تبدأ إصدار تصاريح دخول العاصمة المقدسة إلكترونيًا للمقيمين العاملين    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    شَرَف المتسترين في خطر !    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع    الرياض يتعادل إيجابياً مع الفتح في دوري روشن    مقتل 48 شخصاً إثر انهيار طريق سريع في جنوب الصين    تشيلسي يهزم توتنهام ليقلص آماله بالتأهل لدوري الأبطال    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية ويشهد تخريج الدفعة (103)    ليفركوزن يسقط روما بعقر داره ويقترب من نهائي الدوري الأوروبي    كيف تصبح مفكراً في سبع دقائق؟    قصة القضاء والقدر    تعددت الأوساط والرقص واحد    كيفية «حلب» الحبيب !    يهود لا يعترفون بإسرائيل !    اعتصامات الطلاب الغربيين فرصة لن تعوّض    من المريض إلى المراجع    رحلة نجاح مستمرة    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    الحزم يتعادل سلبياً مع الأخدود في دوري روشن    « أنت مخلوع »..!    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    القبض على فلسطيني ومواطن في جدة لترويجهما مادة الحشيش المخدر    مركز «911» يتلقى (2.635.361) اتصالاً خلال شهر أبريل من عام 2024    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    الذهب يستقر برغم توقعات ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية    محافظ بلقرن يرعى اختتام فعاليات مبادرة أجاويد2    تألق سانشو لم يفاجيء مدرب دورتموند أمام سان جيرمان    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    المملكة: الاستخدام المفرط ل"الفيتو" فاقم الكارثة بفلسطين    "شرح الوصية الصغرى لابن تيمية".. دورة علمية تنفذها إسلامية جازان في المسارحة والحُرّث وجزر فرسان    منتدى المياه يوصي بزيادة الاستثمار في السدود    للتعريف بالمعيار الوطني للتطوع المدرسي بتعليم عسير    هاكاثون "هندس" يطرح حلولاً للمشي اثناء النوم وجهاز مساعد يفصل الإشارات القلبية    مستشفى خميس مشيط للولادة والأطفال يُنظّم فعالية "التحصينات"    السعودية تدعو لتوحيد الجهود العربية لمواجهة التحديات البيئية التي تمر بها المنطقة والعالم    "التخصصي" العلامة التجارية الصحية الأعلى قيمة في السعودية والشرق الأوسط    انعقاد أعمال المنتدى العالمي السادس للحوار بين الثقافات والمؤتمر البرلماني المصاحب في أذربيجان    المنتخب السعودي للرياضيات يحصد 6 جوائز عالمية في أولمبياد البلقان للرياضيات 2024    مبادرة لرعاية المواهب الشابة وتعزيز صناعة السينما المحلية    الوسط الثقافي ينعي د.الصمعان    ما أصبر هؤلاء    حظر استخدام الحيوانات المهددة بالانقراض في التجارب    هكذا تكون التربية    أشاد بدعم القيادة للتكافل والسلام.. أمير نجران يلتقي وفد الهلال الأحمر و"عطايا الخير"    إنستغرام تشعل المنافسة ب «الورقة الصغيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المعسرون.. حقوق ضائعة وافتعال للفقر

يقضي المعسرون أو سجناء الحق العام شهورا وسنوات خلف القضبان، مكبلين بسلاسل الديون والمديونيات، لعجزهم عن سداد ما عليهم من ديون للغير، فيما تكابد أسرهم شظف العيش والحرمان بعد سجن رب الأسرة.
هؤلاء المعسرون ينتظرون شهر رمضان الكريم، وصدور الأمر السامي القاضي بالإفراج عنهم بعد تسديد ما عليهم من ديون وهي عادة دأب عليها خادم الحرمين الشريفين مع إطلالة الشهر الكريم.
تنفيذا للأمر السامي الكريم، شرعت مؤخرا لجنة مشكلة من وزارات عدة في حصر النزلاء والنزيلات المشمولات، الذين ثبت إعسارهم وعجزهم عن سداد ما عليهم من ديون وديات في 13 إمارة، تمهيدا لرفعها إلى اللجنة العليا لوزارة المالية لاعتماد المبالغ المرصودة لذلك.
شيك بلا رصيد
وتعيش وفاء 39 عاما، حالة من التفكير المستمر، خشية إيقافها جراء التوقيع على شيك بلا رصيد، وقالت: تم استدعائي من قبل إلى قسم الشرطة لإحالتي إلى السجن وإيقافي حتى سداد مديونيتي.
عاش أبو محمد الكثير من المعاناة في تسديد قيمة إيجار الشقة التي كان يسكنها مع والدته وأطفاله الصغار بعد أن توفي والده حيث كان يدفع (25.000) ألف ريال في السنة وهو موظف لا يتجاوز راتبه (7.000) ريال حتى قرر أن يحصل على قرض من البنك ليستطيع أن يشتري له ولأسرته بيتا بعمر متوسط وجيد ليعيش فيه ويتخلص من الإيجار الذي يرتفع في معدل بسيط إلا أن القرض مع الفوائد التي معه أرهقه كثيرا فأصبح يشعر بعد أن اقتطع جزءا كبيرا من راتبه بأنه لا يستطيع أن يفي بجميع التزاماته كاملة.
حق الدائن
وأكد رئيس الجمعية السعودية لحقوق الإنسان الدكتور مفلح القحطاني أن هناك تحركا لإيجاد بدائل عن السجن للمعسرين الذين لم يتمكنوا من تسديد ما عليهم من ديون ويبقون في السجون بعد انتهاء محكوميتاهم لعدم النظر في إعسارهم. وأضاف: هذه القضايا تعد من القضايا المزعجة جدا لما لها من تأثيرات سالبة على أسرة السجين غير القادر لتسديد ما عليه من ديون فأسرة السجين لا تجد من يرعاها بعد وضع عائلها في السجن، وأيضا الدائنون الذين لا يستطيعون استرداد حقوقهم فيما أسرة السجين لا تجد من يرعاها ونحن في الجمعية نسعى لوجود حلول لمثل هذه الحالات بحيث يكون حق الدائن على مال المدين وليس على شخصه.
آليات التسديد
مدير إدارة سجون منطقة حائل بالإنابة العقيد عبد العزيز الهريش قال: هنالك آليات للتسديد عن المعسرين إما تنفيذ الامر بتعليمات أو يتم الرفع للمديرية العامة بالاشخاص المعسرين عن التسديد والذين تنطبق عليهم شروط السداد وبعد ما تأتي الموافقة يتم الإفراج عنهم وهنالك أشخاص يتم إخراجهم من قبل الحقوق المدنية عن طريق أهل الخير.
ديون متراكمة
وفي سجون مكة المكرمة تختلف أنواع قضايا النزلاء، حيث ينتظر عدد من المعسرين أياما طويلة حتى يهل شهر رمضان المبارك، لاسيما في أيامه تعود البهجة والسرور إلى محيا عدد من النزلاء ومن بينهم المعسرون، الذين قضوا أشهرا وأياما عديدة خلف القضبان ليس بسبب جرائم ولكن بأسباب ديون تراكمت عليهم أو مستحقات إيجارات أو حقوق شرعية مثل دية قتل أو دهس أو خلافه.
خلاف مع صديق
«عكاظ» عاشت أوضاع عدد من المعسرين في الحق الخاص ورصدت أحوالهم وتنشر هنا قصصهم لإيصال أصواتهم لمن يرغبون في مساعدتهم، ويقول أحد المعسرين في إصلاحية مكة المكرمة (خ. س. غ) إنه موقوف على ذمة مبلغ استلفه من أحد معارفه لا يتعدى 50 ألف ريال لشراء سيارة أجرة عامة ليوفر قوت أبنائه وإرادة الله كانت حيث وقع حادث مروع وعلى إثره أتلفت السيارة وبعد فترة وعلى الرغم من تجاوز ال 55 سنة، إلا أن العمر لم يشفع له. وقال: «صديقي الذي لجأت له وقت ضيقتي لجأ للقضاء للمطالبة بحقوقه.. ورغم أني لا أعاني من أمراض إلا أنه يبدو للناظر من الوهلة الأولى كأني رجل على أعتاب الثمانين بسبب الأحوال السيئة التي أمر بها، فطعام السجن ليس كطعام بيتي ولا يتماشى مع ذائقتي، وقد أعزف عنه بعض الأحيان وهذا ما جعلني أنطلق بصوتي مناشدا أهل الخير هنا وهناك طلبا للمساعدة».
عزلة وظلام
ويحكي (خ. س. غ) عن الألم والمرض الذي تجاوزه ووصل إلى عائلته المكونة من (8) أشخاص.. وهم ينتظرون خروجي من هذه العزلة لتتحول أحزانهم إلى أفراح.
أما النزيل (ح. م) فهو أحد المعسرين في السجن العام بمكة المكرمة، لم يكن أقل من سابقه في الإصلاحية سجنه سبب له كدرا وامتعاضا على حاله، فقد بلغ من العمر (44) عاما وأكثر من سنتين قضاها تجوالا بين عنابر السجون إلى أن استقر به المقام في هذا العنبر في انتظار من يدفع عنه أو يشمله العفو من الدولة بعد أن ورطه أحد أصحابه في كفالته بمبلغ مالي ضخم لشراء أرض. وبعد أن استفاد من المبلغ الذي يقدر بنحو 400 ألف ريال هرب ووضعه في وجه المدفع.
60 ألفا السبب
يقول «خ . م» دخلت السجن بسبب الديون التي تراكمت علي من كل مكان، وأرهقتني كثيرا حتى دفعت بي إلى أن أكون أحد نزلاء سجون مكة المكرمة، مشيرا إلى أن المبلغ الذي تراكم عليه 60 ألف ريال وكانت في إيجار منزله وشراء سيارة، ولم يسعفني الوقت لقضائها لأن دخلي الوحيد هو الضمان الاجتماعي، خاصة أني أنتظر في هذا الشهر الفضيل الإفراج.
مجرد تلاعب
وأوضح المحامي تركي محمد الهذلي أن المعسرين هم الذين يقضون خلف القضبان والذين لا يستطيعون سداد ديونهم إما بسبب الإيجارات أو الحقوق الشرعية الكاذبة، فهناك لجنة من الحقوق المدنية تنظر في أوضاعهم ثم النظر في ملفاتهم وخصوصا المبالغ الصغيرة فيتم الإعفاء عنه في شهر رمضان المبارك، وألمح الهذلي، أن هناك فئة من الناس يدرجون تحت مسمى المعسرين وهم ليسوا كذلك بل يتلاعبون بعدد من الأنظمة كشخصين يتفقان قبل شهر رمضان بثلاثة أشهر أو أربعة أشهر على مبلغ كدين لأحدهما ثم يتم اشتكاؤه لدى الحقوق المدنية بدعوى عدم سداده وبالتالي إدخاله السجن، ويتم دراسة ملفاته ويتم الإفراج عنه في شهر رمضان المبارك وهذا ما هو ملاحظ هذه الأيام.
فحص الملفات
وبين مدير إدارة السجون بالعاصمة المقدسة المكلف العميد مسفر بن علي الشمراني ل «عكاظ» أن هناك لجنة مكلفة بفحص ملفات السجناء ليتم الإفراج عنهم مستمرة طوال العام وأن أعضاءها مفرغون لأجل فحص ملفات السجناء، مشيرا إلى أنها مكونة من عدة جهات تشمل إمارة المنطقة والشرطة وإدارة السجون والجوازات وإدارة مكافحة المخدرات، خاصة أن إمارة المنطقة تترأس هذه اللجنة، لاسيما أن اللجنة بدأت في فحص ملفات السجناء وتعمل بفحص العديد من السجناء.
دور « تراحم»
وأكد رئيس «لجنة تراحم» بمكة المكرمة الشيخ يحيى الكناني، أن مساعي اللجنة الخيرية واهتماماتها كثيرة حيث إنها تقدم العديد من الخدمات ومن تلك الخدمات الإسهام في سداد ديون المعسرين، حيث ساهمت اللجنة في الإفراج عن (4) من سجناء الديون من ضمنهم سيدة تم إنقاذها من دخول السجن، حيث قام أحد رجال الأعمال بسداد ديونها البالغة 55 ألف ريال، ولاتزال مستمرة بمساهمة ودعم المحسنين وهي بصدد الإفراج عن 48 آخرين، تقل مديونية الواحد منهم عن سقف ال 100 ألف ريال.
رد الحقوق
وفي الخبر، أكد فضيلة الشيخ خالد الرشودي رئيس محكمة الخبر بأن على من اقترض من الناس مالا أن يبادر بسرعة سداد ما اقترضه ورد حقوق الناس بأسرع وقت ممكن، وأن يحسن في ذلك من خلال رده للمبلغ المالي الذي قام باقتراضه.
وقال فضيلته: «أكل أموال الناس بعدم ردها أمر ترفضه الشريعة الاسلامية وتنهى عنه» ، مشيرا إلى «أن المعسر الذي لا يستطيع فعلا سداد ما عليه، هناك من أهل الخير والمحسنين ممن يبتغون الأجر من الله يبادرون بالسداد عن المعسر وهذا أمر مشهود ومتكرر الحدوث».
وأضاف: «هناك العديد من المعسرين ممن قام عنه الغير بسداد ما عليه من دين ونحن نحث على هذا العمل وهو مساعدة المعسرين الذين ثبت إعسارهم بدون تلاعب أو تحايل»..
فوائد بنسب كبيرة
إلى ذلك أكدت تقارير سابقة بأن نسب الفائدة التي تحتسب ضمن القروض الشخصية تصل إلى مستويات عالية جدا وتظهر بصورة أكبر في القروض التي يتحصل عليها المواطنون من مؤسسات وشركات خاصة أو عن طريق شراء السيارات بالتقسيط من الافراد وتظهر نسب الفوائد بشكل كبير فيها لتصل في البعض منها إلى 60% وهو أمر يضاعف مبلغ الدين الأصلي مما يتسبب في عدم مقدرة المستدين على السداد.
التحايل ممنوع
أوضح ل «عكاظ» مدير اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم بمحافظة الطائف شادي الحارثي، أن هناك تنسيقا بين لجنة رعاية السجناء والسجون حول الأسماء الذين تم العفو عنهم بأن تحفظ في النظام، لأنه في حال تكرار وقوع السجين في الدين بقصد التحايل لا يشمله العفو، وإن حديثي العهد بالدخول في السجن لا يشملهم العفو كذلك، مضيفا بأن شروط العفو للمعسرين تنطبق على من مكث في السجن (3) أشهر، لافتا إلى أن تطبيق مثل هذه الإجراءات حتى لا يتقصد البعض من النزلاء الوقوع في ديون والدخول للسجن على سبيل المثال قبل شهر رمضان بالتحديد في شهري رجب وشعبان، لأنه في الغالب يكون هناك من الصالحين من يقومون بالتبرع وتسديد الدين عن السجناء من باب تقديم عمل الخير لإخراجهم.
وأشار الحارثي، إلى أن غالبية السجناء في الفترة الراهنة يعلمون بأعمال لجان العفو وأن هناك إعلانا لمواجهة قضايا الإعسار المفتعلة في داخل السجن وأيضا هناك تنبيه إدارة السجن بذلك، لافتا إلى أن السجناء يتناقلون هذا التحذير بأنه في حال تكرار الدين لن يتم مساعدة السجين، وأصبح من النادر وقوع أي نوع من أنواع التحايل في ذلك، ولو تم حصرها خلال العام لا تكون إلا في حالة أو حالتين فقط.
غياب العائل الوحيد
تعيش أسر المعسرين داخل السجون ظروفا صعبة بعد أن غاب عنهم عائلهم الوحيد، البعض من تلك الأسر تشردت وأخرى يمدون يدهم للمساعدة، أطفال لا يجدون من يطعمهم وآخرون هائمون في الشوارع، إنها قصص مؤلمة وكثيرة تعيشها تلك الأسر.. «عكاظ» وقفت على نماذج منها للتعرف على أوضاعهم عن قرب.
وذكرت أم أحمد (زوجة سجين) أن الأمر لم يتوقف عند حد سجن الأب، بل يتعدى أثره إلى الأبناء الذين يسلكون الطريق الخطأ والاحتكاك برفقاء السوء لغياب العائل، خاصة أنني بمفردي ولا أستطيع السيطرة على الوضع الذي يقلقني..
وقالت أم يحيى. كنا نعيش حياة زوجية سعيدة يملؤها الحب في كل أرجاء المنزل حتى دخل زوجي في عالم الديون وحاليا يعيش خلف القضبان، بعدها أصبحت حياتنا مليئة بالحزن والكآبة.. وتضيف: «تذرف دمعتي حينما يسألونني عن والدهم فلا أملك أن أرد عليهم إلا بالبكاء حتى يفرجها الله عليه ويرجعه لأهله بين أبنائه». فيما قال ناصر: بسبب الإحراجات الشديدة اضطر والدي لكفالة ثلاثة أشخاص من أقاربه لكنهم لم يلتزموا بدفع الأقساط الشهرية الملزمة عليهم فاظطر والدي لدخول السجن لكنه لم يتمكن من سداد الدين لضعف راتبه الشهري..
وقالت أم إبراهيم: سجن زوجي بسبب كفالته لشخص اشترى سيارة من إحدى وكالات السيارات ومن ثم قام هذا الشخص بالتنكر له ولم يدفع ثمنها مما دفع الشركة إلى المطالبة بقيمة السيارة ونظرا لعدم توفر المبلغ تم سجنه سنة ونصف.
وأضافت: «أنظر إلى حالي وحال أبنائي الذين غلبوا على أمرهم وحياتنا تزداد قساوة في ظل غياب الزوج، حيث كان المعين لهم بعد الله.. فهو الآن في سجنه لكن دفعني سجنه إلى الاعتماد على ذاتي في تدبير شؤون الأسرة وتعلمت فيها الاعتماد على النفس والتضحية والعمل بكل مافي وسعي لأجل أطفالي».
فتور في العلاقات
وتابعت أم إبراهيم بالقول: «إذا كان الزوج هو المتسبب على أسرته بهذا السجن وأن يكون أولاده وزوجته ضحايا لإهماله واستهتاره.. فإن هذا النوع من القضايا بالتأكيد يحدث فتورا في العلاقة الزوجية بينهما، وأنا أثناء فترة سجنه كنت أطلب الزيارة العائلية لي أنا وأبنائي وكنا نزوره في السجن ونلتقي به لفترة قصيرة لاتتجاوز العشر دقائق فقط وكان يطلبني بالزيارة الشرعية في السجن ولكنني رفضت لأسباب كثيرة منها أنني لن أتناسى أنه كان سببا في ماحدث لأسرتي، بالإضافة إلى إحراجي من أبنائي لأنني أذهب معهم في كل زيارة، فضلا على أن إجراءات الزيارة الشرعية تحتاج إلى وقت طويل إلى جانب الإحراج الذي أواجهه أثناء زيارته ومروري بجانب الموظفين في السجن ولشعوري أن فيها استهتارا بقيمة المرأة»..
وزادت: «رغم اعتمادي على ذاتي في تربية أبنائي إلا أنني لم أستطع تربيتهم بالشكل السليم لبعد والدهم عنهم مما ترتب في توقفهم عن الدراسة ومجالسة أصدقاء السوء باستمرار».
اهتمام الدولة
وهنا أكد مساعد مدير شعبة السجن العام بمنطقة جازان الرائد علي بن حسن المصلوف أن جميع مساجين الشعبة والبالغ عددهم أكثر من 5200 سجين بمختلف جنسياتهم يحظون باهتمام بالغ من قبل الدولة، وأن هناك لجنة الرعاية الاجتماعية بالسجن دورها متابعة أوضاع السجين بدءا من دخوله حتى خروجه ودراسة أوضاع الأسر السعودية واحتياجاتها.
وأضاف: بعد دراستها يتم رفعها للضمان الاجتماعي لكي يتم تسليم جميع أفراد الأسرة وكذلك رفع بيان آخر لمساعدة أسر السجناء (تراحم) في إمارة المنطقة إلى جانب الجمعيات الخيرية وفاعلي خير حتى يتم توفير احتياجات الأسرة من جميع النواحي أثناء غياب رب الأسرة.
وتابع: إننا «نولي أسرة السجين اهتمامنا الأول ويوجد في كل عنبر «ضابط» يقوم برفع الحالات المستجدة لدى المساجين حتى يتم إضافاتها مع البيانات السابقة من أجل الاستفادة من الجهات الداعمة للأسرة».
وفيما يتعلق بتوقيف المعسرين وكيفية الدفع عنهم، أشار الرائد المصلوف إلى أن هناك مساجين قضاياهم حقوقية يتم رصدها ونقوم برفعها للمديرية العامة للسجناء ويتم بعد ذلك التنسيق مع لجنة رعاية السجناء بالإمارة وفاعلي الخير لسداد ديونهم للإفراج عنهم.
جمع شمل الأسرة
إلى ذلك، مصدر بوزارة الداخلية أكد أن الدولة وضعت شروطا للتسهيل والتيسير على السجين وكذلك محاولة إلمام شمل الأسرة من منطلق قوله تعالى «وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم».
وأضاف المصدر: إن العفو جاء ليشمل عدة ضوابط حددتها الدولة وهي أن تكون الديون ثابتة على المدين بحكم قضائي مكتسب القطعية، وأن تكون الديون قد ترتبت بسبب عمل مشروع ومثبت إعساره في جميع الديون، وأن ترفق إقرارات من الدائنين بالمتبقي من الدين، وأن يكون المدين سجينا أو سبق سجنه بسبب الديون المطالب بها، وأن يكون السجن بعد صدور الحكم المثبت للدين ويستثنى من شرط سجن النساء المطالبات بعوض الخلع أو الطلاق أو فسخ النكاح أو بدفع أجرة السكنى ونحو ذلك. وأن يرفق أصل الحكم القضائي ولايعتد بالصور أو بدل فاقد وألا يكون المدين مماطلا أو متلاعبا بأموال الناس أو متهربا قبل الحكم أو بعده. وزاد: «أن يثبت إعساره في مواجهة أصحاب الديون، وألا تكون الديون بسبب جريمة وألا تكون بسبب كفالة حضورية أو غرمية وأن يكون أحد أطراف المديونية سعوديا وأن يكون الدين قد ترتب داخل المملكة إذا كان المدين أجنبيا وإذا ترتب الدين على المواطن السعودي الموجود بالخارج فيشترط للسداد عنه أن يكون سجينا أو مطلقا بالكفالة وممنوعا من مغادرة ذلك البلد قبل السداد»..
وألا يكون قد تم السداد عن المدين سابقا وعاد في ديون جديدة أو للمدين معاملة الانتظار للسداد عنه. وقالت الزوجة أم أحمد التي تعول ستة أولاد: دخل زوجي السجن بسبب تراكم الديون عليه من أجل توفير لقمة العيش الكريمة لنا وكان يستلف من أقاربه وأصدقائه مبالغ كبيرة آملا أن يسددها في القريب العاجل لكنه لايستطيع إرجاعها حيث إن مرتبه الوظيفي لايكفي لسد حاجته وحاجة أسرته مماجعل عددا منهم يقدمون شكوى مطالبين بحقهم وذلك ماجعل زوجي خلف القضبان، ونحن الآن بانتظار فاعلي الخير لتسديد ديونه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.