بالأمس كان الناس يشتكون من سرعة مرور الوقت، أما اليوم فالكل يشتكي من انعدام الوقت أصلا لفعل أي شيء، وحينما أتأمل في هذه الإشكالية الوقتية «إن جاز التعبير» أتساءل أنا أيضا أين يذهب الوقت؟ إذ من المفترض أن حياة الإنسان اليومية مقسمة بين العمل، المدرسة، الجامعة، وأوقات الفراغ التي تنقسم بين الترفيه والترويح عن النفس وقضاء الحاجات الأساسية. وحين ننظر للساعات الزمنية اليوم نجد أنها أكثر من كافية لينجز الإنسان خلالها كثيرا من المصالح، فمثلا حين نصل للعمل مبكرا بثلاثين دقيقة يجب علينا معرفة كيف نستغلها الاستغلال الأمثل، حيث من الملاحظ أن البعض يبدأ بإنجاز الأعمال المتراكمة وآخرين يقرأون البريد الإلكتروني، إلا أن البعض يضيع الوقت في الكلام مع الزملاء. ومن هنا يتبين لنا أن الفكرة تتمحور حول معرفتنا بأهمية الوقت وكيفية استغلاله وكيف يمكن أن تتحول كل دقيقة عادية إلى عملية منتجة يستفيد منها الإنسان، فالمشكلة أننا كثيرا ما نقلل من قيمة الوقت، فثلاث ساعات للنزهة قليلة في نظر البعض، والبعض الآخر يطيل ساعات نومه إلى اثنتي عشرة ساعة في اليوم، مما لا يبقى له كثير من الوقت لإنجاز أعماله الأخرى. ولعل طول ساعات السهر، وكثرة الأقارب والأصدقاء يجعل المشكلة تزداد تفاقما في المجتمعات العربية، بالإضافة إلى أن القصور التربوي في حياتنا لم يكسبنا سلوكيات تقدير قيمة الوقت، وكل ما كنا نسمعه أن الوقت قليل، ولا يتسع للقيام بعدد من الأعمال. وفي الأخير يحدوني القول إن القدرة على التحكم بالوقت مهارة تولد معنا وما علينا سوى تطويرها، لأن الله منحها للجميع ولم يقصرها على شخص دون الآخر، لكن بالطبع اختلاق الأعذار صناعة بشرية بحتة.