في الوقت الذي يعاني فيه العالم من أزمات مالية خانقة وديون متراكمة وهاوية مالية محتملة، نجد أن المملكة تعلن عن أكبر موازنة في تاريخها مع فوائض مالية كبيرة، وهنا يتساءل المواطن: متى تنعكس هذه الأرقام على واقعنا وتحل بها أزماتنا وتتحسن الخدمات المقدمة لنا؟، إن أمام الدولة تحديات كبيرة في استثمار هذه الفوائض في حل أهم ثلاثة أزمات تواجهها وهي أزمة الإسكان والنقل والبطالة. في العام المنصرم، تم تحويل 265 مليار ريال من فائض الموازنة لحل أزمة المسكن، وبعد مرور عام كامل لم نلمس على أرض الواقع تحركا من وزارة الإسكان يوازي هذا المبلغ الهائل الذي خصص للوزارة. في هذا العام، تم تحويل 200 مليار ريال من فائض الموازنة لمعالجة أزمة النقل ودعم مشاريع النقل العام، فهل ينقضي العام دون تحرك؟ مع أن دراسات النقل العام تم الانتهاء منها في مدن الرياضوجدة ومكة ولم يتبق إلا طرحها للمناقصة على الشركات المتخصصة. أما ما يخص أزمة البطالة، فكنت أتمنى أن يستثمر المبلغ المتبقي من الفائض والبالغ 186 مليارا في بناء مشاريع تنموية تساهم في زيادة الناتج المحلي وتقليل الاعتماد على مصادر النفط وبناء مدن صناعية للصناعات الثقيلة وتوفير الدعم للمدن الاقتصادية الحالية والتوسع فيها، لتشمل مدنا أخرى، ودعوة الشركات العالمية لفتح فروع لها وتقديم كافة التسهيلات وتوفير البيئة الجاذبة لها والدخول معها في شراكات استراتيجية تضمن استمراريتها، وهذا سوف يساهم في توفير الفرص الوظيفية للمواطنين واستيعاب الأعداد المتزايدة من الباحثين عن العمل. إن هذه الطفرة المالية لن تستمر كثيرا مع التوقعات التي تشير إلى احتمال انهيار أسعار النفط في السنوات القادمة، لذا يجب على الدولة تقنين الإنفاق ودعم عمليات الإنتاج وتنويع مصادر الدخل. * مدير إقليمي لبنك الراجحي