يبدو أن قدر الإنسانية في سوريا يمضي من سيئ إلى أسوأ ، وكأنه كان على المجتمع الدولي أن ينتظر حدوث مجزرة الحولة ليعيد إنتاج خطابه الهش المتراخي دون شعور بالخجل أو استشعار للمسؤولية.. ما الجديد فيما حدث في الحولة، وهل ما سبقها يقل بشاعة عنها، وهل لم يكن متوقعا أن يفعل النظام السوري أبشع منها وهو يتمتع بفسحة كبيرة من الوقت تمنحها له البيانات التي لا تزيد عن الشجب والاستنكار وإدانة التصعيد في ماكينة القتل وليس إدانة ممارسة القتل العبثي من حيث المبدأ.. حسنا لنعتبر مجزرة الحولة تصعيدا غير مقبول، فما هي مواقف الدول الكبرى، وما هو موقف مجلس الأمن هذه المرة؟؟. لقد كانت معلومات بعثة المراقبين وتصريحاتها تفتقر إلى الشجاعة والأمانة اللازمة في نقل الحقيقة كما هي، وردود فعل اللاعبين الكبار لا تختلف عما سبق، ومجلس الأمن لم يكن في مستوى المسؤولية الأخلاقية باتخاذ قرار شجاع قادر على إشعار النظام السوري بضرورة إيقاف الصلف المتزايد الذي يمارسه..النظام السوري نفى مسؤوليته وتحدث عن تطور نوعي في سلاح المقاومة ليعيد تأكيد ما يريد إقناع العالم به عبثا من وجود عدة وعتاد ودعم يتدفق على المقاومة، ولكي يبرر ما قام وسيقوم به.. البعض لا زال يتحدث عن خطة كوفي عنان وضرورة دعمها وكأنها لم تفشل منذ ولادتها، والبعض يتحدث عن تصميم مبادرة شبيهة بمبادرة اليمن، والرئيس الأمريكي يصرح بأنه سيبحث الموقف مع الرئيس الروسي في وقت لاحق، وكأن الشعب السوري في نزهة أو أن ما يحدث لا يزيد عن حوادث قتل فردية وليست حرب إبادة للرجال والنساء والشيوخ والأطفال، ألم يهز ضمير العالم مشهد الجثث الجماعية والفضائيات تعيد بثه كل لحظة.. ما حدث في سوريا تجاوز كل ما يمكن أن يقبله ضمير إنساني، وكل الذين كانت أصواتهم مرتفعة في البداية تحولوا إلى استخدام لغة مائعة تبرر القتل بشكل غير مباشر، فالذي أزعجهم الآن هو استخدام السلاح الثقيل، وكأنهم يقولون لا بأس بالسلاح الخفيف، أو كأنهم لم يشاهدوا الدبابات والمدرعات منذ بداية الثورة وهي تحيط بالأحياء السكنية وتدكها.. لك الله يا شعب سوريا، لأنك لست مهما في حسابات السياسة..