وزير الداخلية يطلع على إنجازات منطقة القصيم التنموية    "سدايا" تسهم في دعم مبادرة طريق مكة بالخدمات التقنية    قطر ترفض تصريحات نتانياهو "التحريضية" بشأن غزة    آل خليفة يُهنئ الأهلي ويشيد بنجاح المملكة في استضافة الحدث القاري    عبدالعزيز بن سعود يزور المسجد النبوي ويؤدي الصلاة في الروضة الشريفة    الحلم يسبق موعده    العطية يتوّج بلقب رالي السعودية والراشد يحصد المركز الثالث    فيرمينيو يُتوّج بجائزة أفضل لاعب في دوري أبطال آسيا للنخبة    «أوساط الرأي».. جوهرة إذاعية لامعة    الإعلام السعودي من نقل الحدث إلى صناعة المستقبل    عصر الترند والتفاهة: سقراط يبحث عن مشاهدات!    انتبهوا    "سالم الدوسري" يحصل على جائزة هداف نخبة آسيا    رئيس «الشورى» يرأس وفد المملكة في «البرلماني العربي»    «الجوازات» تصدر قرارات إدارية لمخالفي الإقامة والعمل    نائب أمير الشرقية يرعى حفل التخرج بجامعة الملك فيصل    بيانات اقتصادية مختلطة تعقد موقف الدولار مع تقلب الأسواق وانخفاض النفط    وزير الداخلية يدشن عدداً من المشروعات الأمنية في القصيم    الأمم المتحدة تدعو إسرائيل على "الوقف الفوري" لهجماتها على سوريا    سيطرة سعودية.. تعرف على جوائز الأفضل في دوري أبطال أسيا    سمو وزير الرياضة يُهنئ القيادة بفوز فريق النادي الأهلي بكأس دوري أبطال آسيا للنخبة 2025    انطلاق مؤتمر السلامة والصحة المهنية غدا    مبادرة طريق مكة تجمع (رفيقي الدرب) بمطار حضرة شاه الدولي بدكا    زئبق سام وعصابات بمشاريع تنقيب ذهب الأمازون    المناعة مرتبطة باضطرابات العقل    فوائد غير متوقعة للرياضة على مرضى السرطان    حرس الحدود يطلق وطن بلا مخالف في جازان    النقل تباشر أعمالها استعدادا للحج في أكثر من 20 موقعا    ارتفاع شهداء غزة إلى 52495    مكة المكرمة الأعلى هطولا للأمطار ب17.6 ملم    أبو سراح يكرم داعمي أجاويد 3 بظهران الجنوب    "الغذاء والدواء" تُسخّر التقنيات الحديثة لرفع كفاءة أعمال التفتيش والرقابة في الحج    الهلال يبدأ حقبة ما بعد جيسوس    إحباط تهريب (176) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر في عسير    أوبك+: زيادة الإنتاج ب411 ألف برميل يوميا في يونيو    شجر الأراك في جازان.. فوائد طبية ومنافع اقتصادية جمة    مجتمع تيك توك: بين الإبداع السريع والتمزق العميق    نجاح عملية جراحية معقدة لاستئصال ورم ضخم في كلية مسن ببريدة    الملحقيات الثقافية بين الواقع والمأمول    «اليدان المُصَلّيتان».. يا أبي !    اللغة تبكي قتلاها    مركز التحكيم الرياضي السعودي يستقبل طلاب القانون بجامعة الأمير سلطان    سجن بفرنسا يطلق عن طريق الخطأ سراح نزيل مدان بسبب تشابه الأسماء    جمعية خويد تختتم برنامج "محترف" بحفل نوعي يحتفي بالفنون الأدائية ويعزز الانتماء الثقافي    أمين الطائف يطلق برنامج الأمانة لموسم الحج الموسمية    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُفعّل مبادرة "إمش 30"    ذخيرة الإنسان الأخيرة" يخطف الأضواء في الطائف    مغادرة أولى رحلات "طريق مكة" من إندونيسيا عبر مطار جاواندا الدولي إلى المملكة    "العليان" يحتفي بتخرج نجله    "الراجحي" يحصل على الماجسير مع مرتبة الشرف    عدوان لا يتوقف وسلاح لا يُسلم.. لبنان بين فكّي إسرائيل و»حزب الله»    إطلاق 22 كائنًا فطريًا مهددًا بالانقراض في متنزه البيضاء    أمير تبوك: خدمة الحجاج والزائرين شرف عظيم ومسؤولية كبيرة    خلال جلسات الاستماع أمام محكمة العدل الدولية.. إندونيسيا وروسيا تفضحان الاحتلال.. وأمريكا تشكك في الأونروا    مدير الجوازات يستقبل أولى رحلات المستفيدين من «طريق مكة»    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    أمير منطقة جازان يستقبل القنصل العام لجمهورية إثيوبيا بجدة    آل جابر يزور ويشيد بجهود جمعيه "سلام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null

ما زال عدد من السكان في مختلف المناطق والمدن والأحياء والقرى والهجر البعيدة، يعانون من ويلات الأمطار والسيول في كل عام، مثلما حدث في عدد من أحياء ومرافق مدينة جدة العام الماضي على سبيل المثال، عندما ضربت الأمطار والسيول وألحقت أضرارا بالغة بالسكان والممتلكات، ما زال بعض الأهالي يعانون آثارها المدمرة، فالبعض يسكن في شقق مفروشة، والبعض الآخر فقد مركباته وممتلكاته. ولما لم يستفيقوا من هول الصدمة الفائتة، ضربت الأمطار الغزيرة مجددا أحياءهم وممتلكاتهم خلال اليومين الماضيين، فكشفت المستور وزادت الطين بلة، وأوضاعهم سوءا على سوئها، ما يطرح السؤال عما إذا كانت هناك جهة مسؤولة عن إدارة الأزمات، ولماذا تتعامل الجهات المعنية مع الأزمات بردود الفعل، بدلا من إعداد الخطط والبرامج لمواجهتها كتصريف مياه البرك والمستنقعات وتجفيف الشوارع والأحياء، وإيجاد مساكن جاهزة للطوارئ لاستيعاب المتضررين، وانسياب حركة المرور، ولماذا لا يتم التعامل مع السيول والأمطار باعتبارها أحداثا متوقعة وليست مفاجئة؟.
كشف المستور
جولة «عكاظ» في أجزاء متفرقة من أحياء جدة كشفت المستور والمثير:
يؤكد أحمد عالي من سكان جنوب جدة أنه عاش يوما عصيبا، دون أي وسائل أمان أو إنذار، حيث لا توجد خطة طوارئ كان يجب تطبيقها فور حدوث الكارثة، ويقول: قضيت مع أسرتي يوما دون كهرباء أو مياه ووصلت إلى مرحلة العجز عن التفكير، فقد دخلت مياه الأمطار، وغطت الدور الأول فركضنا إلى الدور العلوي حتى لا نغرق، وحاولنا التغلب على المشكلة، لكن بحلول واجتهادات فردية دون مساعدة الجهات الخدمية المعنية بتقديم العون والمساعدة، بل لا توجد خطط لما بعد الكارثة، حيث أعيش مع أسرتي حاليا في شارع التحلية مع أن مدارس أولادي في النسيم والسليمانية، لذلك أجد معاناة في التنقل من مدرسة إلى أخرى من أجل توصيل أبنائي.
ويتفق معه محمد الجهني بقوله: ما حدث في جدة خلال العامين الماضيين وحتى اليوم أزمة حقيقية يجب على كل الجهات الوقوف عليها لمعالجة المشاكل من جذورها حتى لا تتكرر، حيث نسمع أن هناك جهات مقصرة ولكن لا ندري حقيقة هذا التقصير، فمثلا هناك من يردد أن الدفاع المدني ليست لديه خطة إخلاء، ويفتقر إلى الأجهزة المتطورة في عمليات الإخلاء، أو عدم إتقان بعض أفراده لعمليات الإخلاء بطرق حديثة، ويردد البعض أيضا أن آليات الدفاع المدني لا تتحرك إلا بعد وقوع الكارثة، وبعد تعدد بلاغات السكان في أحياء شرق الخط السريع، وكذا الحال بالنسبة لأمانة المحافظة التي لا تتحرك سوى مع بداية الأزمة.
ويقول محمد القاضي من سكان حي وسط جدة رغم انتهاء الكارثة، إلا أن المرافق لم تعد إلى طبيعتها ولم تعمل حتى الآن، فيما كان لزاما على الجهات المسؤولة سواء في الدفاع المدني أو الأمانة، إعداد خطط شاملة لمواجهة الحالات الطارئة، واتخاذ كافة التدابير لمواجهة الكارثة، ولكن ما نلاحظه أن كل جهة من الجهات المسؤولة تعمل بمفردها كأن لم يكن هناك أي تنسيق بينها قبل وقوع الكارثة.
بلورة عمل الإدارات الحكومية
إلى ذلك، يؤكد الدكتور أيمن فاضل مدير مركز التميز لإدارة الأزمات ورئيس الجمعية الدولية لإدارة الأزمات في الشرق الأوسط على ضرورة إنشاء هيئة وطنية لإدارة الأزمات تقي من الأخطار باستباقيتها والوقاية منها أو بإدارتها بأسلوب علمي ومهني قائم على دراسات واستراتيجيات، معتبرا أن تأسيسها ضرورة وطنية ملحة، سيتيح التكيف مع كافة المخاطر المتوقع حدوثها، كما يشير إلى أن هذا المفهوم سوف يسهم في تحول كبير لمفهوم عمل الإدارات العاملة في مختلف قطاعات الدولة وقت الأزمات، من خلال استغلال البنية التحتية المتاحة والتأكيد على عدم الازدواجية بين الجهات المعنية والمواءمة بين أعمال المؤسسات المعنية بالأزمات قبل وخلال الكوارث، وأشار إلى أن دور تلك الهيئة لا يقتصر فقط على وقت الأزمات إنما يمتد عملها وقت الاستقرار، كونها ستعمل كخلية تفكير للدولة من خلال تحليل المخاطر والوصول إلى مرحلة التكيف الاستراتيجي، ما يجعلها جرس إنذار يبلغ عن الأزمات المحتملة ويضع تصورات وحلولا مقترحة تمنع من حدوث الأزمة أو تحد من أضرارها نتيجة الاستعداد القبلي لها، أما وقت الأزمات فيرى أن عملها يتحول إلى مركز قيادة وسيطرة لإدارة العمليات وتقديم المعلومات اللازمة أمام المسؤولين لاتخاذ القرارات الصحيحة.
إدارة الكوارث والأزمات
الدكتور نائل المومني الخبير الدولي وأستاذ إدارة الكوارث والأزمات في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة وعضو لجنة التخطيط في الجمعية الدولية لإدارة الأزمات قال: أمريكا أنشأت وزارة مهمتها إدارة الكوارث والأزمات هي وزارة الأمن القومي، وكذلك في روسيا، في حين بدأت كل من الإمارات وسلطنة عمان في إنشاء هيئة وطنية لإدارة الأزمات، وأنشأ المركز الوطني للأمن في الأردن ما أسماه إدارة الأزمات، مستعرضا مهمات هذه الهيئات التي تتمثل في أربع مراحل؛ أولاها مرحلة «التخفيف أو الوقاية» من خلال التنبؤ بالأزمات قبل حدوثها من واقع المخاطر والتهديدات التي يتوقع حدوثها بيئيا وطبيعيا وخلافه، لأن كل كارثة لها أساس علمي في التعامل معها قائم على دراسات وأبحاث وتجارب، واستشهد بحالة السيول والأمطار التي هطلت على جدة أخيرا كمثال على ما يمكن التعامل به، حيث يشير إلى أن التعامل الاحترافي مع أخطار السيول كان سيقلل من أضرارها إن لم يمنع أي ضرر ناتج عنها ويكون ذلك بعمل سدود احترازية فورية في الأودية المتجهة مصابها إلى أحياء المدينة، والتحذير عبر وسائل الإعلام والتنبيه بعدم التواجد في أماكن الخطر بالبث المباشر والتواصل عبر الوسائط التقنية، والإرشاد إلى أماكن تواجد الجهات الإغاثية، أما المرحلة الثانية فتتمثل في «الاستعداد» وهي مواجهة الخطر قبل حدوثه من خلال تهيئة المناطق المتضررة لمواجهة السيول وعمل صيانة سريعة لمجاري وقنوات التصريف وتواجد آليات الشفط في مواقع تجمعات المياه وآليات الدفاع المدني والمرور وغيرها من الجهات المعنية، وتأتي المرحلة الثالثة وهي «الاستجابة» بالإنقاذ والتدخل السريع ومباشرة الأضرار التي ستتوزع في الأرواح والممتلكات والبنية، وتأتي المرحلة الرابعة والأخيرة وهي «المعافاة» كمرحلة لإعادة البناء وتأهيل المناطق المتضررة.
خطط لمواجهة السيول
من جهته، طالب رئيس قسم الأرصاد في جامعة الملك عبدالعزيز في جدة، والمشرف على مركز التغيرات المناخية الدكتور منصور المزروعي، أمانات المدن أن تضع الخطط اللازمة لمواجهة الأمطار والسيول، حيث وصف الأمطار التي هطلت أمس الأول بأنها غير مسبوقة من حيث الكمية والشدة، إذ إن محطة الرصد في الجامعة قد سجلت كميات الأمطار ب 111 ملليمترا.
وأضاف الدكتور المزروعي سبق أن أوضحنا أن هناك تطرفا مناخيا، حيث توقع أن تصل الأمطار إلى مائة ملليمتر أو أكثر، مضيفا الى أننا طالبنا أمانات المدن أن تتبنى خططا لمواجهة الأمطار، مشيرا الى أنه بالنسبة للمملكة فإن هطول الأمطار الحالية على محافظة جدة قد يكون نتيجة لهذا التغير المناخي، وذلك بعد أن عانت المحافظة والقرى المجاورة لها من جفاف لسنوات عدة أدى إلى نقص في مصادر المياه ونضوب العديد من الآبار، وما يعضد هذا القول أنه في العام الماضي وفي نفس التوقيت حدث هطول أمطار غير معهودة على المنطقة الوسطى سال فيها وادي الرمة لأول مرة قبل 30 عاما تقريبا لأكثر من 500 كيلومتر، منوها بأهمية الأخذ في عين الاعتبار في التخطيط الحضري لمدينة جدة هذه التغيرات المناخية والتطرف الحاصل في الظواهر الجوية، واعتماد كميات أمطار قد تصل إلى 100 ملليمتر تلافيا لحدوث كوارث بيئية مستقبلية، منبها إلى ضرورة زيادة الوعي بين المواطنين بهذه الظواهر من خلال النشرات الجوية في القنوات المرئية والمسموعة والمقروءة.
الرجوع للمخططات الجوية
وبين المستشار السابق لوكيل وزارة البترول والثروة المعدنية وكبير الجيولوجيين الدكتور عبدالعزيز الغامدي، أن معاناة محافظة جدة عند هطول الأمطار ستستمر ولن تحل أبدا إلا بالرجوع للمخططات الجوية التي يعود تصويرها إلى ما قبل 30 عاما، وهي موجودة لدى أمانة محافظة جدة ووكالة وزارة الثروة المعدنية وهيئة المساحات الجيولوجية، والتي توضح تضاريس المنطقة ومجاري الأودية ومساراتها.
ومن وجهة نظر خاصة يرى أن العبث بمجاري سيول الأودية وتغيير مساراتها كان السبب الرئيس في كارثة جدة السابقة وسيبقى سببا قائما، ما لم تتم معالجة الأمر معالجة نهائية من خلال العودة إلى المخططات الجوية.
وأضاف في سياق ذلك قائلا «على الرغم من مضي عام على كارثة جدة وتشكيل أكثر من لجنة لمعالجة مشكلة تضرر المحافظة من مياه الأمطار، وإعلان الجهات ذات الاختصاص معالجه المشكلة وأنهم باتوا مستعدين لمواجهة أي خطر قادم، وأن المشكلة لن تتكرر ثانية، إلا أن ما حدث أمس الأول يؤكد أن المشكلة ما زالت قائمة».
تنفيذ مشروع التصريف
من جانبه، طالب رئيس لجنة المياه والمرافق والخدمات العامة في مجلس الشورى المهندس محمد القويحص، أمانة محافظة جدة بإيقاف تنفيذ كافة مشاريعها المختلفة والتركيز على تنفيذ مشروع تصريف مياه الأمطار والسيول، الذي أعتمدت له الاعتمادات وبالذات بعد وقوع كارثة جدة العام الماضي، موضحا أن تنفيذ هذا المشروع تصاحبه بعض الصعوبات للخدمات الموجودة تحت الأرض التي تحتاج إلى تغيير مساراتها إلى جانب الاستمرارية في أدائها، موضحا أن القصور في تنفيذ أية خطة، وبالذات خطة الكوارث، لا يمكن الوقوف عليها إلا بعد انتهاء الأزمة والاطلاع على التقارير، معربا عن ثقته في أن جميع الإدارات والأجهزة المعنية تفاعلت مع الحدث الذي تابعته إمارة المنطقة والمحافظة.
غرفة عمليات مشتركة
وإلى ذلك، أوضح نائب رئيس المجلس البلدي في جدة المهندس حسن الزهراني، أنه منذ الإعلان عن هطول الأمطار، تم تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع الأجهزة المعنية من دفاع مدني وبلدية وأرصاد وغيرها، حتى نكون على تواصل مستمر معها للوقوف على الأحداث أولا بأول، خاصة أن الوضع في جدة يعتبر وضعا غير طبيعي وهذا من خلال ما لمسناه وشاهدناه، فكمية الأمطار كانت كبيرة وهطولها غزيرا، حتى أننا تضررنا داخل مقر المجلس البلدي، ونفس الحال تضررت منطقة البلد التي تقع داخلها البيوت القديمة التاريخية، التي حتى الآن لا يمكن حصر حجم أضرارها، إلا بعد أن يتوقف المطر وتسحب المياه من الشوارع، مؤكدا استمرارية غرفة العمليات حتى انتهاء الحدث، وبعدها يمكن الاطلاع على حجم ما حدث جراء هطول الأمطار على جدة.
إعادة النظر في فلسفة الطوارئ
ولا يتذكر عضو مجلس الشورى ورئيس المجلس البلدي في جدة سابقا الدكتور طارق فدعق، أن شاهد مثل هذه الأمطار التي هطلت على محافظة جدة الأربعاء الماضي مما تسبب في ظهور المشكلة وجعلنا نطالب بإعادة النظر في فلسفة التعامل مع الطوارئ وأن ننظر خارج الصندوق بعيدا عن التفكير التقليدي، والتحرك سريعا لأن ما تعرضت له جدة يعتبر أمرا غير طبيعي ويفوق كل الخطط الموجودة، بل يحتاج إلى مخطط إنذار مبكر ينبه سكان المحافظة إلى وقوع الخطر قبل قدومه.
إغلاق الطرق
وكشف مدير مرور محافظة جدة العميد محمد حسن القحطاني، أن الأمطار التي هطلت على مدينة جدة كانت بكميات كبيرة غير مسبوقة، حتى أن بعض التقاطعات والطرق قد تأثرت بهطول الأمطار وتعطلت بنسبة 90 في المائة، وبالذات طريق الحرمين الذي تم إغلاقه مع هطول أمطار يوم أول من أمس (الأربعاء) من أجل السلامة، مؤكدا «مهمتنا هي الحفاظ على أرواح الناس على الطرقات، إذ إن أمير المنطقة ومحافظ جدة كانا منذ الصباح الباكر على متابعة بتأكيدهما على الحفاظ على أرواح الناس».
وأشار العميد القحطاني إلى أن لديهم خططا للطوارئ، بالتنسيق والتعاون بين الجهات المعنية المكونة من الدفاع المدني والأمانة ووزارة النقل استعدادا لموسم الأمطار، وأنه تم إعداد الخطط اللازمة لمثل هذه الأجواء الممطرة، ورفع مستوى الخدمة على الطرق وزيادة معدل الأمان والسلامة لمستخدميها، وإخلاء جميع السيارات المتعطلة على الطرق وإجلاء ركابها ونقلهم الى أماكن آمنة.
وأضاف أنه رغم النداءات والتحذيرات، إلا أن البعض ما زال مصرا على الخروج في الأجواء الممطرة، داعيا الجميع الالتزام بالهدوء وتأجيل مشاويرهم وعدم الخروج من منازلهم إلى حين رفع الضرر، لأن وضع الطرقات صعب، مهيبا بقائدي السيارات الالتزام بقواعد المرور وتجنب السرعة واتخاذ الحيطة والحذر أثناء القيادة، خصوصا في مثل هذه الأوقات الممطرة.
خطط الدفاع المدني
وأكد العميد عبد الله جداوي مدير إدارة الدفاع المدني في جدة وجود خطط طورائ من خلال ما يسمى ب «خطط تنفيذ التدابير للدفاع المدني في حالات الطورائ» يشترك فيها بالإضافة للدفاع المدني كل من الأمانة والمرور والنقل والطرق والاتصالات والتعليم بشقيه والصحة وغيرها من الجهات ذات العلاقة، موضحا أنه في حال كانت كميات الأمطار مابين عشرة إلى 30 ملم فإن هذه الجهات تجتمع في غرفة عمليات التنسيق في الأمانة، أما إذا تجاوزت كمية الأمطار ال 30 ملم فيكون مقر اللجان في إدارة الدفاع المدني بحيث يمثل كل جهة مندوب رسمي يتولى التنسيق والمتابعة مع جهته على مدار الساعة.
تفعيل التنسيق بين الإدارات لمواجهة الكوارث
قدم اللواء الدكتور فهد بن أحمد الشعلان مدير عام كلية الملك فهد الأمنية في وقت سابق، تصورا لما يفترض أن يكون عليه التنسيق بين الإدارات لمواجهة الكوارث، للانطلاق من هذا التصور إلى تبني إجراءات عملية لتفعيل دور التنسيق أثناء التعامل مع الكوارث والأزمات هذه أبرز ملامحه:
مفهوم التنسيق
يعني التنسيق في المفهوم العام إجراء ترتيبات في التنظيم بهدف ربط الأنظمة الفرعية للتنظيم مع بعضها بعضا للوصول إلى أهداف محددة دون تكرار وازدواجية ودون فجوات أو صراعات تنظيمية، ولا بد من ملاحظة الفرق بين مفهوم التعاون ومفهوم التنسيق، فالأول يعني تعامل المجموعة مع بعضها البعض بهدف الوصول إلى أهدافهم طواعية، أي بمحض الإرادة بينما التنسيق هو وظيفة يتم فيها توجيه العاملين في التنظيم بشكل مقصود وبموجب سلطة بهدف الوصول إلى أهداف محددة. ويهدف التنسيق إلى إحداث نوع من التناغم في أداء المهمات بحيث تحقق الأهداف بعيدا عن الازدواجية والتداخل في الاختصاصات.
عوامل نجاح التنسيق
ولكي يصبح التنسيق فعالا يسهم في تحقيق الأهداف، فلا بد من توافر العديد من العوامل أهمها:
أولا: أن يتفهم المديرون طبيعة وظيفة التنسيق وأهداف المنظمة المطلوب تحقيقها خلال أية فترة زمنية، ذلك أنه إذا لم يكن المدير على معرفة تامة بالأهداف المطلوبة فإن من الصعوبة عليه شرح وتوصيل المعلومات إلى مرؤسيه وتحديد ما يطلب منهم من أعمال.
كما أن عملية التنسيق بلا شك هي عملية اتصالات وتبادل معلومات وإذا لم يكن الشخص المكلف بها على علم تام بمضمون هذه المعلومات، فإنه لا يستطيع بالتالي أن يوصلها إلى مراجعها كما ينبغي، وقد يؤدي ذلك إلى أن يستقبل منه الأشخاص هذه المعلومة بطرق مختلفة وتكون النتائج عندئذ اختلافا بين ما هو مطلوب وما ينفذ أو ما قد نفذ.
ثانيا: أن يتم التنسيق في المراحل الأولى من تحديد الأهداف والخطط واتخاذ القرارات حتى لا تقوم الإدارات أو الأقسام أو الأفراد، باتخاذ سلسلة لاحقة من قرارات وسياسات متناقضة مع بعضها البعض.
ثالثا: من المفيد أن يشترك العاملون على تنفيذ الخطط في التنسيق لكي يشعروا بأهمية مواقعهم وكذلك أهمية التوافق بين الأفكار والنتائج بين الإدارات المختلفة نحو تحقيق الأهداف المرسومة.
رابعا: لكي يحقق التنسيق أهدافه فلا بد من أن تحس الإدارة بمطالب الإدارات والأفراد وتعمل على تحقيقها، ذلك أنه من الصعب أن تطلب الإدارة من الفرد أن يؤدي عملا على نحو ما وفي حدود وقت معين إذا كانت احتياجات هذا الفرد بعيدة من التحقيق، كذلك فإن على الإدارة أن توفر الاحتياجات المطلوبة للأقسام المختلفة.
خامسا: لا بد أن يكون هناك توافق بين الإدارات المختلفة لكي يتم تحقيق فعالية التنسيق الأفقي، فالتنافر بين مديري هذه الإدارات والتصارع على تحقيق المكاسب الشخصية أو الذاتية لكل إدارة على حدة قد يخل بمبدأ توحيد الجهود المشتركة نحو تحقيق الأهداف وهو ما يهدف إليه التنسيق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.