أمير الحدود الشمالية يتسلّم تقريرًا عن مهام وجهود حرس الحدود بالمنطقة    مقترح «هدنة» غزة رهن الضوء الأخضر    انطلاق منافسات بطولة العالم للبلياردو (9 كرات) بجدة    موعد مباراة مبابي الأولى مع ريال مدريد    نيمار يرد على تقارير رحيله عن الهلال    القيادة تهنئ ملك مملكة تونغا بذكرى استقلال بلاده    الشورى يطالب الجامعات إعادة النظر في نسب القبول التي تفرضها لاختبار القدرات والتحصيلي    محافظ الأحساء يكرّم الفائزين بجائزة الاختراع والابتكار والتقنية الدولية    قوافل الحجاج تغادر المدينة إلى المشاعر المقدسة    طلاء لتبريد المنطقة المحيطة بمسجد نمرة لخفض درجات الحرارة    انطلاق اختبارات نهاية العام بمختلف المناطق    شراكة استراتيجية بين طيران الرياض والخطوط السنغافورية    82 مليون ريال أرباح نقدية لمساهمي "الغاز الأهلية"    أمير تبوك يستعرض الجهود والإمكانيات التي سخرتها القيادة الرشيدة لخدمة ضيوف الرحمن    الفلبين: إجلاء نحو 800 شخص بسبب ثوران بركان    الفرصة ماتزال مهيأة لهطول أمطار على جازان وعسير والباحة ومكة    رئيس هيئة الأركان العامة : جامعة الدفاع الوطني تؤسس لمرحلة جديدة وانطلاقة مشرقة لمستقبل تعليمي عسكري احترافي    المركبة الفضائية الصينية تقلع من القمر حاملة العينات الأولى من الجانب البعيد للقمر    «الصندوق الزراعي»: 479 ألف مشروع بقيمة 65 مليار ريال في 60 عاماً    «قرار طبي» يبعد أيمن من معسكر «الأخضر»    ChatGPT يصل للنظارات    «التنسيق السعودي الكويتي»: رؤية مشتركة في الثقافة والإعلام والسياحة والتنمية الاجتماعية    «العقار»: تراخيص جديدة للبيع على الخارطة ب 6 مليارات ريال    "اليحيى" يقف على سير العمل بمنفذ حالة عمّار    الصمعاني يدعو خريجي المركز العدلي إلى الممارسة المهنية الشغوفة    «الشورى» وشفافية التناول    تعاوُن سعودي – برازيلي في الدفاع    الخريف يبحث دعم ترويج الصادرات السعودية بالمغرب    محفظة Nusuk Wallet لخدمة الحجاج والمعتمرين    كلما زاد زملاء الدراسة المضطربين عقلياً.. زادت فرص إصابتك !    محافظ الزلفي يرأس اجتماع لجنة السلامة المرورية السابع    الاغتيال المعنوي للمثقف    الاقتصاد لا الثقافة ما يُمكّن اللغة العربية خليجياً    محاصرة سيارة إسعاف !    «مسام» ينزع 5,726 لغماً وقذيفة غير منفجرة وعبوة ناسفة في شهر    سفير خادم الحرمين لدى كوت ديفوار: خدمة ضيوف الرحمن مبدأ ثابت في سياسة المملكة    المثقف والمفكر والفيلسوف    محافظ بيش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية بالشخوص ميدانياً    محمد بن سلمان.. الجانب الآخر    أمير القصيم شهد توقيع الاتفاقية    كأس أمم أوروبا 2024.. صراع كبار القارة يتجدد على ملاعب ألمانيا    رونالدو يتطلع لتعزيز أرقامه القياسية في يورو 2024    أولويات الهلال في الميركاتو.. ظهير أيسر وجناح ومهاجم    نمو قياسي لتقنية المعلومات.. 182 مليار ريال صادرات قطاع الخدمات    الحركة و التقدم    نهاية حزينة لحب بين جنية وإنسان    « شاهد على وطني » .. الفال يرسم شمس المستقبل    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    «سناب شات» تضيف عدسات الواقع المعزز    منفذ حالة عمار يواصل خدماته لضيوف الرحمن    القرار    أمير عسير يفتتح مقر" رعاية أسر الشهداء"    السكر الحملى: العلاج    أكدت ضرورة أخذ التطعيمات.. إخصائية تغذية: هذه أبرز الأطعمة المفيدة للحوامل في الحج    اكتشاف أدمغة مقاومة ل" الزهايمر"    أمير حائل لمنظومة «الصحة»: قلّلوا نسبة الإحالات الطبية إلى خارج المنطقة    أمير تبوك يشيد بجهود الجوازات في منفذ حالة عمار    متعب بن مشعل يكرم الفائزين بجائزة "المواطنة المسؤولة" بالجوف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



null
نشر في عكاظ يوم 03 - 01 - 2011

أثار الدكتور عبد الله الغذامي الكثير من اللغط بعد محاضرته التي ألقاها في جامعة الملك سعود بالرياض والتي اختار لها تسمية مثيرة «الليبرالية الموشومة» على سبيل الهجاء الشعاراتي لا النقد العلمي، وكم هو مؤلم أن نشهد تحول ناقد كالغذامي كان بإمكانه تقديم الكثير في نقد الليبرالية السعودية لو استطاع الاحتفاظ بالمنهجية العلمية في النقد إلى مجرد محاضر غاضب يقذف الاتهامات العشوائية ويمارس الهجاء ويرفع الشعارات الرنانة بلا مضمونٍ حقيقيٍ وبأداء مسرحيٍ يحسد عليه!
لنعد ترتيب المشهد ثم ندخل في نقاش الغذامي، بعيدا عن تعقيدات أكاديمية وتاريخية لها مجال آخر، فالليبرالية لا تعني شيئا أكثر من الحرية، وثيمتها الأصلية الفردانية أو الفردية، أي حرية الفرد، فهي ليست دينا لتحارب الأديان، بل كثير من المقتنعين بها مؤمنون بأديانهم، وهي ليست حزبا سياسيا منظما فتحارب الأحزاب الأخرى، فكثير من معتنقيها ينتمون لأحزاب متعددة حسب اختياراتهم، وهي ليست تيارا فكريا ملتزما كاليسارية وحركات الإسلام السياسي، ولهذا تجد قناعات المنتمين لها شتى، واختياراتهم مختلفة، لأنها ببساطة تدعو للحرية في تكوين الرأي، والحرية في الاختلاف والنقد، والحرية في التجاوز والتشكل وإعادة التشكل، أي مع التطوير الدائم.
شاركت الليبرالية السعودية في تشكيل المؤسسات العامة، ونجح أفرادها الإداريون في كثير من أعمالهم، ونجح أفرادها المثقفون في إيصال ونشر كثير من أفكارهم، ونجح أفرادها الإعلاميون في بناء أولويات الرأي العام خاصة في السنوات العشر الأخيرة، وقبل هذا وبعده فإن منطقها العام بنماذجه التفصيلية قد أصبح من المسلمات لدى شريحة كبرى من الشباب الذين يمثلون ما يزيد على ثلثي المجتمع، والذين هم جيل العولمة التي لا يحبها الغذامي، واتسمت طروحات الليبراليين السعوديين بسمة مهمة هي شمولية النقد، والنقد بحد ذاته مشروع، فالنقد الليبرالي طال كل مفاصل المجتمع السعودي، فكريا وسياسيا وثقافيا واجتماعيا وغيره، وجادل الكتاب الليبرليون السعوديون كبار الكتاب الغربيين فيما يتعلق بتحليل الإرهاب وتوصيفه.
عودا على بدء، فإن ما طرحه الغذامي من نقد لليبرالية السعودية ضعيف علميا، وواهن منهجيا، وكان المتوقع منه نقد أكثر تماسكا وقوة باعتبار النقد خير وسيلة للتطوير، حتى لو كانت نتائجه قد لا تعجب بعض الليبراليين، ولكن المهم أن يكون النقد علميا ومنهجيا، ولكنه خيب الأمل، فعاد بعد عام كامل من الدراسة بنفسه وبمساعدة باحثين آخرين بخفي حنين، وجاء بحصيلة غير ذات قيمة علمية أو معرفية، وتكمن فائدتها الوحيدة في إثارة الجدل حول الليبرالية والليبراليين ما يشكل مكسبا مهما في حد ذاته لجهة زيادة تطبيع المصطلح وترقية النقاش حوله لأولولية ثقافية واجتماعية يستفيد منها الليبراليون أكثر من غيرهم.
لقد اتسمت محاضرته بثلاث خصال بارزة هي الانتقاء والخلط والإلزام، فقد انتقى من تعريفات الليبرالية ما يخدم رؤيته المسبقة، ولا يعبر ما انتقاه عن موقفه بقدر ما يعبر عنه ما غيبه، فقد غيب وتجاهل الكثير من التعريفات والتوصيفات والممارسات الليبرالية ولو بذل مزيدا من الجهد لعرضها ومناقشتها لا ستطاع إقناع المتلقّي بعلمية نقده ومنهجيته بدلا من تكريره المستمر لكلمتي العلمية والمنهجية بغرض خلق مسافة وهمية بينه وبين الإسلاميين والمحافظين الذين سبقوه.
أما الخلط فهو يخلط بين الليبرالية كمفهوم عام يشمل محتويات متعددة المجالات وبين بعض الأخطاء السلوكية لأفراد هنا وهناك، عالميا ومحليا، ويخلط بين طروحات الليبراليين وتصور المتلقين لها، ويعتقد أن تصور المتلقين أهم وأخطر، ولو تذكر طروحاته الحداثية وتصور المتلقين لها لربما غير رأيه، أما خلطه بين الليبرالية والإمبريالية فلا أدري ما أسميه!
أما الإلزام فهو قد سعى لإلزام الليبراليين بما ليس لازما لهم، فألزمهم سياسيا بأن يكونوا معارضة، وتعجب من ولائهم للسلطة ومطالبتهم بالتغيير، وهو ما نجحوا فيه كثيرا، وألزمهم ثقافيا بأن يكونوا فلاسفة فهل يعرف الغذامي فيلسوفا سعوديا من أي شكل أو نوع! وألزمهم اجتماعيا بأن يكونوا مع التغيير على طول الخط، ومع إلزاماته المتكررة لليبراليين فقد هرب هو من إلزام نفسه بأي شيء، بل تهرّب في أكثر من موضع من اتخاذ موقف علميٍ صريح.
من النماذج الجامعة للخصال الثلاثة الآنفة الذكر (الانتقاء والخلط والإلزام) نموذجين جديرين بالتركيز، الموقف من الديموقراطية والموقف من الفتاوى، في الموقف من الديموقراطية ثمة فكرة مشهورة معروفة تقول بأن الليبرالية يجب أن تسبق الديموقراطية، وأن حرية الفرد في الاختيار ووعيه المستقل يجب أن تسبق حقه في الانتخاب، فكرةٌ ضمن أفكارٍ كثيرةٍ مطروحةٍ للنقاش والجدل، وكاتب هذه السطور يؤيدها ويرى أنها فكرة سليمة فالعبد والمعتقل فكريا وآيديولوجيا واجتماعيا لا يستطيع أن يختار بحرية، فيجب أن يكون حرا أولا ثم بعد ذلك يكون مؤهلا لاكتساب حق الانتخاب، وقد تشنج الغذامي تجاه هذه القضية، وأرغى وأزبد، واقتصر برهانه العلمي لرفض هذه الفكرة على مجرد قناعته الشخصية بأننا مستعدون للديموقراطية منذ ألف عام! (هكذا) ودليله المضاف لهذا هو أنه يتأذى حين يسمع مثل هذا الكلام! وبكل بساطة فقناعته وتأذيه ليسا برهانا علميا ولا دليلا منهجيا.
أما النموذج الآخر فهو الموقف من فتاوى التطرف وفتاوى التكفير والقتل وفتاوى الفضائح، التي هاجمها الليبراليون السعوديون بضراوة، فمن فتاوى التطرف فتوى تحريم الاختلاط، وفتوى هدم المسجد الحرام، ومن فتاوى التكفير والقتل فتاوى تكفير بعض الكتاب المعروفة، وفتوى قتل ملاك الفضائيات، ومن فتاوى الفضائح فتوى ميكي ماوس وفتوى أن الإسلام ليس دين مساواة، وهي فتاوى شديدة الضرر على الوطن والمواطن، فمثل هذه الفتاوى شوهت سمعة البلاد وجنت على التصور العام لها ولمجتمعها في العالم، وأفشلت المساعي المبذولة والتي تقدر بالملايين لتحسين صورة البلاد، وأكثر من هذا فتاوى التكفير والقتل التي تمثل الضوء الأخضر للتنفيذ خاصة في هذا الوقت الذي تنتشر فيه مخططات تنظيم القاعدة لتصفية المخالفين السعوديين منذ الفقعسي وخليته وصولا لمجموعة الخلايا التي أعلن عنها أخيرا والتي كانت مهمة بعضها استهداف الكتاب والمثقفين وبعض رجال الدين، مع كل هذا فالغذامي يرى أن الليبراليين هاجموا هذه الفتاوى لأنها (بس لا تعجبهم) حسب تعبيره! هنا، يجب أن نختلف مع الغذامي لأن هذه الفتاوى ليست رأيا، بل هي تشريع للجريمة.
من المثير للاستغراب أن الغذامي وهو معني في كثير من كتبه بترجمة نظريات غريبة حديثة وتطبيقها على التاريخ والمجتمع العربي والسعودي، كان على الدوام يستثنى الخطاب الديني المتشدد المتشدد مع أنه يقع في صلب هذه النظريات، وما يزيد الأمر غرابة أنه وهو المعني باكتشاف الأنساق الثقافية لدينا قد أغفل التطرق لأهم ظاهرة مقلقة وخطرة مرت بها السعودية والعالم منذ تفجيرات العليا 1995 وتفجيرات الحادي عشر من سبتمبر 2001 وتفجيرات 2003 في الرياض وحتى اليوم، وهي ظاهرة الإرهاب الديني، فلا الإسلام السياسي واسع الانتشار لفت نظره النقدي ولا الإرهاب الديني حرضه على الرصد والتحليل!.
[email protected]
للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 250 مسافة ثم الرسالة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.