وسام المواطن الأول.. بمرتبة الشَّرف الأولى    محافظ القريات يتفقد منفذ الحديثة ويطّلع على الخدمات المقدمة لضيوف الرحمن    أكد أن السعودية أكبر شريك لأمريكا في المنطقة.. ولي العهد: العمل المشترك مع واشنطن يشمل الاقتصاد وإحلال السلام العالمي    إحباط توزيع 2.7 مليون كمامة منتهية الصلاحية    تظليل وتبريد الساحات المحيطة بمسجد نمرة    أكد أنه رفع العقوبات عن سوريا بناء على طلبه.. ترمب: محمد بن سلمان رجل عظيم والأقوى من بين حلفائنا    ولي عهد البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    عسل "الكوكب الأحمر" يحير العلماء    ترأسا القمة السعودية – الأمريكية ووقعا وثيقة شراكة اقتصادية إستراتيجية.. ولي العهد وترمب يبحثان جهود تحقيق الأمن والاستقرار إقليمياً ودولياً    الاتحاد يسعى لحسم لقب"روشن" في بريدة    فناربخشة يعرض مبادلة النصيري ب» ميتروفيتش»    "إهمال المظهر" يثير التنمر في مدارس بريطانيا    ضبط 3 وافدين لارتكابهم عمليات نصب لحملات الحج    القبض على مقيمين لترويجهما مادة الميثامفيتامين المخدر    ولي العهد يصطحب ترمب في جولة بحي الطريف التاريخي بالدرعية    "واحة الإعلام" تختتم يومها الأول بتفاعل واسع وحضور دولي لافت    " الإبداع السعودي" يختتم مشاركته في " كتاب بوينس آيرس"    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    أمير الشرقية يطلع على إنجازات وزارة الموارد في المنطقة    "مؤتمر علمي" لترسيخ الابتكار في السعودية الاثنين المقبل    بمشاركة دولية واسعة من خبراء ومتخصصين في القطاع الصحي.. السعودية رائد عالمي في الطب الاتصالي والرعاية الافتراضية    رفع كسوة الكعبة المشرفة استعدادًا لموسم حج (1446ه)    «مبادرة طريق مكة».. تأصيل لخدمة ضيوف الرحمن    النفط يستقر مع تأثر السوق بتطورات التجارة الأميركية الصينية    حرس الحدود بمنطقة مكة المكرمة ينقذ (4) أشخاص بعد جنوح واسطتهم البحرية    شراكة تتجدد    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    فهد بن سلطان يرعى حفل تخريج طلبة جامعة تبوك.. اليوم    أمير نجران يستعرض تقرير نتائج دراسة الميز التنافسية    تخريج 3128 خريجاً من الجامعة الإسلامية برعاية أمير المدينة    الأمير فهد بن سعد يرعى اليوم حفل جائزة «سعد العثمان» السنوية للتفوق العلمي في الدرعية    أمير الرياض يستقبل سفير موريتانيا ومدير السجون    الرياض وواشنطن.. استثمارات نوعية عالية التأثير    القمة الخليجية الأميركية.. توحيد الجهود لمواجهة التحديات    المرأة السعودية.. جهود حثيثة لخدمة ضيوف الرحمن    رئيس الشورى: المملكة تواصل دعمها لتعزيز وحدة الصف في العالم الإسلامي    «الشورى» يطالب بمحتوى إعلامي يغرس القيم ويعزز حضور المملكة العالمي    الصندوق الكشفي العالمي يثمّن دعم المملكة    مجموعة الدكتور سليمان الحبيب الطبية تُدشّن أول نظام روبوتي مختبري من نوعه «AuxQ»    برشلونة أمام فرصتين لحسم لقب ال «لاليغا»    بندر بن مقرن يشكر القيادة بمناسبة تعيينه مستشارًا بالديوان الملكي بالمرتبة الممتازة    النصر يعادل الرقم القياسي في لقاء الأخدود    الأمير حسام بن سعود يرعى حفل تخريج 4700 طالب وطالبة من جامعة الباحة    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران في زيارة لمدير عام التعليم بمنطقة نجران    نجران الولاء.. وقدوات الوفاء    الخارجية الأمريكية: ترمب يرى السعودية شريكا أساسيا بكل المجالات    العلاقات السعودية الأمريكية.. شراكة راسخة وآفاق واعدة    شاشة كبيرة لهاتف Galaxy Z Flip 7    إنفانتينو: السعودية ستنظم نسخة تاريخية من كأس العالم 2034    الاتفاق يُمدد عقد الشهري لمدة موسم    ملك البحرين يصل إلى الرياض وفي مقدمة مستقبليه نائب أمير المنطقة    المعرض الدولي للمعدات والأدوات يستعرض الفرص في السوق البالغة قيمته 10.39 مليار دولار أمريكي    رئيس جمعية الكشافة يكرِّم شركة دواجن الوطنية لدعمها معسكرات الخدمة العامة    قطاع ومستشفى المجاردة الصحي يُنظّم فعالية "اليوم العالمي لنظافة الأيدي" و "الصحة المهنية"    مدير عام فرع هيئة الهلال الأحمر السعودي بجازان يهنئ سمو أمير منطقة جازان وسمو نائبه بمناسبة تعيينهما    انطلاق منافسات "آيسف 2025" في أمريكا بمشاركة 40 طالبًا من السعودية    أطفالنا.. لسان الحال وحال اللسان    100 مبادرة إثرائية توعوية بالمسجد النبوي.. 5 مسارات ذكية لتعزيز التجربة الرقمية لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليبرالية الشعوب وفساد النخب
نشر في عكاظ يوم 19 - 12 - 2023

في مجتمعات الغرب، هذه الأيام، تُجرى مراجعة جذرية لليبرالية، قيماً وحركة. هناك حِرَاكٌ، إن لم نقل: صراعٌ مجتمعيٌ، بين الجماهير العريضة، خاصةً الشباب، والنخب السياسية، في تلك المجتمعات. لقد اكتشفت مجتمعاتُ الغرب، مؤخراً، أن هناك فجوة غائرة تنضحُ فساداً ورعونةً في صرح الممارسة الديمقراطية، مما يقتضي معه إعادة تشكيل رموز ومؤسسات السلطة، قيماً وسلوكاً، على أسس الليبرالية الحقيقية، توكيداً للسيادة الشعبية الحقة.
الليبرالية، منذ منتصف القرن السابع عشر، حين بزغ نجم الدولة القومية الحديثة، أسّست شرعية الحكم على قيم المشاركة السياسية، توكيداً للسيادة الشعبية، بغايةِ بناء أنظمة حكم ضعيفة، في مواجهة حقوق المواطنين وحرياتهم، لكنها مستقرة بحكم القانون وكفاءة وفاعلية المؤسسات السياسية، تُوَازِن بين مصالح مختلف طبقات المجتمع، للحؤول دون قيام أنظمة حكم مستبدة.
القيم الليبرالية، بِوَجْهِ عملتها الحركي (الممارسة الديمقراطية)، مع الوقت، ظهر أن بها الكثير من الرومانسية، في تقييم جداراتها العملية لاحتواء الصراع السياسي. تدريجياً: برزت مصالح أنانية استغلت «أريحية» الممارسة الديمقراطية، لِتُقَدم مصالحها الذاتية، على الصالح العام، بل على قيم الليبرالية، ذاتها. علينا ألا ننسى.. أنه في الخلفية تقْبَعُ (دوماً) القيم الدينية والشعبوية المتزمتة، متربصة ومتوثبة.
من أهم ما انبثق عن تطور الأيديولوجيات السياسية، كبديل عن القيم الدينية التي كانت تحكم مجتمعات العصور الوسطى، أن هذه الأفكار السياسية الجديدة، كانت أقوى زخماً في تأجيج الصراع السياسي في المجتمعات الغربية، من رومانسية القيم الليبرالية وأريحية الممارسة الديمقراطية. مع الوقت، ظهر ما يمكن أن يطلق عليه «فاشية ديمقراطية»، كان أول ضحاياها قيم الليبرالية الديمقراطية. بدل من أن تكون الديمقراطية آليةُ ممارسةٍ سلميةٍ، لإحتواء الصراع السياسي وإعلاء مكانةَ القيم الليبرالية الحقيقية، دفاعاً عن الحرية الفردية وذوداً عن حقوق الإنسان، أضحت الممارسةُ الديمقراطية «سُلَّمَاً» لوصول تيارات انتهازية فاشية، تمثلها نخبٌ فاسدة، تستخدم مؤسسات الحكم الديمقراطية، لخدمة مصالحها، مُسَاوِمَةً على قيم الليبرالية.
الصهيونية، أخطر الأيديولوجيات القومية، على قيم الليبرالية العلمانية والممارسة الديمقراطية. استخدمت الصهيونية آلية الممارسة الديمقراطية السلمية تدريجياً لمصلحة تيارٍ قوميٍ دينيٍ متطرف، في مجتمعات الغرب، وجد في رغبة اليهود إنشاء وطن قومي في فلسطين، تكفيراً عن عصور اضطهاد طويلة مارسها الغرب (المسيحي)، وصلت أوْجَها في أسطورة الهولوكوست، أثناء الحرب الكونية الثانية، من جهة.. وتصفية المسألة اليهودية في مجتمعات الغرب، من جهةٍ أخرى.
اليهودُ، تاريخياً، لم يشعروا أماناً في العيش بين أقوامٍ أخرى. في المقابل: لم ترحبَ أقوامٌ كثيرةٌ بوجودِ اليهودِ بين ظهرانيهِم. عدم شعور اليهود بالأمان، تَحَوّل إلى رغبةٍ جارفةٍ في السيطرة، من وراء الكواليس، على مقدرات السلطة في مجتمعات الغرب، لتحقيق هدفين أساسيين. الأول: ضمان دعم مجتمعات الغرب لمشروع كيانهم اللقيط في فلسطين. وهذا لن يتأتى، ثانياً: إلا بإحكام السيطرة على نخبِ الغربِ «الليبرالي الديمقراطي»، بتكبيلهم بقوانين، تضمن لليهودِ موقعاً سياسياً واجتماعياً متميزاً - في الوقت نفسه - دعماً سخياً ممتداً لكيانهم اللقيط في فلسطين. قوانين معاداة السامية، كانت المعول الأساس لهدم قيم الليبرالية في مجتمعات الغرب الديمقراطي.
في مجتمعات الغرب، يمكن أن تنتقد أي شخص وأي فكرة وأي وجهة نظر، أو أي مؤسسة دينية أو سياسية، إلا اليهود والصهيونية! عند انتقاد الصهيونية، تنتهي حرية التعبير. بافتقاد الديمقراطية، لحرية التعبير «المقدسة فلسفياً وأخلاقياً ودستورياً»، لم يعد هناك شيءٌ اسمه ديمقراطية ليبرالية. بالتبعية: أي سياسي ليحقق طموحاته السياسية واستمرار بقائه في السلطة، عليه أن يَدِينَ بالولاء للصهيونية والخضوع ل «لوبيهاتها»!
لعلّ من أهم تداعيات طوفان الأقصى، عالمياً، وصول أمواجه الهادرة لمجتمعات الديمقراطيات الليبرالية في الغرب. لقد تم الكشف عن ممارسات لفسادٍ سياسيٍ متجذر ينهش في رموز ومؤسسات الحكم هناك. تَمَثلَ ذلك في مظاهرات عارمة عمت الكثير من المدن ضد إسرائيل، رافعةً علمَ فلسطين تهتف: تعيش فلسطين حرة، منددةً بمواقف حكواماتها المؤيدة، لممارسات إسرائيل في حربها على غَزّةَ، المصنفة قانوناً، كجرائم حرب وإبادة جماعية.
هذا الحراك الشعبي السلمي، الذي صاحبته حملة مقاطعة منظمة وفعالة ضد منتجات استهلاكية لشركات غربية تدعم إسرائيل، إنما هو، في حقيقة الأمر، ثورة شعبية عارمة لصحوة سياسية جادة، تهدف لتغيير معالم الممارسة الديمقراطية التقليدية، في مجتمعات الغرب، بُغْيَة توجيهها وفقاً لقيم الليبرالية الحقة. طال الأمر أم قصر، فالتغيير قادم.
الليبرالية كمنظومة قيم إنسانية خَيرَة ما زالت بخير، متجذرة بعمق في ضمير الإنسانية، تظهرُ بجلاء وقوة في آراء ومواقف وحِرَاك وتوجهات أحرار العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.