هيئة الربط الكهربائي ل "الرياض": السوق العربية للكهرباء تمثّل منصة استراتيجية لتعزيز التكامل الإقليمي وتجارة الطاقة    ترامب يُمهل روسيا 50 يوما لإنهاء الحرب    أبطال جدد وأحداث استثنائية في الأسبوع الأول من كأس العالم للرياضات الإلكترونية    187 ألف مستفيد من الخدمات الشاملة بالمسجد النبوي    المملكة تؤكد دعمها للجهود الرامية لتعزيز التعاون الدولي في الفضاء السيبراني    الاتفاق يطير بموهبة إفريقيا    تحتضن "دوم الرياضة للجميع" بطولة المنطقة الشرقية 2025 تحت اشراف الاتحاد السعودي للهوكي    51 شهيدًا و143 مصابًا في قصف إسرائيلي على غزة    مفردات من قلب الجنوب ٣    الشورى يقر تعزيز صحة الطلاب النفسية وضبط الممارسات الاحتكارية    رواد التأثير والسيرة الحسنة    تركي بن محمد بن فهد يستقبل سفير دولة الإمارات لدى المملكة    أمير جازان يرأس اللجنة العليا للتوطين    أمير جازان يفتتح مبنى فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بجازان    سوق الأسهم السعودية يواصل الهبوط ويخسر 39 نقطة    تجمع القصيم الصحي يُطلق خدمة النقل الطبي غير الطارئ لمستفيدي الرعاية الصحية المنزلية    عقوبة منتظرة على الهلال بعد الاعتذار عن المشاركة في كأس السوبر    ريكسوس تفتتح أول منتجع من نوعه للإقامة الشاملة بأبحر جدة    دراسة تتوقع اتساع فجوة العمال المهرة في ألمانيا خلال السنوات القادمة    تعامد الشمس على الكعبة المشرفة غدا الثلاثاء    اعتدال و تليجرام يكافحان التطرف الرقمي بإزالة 30 مليون مادة متطرفة    القيادة تهنئ الرئيس الفرنسي بذكرى اليوم الوطني لبلاده    خطة أمريكية لحل الأزمة الليبية    عن الطائف وحولها يتعانق الفكروالقلم يدندنان معاً «1»    موجز    "تقويم التعليم": بدء التسجيل لاختبار القدرة المعرفية    مركز المصالحة يعزز ثقافة التسوية الودية    القبض على 21 مهرباً ومروجاً في عسير وجازان    توثيق دولي جديد.. السعودية الأولى في نمو إيرادات السياح الدوليين    جدل حول تصريحات المبعوث الأمريكي.. الجيش اللبناني: لا مسلحون في المناطق الحدودية مع سوريا    عرض«روكي الغلابة» 30 يوليو    بعد انتهاء أزمة «الغواصات».. استئناف التعاون الدفاعي بين فرنسا وأستراليا    تشيلسي بطلًا لمونديال الأندية    تدشين الخطة الإستراتيجية "المطورة" لرابطة العالم الإسلامي    لتعريف الزوار ب«الأثرية».. جولات إثرائية لإبراز المواقع التاريخية بمكة    المحتوى الهادم.. يبدأ بحجة حرية التعبير وينتهي بضياع القيم    11 لاعباً سعودياً يشاركون في بطولة العالم للبلياردو بجدة    حكم قضائي مغربي ضد WhatsApp    100 مليون مشاهدة في يوم    ترجمة مسرحية سعودية للغتين    الكركديه من مشروب تراثي إلى ترند في مقاهي جدة    القهوة تقلل خطر الإمساك    مسارات صحية تحذيرية تؤدي إلى الخرف    توقيع عقد صيانة شوارع الفوارة بأربعة ملايين ريال    «جامعة نايف الأمنية» تحصد اعتماداً فرنسياً في عدة برامج    «إثراء» يمتّع الصغار بفعاليات متنوعة.. وحرارة الطقس تزيد الإقبال على «المولات»    الملك سلمان للإغاثة يواصل مشروعاته الإنسانية في الدول الشقيقة    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس في ضرية    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    أمير نجران يدشن مبادرة "صيّف بصحة"    الاتحاد يضم عدنان البشرى من الأهلي    فرنسا تعتمد برامج جامعة نايف    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    مكتبة الملك عبدالعزيز العامة تطلق عددا من الفعاليات عن الحرف اليدوية    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. نائب أمير مكة يتشرف بغسل الكعبة المشرفة    هنا السعودية حيث تصاغ الأحلام وتروى الإنجازات    أمر ملكي: تعيين الفياض مستشاراً بالديوان الملكي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عقلنة القصيدة
نشر في عكاظ يوم 11 - 11 - 2022

هل تمتلك القصيدة عقلاً؟ وما شكل هذا العقل؟ وأين يتبدَّى؛ أفي كلماتها، أم في أفكارها، أم هو مستتر في مقصود المتكلم؟ مجموعة من الأسئلة تنطرح على القصيدة وكاتبها، نتيجة انفتاحها على آفاق وكتابات مختلفة، حيث لغتها ما عادت مقتصرة على الموزون المقفَّى، أو الموزون غير المقفَّى، بل تسربت إلى النثر، فشاركته الصياغة، وفاقته في الترميز والمجاز.
للكتابة الشعرية لغة مختلفة عن الكتابة النثرية، ومهما تقاربت اللغتان، أو استخدمتا ذات الألفاظ، ستظلان بعيدتين عن بعضهما البعض، فالشعر يعتمد الإيجاز، وقطع المعنى، واستخدام الرمز، والتكثيف، بينما النثر يعتمد الاسترسال، والسهولة، وإكمال المعنى، وإيضاح الفكرة، وهذا لا يعني عدم تسرُّب خصائص الشعر للنثر، أو خصائص النثر للشعر، فربما وُجدت خاصية من خاصيات الشعر في الكتابة النثرية، وبالعكس، إذ الحدود امَّحت بينهما، أو كادت، وباب التأثر والتأثير مفتوح على مصراعيه.
الفرق الكبير بين الشعر والنثر؛ يتمثل في محاولة «إقناع» القارئ واستمالته، فحينما يأخذ الشعر بمجامع قلبه، مستدرًّا عطفه وشعوره، مستهدفاً التأثير فيه عبر التركيز على إثارته إثارة وجدانية متعمدة، يتجه النثر إلى العكس تماماً؛ فيخاطبُ عقله، لا وجدانه، طارحاً أمامه المسائل من وجهة نظر منطقية، بهدف الوصول إلى نتيجة نهائية، تؤيد الميل لرأي من الآراء، بحسب الأسباب والدواعي.
‏هذا الفرق هو ما يمنح كل نوع كتابي سِماته المميِّزة، فالحُجة والإقناع في حاجة إلى بسط الأدلة، والاسترسال في الحوار، والابتعاد عن التكثيف والترميز، مع سهولة التعبير، ووضوح العبارة، أمَّا نقل الأحاسيسِ والتعبيرُ عن المشاعر، فمن أصعب الأمور على المرء؛ إذ لا يتمكن من فعله إلا بعد جُهد ومشقة، لهذا يأتي تعبيره موجزاً، مقطوع المعنى في بعض العبارات، مستخدِماً الرمز والإيحاء، ومكثِّفاً قدر ما يستطيع.
نقلُ المشاعر وتفريغها ليس كنقل الأدلةِ وبسطِها، فالأولى تتعلق بأحاسيس المرء الداخلية، التي يصعب التعبير عنها، فيحارُ كيف يقوم بذلك! أمَّا الثانية فتتعلقُ بإثبات قضية، أو نفيها، تقع خارج حدود مشاعره وأحاسيسه؛ لهذا لا مشكلة لديه في التعبير عنها، وتأييدها أو رفضها.
«نقل المشاعر أو إثبات القضايا»، رغم اختلافهما في اللغة المستخدَمة، وطريقةِ تقديمها، يستهدفان القيام بذات الأمر، وهو إقناع المتلقي، فالكتابتان الشعرية والنثرية تلتقيان في هذه المنطقة، التي هي الغاية من الكتابة، وإن لم تُصرِّحا بذلك.
«إقناع» المتلقي هدف مشروع للكتابة، وليس هنالك كتابة لا تسعى إلى نوعٍ من الإقناع، إمَّا للآخرِ وهو الغالب، أو للذات؛ عبر التفريغ للمشاعر والأحاسيس الداخلية، التي لا يلزم أن يكون هدفُها الإقناعُ الإيجابي، فأحيانا يكون هدفُها الإقناعُ السلبي؛ الإيجابي كأشعار الحب والهُيام كما فعل المجنونُ حين تغزَّل بليلى، والسلبي كأشعار الفقد والأحزان كما فعل ابنُ الرومي حين رثى ولديه.
الكتابةُ النثرية يتبدَّى عقلها من خلال الأساليب الإقناعية الجادة؛ الهادفة إلى التأثير على المتلقي، وهو ما لا يتوافق مع الكتابةِ الشعرية، التي تبتعدُ عن أساليب البرهنة والحجاج، فلا تعتمدُ الاستقراءَ والاستنتاج أداتين للقياس، إنما تعملُ على التفريغِ الشعوري، والعاطفي.
الكتابةُ الشعرية يتبدى عقلها في «لا منهجيتها» الإقناعية، فهي وإن هدفت إلى التأثير على المتلقي، إلا أنها لا تستخدم الأساليب المنطقية الاعتيادية، بل لها أساليبها وطريقتها، التي لا تشبه طريقة النثر.
‏«منطق القصيدة»، أو «المنطق الشعري»؛ هو العقل الذي تتحرَّك بواسطته الكتابة الشعرية، فعبره تنسجم الأشعارُ وتتلاءم، ومن خلال التِئامها تتكاملُ وتتضح، إلى أن تنكشف الدلالات وتؤثر في المتلقي، الذي سيستقبلها دون النظر إلى ترتيبها، ودرجة قوتها وضعفها.
مقاييسُ العقول تختلفُ عن مقاييسِ الشعور، والقصيدة لا عقل لها، أو هكذا ستبدو للناظر، بينما تخفي داخلها عقلها، فأفضل القصائد وأكثرها جودة، تلك التي أجادت ترميز مشاعرها وتكثيفها؛ أي أجادت إخفاء منطقها وعقلها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.