فيصل بن مشعل يطّلع على مبادرة حاضنة الأعمال الزراعية لجمعية فلاليح    8 اتفاقيات لتنمية القدرات البشرية في القطاع الصناعي السعودي    قفزة هائلة في سوق الأسهم السعودية ب 254 نقطة    اختبار وقف إطلاق النار الأول: إسرائيل تقصف طهران رغم تحذير ترمب    أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير السنوي لسجون جازان للعام 2024    الكعبة المشرفة تتزين بكسوتها الجديدة لعام 1447 ه    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يستقبل المدير التنفيذي لجمعية تحفيظ القرآن بالدائر    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    مجمع إرادة بالرياض يحتفل بتخريج 30 متعافيًا من منزل منتصف الطريق والرعاية اللاحقة    42.5 مليون عملية إلكترونية عبر "أبشر" في مايو 2025    جامعة الإمام عبد الرحمن تعتمد مقرر الذكاء الاصطناعي كمتطلب جامعي لجميع الطلبة المستجدين    محافظ الأحساء يشيد بخيرية الجبر وبذلها نصف مليار ريال    الشؤون الإسلامية بالمدينة تكثف جهودها التوعوية    تعيين الغذاء والدواء مركزا إقليميا للتعاون في مجال التغذية لدى الصحة العالمية    الاتفاق يحصد جائزة الملك عبدالعزير للجودة والتميز    غيابات الهلال أمام باتشوكا    حقوق الإنسان تدعو إلى إجراء تحقيقات فورية في استهداف الفلسطينيين في غزة    الخميس تنتهي مدة تسجيل العقارات ل159 قطعة بمكة المكرمة    بواكير تمور المدينة المنورة تُنعش أسواق المملكة بأكثر من 58 صنف مع انطلاق موسم الحصاد    السعودية ترحب بإعلان ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    قاضية أميركية تعرقل خطة ترمب لإغلاق أبواب «هارفارد» أمام الطلاب الأجانب    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    في لبنان.. بلدة ريفية تحظر صياح الديوك    أمين منطقة القصيم يوقع عقد مشروع صيانة الشوارع غرب مدينة بريدة بأكثر من 17 مليون ريال    قطاع خميس مشيط الصحي يُنظّم فعالية "الإسعافات الأولية"    اتفاقية "النقطة الأمنية الواحدة" لتعزيز تجربة المسافرين بين السعودية وبريطانيا    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    "غرفة نجران :تستعد غدًا لإنطلاقة فعاليات منتدى نجران للاستثمار 2025"    أمير قطر يتلقى اتصالًا هاتفيًا من الرئيس الأمريكي    حرارة شديدة ورياح على أجزاء من عدة مناطق في المملكة    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الإسلام دين الرحمة والتسامح لا مكان للكراهية والعنف    الأخضر السعودي لرفع الأثقال البارالمبية يحقق إنجازات عالمية في كأس العالم بالصين    البرتغال وإسبانيا تجهزان الاتفاق للموسم الجديد    حكاية مؤرخ رحل    أمير القصيم : عنيزة تمتاز بالسياحة الريفية والعلاجية    موعدنا في الملحق    ولي العهد للشيخ تميم: السعودية وضعت كافة إمكاناتها لمساندة الأشقاء في قطر    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره خطر    دراسة تحذر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم    صحف عالمية: سالزبورغ خطف نقطة من الهلال    نيفيز: فرطنا في فوز مستحق    محمد بن سلمان: رؤية تُحوِّل الأحلام إلى حقائق    وطن الشموخ    ختام مشاركة المملكة في معرض سيئول الدولي للكتاب    السدو.. نسيج الذاكرة ومرآة الهوية    6000 موقع عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني    واشنطن تصدر «تحذيراً عالمياً» للأميركيين    يرجى عدم المقاطعة!    قطر تعلن التصدي لصواريخ إيرانية والاحتفاظ ب"حق الرد المباشر"    الجوازات تواصل إنهاء إجراءات مغادرة الحجاج عبر كافة المنافذ    أمانة الشرقية تقيم حملة تطوعية لمنسوبيها للتبرع بالدم بالتعاون مع بنك الدم المركزي    علقان التراثية    المملكة تختتم مشاركتها في معرض سيئول للكتاب.. الثقافة السعودية تعزز حضورها عالمياً    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    الجبهة الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من قال لكم إن كورونا عذاب !
نشر في عكاظ يوم 06 - 04 - 2020

عرفت الجزيرة العربية الكثير من الأمراض والأوبئة منذ دعوة سيدنا إبراهيم من فوق جبل أبي قبيس «وأذن في الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق». فأصبحت هذه الأرض قبلة للعالمين تأتي إليها مع القادمين شتى الأمراض إضافة إلى القوافل التجارية القادمة من الشرق الأقصى باتجاه أفريقيا وأوروبا والعكس حاملة معها بعض الأوبئة والأمراض. عرف العرب قبل الإسلام الأمراض المعدية وكانوا يتجنبون الشخص المصاب بها ولا يقربون منه، وعرّفوها بأنها كل مرض قاتل فتاك ينتقل بالعدوى ويودي بحياة صاحبه، فعرفوا الطاعون والجدري والهيضة والعدسة، وكانت قريش تتقي هذا المرض لخطورته، وقد تركت جثة أبي لهب أياما لا يجرؤ أحد على الاقتراب منها خوفا من العدوى بعد أن مات بهذا المرض، وكانوا يرجعون أسباب هذه الأوبئة إلى غضب الآلهة على الناس وإلى أرواح شريرة تصيب الأجسام فلجأوا إلى الكهنة والسحرة والخرافة لمواجهة أمراضهم وعلاجها.
حتى جاء الإسلام فطوّر من مفاهيم الجاهلية، فكان القرآن والسنة النبوية دليل المسلم في النظافة والطهارة والغسل والوضوء والسواك وكل ما يساعد على إزالة الأوساخ، وحثنا على التداوي والأخذ بأسباب العلاج فقال عليه الصلاة والسلام «لكل داء دواء» فإذا أصاب دواء الداء برئ بإذن الله، وعندما سأله الأعراب هل نتداوى يا رسول الله لم يقل لهم اذهبوا إلى من يرقيكم بزمزم ويدهنكم بزيت بل قال لهم «تداووا فإن الله لم يضع داء إلا ووضع له شفاء» كما اهتم بنظافة المكان فقال عليه الصلاة والسلام «نظفوا أفنيتكم ولا تشبّهوا باليهود» كما حث على نظافة الطرقات والشوارع فقال «اتقوا اللعانين» وهو الذي يقضي حاجته في الطريق ويرمي بأوساخه وزبالته ومخلفاته في الشارع، وأمر بأخذ الحيطة داخل البيوت حتى لا تنتقل الأمراض عن طريق الهواء والماء والطعام فقال «غطوا الإناء وأوكوا السقاء حتى لا ينزل فيه الوباء».
وضع الإسلام قواعد صحية لمنع انتشار الأوبئة مثل (العزل الصحي) فقال نبي الأمة «لا يردن مريض على صحيح» وكذلك (الحجر الصحي) فقال «إذا سمعتم بالطاعون في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها». ولعل أول جائحة وبائية رصدت في مكة كانت الحمى التي أصابت قبيلة جرهم، وفي عام الفيل ظهرت الحصبة والجدري، وفي عام 84ه أصاب الناس في مكة مرض شديد في أجسامهم وحلوقهم فمات منهم كثيرون وسمي عام المخبل، وفي عام 174ه ظهر وباء في مكة منع الناس الحج، وفي عام 202ه كان سيل ابن حنظلة تبعه مرض مات فيه خلق كثير، وفي عام 484ه عم الطاعون أرض الحجاز، وفي عام 595ه ظهر الطاعون في الطائف واستمر شهورا حتى وصل مكة. وشهدت مكة في عام 281ه كوليرا شديدة استمرت شهورا راح ضحيتها ثلاثون ألف نسمة، وانتقلت مع الحجاج إلى مصر وأوروبا وبلاد الأناضول وأجمع الحكماء أن ذلك بسبب العفونة في منى ولم يجرؤ أحد أن يدعي -كما يفعل اليوم بعض الجهلة والحمقى- أنه بسبب الذنوب وغضب الله، وفي عام 1310ه ظهرت الكوليرا في مكة ومات منهم خلق كثير، أعقبتها سنة انتفاخ الحلق وفيه مات البشر والدواب حتى بلغت الجنائز 50 جنازة في اليوم الواحد. وفي طاعون الطائف هرب الناس وتركوا حوانيتهم ودورهم مفتوحة لا يجرؤ أحد على الدخول عليها خوفا من العدوى، وفي عام 749ه وقع في مكة وجدة والطائف وضواحيها وباء عظيم أفنى البشر والحيوان حتى قيل إن من بقي من سكان جدة أربع أنفس، وقال ابن حجر إنه الطاعون، وغيره من الأمراض والجفاف والجوع ونقص في الأموال والثمرات مما يصيب به الله عباده. فلا يعلم جنود ربك إلا هو فلا يمكن أن ننسب إلى ذاته الإلهية ما تراه أحلامنا المريضة.
حتى منّ الله على هذه البلاد بالأمن والأمان والرخاء، وتطورت وسائل الوقاية والعلاج فكان وباء انفلونزا الخنازير عام 1430ه اختبارا حقيقيا لقدرة المملكة في التعامل مع الأوبئة، فتعاملت معه بكل قوة واقتدار، وكان موسما ناجحا بامتياز لم تسجل فيه وفيات تذكر. واليوم والأرض تعيش جائحة كورونا نسمع من يدعي من المؤدلجين والحزبيين أنها بسبب ذنوبنا، وقد صحح نبي الأمة لأهل الجاهلية أن الأمراض ليست من جنود الله إلا ما خصصه الله بقوله، ولم أجد في التاريخ من ربط بين جائحات الزمان وغضب الرحمن إلا في زمن الصحوة والإخوان ومن صار على نهجهم حتى أصبحوا رهينة لأوهامهم وتصوراتهم المريضة، فربطوا بين الغناء ومواسم الترفيغ والفنون وظهور كورونا.
* كاتب سعودي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.