زيلينسكي يتهم بوتين بمحاولة إفشال قمة السلام    الأهلي يلاقي الهلال .. والنصر يواجه التعاون في نصف نهائي السوبر السعودي    تظاهرة فنية في معرض «تعابير» التشكيلي..    هيئة التراث تُسجّل مواقع أثريةً جديدةً بالسجل الوطني للآثار    «البنتاغون» تعلن إزالة الرصيف العائم في غزة للإصلاح    عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة نجران    وزير الإعلام: ناقشنا 19 بنداً وعلى رأسها القضية الفلسطينية    د.الزارع يشكر القيادة الرشيدة بتعيينه على المرتبة الخامسة عشرة بوزارة التعليم    مناقشات أوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل    المملكة تفوز بجوائز منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات «WSIS +20»    رسميا.. بيلينجهام أفضل لاعب في الدوري الأسباني هذا الموسم    وزير الصحة: المملكة تؤكد ضرورة تحقيق صحة ورفاهة شعوب العالم    3 دول جديدة تعترف بدولة فلسطين    مجزرة جديدة.. 20 قتيلا بقصف لقوات الاحتلال على مخيمات رفح    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير نجران ونائبه ويطلع على المبادرات التنموية التي تشرف عليها الإمارة    "دور وسائل الإعلام في الحد من الجريمة"    السودان: مأساة نزوح جديدة تلوح في الأفق    افتتاح قاعة تدريبية لتدريب وتأهيل مصابي تصلب المتعدد    وزير الداخلية يلتقي أمير نجران ونائبه ويطلع على المبادرات التنموية التي تشرف عليها الإمارة    بحضور نائب أمير عسير.. تكريم أصحاب المتاحف بالمنطقة    «نايف الراجحي الاستثمارية» و«مسكان» تطلقان شركة «ارال» لتطوير مشاريع عقارية عملاقة مستدامة تحقق بيئة معيشية متكاملة    «سلمان للإغاثة» ينتزع 1.375 لغمًا عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    فيصل بن مشعل يكرم 18 فائزا وفائزة بجائزة التربية الخاصة في تعليم القصيم    "التأمينات الاجتماعية" تُطلق آلية تسجيل العمل المرن المطورة    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي الكلية التقنية بالمحافظة الحاصلين على الميدالية البرونزية بالمعرض السعودي للإختراع والابتكار التقني    القتل لإرهابي بايع تنظيماً واستهدف رجل أمن    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    الملك مطمئناً الشعب: شكراً لدعواتكم    ضبط 10 آلاف سلعة غذائية منتهية الصلاحية بعسير    7 اتفاقيات لتحسين جودة مشاريع الطرق في جميع المناطق    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    "كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة" تستعد لمرحلة «جامعة الدفاع الوطني»    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى استقلال بلاده    مخفية في شحنة قوالب خرسانية .. ضبط أكثر من 4.7 مليون قرص من الإمفيتامين المخدر    كاسترو يختار بديل لابورت أمام الهلال    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من وسط وشرق المملكة    تطبيق تقنية (var) بجميع بطولات الاتحاد الآسيوي للأندية 2024-2025    السجن والغرامة لمن يتأخر عن الإبلاغ بمغادرة مستقدميه    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    صالات خاصة لاستقبال الحجاج عبر «طريق مكة»    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    حلول مبتكرة لمرضى الهوس والاكتئاب    الفيصل تُكرم الطلاب الفائزين في مسابقتَي «آيسف» و«آيتكس» وتشيد بمشاريع المعلمين والمعلمات    ورحلت أمي الغالية    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    مكتسبات «التعاون»    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نداء القتل!
نشر في أنباؤكم يوم 01 - 06 - 2015


د.يسرى عبد الله
الأهرام المصرية
ثمة حالة من شرعنة القتل حملها البيان الذى وقعه أكثر من مئة وخمسين ممن ينتسبون للعلم، والذين تضمهم مظلات ذات عناوين براقة على غرار ما يسمى «الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين»، وإمعانا فى مزيد من التضليل حملت اللافتة الجامعة لثلة الداعمين للقتل والمنادين به اسم «نداء الكنانة»، فى إشارة إلى تلبية تتمسح بالدين وتدعى انتصارها لأرض الكنانة!، وفضلا عن جملة الدلالات الماضوية التى يحويها الاسم، ناهيك عن جوهر الخطاب الذى يدعو فى متنه إلى أن (من واجب الأمة فك مرسى من محبسه،...)!!، حيث تستعمل مفردة الأمة فى غير موضعها، فيراد بها العالم الإسلامى لا الأمة المصرية التى يبدو حضورها شاحبا فى العقل العام لعلماء الإخوان واتحاد علمائهم، ومنظرى تنظيمهم الدولى ممن ينادون بالذبح الحلال للمصريين على الطريقة الإسلاموية!.
ولم تكن الدوال/ المفردات المستخدمة وحدها البعيدة عن راهن البشر ومعاشهم اليومي، بل تبدو أيضا التصورات التى حواها البيان الكارثى دعوة صريحة للقتل باسم المقدس، تحت دعاوى زائفة، وقامعة لحق الاختلاف، الذى يتوارى لدى جمهرة المتعالمين الداعين لسحق المخالفين، واستحلال دمائهم، ففى متن البيان الإرهابى تتسع لائحة القتل المجانى لتشمل القضاة ورجال الدين والكتاب والإعلاميين، ممن دعموا معنى الدولة الوطنية ومبناها عقب ثورة الثلاثين من يونيو المجيدة، وأعلن علماء التحريض على العنف والإفتاء بالقتل فى جملة قاطعة لا تقبل التأويل :«ويتعين القصاص منهم بالطرق الشرعية»!، والطرق الشرعية جاهزة دوما لتبرير القتل، وسفك الدماء، فداعش تقتل باسم الشرعية، وأنصار بيت المقدس تقتل فى ظلالها الدموية، والكل عرضة للبطش تحت رايات التكفير اليومى والاحتكار المطلق للحقيقة.
وعلى خلاف ما تبدى جماعة الإخوان من رطان حول سلميتها الكاذبة، فإن التلقى الفرح بالبيان والمتفاعل معه من جانبها ومن جانب أنصارها يبدو كاشفا لحالة الزيف المصطنع حول حراكها فى الشارع المصري، حيث برز العنف هنا بوصفه خطابا ملفوظا مثلما هو واقع تنتهجه يوميا، أملا فى خلخلة الدولة المصرية، وابتزازها سعيا للوصول للسلطة، فالجماعة التى دشنت لمناخات من الكراهية بين المصريين ثمنوا فى بيان لهم ما سموه ب «نفرة العلماء»، وذكروا نصا أن العلماء قد بينوا الواجب الشرعى فى مقاومة النظام (حتى يسقط وتعود الشرعية)!.
ففى سبيل الشرعية المزعومة تثمن الجماعة كل شيء، وتفعل أى شيء، فالعنف منهج حياة، والقتل آلية للتعاطى مع العالم، والدماء قربان لسلطة مرغوبة، ولخلافة متوهمة، ومحاولة خلق التحالفات على أشدها، إقليمية ودولية، والخطاب المطروح يتبدل وفقا للحاجة، وللظرف، وللسياق، فالجماعة أهم من الوطن، والعشيرة أبقى من الجماهير! إنها البنية المهيمنة على الذهنية الإخوانية التى لا ترى بديلا عن الحكم إلا قتل المصريين، والفتوى جاهزة من علماء «أجلاء» يرعاهم «مفتى الناتو» القطري.
إن «نفرة العلماء» بالتعبير الإخوانى المستقى من النص القرآنى «يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا فى سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض»، يبدو استخداما دلاليا فى غير موضعه، فالقتل ليس جهادا، وتصفية المخالفين جسديا ليست رفعا لرايات الإسلام، والعنف والتحريض على الآمنين والقتل على الهوية الفكرية إرهاب أسود، ونفق معتم أبطاله قادمون من شرائع الغاب السحيقة، ونواميس العصور البائدة، وظلمات العصور الوسطى.
يبدو بيان الإخوان الداعم للقتل إذن عطفا على بيان العلماء الداعى للتصفية الجسدية للمخالفين، وما بينهما ثمة حلقات متشابكة من الفهم المغلوط للعالم، ولمعان كبرى فى حيوات البشر، حيث يطغى السياسى على الديني، ويوظفه لخدمته، ويتخذه مطية لبلوغ أهدافه المخزية، فتفقد الأشياء معناها عبر قوة الإنشاء المراوغ، الذى يستعين بالمقدس فى معركة سياسية بالأساس، خسرها الإخوان لا بفعل بطش السلطة كما يعتقدون، بل بفعل الرفض الشعبى العارم لهم من قبل ناسنا الذين ملأوا الميادين والشوارع المصرية صارخين فى نفس واحد: «يسقط .. يسقط حكم المرشد». وهذه الجماهير قد طوت وحدها صفحة الإخوان للأبد فى بلد يدرك مثقفوه الحقيقيون أن جينات التراكم الحضارى للمصريين هى التى ألقت بالجماعة المتطرفة من النافذة، لا لشيء إلا لأن الهوية الوطنية قد تعرضت لأقسى لحظات الارتباك، جراء الهجمة البربرية عليها من قبل قطعان التطرف والعقل الجامد، من مشايعى الجماعة ورموزها التكفيرية.
كنا نتمنى أن تكون «نفرة العلماء» فى سبيل التكريس لقيم التقدم والإبداع، ومحاولة اللحاق بركب اللحظة العالمية المتحولة معرفيا وتقنيا، تكريسا لواقع حر وإنسانى وتقدمي، لا نفرة صوب الماضى واستعادة أقسى اللحظات الغابرة وأكثرها تعاسة، ودموية، لكن هذا ما جادت به قريحة علماء الإخوان والمتعاطفين معهم من حاملى أختام الشريعة والشرعية وفك المحبس!، وبما يعنى أننا أمام جماعة خارج اللحظة، وتصورات خارج الزمن والتاريخ.
وبعد.. تبدو الدولة المصرية أمام تحد جديد/ قديم، فالابتزاز الإخوانى على أشده، والضغوط الخارجية لم تزل قائمة، وإن خفت حدتها قليلا، واتخذت مسارات مختلفة، مع تراجع حلفاء، وحضور آخرين، وليس ثمة حل سوى مزيد من التكريس للمشروع الوطني، المتكيء على استقلالية القرار المصرى من جهة، والمعتمد من جهة ثانية - على خلق انحيازات اجتماعية واضحة صوب الطبقات الشعبية التى تمثل السواد الأعظم من المصريين، فنجاح الدولة وتقدمها فى الملفات الداخلية وأهمها على الإطلاق ملف العدالة الاجتماعية سيغلق قوس النهاية للأبد على مشاريع الإسلام السياسى المعتمة والمدعومة من قوى الاستعمار الجديد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.