سعود بن بندر يلتقي العقيد المطيري    تقرير «النقل» على طاولة أمير تبوك    الذهب يرتفع مع ضعف الدولار والرسوم الجمركية الأميركية    «الاستثمارات العالمية» في النفط والغاز تتجه للشرق الأوسط    موافقة الملك على منح وسام الملك عبدالعزيز ل200 متبرع بالأعضاء    لبنان يطلب ضمانات للالتزام بنزع سلاح «حزب الله»    "مسام" ينزع (1.493) لغمًا في الأراضي اليمنية خلال أسبوع    مباحثات سعودية كمبودية تؤكد أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين    غونزالو غارسيا يقود ريال مدريد إلى ربع نهائي «مونديال الأندية»    القيادة تهنئ حاكم كندا ورؤساء الصومال ورواندا وبوروندي بذكرى بلادهم    فيصل بن مشعل يحتفي ب24 فارساً حققوا 72 إنجازاً محلياً ودولياً    المملكة توزّع (900) سلة غذائية في محلية الخرطوم بالسودان    المملكة تدعو إلى إيجاد واقع جديد تنعم فيه فلسطين بالسلام    محمد بن عبدالرحمن يلتقي سفير كولومبيا.. ويرعى حفل «تيسير».. اليوم    320 طالباً يشاركون في برنامج «موهبة الإثرائي» في الشرقية    انطلاق صيف المذنب في متنزه "خرطم"    المفتي يتسلم تقرير العلاقات العامة بالإفتاء    د. السفري: السمنة مرض مزمن يتطلب الوقاية والعلاج    متحف «تيم لاب بلا حدود» يحتفي بعامه الأول في جدة    "عسل جازان" يحقق ميدالية بلاتينية في مسابقة لندن الدولية 2025    أمير جازان في زيارة تفقدية لمحافظة ابو عريش والوقوف على مجرى السيول بوادي عز الدين    "دلّه الصحية" تفتتح عيادة جديدة في حي السلام بالرياض    مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيم حفل "فرحة نجاح" احتفاءً بنجاح نزيلات مؤسسة رعاية الفتيات    رياضي / الهلال السعودي يتأهل إلى ربع نهائي كأس العالم للأندية بالفوز على مانشستر سيتي الإنجليزي (4 – 3)    فلومينينسي يعبر إنتر ميلان إلى ربع نهائي مونديال الأندية    شراحيلي اتحادي حتى 2028    القيادة تعزّي أمير الكويت في وفاة الشيخ فهد صباح الناصر    العثمان.. الرحيل المر..!!    واشنطن تكثف الضغوط لعقد صفقة.. إسرائيل تهدد ب«القوة» وتطالب بإخلاء غزة    ترمب ينفي أي تفاوض.. إيران تتهم غروسي بتبرير استهداف منشآتها النووية    صالح السلوك يكرم شركاء النجاح والمتطوعين    في ذمة الله.. صالح الموسى    شرف الدين وباهرمز يزفان فيصل وبدور    وسط تصعيد ميداني لافت.. الكرملين يتطلع لاستئناف المفاوضات مع كييف    18 % نسبة الارتفاع.. 4.32 تريليون ريال أصول صندوق الاستثمارات    "الاتصالات والفضاء" تطلق النسخة الثانية من " المبادرة".. تعزيز مفهوم الاقتصاد الدائري بتدوير الأجهزة الإلكترونية    أبحاث التخرج المتكررة والبحث عن النجاح بدون مجهود    بناء نظام وطني لدعم التدريب والتعلم الرقمي    أحمد السقا يخرج بكفالة بعد اتهامه بالتعدي على طليقته    بدء التقديم في برنامج "قياديات القطاع الصحي"    أصداء    هنأت رئيس الكونغو الديمقراطية بذكرى استقلال بلاده.. القيادة تعزي أمير الكويت وولي عهده في وفاة فهد الصباح    في ختام دور ال 16 من كأس العالم للأندية.. قمة تجمع ريال مدريد ويوفنتوس.. ودورتموند في مهمة مكسيكية    إلزام المطاعم بالإفصاح عن المكونات الغذائية    الجراحات النسائية التجميلية (2)    "الفيصل" يرأس الاجتماع الأول لمجلس إدارة الأولمبية والبارالمبية السعودية    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يطلع على استعدادات المنطقة خلال موسم الصيف    "الدهمشي" يطّلع على جهود فرع الصحة بجازان ويشيد بدوره في متابعة كفاءة الخدمات الصحية    رئيس مجلس الشورى يصل إلى مملكة كمبوديا في مستهل زيارة رسمية    غرفة الشرقية تناقش دور القطاع الخاص في البرنامج الوطني للتشجير    أمير جازان يتسلم التقرير السنوي لإدارة مرور المنطقة    حملة توعوية وتثقيفية على مغاسل الملابس بالظهران    أمير جازان يستقبل قائد قوة الطوارئ الخاصة بالمنطقة    البيعة الثامنة لولي العهد بلغة الثقافة والفنون    أكد أهمية مناهج التعليم الديني.. العيسى يشدد: تحصين الشباب المسلم من الأفكار الدخيلة على "الاعتدال"    «الشؤون النسائية بالمسجد النبوي» تُطلق فرصًا تطوعية    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لنجعل الصيام زكاة للبدن والبيئة
نشر في أنباؤكم يوم 09 - 07 - 2014


CNN بالعربية
أفرزت حياتنا المعاصرة أنماطاً سلوكية أبعد عما يجب أن تكون عليه سلوكيات المسلم، فنمط الحياة ما هو الا إنعكاسا لصورة الفرد وقيمه الذاتية والطريقة التي يرى فيها نفسه والبيئة المحيطة به وكذلك كيفية التعامل مع كل ما حوله.
لذلك فالقيم والآداب الاسلامية يجب أن تلعب الدور الرئيسي في توجيه سلوكيات المسلم الا أن متغيرات الحياة المعاصرة للأسف كرست سلوكيات حياتية ضارة للفرد والبيئة والمجتمع مثل التدخين وسوء التغذية نتيجة الاعتماد على الوجبات السريعة والاستهلاك المفرط غير المستدام والاستنزاف والهدر للموارد الطبيعية كالطاقة والمياه بالاضافة لتلويث البيئة ومواردها الطبيعية وعدم الاهتمام بالنظافة خاصة للاماكن العامة منها، وعدم احترام قواعد المرور والنظام بصفة عامة وغيره الكثير. كل هذا أدى إلى العديد من الأمراض النفسية والإجتماعية والبدنية والعقلية وانخفاض نوعية الحياة بشدة عما كان عليه الحال مع أجدادنا على مر العصور مع أننا نملك حالياً من التكنولوجيا ما يفوق بمراحل ما كان متاحا لهم!
لذلك فان شهر رمضان فرصة ذهبية للنظر في جعل الصيام تحولاً لنمط حياة خضراء غير ملوثة وغير مسرفة أو مستنزفة للموارد الطبيعية وقليلة الانبعاثات الكربونية . إن نمط الحياة الخضراء يعنى ببساطة تحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة المنشودة.
وكما قيل بحق "الصيام زكاة للبدن" حيث أثبت العلم الحديث أن للصيام فوائد عديدة تعود على الفرد، مثلا من الناحية الصحية الصيام يعزز إزالة السموم من جسم الانسان، ويساعد على علاج الالتهابات، ويعمل على زيادة حرق الدهون، وخفض مستويات السكر في الدم... وغيرها الكثير. فلنجعل الصيام زكاة للبيئة أيضاً بعدم تلويثها او استنزاف مواردها فى الشهر الفضيل أيضاً.
والصَّوْمُ يعنى" الإمساك عن أيّ فعلٍ أو قَوْل كان"، وشرعا الصيام هو "إمساكٌ عن المُفْطِرَاتِ من طلوع الفَجْرِ إلى غروب الشمس مع النِّيَّة"، وهنا يعني الصيام ليس فقط ترك الطعام والشرب وإنما أيضا الصوم عن الذنوب، والغيبة... وما إلى ذلك من قول أو فعل فيه معصية للخالق أو ضرر للعباد أو تلويث أو إفساد للبيئة ومواردها.
وفى الحقيقة، باختصار وبساطة، أن هدف الانسان في هذه الحياة شيئان أساسيان هما: 1) عباده لله سبحانه وتعالى 2) وعمارة الأرض، يقول الحق سبحانه وتعالى "وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ"، سورة الذاريات (51)، فلا يمكن تحقيق أي من الهدفين اذا كان هناك تلوث وفساد للنظم الايكولوجية وللموارد الطبيعية، فذلك يعني أن الأرض ومواردها الطببعية لم تعد قادرة على إمداد الانسان بما يتطلبه لعمارتها ولابقاء حياته لأنه ببساطة الموارد الطبيعية أصبحت فاسدة ولا تصلح لغاياتها التى خلقت من أجلها. يقول الحق سبحانه وتعالى "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"، سورة الروم (30.)
لذلك فمن الطبيعي أن يعني الصيام أيضاً الامتناع أي أفعال تؤدي إلى تلويث البيئة وإفساد مواردها وإستنزافها والاستهلاك والإستخدام المسرف. بل على العكس، يجب على الصائم حماية البيئة ومواردها خاصة فى شهر رمضان، فلا يكون الصيام صحيحاً مع الافساد والتلويث للموارد البيئية. ولذلك فالصيام فرصة للتنقية سواء للنفس والبدن والنظم الإيكولوجية.
إن وجود الإنسان في هذه الحياة مؤقت واستخلافه فيها مؤقت وبالتالي هذا التحديد الزمني للبقاء يترتب عليه تحديد الاستخلاف والانتفاع. ومن هنا تبرز أحقية الأجيال المتعاقبة في الانتفاع بالموارد الطبيعية وضرورة أن يحفظ الجيل الحالي للأجيال التي بعده حقها في الانتفاع بما خلق الله في هذا الكون (أي فكرة العقد الضمني بين الأجيال التي قام عليها مفهوم التنمية المستدامة) وأن على الانسان أن يسلم البيئة، على الأقل، على نفس الصورة التى تسلمها من أجداده إن لم يعمل على زيادة صلاحها ، فوظيفة الإنسان الأساسية، على الأقل، هي الابقاء على صلاح الصالح إن لم يزده صلاحاً ويعمر الأرض أو كما يقول علم البيئة الحديث: تحسين أو الإرتقاء بجودة (نوعية) الحياة. وما سبق يتماشى تماماً مع مفهوم التنمية المستدامة. فالتنمية المستدامة هي التي تعمر الأرض بمراعاة كافة الجوانب التنموية المختلفة ولا يترتب عليها آثار سلبية.
إن التحول لنمط الحياة الخضراء للمسلم فى الملبس والمأكل والاستهلاك والعادات واستخدام الموراد الطبيعية كالطاقة والمياه ...الخ خلال شهر رمضان ليس فقط مسؤولية اجتماعية، ولكن أيضا واجب ديني . يقول الحق سبحانه وتعالى "وَهُوَ الَّذِي أَنشَأَ جَنَّاتٍ مَّعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُواْ مِن ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُواْ حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ"، سورة الأنعام (6.)
ولا غرو أن هذا ما تنبهت له الأمم المتحدة حيث تبنت بعد قمة ريو 1992 الاستهلاك والانتاج المستدام وكذلك ريو 2012 (ريو+20) التى أقرت الخطة العشرية للانتاج والاستهلاك المستدام فى قطاعات مختلفة هي الطاقة، المياه، إدارة النفايات، التعليم والسياحة. إن الانسانية تعيش حالياً فى عصر أزمات متعددة أزمة مالية ومناخ، وطاقة، ومياه ...الخ. فلنغتنم هذه الفرصة التي يقدمها لنا شهر رمضان ونقدم نموذجاً للسلوك الأخضر الذى يعالج هذه الأزمات المختلفة ودعونا نأمل أن يستمر هذا النمط الأخضر والمسئول بيئياً على مدار العام.
* المنسق العالمي للمجتمع المدني لمجموعة البحث العلمي التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.