الاقتصاد السعودي يحقق أعلى نمو منذ الربع الثالث 2023    بوبا للرعاية المتكاملة توسّع شراكاتها لترسيخ نموذج الرعاية الوقائية داخل بيئات العمل    السعودية للكهرباء تبرم اتفاقيات بقيمة 4 مليارات دولار ضمن أعمال منتدى الاستثمار    نائب رئيس الصين الشعبية يغادر الرياض    وزير "الشؤون الإسلامية" يُدشِّن مشاريع بأكثر من 74 مليون بمنطقة الباحة    فيرتكس ووزارة الصحة السعودية توقعان مذكرة تفاهم لتعزيز رعاية مرضى اضطرابات الدم    استقرار أسعار النفط    مركز التنمية الاجتماعية بجازان ينفذ لقاءً توعويًا بعنوان "جيل آمن"    بحث مستقبل الاستثمار والابتكار بالجامعات    منافسات بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ تتواصل في الرياض    أكد الدور الاقتصادي للشركات العائلية.. وزير الاستثمار: 3 تريليونات دولار قيمة سوق المال السعودي    رعى منتدى القطيف..أمير الشرقية: الحراك التنموي والاستثماري يجسد دعم القيادة وقدرات أبناء الوطن    في الجولة السابعة من دوري روشن للمحترفين.. ديربي يجمع الهلال والشباب.. والنصر يستضيف الفيحاء    بعد سحب القرعة.. مواجهات قوية في ربع نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    تقنية VAR تتدخل في البطاقات الصفراء الخاطئة    تحت رعاية الأمير عبدالعزيز بن سعود.. انطلاق «أبشر 2025» و«أبشر طويق» في ديسمبر    أفراح الصعيدي وبالعمش    كسوف كلي يظلم العالم عام 2027    مختص: «السماك» يزين سماء السعودية ل13 يوماً    وسط تصعيد عسكري وتحذيرات من الرد على أي خرق.. إسرائيل تعلن استئناف وقف النار في غزة    الثقافة تقبل 10 باحثين ضمن منحة الحرف    راشد الماجد يطلق أغنيته الجديدة «من عرفتك»    دروات موسيقية ل 90 طالباً في جدة    «شرطي» يقتل زوجته السابقة وينتحر    أمريكا تؤكد تمسكها بوقف النار    "الخدمات الطبية" بوزارة الداخلية تستعرض تجربة صحية متكاملة لخدمة ضيوف الرحمن في موسم الحج    المملكة وباكستان.. شراكة وتحالف استراتيجي    مختصون يطالبون بتطبيق التجربة الصينية    إكسبو: الرياض تدعو العالم أن يكون جزءاً من الحدث العالمي    العطاء فطرة سعودية    عوار: شخصية الاتحاد حسمت الفوز أمام النصر    المرافق العامة مرآة الوعي    التعليم بين الاستفادة والنمذجة    مطالبات بتشديد رقابة مقاصف المدارس    مركز التميّز للعيون.. نموذج وطني متكامل    تدشين موقع الأمير تركي الفيصل.. منصة توثيق ومساحة تواصل    هيئة التراث: أطر قانونية وتعاون دولي لصون الإرث الإنساني    أمير جازان يطلع على سير العمل في المحاكم والدوائر العدلية    استعراض منهجية «الإخبارية» أمام فيصل بن بندر    إنزال الناس منازلهم    أمير تبوك يستقبل مدير الأحوال المدنية    برعاية وزير الثقافة.. "روائع الأوركسترا السعودية" تعود إلى الرياض    لماذا الشيخ صالح الفوزان    إسرائيل تعلن استئناف وقف النار وحماس تتهم واشنطن بالانحياز    دارفور تتحول إلى مركز نفوذ جديد وسط تصاعد الانقسامات في السودان    إلزام المبتعثين بتدريس الصينية    منافسات سباقات الحواجز تواصل تألقها في بطولة العالم للإطفاء والإنقاذ 2025    أمير منطقة جازان يستقبل مواطنًا لتنازله عن قاتل والده لوجه الله تعالى    300 طالبٍ وطالبة موهوبين يشاركون في معرض الأولمبياد الوطني للإبداع العلمي في الدمام    السعودية ترحب بإعلان سوريا اعترافها بجمهورية كوسوفا    هيئة الأمر بالمعروف بجازان تفعّل معرض "ولاء" التوعوي بمركز شرطة شمال جازان    "رهاني على شعبي" إجابة للشرع يتفاعل معها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالمحمدية في جدة يستأصل بنجاح ورماً ضخماً من البنكرياس ويعيد بناء الوريد البابي    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي يُجري الفحوصات الطبية للملاكمين المشاركين بنزالات موسم الرياض    ولادة توأم من بويضات متجمدة    أمير منطقة تبوك يستقبل مدير شرطة المنطقة    أمير جازان يستقبل المستشار الشرعي بفرع الإفتاء في المنطقة    كباشي: شكراً صحيفة «البلاد»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في سورية لم يبقَ غير انتخاء الغيور كي يرحم شعبها

جلت في باحات جامعة لين بولاية فلوريدا الأميركية الاثنين الماضي، حيث جرت المناظرة الأخيرة بين الرئيس أوباما ومنافسه ميت رومني، التي خصصت للسياسة الخارجية. بدا المكان ككرنفال هائل، عشرات عربات النقل الفضائي متداخلة مع أكشاك بيع «الهوت الدوغ». اجتمع نحو 3000 صحافي لنقل المناظرة الكبرى بين اثنين يريدان إقناع الناخب الأميركي بأن أحدهما هو الأفضل لإدارة أميركا خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
كان على سورية بجراحها وآلامها أن تجد «حصة» لها في هذا الكرنفال المشغول أولاً وأخيراً بقضاياه الداخلية، وهي الاقتصاد ثم الاقتصاد، وقد حصلت عليه. تصريح من الرئيس أوباما بأنه سيدعم القوى المعتدلة هناك، ومعلومة انفرد بها منافسه رومني أن إيران تؤيد النظام لأنها تريد منفذاً على البحر.
خرجت من اللقاء متشائماً، فكيف سيعرف الرئيس أوباما «المعتدلين» بين الثوار هناك ليدعمهم أو على الأقل ليسمح لمن يرغب في دعمهم في ما لو فاز في 6 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل؟ لو كان سامعاً لي لنصحته بأن يعتبر كل الثوار السوريين معتدلين فيدعمهم ثم يستثني من يثبت تطرفه، أما رومني فعلى السوريين أن ينتظروا حتى كانون الثاني (يناير) ليتسلم السلطة ويتعرف على خريطة المنطقة والجيوسياسة فيها بشكل أفضل كي يتخذ قراراً ما.
قاتل الله أولئك الذين أطلقوا الصواريخ على السفارة الأميركية في بنغازي فقتلوا السفير اختناقاً وثلاثة أميركيين آخرين، فجعلوا من قضيتهم أولوية في الانتخابات الأميركية، وأثارت مخاوف الرأي العام الأميركي من الربيع العربي فأضروا بإخوانهم السوريين.
هؤلاء - الذين أطلقوا الصواريخ وتتعقبهم حالياً الإدارة الأميركية أكثر مما تتعقب بشار الأسد - لا يهمهم «الرأي العام»، ولكن هذا الرأي العام هو الذي يصنع السياسة في الدول الديموقراطية، فاليمين الأميركي المحافظ غير السعيد ابتداء بالربيع العربي، لموقفه القديم من الإسلاميين الذين يراهم خطراً على إسرائيل، نفخ في كير أحداث بنغازي، وحاول ولا يزال تحوير موقف الرئيس الأميركي أوباما الإيجابي حيال تحولات العالم العربي إلى موقف سلبي يلام عليه. ميت رومني مثلاً قال إن الربيع العربي تحول إلى «فوضى خطيرة»، وساوى بين صعود الإسلاميين إلى الحكم في مصر وتونس وسيطرة «القاعدة» على شمال مالي.
نظرية أهمية «الرأي العام» سمعتها في إسطنبول الأسبوع الماضي من صحافي تركي شاركني حلقة نقاش مغلقة حول الوضع السوري، قال إن العرب يريدون من تركيا أن تفعل كل شيء و«لكن عليهم مساعدة رئيس الوزراء أردوغان، فهو يواجه رأياً عاماً لا يريد حرباً. الأتراك ينعمون برخاء غير مسبوق، ويخشون عليه في حال انزلاق البلد في حرب لا يعرف أحد عواقبها»، وقدم اقتراحاً يقول إنه قد يساعد أردوغان بتغيير الرأي العام نحو تدخل ما في سورية «لو أرسل السعوديون والقطريون سرباً من طائراتهم الحربية إلى قاعدة جوية بجنوب تركيا، ويعلنون عن ذلك، فسوف يرسل ذلك رسالة للرأي العام التركي بأن الحكومة التركية ليست وحدها».
الرأي السائد أنه من دون غطاء أميركي - لن يكون متاحاً بالمرة حتى انتهاء الانتخابات - فإن الحكومة التركية لن تقدم وحدها على فعل عسكري كبير، على رغم توافر بدائل لها لا تستلزم قراراً من مجلس الأمن، كالبند الخامس من ميثاق «الناتو»، الذي ينص «إنه في حال تعرض أي عضو لهجوم، فإن على الدول الأعضاء الأخرى التحرك جماعياً دفاعاً عن النفس».
تستطيع تركيا أن تقرر حظراً للطيران شمال سورية لدواعٍ أمنية، ولضيق مساحة سورية الجغرافية فإن قراراً كهذا يعني منع الطيران فوق كامل أراضيها، ما يمكّن العالم من إعلان مناطق برية آمنة في شمال غربي البلاد الذي يكاد أن يكون محرراً بالكامل، ليستوعب مئات آلاف اللاجئين السوريين في داخل وطنهم، ثم يمكّن الجيش الحر من منازلة النظام وتحرير ما حوله حتى يصل إلى دمشق، بعدما يفقد النظام قدرته على استخدام سلاحه الجوي. ثمة من يقول إن النظام فقد هيبته وتكوينه كجيش نظامي، وأضحى مجرد ميليشيا طائفية في غالبها، ولكنها تمتلك سلاحاً جوياً وعلاقات خارجية مع الروس والإيرانيين الذين باتوا أصحاب الكلمة الأخيرة في دمشق.
كما يرى خبراء أن النظام السوري لم يعد يملك قوة ردعه «القذرة» أي الأسلحة الكيماوية، فهذه باتت تحت سيطرة مباشرة من الروس، الذين قدموا ضمانات للولايات المتحدة والغرب بحمايتها، وبما أن الغرب لا يثق كثيراً بالروس فلقد اعتمد «الخطة ب»، فأرسل قوات خاصة بريطانية وأميركية للأردن، مهمتها التدخل السريع في داخل سورية لو حركت أسلحتها الكيماوية المرصودة بدقة.
إذاً لا حاجة لصواريخ «ستينغر» أو «المان باد» إذا ما حيّد سلاح الطيران السوري، ولكن تبقى الحاجة للمزيد من مضادات الدروع، وهذه يمكن إقناع الأميركيين بتمريرها من دون أن تكلفهم شيئاً إذ يوجد من هو متبرع بها، ذلك على رغم أن الخبراء يرون أن لا خوف من تسليم صواريخ «مان باد» لعناصر موثوقة، فهي تعمل ببطارية ذات عمر افتراضي، وفي حال عدم شحنها تتعطل أجهزتها التي تتعقب الحرارة وتصيب الطائرة في مقتلها لتصبح مجرد صاروخ «آر بي جي» «أعمى».
المنطق، وحسابات الربح والخسارة كلها تميل لتدخل محدود يحسم المعركة السورية بسرعة، ويمنع تعفن الحالة هناك لترعى فيها «القاعدة»، وقد كتب في هذا الكثير وقاله عشرات الخبراء، ولكن لم يستطيعوا تغيير الموقف الدولي ودول الجوار التي تفضل أن تترقب وتنتظر، ربما الانتخابات الأميركية، ربما شيئاً آخر! وبالتالي لم يبقَ إلا المناشدة بالنخوة والمروءة وحق الأخوة، إنه يكفي ما نال الشعب السوري الذي لا يجوز أن يعيش عيداً آخر كالذي عاشه قبل أيام بينما يحتفل إخوانه بمطعمهم ومشربهم وأمنهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.