الدولار يتراجع بعد بيانات اقتصادية أمريكية ضعيفة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 53,119 شهيدًا    الاتحاد حديث الصحف العالمية بعد التتويج بلقب دوري روشن    مدير عام الجوازات المكلّف يتفقّد أعمال مراكز اللجان الإدارية الموسمية بمداخل العاصمة المقدسة    سمو الأمير سلطان بن سلمان يدشن "برنامج الشراكات العلمية العالمية مع أعلى 100 جامعة " مع جامعة كاوست    تدشين فرع نادي المسؤولية الاجتماعية بالمنطقة الشرقية    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقرّبوا إلى الله بالفرائض والنوافل.. ولا وسائط بين العبد وربه    الدوسري في خطبة الجمعة: الدعاء مفتاح الفرج والحج لا يتم إلا بالتصريح والالتزام    نادي الاتفاق يتحصل على الرخصة المحلية والآسيوية    سجل الفائزين بالدوري السعودي    "متوسّطة الملك سعود" تحرز بطولة دوري المدارس على مستوى تعليم صبيا    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    أمانة القصيم تقيم حملة صحية لفحص النظر لمنسوبيها    ندوة عن الهوية الوطنية ودورها في الاستراتيجيات بمكتبة الملك عبدالعزيز    غداً.. انطلاق منتدى حائل للاستثمار 2025 والذي يجمع المستثمرين مع متخذي القرار وعرض الفرص الاستثمارية الكبيرة    وزارة الداخلية تشارك في أعمال المؤتمر العربي ال (16) لرؤساء أجهزة الإعلام الأمني بجمهورية تونس    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    46٪ لا يعلمون بإصابتهم.. ضغط الدم المرتفع يهدد حياة الملايين    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي    أسعار النفط ترتفع وتتجه لتحقيق مكاسب أسبوعية    طلبة المملكة يحصدون 9 جوائز خاصة في "آيسف 2025"    استمرار تأثير الرياح المثيرة للغبار على معظم مناطق المملكة    بلدي+ .. أول تطبيق للخرائط المحلية وإعادة تعريف تجربة التنقل في مدن المملكة        "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    برشلونة بطلاً للدوري الإسباني للمرة 28 في تاريخه    الرياض تعيد تشكيل مستقبل العالم    انطلاق "عرض سلافا الثلجي" في الرياض    "هيئة تقويم التعليم والتدريب" تطبق الاختبارات الوطنية "نافس"    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    الاتحاد السعودي يختتم برنامجه الرياضي في مخيم الزعتري بالأردن    لوران بلان يُعلن موقفه من الاستمرار مع الاتحاد    لجنة التراخيص : 13 نادياً في روشن يحصلون على الرخصة المحلية والآسيوية    وحدة التَّوعية الفكريَّة تنظِّم ملتقى تعزيز الوعي الفكري والانتماء الوطني    السعادة تنطلق من السعودية إلى سوريا    مُحافظ الطائف يستقبل مدير فرع هيئة التراث بالمحافظة    نائب أمير الرياض يطّلع على برامج وخطط جائزة حريملاء    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    تجمع جازان الصحي يدشن عيادة البصريات في مراكز الرعاية الأولية    التحالف الإسلامي يختتم برنامجا تدريبيا في مجال محاربة تمويل الإرهاب    نجاح عملية فصل التوأم الملتصق الإريتري "أسماء وسمية" بعد عملية جراحية دقيقة استغرقت 15 ساعة ونصفًا    وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ.. طرابلس تتنفس بعد مواجهات عنيفة    جناح سعودي يستعرض تطور قطاع الأفلام في" كان"    "بينالي الفنون" يدعم صناعة الأفلام التناظرية    بصمة على علبة سجائر تحل لغز جريمة قتل    أسرتا إسماعيل وكتوعة تستقبلان المعزين في يوسف    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    عظيم الشرق الذي لا ينام    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    الهيئة الملكية لمحافظة العلا وصندوق النمر العربي يعلنان عن اتفاقية تعاون مع مؤسسة سميثسونيان لحماية النمر العربي    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    الكوادر النسائية السعودية.. كفاءات في خدمة ضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحرية هنا.. القِبلة هناك

يولد الإنسان حرا، يفعل ما يشاء، في الوقت الذي يشاء، بالكيفية التي تروق له، لا يعنيه هذا العالم بكل تعقيداته، يختصر العالم بضحكة في غير وقتها، وبنكد غير متوقع، يسهر حين يريد الجميع النوم، وينام على ضوء النهار حين يذهبون إلى أعمالهم بعد أن قضوا ليلهم في نوم متقطع، بسبب بكاء لا مبرر له، إنها الحرية في براءتها الأولى، التي لا تعي متى تبدأ، ولا متى تنتهي، فالطفل يفعل ما يشاء، ولا يمانع أن تفعل أمامه ما تشاء.
في اللحظة التي يبدأ فيها الإدراك، تنشأ العلاقات، يعرف الطفل أمه، يتعلق بها، فهي الحياة الجميلة بالنسبة له، وهي أنسه وقدوته، لكنّه لم يدرك وقتها أن هذه العلاقة ستكون قيدا كبيرا على أفعاله وحتى تنقلاته، فمن الناس من لا يقدر على السفر بعيدا سواء للدراسة أو للعمل، لحاجته إلى أمه، أو لحاجة أمه إليه، ومن الناس من يتراجع عن الإقدام، لا لفرط شجاعته، ولكن رفقا بأمه، ومن الناس من يترك محبوبته، ويتزوج بأخرى من أجل أمه، حب الأم قيد ارتضيناه من داخلنا، فلم يعد في الواقع قيدا، بل أصبح حبا، والحب قيد أنيق.
هكذا تنشأ العلاقات، الأم والأب، والأشقاء، والأصدقاء، والأقارب، والمجتمع، قيود تلو قيود، تصبح أفعالنا محسوبة ومراقبة من قبلنا بعناية، إنها معادلة بسيطة جدا، لو كنت في غرفة منفردا، لتصرفت كما تشاء، وبمجرد دخول إنسان آخر إلى الغرفة نفسها، تتقيد تصرفاتك، وكلما زاد عدد الناس، زادت الحسابات المعقدة للكلام والفعل وحتى الهمس.
لو جرب الإنسان أن يصعد إلى الأعلى، وأن يبحث عن النور الإلهي الذي أودع فيه، حينها سيرى الحياة من مكان مرتفع، سيكتشف كم تضخمت تلك العلاقات، وتضخمت معها تكاليفها وقيودها، ستبدو الحياة مختلفة، تتضاءل فيها أعز الأشياء، وتعود إلى مكانها الحقيقي، ويصبح بإمكانه التضحية، والبدء من جديد، لأن هناك ما يجذبه إلى الأعلى، ويخلصه من مادية الحياة.هذا ما تصنعه بنا الدنيا في الواقع، تغرينا لننغمس فيها، وكلما انغمسنا، وجدنا أنفسنا نتراجع، نبحث عن الوظيفة، والراتب الوفير، والزوج الجميل، ونسرع بإنجاب الأولاد، وندخل في تعقيدات مالية، ثم نشعر في منتصف العمر أننا مكبلون بالقيود، عاجزون عن الحركة، نفتقد للحياة، نشتاق للحرية.
لا يستطيع الإنسان أن يتخيّل نفسه بدون أهله وأصدقائه، وزوجته وأبنائه، وعمله وتخصصه، وطموحه، إنهم الحياة بالنسبة لنا، قيود جميلة قيدنا بها حياتنا، برغبتنا، واختيارنا، وكل قيد جاء باختيار لا يعارض الحرية، لكن متى ما نقص الحب، شعر الإنسان بثقل تكاليف العلاقات، وبحث عن المخرج، وفكر في حل يتخفف به من هذه الحياة.
من الناس من يظن أن محاولة التخفف من قيود الحياة تهجم علينا في منتصف العمر، بعد أن تتعقد الحياة من حولنا، وتكثر تكاليفها، ولكن بعض القصص تبين أنها قد تهجم علينا في أي لحظة، وأي مرحلة عمرية، قد يفضل بعض الناس الهروب، أن يبتعد، أن يهاجر، أن يترك كل شيء وراءه ويعود إلى حالته الجنينية، إلى طفولته ليبدأ من جديد، وكم سمعنا عن قصص قريبة من هذا، وهي حالة من اللامسؤولية، تحمل الكثير من الأنانية، والضمير لا يرحم، سيلاحقه في كل خطوة جديدة، ليذكره بذلك الإخفاق الكبير، ومن يفقد الثقة بنفسه لا يقدر على الاستمرار.
بعض الناس يبحث عن علاقات جديدة يحقق من خلالها عن السعادة، عن عمل جديد وهوايات وأصدقاء وعائلة، بمعنى أنه يتمدد أفقيا في هذه الحياة، ليتخفف منها، ربما يشعره هذا بالسعادة في البداية، لكنه يضاعف القيود بعد فترة قصيرة، فكلما زادت العلاقات زادت معها كلفتها.
لو جرب الإنسان أن يصعد إلى الأعلى، وأن يبحث عن النور الإلهي الذي أودع فيه، حينها سيرى الحياة من مكان مرتفع، سيكتشف كم تضخمت تلك العلاقات، وتضخمت معها تكاليفها وقيودها، ستبدو الحياة مختلفة، تتضاءل فيها أعز الأشياء، وتعود إلى مكانها الحقيقي، ويصبح بإمكانه التضحية، والبدء من جديد، لأن هناك ما يجذبه إلى الأعلى، ويخلصه من مادية الحياة.
قد تكون هذه الفكرة من أصعب الأفكار، لا أدري كيف أعبر عنها، لكني متأكد من فاعليتها، حاول أن تتصل بالسماء، ستظهر لك حقيقة الدنيا، إنها لحظات من التواصل لا أكثر، لكنها بحاجة إلى كمية هائلة من الصدق، سترى الحياة من مكان بعيد، ستدرك كم هي الأشياء صغيرة، وكم أنت قادر على الاستغناء.
لكل حرية قبلة ووجهة، وإلا صارت الحرية معبودة لذاتها، وتحولت إلى قيد جديد، نفعل ونتكلم لأجل أن نكون أحرارا، لا لأجل أن نحيا كما نريد، وهنا المفارقة، أن الحرية تنقلب على نفسها في نهاية الأمر، بعد أن تتخلص من كل القيود، فتتحول إلى قيد، إلا إذا كانت متجهة إلى قبلة، والقبلة لا تنشأ دون حب، والحب صنو الاختيار.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.