أخضر اليد يخسر مواجهة مصر في افتتاح مبارياته ببطولة العالم تحت 21 عاماً    يا "وحش" .. حين تصبح الكلمة أداة قيادة    تعادل تاريخي للهلال أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    المنتخبات الخليجية تفشل في التأهل رغم وفرة الإنفاق    الوفاء .. قصة موسى محرق الأخيرة    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    من حرب الظل إلى الصدام المباشر    سالم الدوسري: هدفنا كان الفوز على ريال مدريد    هلال مبهر    ارتفاع الرمل الأحمر 24.3% يؤثر على تكاليف عقود البناء    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على انخفاض بأكثر من 120 نقطة    اليوم.. قرعة كأس السوبر السعودي بمشاركة 4 أندية    غوارديولا سعيد بأداء الصفقات الجديدة لمانشستر سيتي    تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    تصعيد روسي على كييف وبوتين يستعد للرد على أسئلة الصحفيين الدوليين    نائب وزير الصناعة والثروة المعدنية لشؤون الصناعة يدشن فرع الوزارة بالقصيم    طريق تبوك - حقل مشروع استراتيجي لتعزيز السياحة على ساحل خليج العقبة    «الاحتياطي الفيدرالي» يثبت أسعار الفائدة عند نطاق 4.25 - 4.50%    الغامدي يلتقي بالمستثمرين وملاك مدارس التعليم الخاص بالطائف    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    بيان حول ادعاء استهداف شاحنة ومنزل في حجة    عبدالعزيز بن سعود يستقبل سفير إسبانيا لدى المملكة    ميتا تغري موظفي "اوبن ايه آي" بأكثر من 100 مليون دولار للانضمام إليها    ترجمة على خطى المتنبي وقانون الأعمال السعودي بالصينية    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    "الكشافة السعودية في موسم الحج: مسيرة مجد وتميز في خدمة ضيوف الرحمن"    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف منتظري المساعدات جنوب غزة    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    جمعية الصم وضعاف السمع تبحث فرص التعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية    بر الشرقية توزع أكثر من 31 ألف كيلو من اللحوم على 3274 أسرة مستفيدة    من أعلام جازان.. معالي الدكتور إبراهيم يحي عطيف    القبض على 5 مواطنين لترويجهم الأفيون المخدر و 8,412 قرصًا من الامفيتامين المخدر و 4 كيلوجرامات من الحشيش بتبوك    أكثر من 700 موقع أثري جديد لسجل الآثار الوطني    الجدعان: المملكة تتعاون للقضاء على فقر الطاقة في العالم    إيران والعدو الصهيوني.. الحرب عن بعد    اعتماد نهائي لملف الاستضافة.. السعودية تتسلم علم «إكسبو 2030 الرياض»    إغلاق التسجيل في النقل المدرسي في 10 يوليو    "الأرصاد": "غبرة" في عدة مناطق حتى نهاية الأسبوع    هيئة الأزياء تكشف الإبداع السعودي في الساحة العالمية    إنشاء مركز دراسات يعنى بالخيل العربية    صورة بألف معنى.. ومواقف انسانية تذكر فتشكر    "الحج" تنهي تسليم نموذج التوعية لمكاتب شؤون الحجاج    بتوجيه من خالد الفيصل.. نائب أمير مكة يناقش خطوات التحضير المبكر للحج    اختبارات اليوم الدراسيّ.. رؤية واعدة تواجه تحديات التنفيذ    مركب في القهوة والأرز يقلل الإصابة بالنوبات القلبية    نائب أمير الرياض يستقبل مديري «الشؤون الإسلامية» و«الصحة» و«الموارد البشرية»    المهندس عبدالمنعم محمد زعرور رئيس مجلس إدارة شركة منصة التشطيب للمقاولات: رؤية 2030 اختصرت الزمن وقادت المملكة إلى نهضة شاملة    «الشؤون الدينية» تقيم دورة علمية بالمسجد الحرام    مظلات المسجد النبوي.. بيئة آمنة ومريحة للمصلين    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالصحافة يضع حداً لمعاناة «ستيني» مصاب بجلطة دماغية وأخرى بالشريان الأورطي    القصيم الصحي يجدد اعتماد «سباهي» لثلاثة مراكز    إعادة شباب عضلات كبار السن    محافظ الطائف يزور المفتي العام للمملكة..    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    نجاح المبادرة التطوعية لجمعية تكامل الصحية وأضواء الخير في خدمة حجاج بيت الله الحرام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحدود الشرعية للإنكار
نشر في أنباؤكم يوم 29 - 06 - 2011


د.سعد بن عبدالقادر القويعي - الجزيرة السعودية
طرحت حملة السكينة قضية «ضوابط إنكار المنكر»، تؤكد - من خلالها - على أهمية النظر في التفريق بين تقرير السياسة الشرعية، وتقرير السياسات الوضعية. حيث تأتي هذه المناقشة العلمية، ضمن سلسلة حوارات شرعية هادئة، تطرح فيها الحملة القواعد الشرعية، وفق الأدلة الواضحة من الكتاب، والسنة، وهدي السلف الصالح، وسيرة كبار العلماء، بعد أن شكّلت قضية إنكار المنكر، جدلا واسعا في خضم الأحداث الجارية في العالم الإسلامي، وهي قضية قديمة تتجدد مع الأحداث.
حاول الفريق العلمي للحملة - من خلال - هذا التقرير، طرح رؤية شرعية متوازنة، تتماشى مع روح الإسلام، وتحقق هدف الوسطية في مناحي الحياة، وتؤكد من خلالها: « على أهمية مراعاة المصالح، والمفاسد في الإنكار، بحيث لا يترتب على الإنكار مفاسد، قد لا يُدركها المُنكِر في حينها؛ لذلك يلزم الرجوع إلى أكابر العلماء المعنيين بالشأن العام، والرجوع إلى الجهات ذات العلاقة، فهي المعنية من الناحية الشرعية، والرسمية؛ لمعالجة المنكرات العامّة الظاهرة. مع مراعاة مراتب الإنكار، فليس لكل أحد الإنكار باليد، إنما الإنكار باليد لأهل اليد، والسلطة، والمعنيين بذلك؛ حتى لا تكون فوضى، فالدين الإسلامي دين نظام، ومحافظة على الحقوق، والتعدي باليد تعدّ على الحقوق، وليس لأفراد الناس سلب الحقوق، أو إتلاف الأعيان؛ لذلك قرر الفقهاء: أن المتعدى في إنكاره على ما يملكه غيره، وجب عليه ضمانه، حتى ولو كان محرما. فيجب معرفة الحدود الشرعية للإنكار، وألا تدخل في نطاق الإيذاء، - سواء - كان جسديا، أو معنويا، فما يتعلق بالآخرين، وأملاكهم، يخضع للقضاء، وللجهات الرسمية المعنية «.
إن دائرة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، تؤكد الصبغة العمومية للحسبة؛ لتتوافق مع العمل السياسي. فهي تشمل شتى أمور المجتمع، القائم على واجب تحصيل المصالح، وتكميلها، وتعطيل المفاسد، وتقليلها، فإذا تعارضت، كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناهما، هو المشروع. وهو ما يؤكده - الإمام - النووي - رحمه الله -: «إنما يأمر وينهى، من كان عالما بما يأمر به، وينهى عنه، وذلك يختلف باختلاف الشيء؛ فإن كان من الواجبات الظاهرة: كالصلاة، والصيام، أو ظاهر بالمنكرات: كالزنا، والخمر، ونحوها، فكل المسلمين علماء بها، وإن كان من وقائع الأفعال، والأقوال، ومما يتعلق بالاجتهاد، لم يكن للعوام مدخل فيه، ولا لهم إنكاره، بل ذلك للعلماء».
إن من أهم واجبات العلماء، اجتماعهم في القيام بواجب الإصلاح، وجمع كلمة الناس على الحق، ولتحقيق نمط متطور من أنماط العمل الجماعي، وبمشاركة شعبية واسعة، يبقى التأكيد على تفعيل إمكانات الآمر بالمعروف، والناهي عن المنكر - العلمية والثقافية والشخصية -، هو المنهج الواجب اتباعه. وانظر إلى كلام - الإمام - ابن القيم - رحمه الله -، حين قال: «ومن تأمل ما جرى على الإسلام، من الفتن الكبار والصغار، رآها من إضاعة هذا الأصل، وعدم الصبر على منكر، فطلب إزالته، فتولى منه ما هو أكبر منه، فقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، يرى بمكة أكبر المنكرات، ولا يستطيع تغييرها، بل لما فتح الله مكة، وصارت دار إسلام، عزم على تغيير البيت، ورده على قواعد إبراهيم، ومنعه من ذلك - مع قدرته عليه -، خشية وقوع ما هو أعظم منه، من عدم احتمال قريش لذلك؛ لقرب عهدهم بالإسلام، وكونهم حديثي عهد بكفر، ولهذا لم يأذن في الإنكار على الأمر باليد».
لذلك، لا يليق أبدا أن يكون العلماء مغيبين عن تجلية هذه القضايا، وإيضاحها، بل لا بد أن يكون لهم حضور فاعل في اتخاذ القرارات المصيرية. فهم من يبينون حقيقة المنكر الشرعي، الثابت إنكاره بنصوص الشرع المحكمة، أو قواعده القاطعة، التي دل عليها استقراء جزئيات الشريعة، - إضافة - إلى بيان الأمور المتعلقة بالمصالح العامة، والتي تنضبط في نهاية المطاف بقواعد الشرع، فيخرجون برأي محكم، بعيدا عن الخلافات، والنزاعات المفرقة، تتفق مع نصوص الكتاب، والسنة، وفهم السلف الصالح - رحمهم الله -. دون اللجوء إلى العنف، الذي قد يؤدي إلى فتنة في المجتمع.
على ضوء ما تقدم، يتضح رصد حركة أحد أهم تطبيقات شعيرة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر - إيجابا وسلبا -، ما جرى في بعض المناسبات، والتي رعتها بعض مؤسسات الدولة، كالذي جرى في معرض الكتاب - الأخير - من أحداث مؤسفة، علق عليها مفتي عام المملكة - الشيخ - عبد العزيز آل الشيخ، من أن: «تصرفات بعض المحتسبين في معرض الرياض الدولي للكتاب، غير مقبولة»، بل شددً - أيضا - على: «أنّ الفوضى، والغوغائية، ليست من الدين في شيء». تدل - بلا شك - على أن من الشروط المعتبرة عند أهل العلم في تغيير المنكر، هو: القدرة على التغيير، - وسواء - كانت القدرة مادية، أو معنوية؛ ليكون ذلك متوافقا مع طبيعة النظام السياسي الإسلامي. فقضايا الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، من القضايا الكلية التي تمس المجتمع ككل.
وحتى نتجاوز الثغرات التي يجب التوصية بالحذر منها، فإن المصلحة تقتضي ممارسة هذه الشعيرة، بمعايير ضوابط الشرع، وليس بالأهواء، أو الرغبة في إحراج الجهات الرسمية، وخرق هيبتها، أو إيقاع المجتمع في تفرقة، وشتات. وهذا المنهج هو ما استدركه أهل العلم في هذا الباب، عندما نصوا على وجوب تغيير المنكر، لكن بعد علم بالأحكام الشرعية، ويُرفع الأمر - حينئذ - إلى المحتسب، الذي فُوضت إليه الصلاحيات. فالأساليب قد تتطور بحسب مقتضيات العصر، بتغير الزمان، وتغير المكان، وتختلف باختلافهما، مع أن المنهج لا يتغير، وذلك وفق المنهج القرآني: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}.
إنني آمل من الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، التنسيق مع هؤلاء المحتسبين في المناسبات العامة، عند القيام بواجبها المنوط بها، وفقا لاختصاصاتها، ونظامها في هذا الباب؛ لتحقيق المصالح، وتعطيل المفاسد - قدر الإمكان -. باعتبارها الجهة الرسمية المحققة؛ لمصالح العباد، والبلاد، - وسواء - أكانت تلك المصالح ضرورية، أم حاجية، أم تحسينية. والمحافظة على وحدة المجتمع، ضمن إطار العقيدة، وإعادة مسألة الانضباط في الحياة العملية. كما أنها الجهة الوحيدة، التي ولتها الدولة أمر الاحتساب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.