فهد بن سلطان للمشاركين في أعمال الحج: جهودكم محل فخر واعتزاز الجميع    كشف مهام «وقاية» أمام أمير نجران    أمير القصيم يشهد اتفاقيات تعاون مع «كبدك»    المملكة تستثمر عالمياً في صناديق الملكية الخاصة    دعم المزارعين في تصنيع وتسويق منتجاتهم    رحلة سياحية وتعليمية لا تُنسى    «إسرائيل» قصفت موقعين إيرانيين لتصنيع أجزاء من أجهزة الطرد المركزي    الحرب الإسرائيلية الإيرانية.. وبيان مملكة السلام    «الملك سلمان للإغاثة» يوقّع اتفاقية لحفر 78 بئرًا في نيجيريا    أخضر اليد يخسر أمام مصر.. ويلاقي إسبانيا    غوارديولا: الموسم الماضي من أصعب المواسم    التعادل ينهي الصراع بين «الزعيم» وريال مدريد    سعود بن بندر يستعرض جهود «تعافي»    وزير العدل يدشّن بوابة خدماتي لمنتسبي الوزارة    «تعليم المدينة»: بدء تسجيل طلبات من تجاوز 21 عامًا    رسالة المثقف السعودي تجاه وطنه    الرواشين.. فنّ يتنفس الخشب    هيئة التراث تضيف مواقع أثرية لسجل الآثار الوطني    «الحج والعمرة» تدشّن جائرة إكرام للتميّز لموسم حج 1446    انتظام مغادرة رحلات الحجاج من «مطار المدينة»    انسيابية في حركة الزوار بالمسجد النبوي    تطبيق لوائح غذائية جديدة.. قريباً    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالسويدي يجري عملية بتقنية المنظار ثنائي المنافذ وينهي معاناة مراجع مصاب ب«الجنف» مع انزلاق وتضيق بالقناة العصبية    صحي مدينة الحجاج ببريدة يخدم 500 مستفيد    تعادل تاريخي للهلال أمام ريال مدريد في مونديال الأندية    المنتخبات الخليجية تفشل في التأهل رغم وفرة الإنفاق    الوفاء .. قصة موسى محرق الأخيرة    لماذا تركت اللغة وحيدة يا أبي    يا "وحش" .. حين تصبح الكلمة أداة قيادة    ميكروبات المطاعم تقاوم العلاج بالمضادات الحيوية    سالم الدوسري: هدفنا كان الفوز على ريال مدريد    مؤشر الأسهم السعودية يغلق على انخفاض بأكثر من 120 نقطة    ارتفاع الرمل الأحمر 24.3% يؤثر على تكاليف عقود البناء    اليوم.. قرعة كأس السوبر السعودي بمشاركة 4 أندية    تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية:    تصعيد روسي على كييف وبوتين يستعد للرد على أسئلة الصحفيين الدوليين    أمير الرياض يوجه بتسمية إحدى حدائق العاصمة باسم "عبدالله النعيم"    الغامدي يلتقي بالمستثمرين وملاك مدارس التعليم الخاص بالطائف    ترجمة على خطى المتنبي وقانون الأعمال السعودي بالصينية    تشكيل ريال مدريد المتوقع أمام الهلال    السعودية صوت الحق والحكمة في عالم يموج بالأزمات    أمير المنطقة الشرقية يطلق منتدى الصناعة السعودي الاثنين المقبل    أمير تبوك يزور الشيخ أحمد الحريصي في منزله    أمير تبوك خلال تكريمه المشاركين في أعمال الحج بالمنطقة جهودكم المخلصة في خدمة ضيوف الرحمن محل فخر واعتزاز الجميع    جمعية الصم وضعاف السمع تبحث فرص التعاون مع مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية    بر الشرقية توزع أكثر من 31 ألف كيلو من اللحوم على 3274أسرة مستفيدة    أمير منطقة تبوك يستقبل سفير جمهورية مالطا لدى المملكة    أكثر من 700 موقع أثري جديد لسجل الآثار الوطني    الإطاحة ب 8 متورطين في تهريب وترويج المخدرات    إغلاق التسجيل في النقل المدرسي في 10 يوليو    صورة بألف معنى.. ومواقف انسانية تذكر فتشكر    "الحج" تنهي تسليم نموذج التوعية لمكاتب شؤون الحجاج    ممثل المملكة في اجتماع "مجموعة الطوارئ" في جنيف:الاستثمار في قدرات المجتمعات المحلية لمواجهة الكوارث الإنسانية    الجدعان: المملكة تتعاون للقضاء على فقر الطاقة في العالم    هيئة الأزياء تكشف الإبداع السعودي في الساحة العالمية    إيران والعدو الصهيوني.. الحرب عن بعد    مركب في القهوة والأرز يقلل الإصابة بالنوبات القلبية    أمير القصيم ونائبه يستقبلان المهنئين بالعيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ليس دفاعا عن سيد قطب

يتعرض المفكر الراحل سيد قطب هذه الأيام إلى حملة إعلامية منظمة من قبل بعض الكتاب العرب، ولست في هذا المقام بصدد الحديث عنهم وعن أفكارهم، لأن الهدف مناقشة القضايا التي يثيرونها لتشويه رحلته الفكرية من خلال الاصطياد في الجو المتأزم الذي ساد العالم الإسلامي بعد كارثة 11 أيلول (سبتمبر)، والهجوم الذي ولدته هذه الكارثة تجاه الإسلام بدرجة أساسية والمسلمين بدرجة تالية، كما أن الهدف من هذا المقال لا يأتي دفاعاً عن سيد قطب، فهو إنسان أولاً وأخيراً يعتريه ما يعتري البشر من رغبات إنسانية وصعوبات حياتية، ولكن أن يهاجم سيد قطب أو غيره من المثقفين والمفكرين والعلماء بطريقة غير موضوعية تفتقر إلى مبادئ التحليل العلمي، فهذا ما ينبغي علينا جميعاً أن نتصدى له بالنقد للتقويم، لأن ذلك ما يزيد في تكريس الطائفية والانشقاقات في المجتمع العربي والإسلامي وهي الأمراض التي أوهنت كاهل هذا المجتمع، وسيركز هذا المقال على كاتب/ مثال واحد تخصص في الهجوم على سيد قطب، وهو شاكر النابلسي، لاعتبارين، أولهما: هجومه الدائم على سيد قطب دون استنادات معتبرة. وثانيهما ما يملكه هذا الكاتب من ثقافة واسعة وأسلوب جذاب يفترض أن يوظفان لقضايا التنمية في العالم العربي.
فمن أهم المسائل التي يثيرها شاكر النابلسي تجاه سيد قطب ما ورد في كتاب الأخير "معالم في الطريق" من ملاحظات، وهو الكتاب الوحيد الذي يُنتقد سيد قطب من خلاله على الرغم من بلوغ أعمال سيد قطب 17 مؤلفاً إذا استثنينا "معالم في الطريق" وتفسيره الشهير "في ظلال القرآن" ومقالاته في الصحافة، وفي هذا الوضع إذا سلمنا بوجود ملاحظات على كتاب "معالم في الطريق" يكون النابلسي في حالة من حالتين، الأولى: أنه لم يقرأ من أعمال سيد قطب سوى "معالم في الطريق"، وفي هذه الحالة يكون الكاتب مخلاً بأصول التحليل العلمي والنقد المنهجي، وهذا الخلل أن الكاتب حكم على سيد قطب من خلال كتاب واحد وهذه ثغرة لا تحتاج إلى تعليق. والحالة الثانية أن الكاتب قد اطلع على جميع أعمال سيد قطب ولم يجد ملاحظاته إلا في "معالم في الطريق"، ففي هذه الحالة يكون مجحفاً في تعميم الحكم على اتجاه وفكر قطب من خلال كتاب واحد مع استبعاد بقية أعماله، وبالتالي يكون في محل من يتصيد الأخطاء لأن هذه الطريقة اصطفائية، هذا من زاوية، ومن زاوية أخرى يعني أن سيد قطب قد ألف "معالم في الطريق" في ظل ظروف استثنائية لا تتسق مع الخط العام لظروفه وقناعاته التي أنتج كتبه الأخرى فيها والتي لم يجد فيها النابلسي أية ملاحظة يمكن أن يسلط الضوء عليها.
وفي الحق أن سيد قطب قد ألف "معالم في الطريق" وهو يعيش ظروفا نفسية سيئة في السجن نتيجة التعذيب، وهي حقيقة معروفة لا أعتقد أن شاكر النابلسي يجهلها، وبالتالي فإن من غير الموضوعية الحكم عليه من خلال هذا الكتاب، بل ينبغي أن يشار إلى ظروفه النفسية التي عاشها أثناء تأليفه هذا الكتاب إذا أردنا أن نتناول أعماله بهدف إثراء الحراك الثقافي الفكري في العالم الإسلامي عموماً بعيداً عن الأهداف الشخصية التي لا نستفيد منها سوى زيادة شقة الخلافات بين أطياف المجتمع العربي والإسلامي، وشخصياً أعتقد أن النابلسي بما يملك من ثقافة واسعة يدرك أن ملاحظاته لا يمكن تعميمها على نتاج سيد قطب، ولكنه يعمد فيما أرى إلى التركيز على "معالم في الطريق" بما يخدم قناعاته الفكرية والسياسية.
المسألة الثانية التي يتبناها شاكر النابلسي تجاه سيد قطب القول إنه يصف المجتمعات الإسلامية المعاصرة بالجاهلية حتى إنه كتب مقالاً في هذا المنحى بعنوان "المكتبة السعودية دون أصحاب الجاهلية"، وهو يرى أن وصف قطب المجتمعات الإسلامية المعاصرة بالجاهلية على أنه تكفير لهذه المجتمعات، والنابلسي هنا لا يميز بين مرحلة الجاهلية التي سبقت ظهور الإسلام وبين مفهوم الجاهلية في كتابات سيد قطب، فالجاهلية وفق رؤية القطبين سيد ومحمد تهدف إلى المعنى المقابل للعلم والمعنى المقابل للحلم، فالمعنى المقابل للعلم يتضح من قول الله تعالى "فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعظك أن تكون من الجاهلين" سورة (هود آية 46)، وفي المعنى المقابل للحلم يتجلى ذلك من قول عمرو بن كلثوم: ألا لا يجهلن أحد علينا .. فنجهل فوق جهل الجاهلينا. ومن هنا فإن معنى الجاهلية في كتابات سيد قطب ليس لها علاقة بالتكفير كما يرى شاكر النابلسي وهذا واضح ومفهوم لمن قرأ سيد قطب بعمق ودراية وموضوعية.
وأخيراً ظهر شاكر النابلسي بمقالة بعنوان "هل ما زال سيد قطب يحارب الغرب في أفغانستان؟"، حاول من خلالها المقارنة بين فكر الإخوان المسلمين وفكر حركة طالبان، في محاولة للوصول إلى القول إن أفكار سيد قطب كانت وراء ما يجري في أفغانستان، على اعتبار أن سيد قطب أخذ مفهوم الحاكمية عن أبي الأعلى المودودي وزرعها في فكر الحركات الإسلامية، والحاكمية تعني ربط الدين بالسياسة، وهي فكرة كما يقول النابلسي وبعض الكتاب الآخرين من ابتكارات المودودي وليس لها أصل قبل ذلك في تاريخ التشريع الإسلامي، بينما واقع الشريعة الإسلامية يشير بجلاء إلى ارتباط الإسلام بالسياسة، فالسياسة الشرعية من أهم المقررات التي يدرسها الطلاب في كليات الشريعة في كل البلدان الإسلامية، وهي تبين وضع الحاكم وفق الشريعة الإسلامية، ليس هذا فحسب، بل إن الدكتور يوسف القرضاوي فنّد مقولة إن الحاكمية أتت من المودودي إلى سيد قطب ونشرها الأخير في البلدان العربية، بل برهن القرضاوي على أن الحاكمية مرتبطة بالإسلام منذ فجر الرسالة وذلك في كتابيه "السياسة الشرعية في ضوء نصوص الشريعة الإسلامية ومقاصدها" و"الدين والسياسة: تأصيل ورد شبهات".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.