هناك توجه محمود من عدة شركات في القطاع الخاص، سواء أكانت عائلية أو مساهمة عامة، في تفعيل دورها الاجتماعي بأعمال مؤسسية تخدم المجتمع والصالح العام. ولعل ما قامت به عبداللطيف جميل من خلال مبادرة «باب رزق» كان مثالاً يحتذى حفز المواطنين من رجال الأعمال والتجار للالتفات إلى أعمال خدمة المجتمع التي لا بد لنا هنا من تمييزها عن العمل الخيري. إذاً فالاستدامة هي احدى مميزات المسئولية الاجتماعية المؤسسية بالضرورة، لأن العمل الخيري يمكن أن يكون منقطعا أو غير دائم تنبثق المسئولية الاجتماعية المؤسسية من حقيقة أن الشركات تعتمد تماما في نجاح أعمالها على مواطني المجتمعات التي تعمل بها وعلى الموارد الطبيعية وغيرها في ذات المجتمع، وأن هذه الشركات تؤثر بشكل كبير في المجتمع من خلال التفاعل المستمر مع هذين المعطيين - الناس والموارد. وبالتالي فإن الكيانات المؤسسية كونها شخصيات اعتبارية في هذا المجتمع، عليها مسئولية اجتماعية وأخلاقية في رد الجميل من خلال تقديم برامج ومبادرات تنمي المجتمع الذي تعمل من خلاله وتحافظ على موارده، لتحقق دائرة أعمال تكاملية تكون فيه مخرجات العمل الاجتماعي مصباً لموارد جديدة لها ولغيرها من الشركات. وهذا هو الفرق الرئيس بين المسئولية الاجتماعية والعمل الخيري: فالأول مؤسسي الطابع والمنهج وله هدف مادي واضح يصب في خدمة البيئة المحيطة، بينما العمل الخيري متجرد وهو في الغالب يهدف للعطاء فقط ولا يخدم بالضرورة المجتمع الذي تعمل به كيانات الأعمال المتبرعة به . إذاً فالاستدامة هي احدى مميزات المسئولية الاجتماعية المؤسسية بالضرورة، لأن العمل الخيري يمكن أن يكون منقطعا أو غير دائم. فالشركة التي تقدم دعما ماديا لمنطقة فقيرة في مجتمعها لتوفير الغذاء مثلاً هي في حقيقة الأمر تقوم بعمل خيري، وقد يكون غير منظم وقد يكون عن طريق مؤسسة خيرية (التبرع غير المباشر). أما لو قامت الشركة بدعم المنطقة الفقيرة من خلال تكوين شركة غير ربحية مثلاً لدعم المشاريع الزراعية والاستثمار فيها وتدريب أصحابها ومشاركتهم في الأرباح، فهي تكون قد قامت بمسئوليتها الاجتماعية الذي يتضح منه أهدافه وملامحه المؤسسية واستدامته. وفي الوقت الذي يغلب فيه طابع السرية على الأعمال الخيرية، فإن العلانية والإشهار هي جزء مهم من أعمال المسئولية الاجتماعية المؤسسية، وذلك أنها إشهار للأعمال الحميدة للشركات وحرصها على ردها لجميل أوطانها، كما أنها محفز لأقرانها على ضرورة التحرك والمحاكاة، إضافة لضرورة نشر المعرفة لتستفيد المنظمات الأخرى من نفس التجربة . هنالك العديد من الشركات التي نفتخر بأعمالها الابتكارية في مجال المسئولية الاجتماعية، أذكر منها مراكز خدمات المجتمع ومبادرات شركات عملاقة مثل أرامكو، وبنوك مثل الأهلي والرياض وغيرهم؛ ومجموعات تجارية عدة مثل الفوزان، المهيدب، الزامل، والراجحي. يجب علينا جميعا تشجيع هذه المبادرات من الشركات، بل ويجب أن يكون هنالك جهة منظمة غير حكومية تجمع وتربط بين كيانات الأعمال هذه للاستفادة من بعضها ومنع تكرار الأعمال نفسها، وأخيرا لدعم الشركات التي تخوض غمار هذه التجربة للمرة الأولى . www.alkelabi.com twitter | @alkelabi