أكّد الناقد السعودي محمد العبّاس أنّ المرأة هي الأمل الذي يقود الحركة نحو مجتمع ديموقراطي كما أثبت ذلك في كتابه حول الرواية السياسية في السعودية التي جاءت فيها صورة البطلة إيجابية في مقابل صورة سلبية للبطل الرجل في الغالب، كما نفى أن يكون في السعودية رواية سياسية وقال أنه اختار هذا العنوان ليساهم ويشجّع استزراع هذا النوع في الأدب السعودي. وقد جاء ذلك في ندوة لمناقشة كتاب ( سقوط التابو .. الرواية السياسيّة في السعوديّة) مساء الأربعاء الماضي في مركز آفاق للدراسات والنشر بسيهات والذي شمل قراءة عدد من المداخلات إضافة لعرض موجز للكتاب قدّمه العبّاس، وقال ابراهيم الزّاكي مدير الحوار إنَّ ما لفت المركز لاختيار هذا الكتاب للنقاش هو موضوع الذاكرة وتوثيقها خصوصاً في مرحلة ما بعد اكتشاف النفط فأبناء هذه المنطقة كانوا يتفاعلون مع ما يحدث من تغيّرات في الوطن العربي وانبري جزء منهم لإثارة القضايا الوطنية والعربية، وقد رحل الكثير منهم دون أن يخلّد تاريخه في كتاب. الرواية السعودية دخلت مرحلة التدوين للمرويّات الشفاهيّة، وإن الرواية السياسيّة هي جزء من هذا التدوين إلا أنها لم تف بشروط التدوين كما أنها لم تأخذ في الاعتبار أن تكون جزءاً من حركة تاريخيّة متحرّكة، وقال العبّاس إن الرواية السعودية دخلت مرحلة التدوين للمرويّات الشفاهيّة، وإن الرواية السياسيّة هي جزء من هذا التدوين إلا أنها لم تف بشروط التدوين كما أنها لم تأخذ في الاعتبار أن تكون جزءاً من حركة تاريخيّة متحرّكة، مشيراً إلى أنّ اللحظة الديموقراطيّة آخذة في الاتّساع بيد أنّ الرواية لم تلتقطها بعد. ولفت العبّاس إلى الظروف الموضوعيّة التي أوقعت الرواية السياسية السعودية في الضعف ومنها عدم وجود تاريخ سحيق للرواية السعودية بشكل عام، وضعف التجارب والصراعات السياسية والنزاعات حول الخليج الذي بدا وكأنه يعيش على هامش الأحداث والحروب، وغياب الوثيقة والمدوّنات التاريخية والاعتماد على المرويّات الشفاهيّة والرسميّة، إلا أنه لم يعف الروائيين من المسؤوليّة مؤكّداً على ضرورة التعامل مع الحدث بروح الباحث واستثمار الحدث والوغول إلى روحه وعدم الاكتفاء بالوصف السطحي. وتحدّت العباس عن النمط الناكص على تاريخه وتجربته لدى بطل الرواية السياسية السعودية والذي يشكّل أغلبية أبطال تلك الروايات، كبطل ثلاثية تركي الحمد وبطل (شقة الحرية) وكأنّ البطل مراهقٌ مغرر به، كما يتمّ النظر إلى السجن على أنه مكان للتهذيب والتأديب ما يتماشى مع النظرة الرسمية، مؤكداً أنّ الرواية السياسية ليس من الضرورة أن تعارض تماماً الرؤية الرسميّة ولكنّ الخطأ أن تكتب وكأنّها صكّ توبة. وفي جانب من المداخلات قدّم جعفر النصر في مداخلة طويلة عدداً من الملاحظات على الكتاب . منها أن مظاهرة القيادة للمرأة لم تكن حركة ناشئة عن تنظيم بل كانت تعبيراً عن مطلب وافق ظروفاً مناسبة، واعتبر أنّ الرواية السياسية المحلية لا تعدو سوي سرد الأحداث على طريقة ( قال الراوي ) ولا يمكن الركون إليها، فالبعض تعاطف مع التجارب السياسية دون تجربة وتوثيق، والبعض الآخر نكص على تجربته ورواها بأفكار ما بعدية ولم يروها بروح التجربة ذاتها. كما توقّف النصرعند اعتبار ( الحمام لا يطير في بريدة) ليوسف المحيميد رواية سياسية معتبراً أن الحركة الجهادية ليس لها أيديلوجيا أو منهاج فكري، الأمر الذي أجاب عنه العباس أن بطل الرواية يقوم على شخصيّة واقعية دخلت في أحداث احتلال الحرم إلا أنّ المحيميد لامس الشخصيّة من السطح ولم يحسن استثمارها روائياً. كما اعتبر النصر بطل رواية (رقص) لمعجب الزهراني نموذجاً للزيف والهزيمة الذاتية فالبطل (سعيد) يفاخر بالاعتراف دون أي جهد مقاوم ويصف الأمر بالشجاعة وينال من رفاقه الذين اتصفوا بالصدق والثبات، وهو الوصف الذي اتفق فيه مع الناقد العبّاس.