استقبل رئيس هيئة مكافحة الفساد.. نائب أمير مكة: القيادة تعزز قيم النزاهة لحماية المال العام    335 ألف متدرب في برامج التدريب التقني خلال عام    "حساب المواطن": 10 يوليو إيداع الدفعة 92    وسط فجوات كبيرة بين الطرفين.. جولة مفاوضات جديدة لوقف النار في غزة    قمة فرنسية – بريطانية بأجندة معقدة.. قضايا الدفاع المشترك تتصدر المشهد    يسعى لحصر السلاح.. نواف سلام يتمسك ب"استعادة الدولة"    نيوم يعزز التواجد الفرنسي في دوري روشن بالتعاقد مع غالتييه    القيادة تهنئ رئيسي ملاوي والقُمر المتحدة بذكرى الاستقلال ويوم الجمهورية    شقيقة رونالدو تكشف سبب غيابه عن جنازة جوتا    هيئة "الشورى" تحيل 26 موضوعاً للمناقشة    ضبط 10 مخالفين و226 كجم من المخدرات    "فلكية جدة": الأرض تستعد لمجموعة من أقصر الأيام    الفضاء السعودية تطلق جائزة "مدار" لتكريم المبتكرين    «الحارس» يعيد هاني سلامة إلى السينما    كيف يخدعنا الانشغال الوهمي؟    الحب طريق مختصر للإفلاس.. وتجريم العاطفة ليس ظلماً    لسان المدير بين التوجيه والتجريح.. أثر الشخصية القيادية في بيئة العمل    علماء يكتشفون علاجاً جينياً يكافح الشيخوخة    "الغذاء والدواء": عبوة الدواء تكشف إن كان مبتكراً أو مماثلًا    اعتماد الإمام الاحتياطي في الحرمين    إنقاذ مريض توقف قلبه 34 دقيقة    الاتحاد السعودي يختتم موسمي دوري البراعم تحت 14 وتحت 13 عاماً    «السجون» توقّع مذكرة مع «التعليم» لتطوير برامج النزلاء    العنقري يرأس اجتماع «هيئة المراجعين الداخليين»    العلاقة بين المملكة وإندونيسيا    تلاشي المخاطر الجيوسياسية في سوق النفط    «التخصصات الصحية» تعتمد دبلوم تمريض العناية القلبية بتخصصي تبوك    الرياض تحتضن مستقبل الطاقة العالمي    في الشباك    أرسنال يتعاقد مع زوبيمندي ب70 مليون دولار    التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة.. عنوان خطبة الجمعة المقبلة    «مركز الملك سلمان» يدشّن المرحلة الثالثة لدعم الأمن الغذائي في باكستان    الطفل أمانة.. لا سلعة مُهانة    «الملك سلمان للإغاثة» يعيد السمع لأطفال في تركيا    مستشفى الملك فهد بالمدينة يقدم خدماته ل258 ألف مستفيد    ناغلسمان: إصابة موسيالا صدمة كبيرة للمنتخب    أمير الشرقية يشيد بجهود «مكافحة المخدرات»    توزيع 1.200 سلة غذائية في السودان ل 8.874 مستفيدًا    تجربة جديدة لعمرو دياب في موسم جدة    بين التخزين والامتثال.. معركة الوعي في قلب المدينة    تركي بن هذلول يلتقي قائد قوة نجران    التخصصات الصحية تعتمد برنامج دبلوم تمريض العناية القلبية في تخصصي تبوك    أمير حائل يدشّن مبادرة "أبناؤنا بعيون الصحة"    خطبة الجمعة القادمة عن التحذير من الشائعات والغيبة والنميمة    أحداث تاريخية وقعت في جيزان.. معركة الضيعة وشدا    الشؤون الإسلامية في جازان تختتم الدورة العلمية في صامطة    الشؤون الإسلامية في جازان تناقش آلية تدريب الموظفين على الإسعافات الأولية    المياه الوطنية تدعو عملاءها لتسجيل التوصيلات المنزلية غير النظامية    تمكين الهمم يختتم عامه القرآني بحفل مهيب لحَفَظَة القرآن من ذوي الإعاقة    والدة المحامي حمود الحارثي في ذمة الله    ريال مدريد يكمل عقد نصف نهائي كأس العالم للأندية بثلاثية في شباك دورتموند    ترحيل السوريين ذوي السوابق الجنائية من المانيا    بلاستيك إلكتروني صديق للبيئة    الرياض تستضيف مجلس "التخطيط العمراني" في ديسمبر    ألف اتصال في يوم واحد.. ل"مركز911"    911 يستقبل 2.8 مليون اتصال في يونيو    الأمير جلوي بن عبدالعزيز يرعى حفل انطلاق فعاليات صيف نجران    أمير تبوك يطلع على تقرير فرع وزارة النقل والخدمات اللوجستية بالمنطقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالعزيز المانع.. يلاحق المتنبي في يوم الخروج
نشر في اليوم يوم 20 - 05 - 2016

بسمت العالم، المتحصن بخندق المعرفة، مع تواضع كبير، وبصوت ينادي زمن الأمة بين واقعها اليوم وزمانها بالأمس، في ظل خيارات المثقف والسلطة المتعبة للبحث، عرض البرفسور عبدالعزيز المانع، في محاضرة له بمجمع اللغة العربية في عمان الاحد الماضي سيرة المتنبي في لحظاته الأخيرة قبيل الهروب من مصر إلى الكوفة، وقد حملت المحاضرة عنوان «يوم الخروج.. المتنبي هارباً» قدم فيها المانع ملخص مسيرته البحثية والتزامه المعرفي والتي استمرت نحو 20 عاما حول المتنبي وخروجه من الفسطاط وهروبه من والي مصر حينها كافور الاخشيدي الى الكوفة في ارض العراق، عارضا سلسلة من القراءات التي توضح المغالطات التاريخية حول هروب المتنبي من مصر والخوارق التي تم إلصاقها بقصة هروبه.
وعرض المانع في نهاية المحاضرة خارطة تقف على كل محطة من محطات هروب المتنبي من مصر عبر سيناء والاردن والاراضي السعودية والعراق حيث وقف برفقة عدد من الباحثين والمختصين خلال خمس سنوات من رسم الخارطة على كل الاماكن التي توقف فيها المتنبي في رحلته كما قال: «ميلاً ميلاً..».
الجهد الذي وصف باعتباره حفرية معرفية، استند إلى رواية الهروب من قبل المؤرخ تقي الدين المقريزي توفي 854ه/ 1442م، وهي رواية تكاد تكون وحيدة، قال الباحث إنها تظل موضع الاهتمام ما لم يظهر غيرها، وهو بذلك لا يفصل القول، ولا يغلق البحث، وانما يترك الباب مفتوحاً للباحثين لتعقب آخر وجديد.
المانع باحث لصيق بهمه الفكري، مثّل في مشواره المعرفي المتين سيرة باحث حقيقي، التزم المعرفة والزهد في الكلام والظهور الإعلامي، دون أن يدعي الكمال، بل ظلّ ملحاً على الباحثين في مساءلة المعرفة، وممارسة النقد لأنه السبيل الوحيد لاختبار الجدة والأصالة التي باتت عزيزة المطلب اليوم.
المانع عاش سيرة المتنبي بتفاصيلها، في زمن ثقافي عربي أثبت المتنبي منذ وفاته وحتى اليوم أنه أكثر الشخصيات الثقافية حضورا فيه، وهو– أي المانع- المنتمي لثقافة ومنطقة تحب الشعر وتقدره، فهو نجدي الولادة والثقافة الأولى، هناك حيث وادي الغدير ووادي الريمة وبئر الحميضية طرق الباحث عباب اللغة والشعر فالتصقت به.
وُلِد عبدالعزيز بن ناصر المانع سنة 1943م في مدينة شقراء عاصمة إقليم الوشم ثقافيا واقتصاديا وهي تاريخياً أهم وأكبر بلدان إقليم الوشم في نجد وما زالت حتى الوقت الراهن.
حصل على البكالوريوس من كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود بالرياض سنة 1386ه/ 1966م وعلى الدكتوراة في جامعة إكستر بالمملكة المتحدة سنة 1396ه/ 1976م وتخصّص تحقيق المخطوطات. ودرس وعمل في عدة جامعات ومنها جامعة أم القرى، وجامعة سوسة في تونس، لكن إقامته العلمية استقرت في جامعة الملك سعود منذ سنة 1977م وتقديراً لمنجزه العلمي أنشئ كرسي علمي باسمه وهو حالياً أستاذ غير متفرغ للأدب العربي القديم في جامعة الملك سعود.
اقام المانع معرفياً في مساحة معرفية دقيقة، التحقيق، والبحث العلمي، وانشغل كثيرا بالمتنبي، ورأس العديد من اللجان العلمية والأدبية، مع نشاط ملحوظ في المحافل العلمية والمؤتمرات والنوادي الأدبية، والمجلات العلمية المحكمة. وفي ظلال هذا الزمن المعرفي انتج العديد من البحوث والكتب والمقالات.
تميَّز المانع بالدقة العلمية، المنفتحة على المناهج العلمية الحديثة، فقد وضع صورة مغايرة للاكاديمي العربي الهارب نحو المعرفة من محيط القبيلة والاسرة والثقافة المحلية الضاغطة، فقد انحاز للبحث والمعرفة أكثر من مجتمعه وظل يحلق في سماء المعرفة طاويا المسافات الطويلة لاجل الوصول إلى رواية أو تحقيق شارد من شواهد الشعر واللغة.
ونتيجة لهذا المسار، الذي عززته شخصية متزنة تعرف ما تريد ولا تبغي السلطة والمنصب، كان أول محقِّق وعالم سعودي يفوز بجائزة الملك فيصل العالمية في اللغة العربية والأدب، واعتبرت هذه الجائزة أكبر تقدير لأعماله التي اتسمت بالدقّة والاتساق مع قواعد البحث العلمي والإلمام الواسع بالمصادر التراثية.
في تتبعه لأثر المتنبي لم يخف المانع تعب الرحلة، في تعقب شاعر مطارد من قبل كافور الاخشيدي، ولم يخف الاعجاب بشخص المتنبي، لكنه لم ينف عنه التهم أو يعالج مساره كمثقف كان يحمل في رأسه مشروعاً فكرياً مغايراً للزمن الذي عاشه لكنه نفى عنه حبه للدولة الفاطمية أو ميله لهم بقدر ما أثبت عكس ذلك.
في سيرة المانع اثبات بأن التزام الأكاديمي العربي لمهمة بحثية لسنوات مديدة ممكن الحدوث، وهو التزام يعني الكثير من المشقة، ومغادرة الكثير من مباهج الحياة والرضا بما يتحقق ويستكشف في حقل المعرفة، وهذا الحدوث قليلاً ما يحدث؛ لأنه يتطلب مرانا وخبرة وحزما في الانحياز للمعرفة وليس للرتبة العلمية أو الموقع أو أي متطلب دنيوي آخر.
عبدالعزيز المانع


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.