الحياة مراحل ولكل مرحلة قيمتها وتجاربها، قد يقول البعض إن المراحل الحياتية الأولى لا تعني لهم شيئاً لأنها مراحل لا يكون فيها التذكر عالياً، بل وقد ينسى البعض بعضا أو معظم التفاصيل التي حصلت بها، ولكن هذا الأمر غير صحيح لان عقل الطفل يعتبر المستودع الأول لجميع الذكريات الأساسية التي ستبنى عليها جميع مراحل حياته اللاحقة، وصحيح قد لا يتذكر الطفل كثيرا من الأحداث الحاصلة له أيام طفولته ولكن بمجرد ظهور الأمر ستهرع تلك الذاكرة إلى استخراج الخبايا الموجودة فيها سواء أكانت المفرحة أو المحزنة لتجعله يأخذ من هذه التجربة الدرس الذي سيتعلمه لاحقاً، كيف وإن كانت هذه التجارب والدروس استمرت طوال العمر وأخذ العقل يبني تجاربه والجسد يتخذ احتياطاته لتطبيق الدروس ومن ثم يصطدم حينما يرى ان ما يتعلمه لا يتوافق مع هذه الحياة أو مع مجرياتها فإما أن يكون مثالياً في هذا الأمر أو أن لا يكون هناك أمر قد يساعده فيما يخوض. لذلك قبل أن تقرر ما لك وما عليك في هذه الحياة لابد من اتخاذ أحد هذين الطريقين واللذين لا ثالث لهما في رأيي الأول هو وضع الورقة أمامك ووضع الإيجابيات والسلبيات لهذا الأمر وإبعاد المشاعر عن هذه الورقة وجعل العقل هو الحكم. والثاني هو استشارة أصحاب العقول والذين هم ثقة في هذا المجال وقبول استشارتهم كطريق ممهد لاتخاذ القرار الأخير والحذر من تطبيق حياة الغير على قرارك فلكل منا حياة لايمكن أن تتكرر مع أي أحد. لذلك فكر قبل ان.. تتخذ القرار بإكمال دراستك واسأل نفسك قبل أن تقرر هذا الأمر (لماذا اريد ذلك؟ ما هي الإيجابيات التي ستعود علي؟ وماهي السلبيات؟ ماذا سيعطيني العلم؟ هل هي رغبة خاصة أم رغبة للعمل؟ هل سأتخلق بأخلاق العلماء وأكون حقا أهلاً لذلك العلم الذي سأخطو له خطوة كبيرة ستأخذ مني الوقت والجهد والمال أيضا؟ أم انها واجهة اجتماعية.. كغيري) قبل أن تقرري قبول وظيفة في مدرسة أهلية أو منشأة أهلية بادري نفسك بأهم أمر فيها (هل سأتحمل؟ هل سأقبل المال القليل والعمل لوقت طويل؟ هل حقا اريده أم أنها وسيلة للهروب من المنزل؟ قبل أن تقرري قرارا مصيرياً (كالدراسة في الخارج أو الزواج أو الانتقال إلى منزل آخر أو السفر أو أي أمر كان وهذا الأمر يكون فيه تغيير لمسارك بصورة جذرية اعملي العقل بقوة فإنه لا مجال للتراجع عن هذا القرار وإن تم التراجع فسيكون هذا التراجع لأسباب قد لا تكوني أعملتِ العقل بها بل القلب فكانت نهاية القرار وبداية الكسر. ( قبل أن ) نعم قبل أن تحطم نفسك.. فكر قبل أن تقتل الروح التي بداخلك.. فكر قبل أن تخسر مالك.. فكر قبل أن تنساق وراء مشاعرك.. فكر قبل أن تقبل أي نصيحة.. فكر قبل ان تخوض أي شجار.. فكر قبل أن تطلق لسانك في غيبة أو بهتان.. وتستخدم جوارحك في إيذاء أي شخص.. فكر قبل أن تفعل أي شيء قد يؤثر على حياتك القادمة وعلى روحك التي بين أضلعك.. فكر هكذا تكون إنساناً تعمل بما أمرك الله به في كتابه الكريم، وتتميز بما ميزك به عن سائر خلقه (فكر).. وتذكر (إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) [الإسراء:36]