تبليغ الخصوم بالدعوى «الإعلان»

مما لاشك فيه أن التبليغ هو إجراء على قدر بالغ من الأهمية في الدعوى القضائية، ولا تستطيع المحكمة النظر في الدعوى دون التحقق من اكتمال إجراءات التبليغ، فالتبليغ هو إعلام المدعى عليه أن هناك دعوى قضائية ضده أو أن هناك إجراء تم اتخاذه ويجب نظاماً إبلاغه بهذا الإجراء.
التبليغ هو الوسيلة في إعلان المدعى عليه بالدعوى، وبالتالي لا تنعقد الخصومة القضائية بين المدعي (مقيم الدعوى) و المدعى عليه (المقامة الدعوى ضده) إلا بعد تبليغ المدعى عليه أن هناك دعوى ويجب حضوره فيها، لذلك سوف نتناول بالحديث في هذا المقال بعض النقاط الهامة المتعلقة بإجراءات التبليغ بالدعوى، وذلك على النحو التالي:
1- تبليغ من له محل إقامة معروف في المملكة العربية السعودية:
أوضحت المادة الحادية عشرة من نظام المرافَعات الشرعية أنه يتم تبليغ الخصوم بطلبات الحضور للمحكمة بواسطة المحضرين، بناء على أمر القاضي، أو طلب الخصم، أو إدارة المحكمة.
والمحضَرون: هم موظَّفون رسميون في المحكمة، تنحصر مُهمتهم في إيصال طلبات الحضور إلى المطلوب حضورهم وفق نماذج وآليات مُعتَمَدة ،وأجازتْ هذه المادَّةُ أن يكونَ التبليغُ بوساطة صاحب الدعوى، إذا طلب ذلك.
ويلاحظ أن الفقرة الثانية من المادة الحادية عشرة من نظام المرافعات الشرعية قد أجازت الاستعانة بالقطاع الخاص في تحضير الخصوم، إلا أنه حتى الآن لم تتم الاستعانة بهم في القيام بإجراءات التبليغ.
وقد حددت المادَّة الثانية عشرة من نظام المرافَعات الشرعيَّة وقت التبليغ بطلبات الحضور بأن يكونَ في أيام العمل الرسْمِيَّة نهارًا مِن شُروق الشمس إلى غروبها، فلا يجوز التبليغ في أيام العطل الرسْمِيَّة، أو في الليل إلا في حالات الضرورة، وبإذن كتابيٍّ من القاضي ناظر القضية (مع العلم أنه إذا جرى التبليغ في الأوقات الممنوعة، وحضر المدعى عليه في الموعد المحدد فيكون التبليغ صحيحا، ويترتب عليه جميع اجراءاته وذلك لتحقق الغاية من التبليغ وهو حضور المدعى عليه، أما اذا لم يحضر المدعى عليه وتم الحكم عليه غيابياً فإنه يجوز الطعن على التبليغ أنه لم يتم بالطرق النظامية الصحية ويكون سببا ناقضا للحكم)
ويلاحظ أن التبليغ يجب أن يكونَ من نسختَيْن متطابقتين؛ إحداهما: أصل، والأخرى: صورة، وإذا تعدد من وجه إليهم تعيَّن تعدُّد الصور بقدر عددهم. ويجب أن يشتمل التبليغُ على: موضوع التبليغ، وتاريخه، والاسم الكامل للمدعي والمدعى عليه، ومهنته أو وظيفته، ومحل إقامته.
ويجب أن يشتمل (خطاب التبليغ ) على اسم المحضر والمحكمة التي يعمل لديها، واسم مَن سُلِّمتْ إليه صورة ورقة التبليغ، وصِفته، وتوقيعه على أصلها، أو إثبات امتناعه وسبَبه، كما يجب أن ترفقَ مع صُورةِ ورَقَةِ التبليغ صورةٌ من صحيفة الدعوى.
إن المحضَرَ يُسَلِّم صورة التبليغ إلى مَن وجهت إليه الدعوى في محل إقامته أو عمله إن وُجد، وإلا فيسلِّمها إلى مَن يوجد في محل إقامته من الساكنين معه مِن أهله، وأقاربه، وأصهاره، أو من يوجد ممن يعمل في خدمته، فإذا لم يوجدْ منهم أحدٌ، أو امْتَنَع مَن وجد عن التسلم، فيسلم الصورة حسب الأحوال إلى عُمدة الحي، أو قِسْم الشرطة، أو رئيس المركز، أو شيخ القبيلة، الذين يقَع محل إقامة الموجه إليه التبليغ في نطاق اختصاصهم حسب الترتيب السابق، وعلى هؤلاءِ إفادةُ المحكمة - خلال ثلاثة أيام - بما اتخذ من إجراءٍ حيال صورة التبليغ المسلم لهم من المحضر.
وقد أوجبت المادة الخامسة عشرة من نظام المرافعات الشرعية على مراكز الشرطة وعمد الأحياء وشيوخ القبائل ومعرفيها أن يُساعدوا محضر المحكمة على أداء مُهمته في حُدُود الاختصاص .
2- تبليغ من ليس له محل إقامة معروف في المملكة العربية السعودية:
أما من ليس له محل إقامة معروفٌ في المملكة، فإن تبليغه يكون مِنْ قِبَل إمارة المنطقة، أو المحافظة، أو المركز الذي تكون فيه المحكمة باستعمال الطرق الإدارية المتَّبَعة لإعلامه بالطريقة المناسبة، وفق ما ورد في الفقرة الثالثة من المادة السابعة عشرة باللائحة التنفيذية لنظام المرافعات الشرعية. للقاضي - عند الاقتضاء - أن يعلنَ عن طلب الموجه إليه التبليغَ في إحدى الصُّحف المحلية التي يراها محقِّقة للمقصود، كما أنه إذا تعذر تبليغ من لا يعرف عنوانه أو امتنع عن الحضور بعد تبليغه فللمحكمة - عند الاقتضاء - أن تأمر بإيقاف خدماته لدى الجهات الحكومية.
3- تبليغ المقيم في بلد أجنبي (تبليغ المقيم خارج المملكة العربية السعودية) :
وإذا كان الشخص المراد تبليغه مقيما خارج المملكة العربية السعودية، سواء أكان سعوديا أم غير سعودي فتُرسل الأوراق المراد تبليغها إلى وزارة الخارجية لتوصيلها بالطرق الدبلوماسية، ويكتفى بالرد الذى يفيد وصول الصورة إلى الشخص الموجه إليه التبليغ ، ويراعى في التبليغ تطبيق المعاهدات والاتفاقيات بين الدول فيما يخص ذلك، كما تضاف مدة ستين يوماً إلى المواعيد المنصوص عليها نظاماً لمن يكون مكان إقامته خارج المملكة وللمحكمة عند الاقتضاء زيادة المدة لمدد مماثلة.
وفى نهاية هذا المقال، نأمل أن نكون قد قدمنا مختصرا عن بعض النقاط الهامة التى تتعلق بإجراء هام جداً في بداية الدعوى وبداية الخصومة القضائية وهو التبليغ.