بتخريج 63 متدربًا من برامج الدبلوم العالي بأكاديمية الأمير نايف بن عبدالعزيز    تمديد مبادرة إلغاء الغرامات والإعفاء من العقوبات المالية عن المكلفين حتى نهاية ديسمبر    صعود النفط وهبوط الذهب بنحو 1%    المملكة ترحب بالتوقيع على اتفاق السلام بين رواندا والكونغو الديمقراطية بتيسير من واشنطن    وزارة الخارجية: المملكة تدين استمرار اعتداءات مستوطنين إسرائيليين بحماية قوات الاحتلال ضد مدنيين فلسطينيين    البيت الأبيض: إيران لم تنقل اليورانيوم المخصب قبل الضربات الأمريكية    عقبة المحمدية تستضيف الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا صعود الهضبة    رينارد: هدفنا الوصول للمونديال.. ومواجهة المكسيك صعبة    إحباط تهريب 732 ألف حبة إمفيتامين في ميناء جدة    بدء مبادرة تمديد تأشيرات الزيارة المنتهية    شركة الدرعية ضمن قائمة مجلة التايم لأكثر 100 شركة تأثيرًا في العالم لعام 2025    «سلمان للإغاثة» يوزع (3.220) كرتون تمر في مديرية الوادي بمحافظة مأرب    المملكة ترحب باتفاق السلام بين رواندا والكونغو    الذهب يواصل خسائره الأسبوعية مع تراجع التوترات الجيوسياسية    رونالدو: ولي العهد أهم شخصية مؤثرة في التطور الناجح للمملكة    النصر يعير دوران ويقترب من جيسوس    الهلال يفقد نجمه الأول أمام السيتي    الأخضر السعودي يواجه المكسيك صباح اليوم الأحد    «الملك سعود» و«المنتجين».. تعاون فني وثقافي    الاكتتابات في السوق المالية بين تضخم الأسعار وتخمة المعروض    غزة.. مجازر مروّعة وقصفٌ لا يتوقَّف    «السجون» تحتفل بالاعتماد الأكاديمي العسكري    المملكة تحارب السموم.. وطن بلا مخدرات    تخريج 63 متدربًا من أكاديمية نايف بن عبدالعزيز لمكافحة المخدرات    تدريب منتسبي الجهات الحكومية والخاصة على الإنعاش والإسعافات الأولية    13.400 طالب يعززون مهاراتهم العلمية والمعرفية    «الإسلامية» تُنفذ زيارات رقابية في الزلفي ونجران    الترويج للطلاق.. جريمة أمنية    مستشفى الدكتور سليمان الحبيب بالتخصصي ينهي معاناة «ثلاثينية» مع نوبات صرع يومية بجراحة نادرة ودقيقة    تجديد اعتماد «سباهي» لمركزي المربع وشبرا    إطلاق مبادرة «توازن وعطاء» في بيئة العمل    في ثالث أيامه.. معرض حرس الحدود التوعوي يواصل فعالياته في عسير    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية لصعود الهضبة 2025    وكالة الشؤون النسائية بالمسجد النبوي تُطلق فرصًا تطوعية لتعزيز تجربة الزائرات    ولي العهد صانع المجد وافي الوعد    ولي العهد.. الجانب الآخر    "الخط السعودي" يتزين في نادي جدة الأدبي    رونالدو لجماهير النصر: البقاء هنا من أجلكم    موجة حارّة تلفح أوروبا    "الغروي" مديرًا لإدارة جودة الخدمات بتعليم جازان    مشروع "واجهة زان البحرية".. يعزز القطاع السياحي والترفيهي والاستثماري بجازان    أمانة منطقة جازان تحقق المركز الثاني على مستوى أمانات المملكة في مؤشر الارتباط الوظيفي    أسواق الطيور تجربة سياحية رائعة لعشاق الحيوانات الأليفة في جازان    تكليف الدكتور مشعل الجريبي مديرًا لمستشفى الملك فهد المركزي بجازان    فعاليات ( لمة فرح 2 ) من البركة الخيرية تحتفي بالناجحين    بلدية فرسان تكرم الاعلامي "الحُمق"    نائب أمير جازان يستقبل رئيس محكمة الاستئناف بالمنطقة    الأمير تركي الفيصل : عام جديد    محافظ صبيا يرأس اجتماع المجلس المحلي، ويناقش تحسين الخدمات والمشاريع التنموية    مفوض الإفتاء بمنطقة جازان يشارك في افتتاح المؤتمر العلمي الثاني    ترامب يحث الكونغرس على "قتل" إذاعة (صوت أمريكا)    لوحات تستلهم جمال الطبيعة الصينية لفنان صيني بمعرض بالرياض واميرات سعوديات يثنين    تخريج أول دفعة من "برنامج التصحيح اللغوي"    وزير الداخلية يعزي الشريف في وفاة والدته    حامد مطاوع..رئيس تحرير الندوة في عصرها الذهبي..    استشاري: المورينجا لا تعالج الضغط ولا الكوليسترول    من أعلام جازان.. الشيخ الدكتور علي بن محمد عطيف    أقوى كاميرا تكتشف الكون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف تصنع مؤلفًا؟
نشر في اليوم يوم 02 - 05 - 2015

البعض ممن يتوجه في بداية خطواته نحو عالم الكتابة والتأليف يعتقد أن هناك مفاتيح سحرية في هذا المضمار من شأنها أن تجعله من الأوائل والأكثر إبداعًا وبالتالي لو قدر وحصل عليها فإن الأبواب ستفتح على مصراعيها أمامه، وهذه الأبواب متعددة لعل من أوضحها الشهرة، لكن بطبيعة الحال ليس كل من يتوجه نحو هذا المضمار هدفه الشهرة، لأن في وظيفة التأليف -إذا صحت التسمية- هما أكبر وأعمق.
أعود للقول: إنه من الطبيعي أن هذا الاعتقاد خاطئ تمامًا، فلا توجد مفاتيح ولا توجد دروس تجعل منك مؤلفًا عظيمًا، كما لا توجد أي دورة تدريبية أو ورشة عمل من الممكن أن تعطيك القلم السحري الذي بواسطته يمكن لكتاباتك أن تكون ملهمة وتلقى القبول لدى شريحة واسعة من القراء.
يقول كولن ولسون في كتابه الملهم «فن الرواية»: «في ربيع العام 1974م كنت مرتبطًا بتدريس منهج عن الكتابة الإبداعية في جامعة روتجرز في نيوجرسي، وكان ذلك تحولًا جديدًا بالنسبة لي؛ إذ قمت قبل ثماني سنوات من ذلك التاريخ ببذل محاولة لتدريس مادة الكتابة الإبداعية في إحدى الكليات بولاية فرجينيا، وتوصلت إلى نتيجة مفادها أنه لا يمكن تدريس تلك المادة، ولم يقتصر الأمر على ذلك. بل يتحتم عدم القيام بتدريسها فقد شعرت أن المبدأ الأساس للإبداع هو البقاء للأصلح إذ إن الكتابة الإبداعية عملية شاقة كالصعود إلى أعلى التل، حيث يتساقط الضعفاء بينما يواصل الأقوياء بتؤدة كي يصبحوا كتابًا جيدين».
إذن فما الممكن فعله لكل من يجد في نفسه الموهبة والرغبة للكتابة والتأليف؟
في الحقيقة هناك جملة من الخطوات التي قد تساعد من لديه الحس، من لديه الموهبة، من لديه رغبة صارمة وقوية على الصبر على طقوس وإلهام ونزف الكتابة، لعل من أولى هذه الخطوات القراءة وهذا يتطلب سعيًا نحو الحصول على المعرفة وإعادة إنتاجها ونشرها، وللقيام بهذا الدور يتطلب منك أن يكون لديك نهم معرفي يتمثل في الإطلاع المستمر والذي لن يأتي سوى بالقراءة المتواصلة، وستجد أن هذه القراءات بطريقة أو أخرى تنعكس على منتجك وعلى ما ستقدمه للقراء. أيضًا من أدوات الإبداع الكتابي اقتناص الفكرة، فالمؤلف الناجح هو ذلك الذي يرخى السمع ويبقى الذهن منفتحًا على الأفكار ويتعمق في جميع الاحتمالات ولا يتوقف عند الرأي السائد العام مهما كان قويًا ومقنعًا، ولعل هذا الجانب هو ما أشار له الروائي العالمي الراحل نجيب محفوظ، عندما قال: «العقل الواعي هو القادر على احترام الفكرة حتى ولو لم يؤمن بها». أيضا لتكون مؤلفًا بارعًا لا تقلد من سبقك في هذا المضمار لأن لك هوية خاصة وبصمة كتابية فلا تفسدها بالتقليد، كذلك لا تتعالى على النقد وترفضه حتى وإن كان نقدًا مغرضًا قاسيًا بل أرخ السمع وحاول أن تجد بين قسوة الكلمات ما قد يفيدك ويرشدك، وهذا الجانب هو ما ذهب له الروائي ويليام فوكنر، الحائز على جائزة نوبل، عندما قال: «الكاتب الشاب يكون أحمق إذا اتبعَ نظرية، وفي موضع آخر قال: علِّم نفسك من خلال أخطائك الخاصة».
ميزة في عالم التأليف
إذن ما الدور الذي قد تقوم به الدورات التدريبية في مجال الكتاب وورش العمل في مجال التأليف؟ وهو سؤال وجيه وفي محله، وبطبيعة الحال فإن الكلمات السابقة لا تقصد لا من قريب أو بعيد إلغاء هذا الفعل التنويري؛ لأنه من الممكن أن تجد في الدورة التدريبية على الكتابة وورش العمل التي تقام بين وقت وآخر فائدة تنير لك الطريق وتبلغك عن طبيعة التأليف والكتابة وأنواعها، وتوضح المنهج والطريقة التي قد تناسبك، لكنها بكل تأكيد لن تفلح أبدًا في إنتاجك كمؤلفك وتقديمك للساحة الأدبية، إذا لم تعمل أنت على تطوير مهاراتك وتغذية ملكاتك بكل جديد في هذا المضمار.
وهذه ميزة فريدة في عالم التأليف وهي الوظيفة السهلة الممتنعة، بمعنى أنه يمكن للجميع ظاهريًا ممارستها، لكنها بطبيعة الحال لا تعطي جواهرها إلا لثلة قليلة تنجح في فهم رسالتها وفك شفرتها الإبداعية، ولذا نشاهدهم يحلقون نحو قلب وروح القراء، وكم أيضًا شاهدنا من منح مساحات واسعة للكتابة ونشر مؤلفاته بكل سهولة، وبعد مضي بعض الوقت تلاشى وأصابه الملل وذهب لميدان آخر يجرب حظوظه في سعي نحو الشهرة لا أكثر. معضلة التأليف عموميتها وأيضًا قسوتها، فظاهريًا تبدو مهمة -وظيفة- ممتعة والجميع يريد اقتحامها، ولكنها فاضحة عندما تقدم نصًا رديئًا ومتواضعًا، أو منجزًا متهرئًا، فهو يشير لك أمام جمهور القراء بأنك مؤلف ذو مستوى فكري متواضع وسياق معرفي شحيح. ولعل كلمة للمفكر ميخائيل نعيمة، توضح هذا الجانب: «كم من الناس صرفوا العمر في إتقان فن الكتابة، ليذيعوا جهلهم لا غير».
أعود للندوات والدورة التي تقام بين وقت وآخر وتستهدف تعليم من يلتحقون بها في كيفية التأليف، وإن كنت في هذا السياق أجد أن الورش العملية في هذا السياق قد تكون أكثر فائدة، وهذا القول لا يلغي الدور الجوهري والمهمة التي تقع على كل من ألف وكتب واقتحم هذا المجال فاكتسب خبرات لا بأس بها، حيث عليهم مساعدة كل من يريد الكتابة والتأليف وتقديم الدعم والإرشاد الذي يتمثل في النصح والتوجيه، ومحاولة إبلاغهم بالأخطاء العامة دون الدخول في جوهر النص وطريقة الكتابة، ومحاولة الفرض على المؤلف الناشئ لطريقة محددة في السرد والراوية فهذا خطأ جسيم، بل نحن في هذا السياق بحاجة لمشروع مؤسساتي تراه الهيئات الثقافية المنتشرة في بلادنا؛ لأن جزءا من وظيفة الندوات وورش العمل في مجال التأليف اكتشاف المواهب ودعمها والأخذ بيدها. وعلى الهيئات الثقافية مد جهودها نحو الجيل القادم من بناتنا وأبنائنا وفق خطط تحاول الوصل لهم حتى في مدارسهم، كما أن على كل من اقتحم عالم التأليف والكتابة وباتت له خبراته الخاصة أن يجعل تجاربه مشاعة ويبشر بها ويحاول أن يدعم كل من يريد الكتابة والتأليف. مرة أخيرة لن نُعلم أحدًا التأليف ولكننا نضيء جزءًا من الطريق الذي قد يسلكه.
أدوات المؤلف
لعل من تلك الإضاءة التي قد يحتاجها كل من يرغب بالتوجه نحو الكتابة مراعاته لعدة جوانب وخطوات حيوية منذ ولادة الفكرة وبدء محاولاته لتحويلها على الورق، ولعل هذه الخطوة قد تبدو عند البعض بديهية، ولكنها في الحقيقة خطوة كبيرة ومهمة وليست بالسهولة المتخيلة. يقول الروائي والشاعر النيجيري غابرييل أوكارا في بداية روايته الصوت: «تصعب محاولة الكاتب التعبير عن أفكاره حتى إذا حاوله في لغته نفسها؛ لأن ما يُقال أو يكتب عادة ليس بالضبط ما جال في الفكر، بين ولادة الفكرة وتحولها إلى كلمات يضيع شيء ما». لكنني أتوقع أنه بالتدريب ومواصلة الكتابة سيتمكن المؤلف من ضبط درجة التناغم بين العقل الذي يولد الأفكار ومحاولاته نقل هذه الأفكار لتكون واقعًا يمكن للجميع مشاهدتها وقراءتها، وكلما تزايدت مهارته في ضبط هذا التناغم كلما زادت مهارته الإبداعية. كذلك على المؤلف أن يراعي جانبًا آخر حيويًا عندما يتوجه نحو الكتابة، وهي حاجته للتأليف، ولابد أن يقنع روحه وعقله بأنه عندما يقوم بفعل الكتابة فهو يسدي لهما خدمة جليلة، وبالتالي هو يحول هذا الفعل لحاجة، فإذا تمكن ونجح في إقناع داخله فسيكون أقدر على إقناع الآخرين، لسبب بسيط أنه بجهده الإبداعي ستكون جميع حواسه قد تضافرت لإخراجه بشكل إبداعي وخلاب، ورغم تباين آراء الكثير من المؤلفين العالميين عن دوافعهم نحو الكتابة، إلا أن الكثير منهم قالوا إنها نبعت من حاجة داخلية حقيقية لديهم بالتأليف فمنهم من قال بواسطة الكتابة انتصرت على مرضي النفسي، وهناك من قال بواسطة الكتابة أشبع الأنا، وآخر أكد أنه بالكتابة تغلب على اللعثمة التي كانت تعيق تواصله بالناس، وهناك من وصف الكتابة بأنها مثل الهواء والماء لا يستطع تركها وإذا قرر تركها سيموت، هؤلاء نجحوا لأنهم جعلوا الفعل الكتابي جزءًا من حياتهم ونجحوا في إقناع حواسهم، لذا كانوا أيضًا أكثر إقناعًا للقراء في مختلف دول العالم. وفي نهاية المطاف يجب علينا أن ندرك البعد الحقيقي لوظيفة التأليف والكتابة، وأنها تنويرية وأيضًا إمتاع للقراء، وتذكر دومًا أن ما يضحكك في نصك سيضحك الآخرين وما يبكيك أيضًا سيحزن الآخرين، بمعنى أن نصك إذا كان جزءًا منك ولامس قلبك ومس روحك سيفعل نفس الأثر بالآخر البعيد الذي لا تعرفه. أهلا بكم في عالم تشكلونه وتصنعونه وتلونونه كما تريدون.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.