مات الملك عبدالله بن عبدالعزيز.. مات الإنسان. مات ملك الحوار.. والتقارب.. والتفاهم.. والبناء، والبساطة، والمودة والإصلاح والحزم والسلام والتصالح والرخاء والعطاء والثبات والصدق، وصاحب عبارة (ولا تنسوني من دُعاكم) التي لم يقلها حاكم قبله لشعبه. عبدالله بن عبدالعزيز المسلم العربي الأصيل الذي ما إن تراه أو تسمعه تستعرض مآثره وسجاياه، حتى تتجسد أمامك الشخصية العربية الحقيقية التي تحدثت عنها الكتب والروايات والمواقف والتاريخ، والتي كنا نظن أنها شخصية اندثرت مع سالف التاريخ ومضت مع الزمن وَكَرِّ الليالي والأيام. ويأتي عبدالله بن عبدالعزيز بكل هذا الكنز المضيء من المواقف والأفكار والأقوال والأعمال وغيرها، فيترجم هذه الشخصية العربية واقعًا حيًا حاضرًا لا تاريخيًا ماضيا. ويجسدها أمرًا ملموسًا يراه الناس ويعيشونه لا رواية في طيات التاريخ والحكايا. مسؤولية ضخمة جدًا يحمل عِبْئها بجدارة واستحقاق واقتدار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله -. إنني حزين لفقدنا والدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - فلقد نثر قطاف حبه منذ أن كان وليًا للعهد، ولقد تشرفت بالوقوف أمامه - رحمه الله - أكثر من مرة وأتذكر الآن بيتًا قلته من قصيدة فيه بعنون «جواجر واهمة»: زَرَعْتَ حُبَّكَ في قاع القلوب فَخُذْ قطافَ زرعكَ.. ممزوجًا به الثمرُ إن هذا الحداد العالمي الذي عَمَّ دول العالم برحيل الملك عبدالله بن عبدالعزيز، إنما يعكس عمق الحزن الذي تركه هذا الرحيل.. وهذا الرجل. وأجزم أن كل مواطن سعودي وكل خليجي وكل عربي وكل مسلم له في قلبه محبة خاصة للملك عبدالله بن عبدالعزيز. فالرجل - كما هو ناموس الحياه - مذكور بمآثره المؤثرة الرفيعة. وإذا أردت أن أستعرض عطاءاته الجمة الكثيرة والغزيرة فمن أي الأمور أبدأ.. ولا أنتهي؟. فالأدباء والمثقفون لن ينسوا أبدًا (هديته) الشخصية (المليونية) التي أبهج بها قلوبهم، وهو يقدم عشرة ملايين ريال لكل نادٍ أدبي في المملكة. والشيء نفسه للرياضيين وذوي الاحتياجات الخاصة والمزارعين والمهندسين وغيرهم. إن القلم لا يمكنه أن يرصد في هذه اللحظات الحزينة ما لهذا الرجل من أعمال جليلة، تجاوزت الوطن السعودي إلى كل بقاع الدنيا، وليس غريبًا أن تعيش المملكة في عهده عهدًا ذهبيًا زاهرًا، ويعيش الخليج في آخر أيامه وفاقًا تاريخيًا، وتعيش بعض الدول العربية في استقرار ناجع، وتعيش الدول الصديقة وضعًا أمنيًا لافتًا. فلا غرو أن يُدعى - رحمه الله - بحكيم العرب، وأن ينال أعلى الأوسمة والنياشين والأنواط والرتب. تتدفق الحروف ممزوجة بالحزن والأسى لرحيله، وتتراقص ذكرًا لمآثره ومواقفه ومُلْكِهِ الخَيِّر. إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن. رحم الله الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وحفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده سمو الأمير مقرن، وولي ولي عهده سمو الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية. وحفظ الله وطننا المملكة العربية السعودية، وزادها رفعة ورخاء في خدمة المواطنين والعرب والمسلمين. * شاعر وكاتب، عضو مجلس إدارة نادي الأحساء الأدبي، والمدير الإداري