ورثت روسيا الاتحادية اقتصادًا منهارًا من إرث الاتحاد السوفيتي الذي فشل اقتصاديًا في مواكبة العصر الحديث بسبب الفكر الشيوعي المخالف لفطرة الانسان. وقد تولى بورس يلتسن رأس الجمهورية كأول رئيس لروسيا الحديثة بعد انهيار الاتحاد السوفيتي اواخر العام 1991 ميلادي، وقام بتغيير جذري، حيث قام بتغيير النظام الاقتصادي لروسيا من الاشتراكية الى الرأسمالية، وتحرير السوق، لكن النتائج كانت عكسية وتسببت بأزمة اقتصادية كبيرة أدت الى انخفاض بنسبة 50% لكل من الناتج المحلي الاجمالي والانتاج الصناعي، وحوّلت الخصخصة العديد من الشركات من أيدي اجهزة الدولة الى الافراد، وادت حالة الكساد الى انهيار الخدمات الاجتماعية وحوت ملايين الناس في براثن الفقر من مستوى فقر 1,5% في العهد الاشتراكي ابان الدولة السوفيتية الى حوالي 49% في بداية عهد الدولة الروسية والحكم الجديد وشهدت البلاد في بداية التسعينيات كسادًا رهيبًا وفوضى وانتشرت العصابات الإجرامية وزادت الجريمة حتى اصبحت روسيا موطن المافيا، ترافق ذلك مع انتشار النزعات المسلحة العرقية والاثنية في هذا البلد تحت الحكم الجديد. وفي عام 1998 ميلادي ارتفع العجز في الميزانية، وسبب ذلك ازمة مالية وتراجعًا كبيرًا في الناتج المحلي؛ مما اضطر على إثره ان يعلن الرئيس الروسي بورس يلتسن استقالته وسلّم هذا المنصب الى رئيس الوزراء ورجل المخابرات السابق (فلاديمير بوتن) وكان ذلك في اواخر 1999 ميلادي، ومنذ تولي هذا الرجل زمام الحكم في مطلع 2000 ميلادي بدأت عجلة الانتاج تدور وبشكل قوي وساعد على الاستقرار السياسي، والاقتصاد على النمو بوتيرة عالية، حيث سجلت روسيا نموًا اقتصاديًا متواصلًا من عام 2000 الى عام 2008 ميلادي بمعدل 7% كل سنة؛ مما رفع متوسط الراتب من 80 دولارًا عام 2000 ميلادي الى اكثر من 1000 دولار عام 2013 ميلادي، وبذلك اصبحت روسيا من ضمن قائمة الدول الغنية من حيث دخل الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بحسب التقييم السنوي الذي اصدره البنك الدولي وبذلك تأتي روسيا بالمرتبة 72 من حيث معدل دخل الفرد، كما تتميّز روسيا بانخفاض الضرائب على دخل الفرد حيث لا يتعدى 13%. كما تجاوز حجم الناتج المحلي الإجمالي 2 تريليون دولار، وذلك لأول مرة في تاريخ روسيا الحديثة في نهاية سنة 2012 ميلادي. وبلغ الحجم الإجمالي الاحتياطي 680 مليار دولار ووصل حجم احتياطي البلاد من الذهب والعملات الصعبة 537,4 مليار دولار بنهاية 2012 ميلادي.. كما وصل سعر صرف الروبل مقابل الدولار الامريكي 30,35 في نهاية عام 2012 ميلادي. ولكن على ما يبدو ان هذا الربيع الروسي والازدهار الاقتصادي الذي عاشته روسيا خلال الاربع عشرة سنة الماضية بدأ بالتوقف والتراجع مع بدء الغضب الامريكي على روسيا بمجرد ان بدأت امريكا بفرض العقوبات على روسيا بدأ يتهاوى سعر الروبل امام الدولار حتى وصل الآن إلى 40,00، وقد يواصل الانخفاض مما ينذر بمشاكل اقتصادية واجتماعية ستمس المجتمع الروسي الذي يعاني بالاصل من عدم عدالة في توزيع الدخل، وقد رأينا في الايام الماضية كيف ان روسيا بدأت تخفض حجم الاحتياطي النقدي لتدعم عملتها التي تترنح. تجدر الاشارة إلى ان روسيا تعتبر أغنى دولة في العالم امتلاكًا للموارد الطبيعية من حيث القيمة. حيث تقدّر ثرواتها بقيمة 75,7 تريليون دولار.