كييف تعلن مهاجمة خط أنابيب نفط روسي    تفشي عدوى منقولة بالغذاء في فرنسا    بدء تسجيل الطلبة الراغبين في الالتحاق بمدارس التعليم المستمر لعام 1447ه    حرس الحدود بالمدينة المنورة ينقذ مواطنين    ترقية فالح الدوسري للمرتبة الثالثة عشر في أمانة الشرقية    تراجع أسعار النفط    ضبط مواطنًا لإشعاله النار في غير الأماكن المخصصة لها بمنطقة عسير    أكد أنه قادر على وقف حرب أوكرانيا.. ترمب يسعى لجمع بوتين وزيلينسكي على طاولة واحدة    لوح شوكولاتة ينهي حياة متقاعد سريلانكي    السوبر السعودي يفقد وصيف العالم    في افتتاح كأس السوبر بهونغ كونغ.. صراع بين النصر والاتحاد لخطف أولى بطاقتي النهائي    الأهلي يقترب من ضم لاعب موناكو    طاولة مستديرة في الرياض لتعزيز الشراكة.. اتفاقية سعودية سورية لحماية وتشجيع الاستثمارات    2 مليون طلب في موسم العودة للمدارس عبر «نينجا»    أشاد بدعم القيادة.. أمير الشرقية يطلع على مشاريع الطاقة الصينية    التحدي    أصوات شبابية تضيء ليالي الباحة    نصيحة من ذهب    تعقد خلال الأيام المقبلة.. جولة مفاوضات جديدة بين إيران والوكالة الذرية    دراسة: المروحة تضاعف مخاطر القلب في الصيف    سفير البيرو لدى المملكة يزور إحدى مزارع البنّ في جنوب المملكة    عدد المفقودين في سوريا منذ السبعينات يتجاوز 300 ألف    الجيش الإسرائيلي يبحث عن جنود بين جاليات العالم    ولي العهد يتلقى رسالة خطية من رئيس سيراليون    263% نموا في قيمة الاكتتابات بالسوق السعودية    في تتويج لمسيرته الرياضية "الراجحي" يترقى إلى الحزام الأسود دان 5    تداول يغلق بانخفاض 11 نقطة    «أوقاف» تُعلن انطلاق نسخة نوعية من مبادرة «تيديكس»    4.5 مليارات ريال حجم زراعة الليمون بالمناطق    أمير حائل يستقبل مدير مكافحة المخدرات    مركزي جازان ينجح في تركيب جهاز تحفيز لأعصاب المثانة    إصدار مسرحي جديد لأدبي الطائف    ابتعاث الإعلام.. صناعة جيل سعودي يروي قصته للعالم    150مفقودا بعد فيضانات مدمرة في باكستان    استعراض سير عمل المنشآت الصحية أمام أمير تبوك    اجتماع استثنائي في واشنطن لتحديد مستقبل أوكرانيا    غونزاليس: نستحق بلوغ النهائي مباشرة    في الشباك    وزارة الثقافة تشارك في صوْن التراث بجازان    أمير جازان.. رؤية تلامس الواقع وإنسانية تحاكي القلوب    الكشف عن تفاصيل بطولة كأس السوبر السعودي 2025-2026 في هونغ كونغ    الشؤون الإسلامية تنفذ أكثر من 2,9 مليون منشط توعوي وإرشادي    الصحة القابضة والتجمعات الصحية يطلقون "تعلّم بصحة" بالتزامن مع العودة للدراسة    شهر للغة العربية في أذربيجان    تعليم جازان ينظم لقاءً افتراضيًا لمديري ومديرات المدارس استعدادًا للعام الدراسي الجديد    جمعية التكافل وشركة نهضة التنمية تبحثان عن سبل التعاون المشترك    جمعية عين تختتم مشروع عمليات اعتلال الشبكية بدعم من "غروس" وشراكة مع مركز بن رشد للعيون    الأحوال المدنية تطلق الإصدار الجديد من شهادتي الميلاد والوفاة    الشؤون الإسلامية في جازان تنفذ مبادرة استشر طبيبك لمنسوبيها    تربية غريبة وبعيدة عن الدين!!    صابرين شريرة في «المفتاح»    لا تنتظرالوظيفة.. اصنع مستقبلك    القيادة تعزي رئيس باكستان في ضحايا الفيضانات    أوامر ملكية بإعفاء الماضي والعتيبي والشبل من مناصبهم    سرقة مليوني دولار من الألماس في وضح النهار    زرع الاتكالية    «الحياة الفطرية» يطلق أكبر رحلة استكشاف للنظم البيئية البرية    خادم الحرمين الشريفين يصدر 3 أوامر ملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التسامح الفقهي
نشر في اليوم يوم 26 - 09 - 2014

لما سُئل القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن حكم القراءة خلف الإمام في الصلاة الجهرية أجاب قائلًا: «إن قرأت فلك في رجال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة، وإن لم تقرأ فلك في رجال من أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة» (جامع بيان العلم وفضله رقم1690).
والإمام ابن القيم هو الآخر يذكر عن الإمام الأوزاعي أنه لما سئل عن حكم بدء الكافر بالسلام قال: «إن سلمت فقد سلم الصالحون قبلك، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك» (زاد المعاد ج2 ص425).
هاتان الإجابتان ومن إمامين عميقين في تكوينهما الفقهي تدلنا وبوضوح على تلك الروح التسامحية المرنة التي يتسم بها خيار الأمة وقدرتهم العالية على توسيع دائرة التغافر والتعاذر، وتجاوز حظوظ النفس واستيعاب المخالف بل وتقديم رؤيته وكأنها الخيار الأجدى بالاختيار، وهو الأمر الذي أشار إليه الإمام (القرطبي) حيث قرر أن من حق كل واحد من المختلفين خلافًا معتبرًا أن يصير كل واحد منهما «إلى ما ظهر له ولا يثرب على الآخر ولا يلومه» (المفهم ج6ص699).
كلما اتسع أفق المرء وكلما انداحت دوائر قراءاته كان متمنعًا على حالات الكبت الثقافي كلما كان أكثر تقبلًا للمخالف وأكثر تفهمًا لرؤيته، وبالعكس كلما تعاظم منسوب الجهل واستحكمت آصاره وتنامت امتداداته كلما تشوشت رؤية المرء وتشوهت أحكامه وتلبسته حالة من الدوغمائية الدافعة باتجاه النفور من المختلف والقطع بعدم صوابيته ولاغرو فالذهنية المترهلة بطبيعتها تعتريها حالة من الجمود تجعلها شديدة الانحباس في مدارات الأحادية الضيقة إنها تراوح مكانها فتظل متأبية على الاستجابة للمعطيات غير المألوفة مستعصية على التحديث فضلًا عن الدخول في حالة من البرمجة الذهنية المستمرة التي لا يلقاها إلا الذين صبروا على تجشم معاناة البحث عن الحقيقة، وتجردوا من بواعث التحيز كما نرى ذلك متجسدًا في قصة (الشافعي) حينما تناظر مع (إسحاق بن راهويه) في مسألة طهارة جلد الميتة بالدباغ، وانتهت المناظرة وذلك المشهدالحواري الآخاذ برجوع كل طرف إلى رأي الآخر وعلى نحو يعكس حجم الانسجام مع مواضعات السلوك الحواري المتجرد.
لقد كان بإمكان الإمامين أن يجنح كل واحد منهما إلى تهوين الاعتبار العلمي للآخر وذلك عبر ألوان من الكر والفر والمخاتلة الاستدلالية وإحاطة متبنيات الأنا بإيحاءات تعطيها زخَما في نفس المعنى، واستدعاء أساليب متكئة على الفذلكة والاحتيال الفقهي الذي يضاعف حدة الصراع المتأدلج لكن شيئًا من ذلك لم يحدث وحاشاهما ذلك كيف لا وهما ممن تمحض للموضوعية وتشبع بالتصورات الإيمانية المحلِقة.
إن للمألوف سلطة وللسائد هيبة وللموروث التاريخي جلالة هي أحيانًا تحكم قبضتها على العقل حتى يفقد قدرته على التجرد الذي أحيانًا قد يكون دونه خرط القتاد، وهذا ما يفرض على الفعاليات العلمية والدوائر الأكاديمية إذاعة ثقافة الاستقلال وإحياء روح التجرد وتكريس موجباتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.