جهود ومساعي اسكتلندا من أجل الاستقلال عن المملكة المتحدة، والتي ستتوج في استفتاء 18 سبتمبر، لها آثار جانبية غير مقصودة لتخفيف قبضة لندن على صلاحيات الضرائب والإنفاق في أجزاء أخرى من انجلترا. على الأرجح -والمرحب به- النتيجة هي لا مركزية السلطة التي من شأنها أن تساعد على تحسين توازن الاقتصاد البريطاني وتحول مركز الثقل المالي على الأقل بضع درجات إلى الشمال. قالت لجان البرلمان ولجنة الحكم المحلي البرلمانية في تقرير نشر في الفترة الأخيرة إنها تدعم نقل بعض الصلاحيات لجمع الضرائب الى السلطات المحلية، ومنحها المزيد من السيطرة على الانفاق والسماح لها بالاقتراض للاستثمار في مشاريع البنية التحتية. وقال التقرير إن حكومة المملكة المتحدة الآن ستسمح للحكومات الإقليمية بفرض الضرائب المحلية بنسبة 2.5 في المائة فقط مقارنة مع أكثر من 15 في المائة في كل من السويد وكندا، وتقريباً 11 في المائة في ألمانيا. لا عجب، أن عمدة لندن بوريس جونسون يصف بريطانيا بأنها «ذات عقلية طفولية فيما يتعلق بالمالية العامة». هذا التركيز للسلطة في البرلمان أنتج سياسة تركز على لندن، على نحو يحرم مناطق البلاد من السيطرة الاقتصادية المحلية ومضيفاً إلى التشوهات التي تؤدي إلى كون جنوب شرق البلاد هو المنتج للحصة غير المتناسبة من الناتج الاقتصادي. تشكل لندن حوالي 19 في المائة من فرص العمل في المملكة المتحدة، و21 في المائة من مقر شركاتها و25 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتقرير بعنوان «نقل السلطة في إنجلترا: حالة الحكم المحلي». الدفع نحو مزيد من التوطين يأتي من مصدر غير متوقع. التحركات من قبل الحكومة لاسترضاء الناخبين الاسكتلنديين، وكذلك القوميون في ويلز، من خلال التخلي عن مزيد من الضرائب وصلاحيات الإنفاق التي «جلبت الى مسألة كيفية حكم إنجلترا وتأكيد خطوة كيفية خروج دول أخرى من انكلترا أيضاً»، كما كتبت اللجنة. وأضافت: «لا أحد من الذين قدموا الأدلة لهذا التحقيق يعارض النقل في المالية العامة». الفوائد المحتملة الأخرى من تفويض الأمور المالية يمكن أن يكون تطوير سوق السندات البلدية. وهذا الشيء تفتقر له المملكة المتحدة، وذلك جزئياً بسبب حادثة تاريخية في سوق مقايضات سعر الفائدة التي شملت البلدة لندن وكلا من هامرسميث وفولهام. عندما حكمت المحاكم في أواخر الثمانينيات من القرن الماضي بأن السلطات المحلية في المملكة المتحدة لم يكن لديها السلطة القانونية لتتعامل في المشتقات، أصبحت المجالس المحلية ممنوعة في أسواق رأس المال. ومن شأن حل ممكن أن يكون إنشاء وكالة مركزية لتجميع احتياجات الاقتراض. اللجنة البرلمانية هي مع توجه السماح لاقتراض الحكومات الإقليمية شريطة أن تكون قد وافقت على برنامج من الانضباط الاقتصادي. «ولذلك قد تحتاج السلطات المحلية في إنجلترا التي تريد أن تنمي اقتصاداتها إلى الاقتراض للاستثمار» كما يقول التقرير. ويضيف: «مسارات الإيرادات المحلية الكبرى من شأنها تمكين السلطات المحلية من الاقتراض للاستثمار وهو ما يعني زيادة العائد الضريبي وإعادة الاستثمار في مشاريع أخرى». إن إنشاء سوق للسندات البلدية يكون نعمة لصناديق التقاعد البريطانية التي تسعى لعوائد أعلى مما يمكن أن تحصل عليها من أسواق السندات الحكومية البريطانية، شريطة أن تكون المجالس مقيدة بشكل مناسب ضد الهدر في الإنفاق. الحكومات ليست بالضبط معنية بممارسة الأعمال التجارية لتمييع سلطاتها. كما يقول سياسي تشوكا أميونا، النجم الصاعد لحزب العمال المعارض، في الطبعة الحالية من مجلة الإيكونوميست، إنه يدعم التخاصية المحلية جنباً إلى جنب مع أقرانه الذين دخلوا البرلمان معه منذ اربع سنوات، «على الرغم ربما لأن السبب في ذلك لم يكن أي منهم في الحكومة، لذلك نحن لا نعرف ما تشعر به عند التخلي وإعطاء السلطة». ومع ذلك، ينبغي لبرلمان المملكة المتحدة أن يصغي لكلمات لجنة الحكومة المحلية، والبدء في وضع خطط للتنازل عن السيطرة على بعض السلطة في المالية العامة على الأقل لمناطق انجلترا.