بلدية الظهران تباشر تنفيذ مشروع تطوير طريق الأمير سلطان بن عبد العزيز    كود الطرق السعودي يضع اشتراطات لتعزيز السلامة في مناطق الأعمال    الاتحاد الأوروبي يدين الهجوم الإسرائيلي على قطر    الإحصاء: ارتفاع الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 6.5% في يوليو 2025    المواقيت ومساجد الحل.. خدمات متجددة وتجربة ميسرة للحجاج    نيابة عن خادم الحرمين.. ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال الشورى في الدور التشريغي 9 اليوم    ارتفاع أسعار الذهب    إسرائيل تشرِّع الفوضى المُقنَّعة    جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم    أمير المدينة المنورة يتسلّم التقرير الختامي لتوصيات الحلقة النقاشية والمناقشات العلمية حول المزارع الوقفية    محمية الإمام تركي تُشارك في معرض كتارا الدولي    أمير منطقة القصيم يزور المعرض التفاعلي "روايتنا السعودية"    الدبلوماسية البرلمانية في الشورى.. حضور فاعل عالمياً    كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025 يسجّل أرقاما قياسية ويستقطب ملايين المشاهدين حول العالم    المختبر المتنقل.. نقلة نوعية لتعزيز أعمال التشجير ومكافحة التصحر    ولي العهد للشيخ تميم: نساند قطر وإجراءاتها لحماية أمنها    "التخصصي" يفتتح جناح الأعصاب الذكي    "الملك سعود الطبية" تطلق خدمة تخطيط القلب لمرضى الرعاية المنزلية    عيادة متنقلة بالذكاء الاصطناعي للكشف عن اعتلال الشبكية الناتج عن السكري    المملكة تدين وتستنكر الاعتداء الغاشم والانتهاك السافر لسيادة قطر.. إسرائيل تستهدف وفد حماس في الدوحة    أكد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية لمواجهته.. رئيس وزراء قطر: العدوان الإسرائيلي «إرهاب دولة»    السعودية: ندعم الحكومة السورية في إجراءات تحقيق الاستقرار.. قصف إسرائيلي لمواقع في حمص واللاذقية ودمشق    رئيس موانئ يزور جازان للصناعات    نونو سانتو أول الراحلين في الموسم الجديد بإنجلترا    «براق» تحقق ثاني كؤوس مهرجان ولي العهد للهجن للسعودية    ولي العهد وملك الأردن يبحثان الهجوم الإسرائيلي الغاشم    مجلس الوزراء برئاسة ولي العهد: سلطات الاحتلال تمارس انتهاكات جسيمة ويجب محاسبتها    رقابة مشددة على نقل السكراب    التعثر الدراسي .. كلفة نفسية واقتصادية    إنتاج أول فيلم رسوم بالذكاء الاصطناعي    8 مشروعات فنية تدعم «منح العلا»    يسرا تستعد لعرض فيلم «الست لما»    اليابان.. استئجار المرعبين لحل المشاكل    ولي العهد لأمير قطر: نقف معكم ونضع إمكاناتنا لمساندكم في حماية أمنكم    إنفاذاً لأمر خادم الحرمين بناء على ما رفعه ولي العهد.. نائب أمير الرياض يسلم وسام الملك عبدالعزيز للدلبحي    نيابة عن خادم الحرمين الشريفين.. سمو ولي العهد يُلقي الخطاب الملكي السنوي لافتتاح أعمال السنة الثانية من الدورة التاسعة لمجلس الشورى غدًا الأربعاء    إطلاق خدمة «بلاغ بيئي» بتطبيق توكلنا    أهمية إدراج فحص المخدرات والأمراض النفسية قبل الزواج    القبض على مروّج للقات    ضبط 20882 مخالفًا للإقامة والعمل وأمن الحدود    الاتفاق يجهز ديبملي    قطر تبلغ مجلس الأمن الدولي بأنها لن تتسامح مع «السلوك الإسرائيلي المتهور»    رجوع المركبة للخلف أكثر من 20 مترًا مخالفة    تاريخ وتراث    فرنسا تهزم أيسلندا بعشرة لاعبين وتعزز حظوظها في بلوغ مونديال 2026    شراكة سعودية - صينية في صناعة المحتوى الإبداعي بين «مانجا» للإنتاج و«بيلي بيلي»    منح العلا    رسالة من رونالدو إلى أوتافيو بعد رحيله عن النصر    نائب أمير تبوك يستقبل مساعد وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية للخدمات المشتركة    تعزيز الابتكار في خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن    مجلس الوزراء: نتائج الاستثمار الأجنبي المباشر تخطت مستهدفات 4 سنوات متتالية    ‏أمير جازان يطّلع على التقرير السنوي لأعمال الجوازات بالمنطقة    أمير المدينة يفتتح ملتقى "جسور التواصل"    فييرا: "السعودية مركز عالمي للرياضات القتالية"    دواء جديد يعيد الأمل لمرضى سرطان الرئة    عندما يكون الاعتدال تهمة    إصبع القمر.. وضياع البصر في حضرة العدم    صحن الطواف والهندسة الذكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تأملات .. اللغة العربية ورمضان المبارك
نشر في اليوم يوم 17 - 07 - 2014

بين اللغة العربية ورمضان المبارك علاقة تاريخية مجيدة، ففي رمضان وفي ليلة القدر منه تنزل القرآن الكريم بلسان عربي مبين، حدث ضخم في سفر التاريخ وفي دنيا الناس.
اللغة العربية لسان الدين الخاتم والقرآن الكريم بمضامينه العميقة والمتنوعة ومبادئه الإنسانية ومراميه الحضارية وخطابه العام العالمي الكوني باللغة العربية؛ إنها حقاً اللغة المجتباة، وإن فيها من الأسرار ما يستحق التأمل والاستقراء والدراسة والبحث.
نزل القرآن الكريم باللغة العربية وهي في قمة الرقي؛ لغة أدب وشعر وحرب وسلام وأمثال وحكم، وبلغت في ذلك شأواً عظيماً ومنزلة رفيعة، ولكنها في دوائر محدودة وأطر ضيقة إذا ما قيست برسالة الإسلام وعالميته، بيد أن الله أعلم حيث يجعل رسالته.
لقد خاضت اللغة العربية صراعاً عقدياً وتشريعياً وأخلاقياً واجتماعياً ونفسياً، من أول كلمة نزلت من القرآن الكريم (اقرأ) وحتى آخر آيات التنزيل (إذا جاء نصر الله والفتح) وكان ذلك كله في بيئتها، وفي أوساط جهابذة الفصاحة والبيان من أبنائها الذين تتلمذوا على القرآن الكريم تلاوةً وحفظاً، وتربوا على مبادئه وطبقوا أحكامه، واهتدوا بهديه وفقاً لسنة المصطفى، وهو أفصح من نطق بالضاد فكانت سنته الشطر المتمم للتنزيل كما قال - صلى الله عليه وسلم -: (ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه) مفسرة ومبينة، وموضحة لما أجمل فيه بتفصيله، وما جاء عاماً بتخصيصه وبتطبيق تعاليمه وأحكامه، والحث على دراسته، والتفكر فيما اشتمل عليه من الآيات والقصص لاستجلاء العبرة والنظر في الأحوال والمآلات، والتقرب إلى الله بتلاوته آناء الليل وأطراف النهار، وحفظ ما تيسر منه وقراءته في الصلوات؛ المفروض منها والنوافل كذلك ذكر الله بآياته، ودعاؤه بأسمائه الحسنى (وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا).
هذا ديدن المتلقين للتنزيل من الصحابة الكرام، حتى لانت به ألسنتهم وقويت به أرواحهم، وتفتقت عنه أذهانهم بالفكر النير والرأي السديد، وتشنفت آذانهم بترتيله وتجويده والتغني به، وانشرحت أفئدتهم بفضاءاته الرحبة، وقرت عيونهم بموعوده الصادق وكان ذلك كله بلسان العربية المجتباة، التي أشرقت بفضله شمسها وسطع ضياؤها وبلغت في ركابه ما بلغت الشمس.
ومن الملحوظ في انتشار اللغة العربية وسيادتها أنها لم تحقق ذلك بجبروت القوة ولا بنفوذ الإمبراطورية، وإنما كانت لغة السلام والمسالمة والفضائل الأخلاقية والقيم الأصيلة، كانت في انتشارها لغة العقل والقلب لغة الحب والشعور لغة الجلال والجمال. هام بها شباب الأندلس إبان الحضارة الإسلامية هناك لدرجة أنهم كانوا يقرضون بها الشعر ويكتبون بها الأدب الراقي.
يروى عن (روجر بيكون) الذي كان يدرس في مدرجات الجامعات الغربية باللغة العربية أن طلابه كانوا يسخرون منه إذا لحن فيها. وجاء في رسالة أحد أساقفة قرطبة لصديق له عام 854م: (من الذي يعكف اليوم بين أتباعنا على دراسة الكتاب المقدس أو يرجع إلى كتاب أيِّ عالم من علمائنا، ممن كتبوا باللاتينية؟ من منهم يدرس الإنجيل أو الأنبياء والرسل؟ إننا لا نرى غير شبان مسيحيين هاموا حباً باللغة العربية يبحثون عن كتبها ويقتنونها، ويدرسونها في شغف، ويعلقون عليها ويتحدثون بها في طلاقة، ويكتبون بها في جمال وبلاغة ويقولون فيها الشعر في رقة وأناقة، يا للحزن ! مسيحيون يجهلون كتابهم وقانونهم ولاتينيتهم وينسون لغتهم نفسها ..) (نقلاً عن محمد رسلان: فضل العربية ص34).
وكان أحد المستشرقين العاملين في التنصير، يفخر بأنه يقطع العالم الإسلامي ويتفاهم مع كافة شعوبه من أدنى غربه حتى أقصى شرقه، دون الحاجة لمترجم وما ذاك إلا لأنه أتقن اللغة العربية.
وبما إن اللغة العربية بلغت هذه المكانة من العالمية والانتشار الواسع بسبب القرآن الكريم، فقد استهدفها المغرضون الحاقدون على الإسلام في سياق حملاتهم على الإسلام، وعزمهم على تفتيت وحدة المسلمين بتخريب لغتهم الواحدة بمختلف الوسائل والأساليب؛ منها إثارة الشبهات حول قدرتها على مسايرة التطور والحداثة، ومنها الادعاء بصعوبتها أو بصعوبة نحوها أو بعض علومها، ومنها فرض اللغات الأخرى وإزاحة اللغة العربية عن حقول العلم والمعرفة.
بل وصل الأمر إلى تشجيع العاميات ودعمها ومساندتها بالحيل الساذجة المكشوفة والادعاءات الموهمة الواهية، وبقوة السلطة والدعاية والإعلام وبخاصة في فترات الاستعمار ثم ما خلفه من عهود التبعية والتخلف. زحزحت اللغة العربية عن مكانتها وحلت اللغات الأجنبية وبخاصة الانجليزية والفرنسية محلها في كثيرٍ من التخصصات العلمية والأدبية وفي جوانب مهمة من الحياة العامة.
وعلى الرغم من هذه الدعاوى المفتعلة والمخططات الماكرة، وما أحدثت من أزمات حول الانتماء والهوية وتصدع في الوحدة، فقد انحسرت تلك الدعاوى وأخفقت سائر المخططات، وبقيت اللغة العربية برونقها الذاتي وقوتها المتجذرة وأصالتها الفريدة محفوظة بحفظ القرآن الكريم، تصدح بها المآذن وتؤدى الصلوات وتعظم الشعائر، ويذكر بها الله ويدعى ويعبد، وها نحن في ليالي رمضان المبارك تهوي أفئدة الناس للمسجد الحرام، وللكعبة المشرفة من أرجاء المعمورة لمتابعة صلاة القيام التي يجهر فيها بقراءة القرآن، وختمه بأعذب الأصوات في منظرٍ يخلب اللب في ظاهرة لغوية فريدة، تتكرر كل عام وتتنزل فيها الملائكة والروح، ليقف المراقب لهذه الظاهرة على حقيقة عالمية اللغة العربية بفضل الله، إذ جعلها لسان القرآن الكريم ولغة الدين الذي هو عند الله الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام).
وقد كشفت دراسات اللسانيات الحديثة عن أسرار هذه اللغة وعظمتها الذاتية، وأن السيادة ستعود لها في القريب العاجل لريادتها المنهجية والموضوعية والعلمية، ونشأت لخدمتها وإبرازها وتوظيفها كراسي البحث والأقسام العلمية في الجامعات العالمية العريقة، في كل من بريطانيا وفرنسا وأمريكا وروسيا والصين واليابان وغيرها، وظهر مؤخراً تخصص جديد بمسمى علم اللغة الكوني أظهر حقيقة أن المستقبل للغة العربية لتكون اللغة الكونية الوحيدة لا محالة. فسبحان من اجتباها!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.